في تاريخ السينما العربية، هناك أسماء ارتبطت بأدوار جريئة صنعت جدلًا واسعًا، ومن بين هؤلاء الفنانة ناهد يسري، التي حظيت بشهرة واسعة في سبعينيات القرن الماضي ورغم ما حققته من نجاحات في عالم التمثيل، فإن حياتها الشخصية والمهنية كانت مليئة بالتحولات الكبرى، من التألق الفني إلى الاعتزال وارتداء الحجاب، فكيف بدأت مسيرتها؟ وما هي أبرز المحطات التي غيرت مسار حياتها؟

بداية فنية مبكرة

وُلدت ناهد يسري، واسمها الحقيقي ناهد حسن شكري، في 6 فبراير 1947 بمصر.

بدأت مسيرتها الفنية في سن مبكرة، حيث عملت كعارضة أزياء قبل أن تخطو أولى خطواتها في عالم السينما سرعان ما لفتت الأنظار بجمالها وحضورها القوي على الشاشة، مما فتح أمامها أبواب البطولة في العديد من الأفلام.

أدوار جريئة صنعت شهرتها

عرفت ناهد يسري بشخصيتها الجريئة واختياراتها الفنية التي كسرت التقاليد السائدة في السينما العربية آنذاك. شاركت في مجموعة من الأفلام التي أثارت الجدل، من أبرزها "سيدة الأقمار السوداء" و"امرأة من نار"**، اللذان وضعاها في قائمة نجمات الإغراء في السبعينيات. كما قدمت أفلامًا مثل "حب المراهقات"، "مقلب حب"، "نساء ضائعات"، و"أبناء للبيع"، والتي عززت مكانتها كواحدة من أكثر الممثلات جرأة في جيلها.

حادث مأساوي غيّر مسار حياتها

في عام 1975، تعرضت ناهد يسري لحادث سير خطير أثناء تواجدها في بيروت، أدى إلى وفاة صديقها الذي كان برفقتها وإصابتها بتشوهات في الوجه. 

هذا الحادث المأساوي دفعها إلى الابتعاد عن الأضواء لفترة طويلة، حيث خضعت لعدة عمليات تجميلية، وانعكس ذلك على مسيرتها الفنية، إذ قلّ ظهورها بشكل كبير بعد هذه الحادثة.

العودة ثم الاعتزال النهائي

رغم الحادث الذي أثر على حياتها، عادت ناهد يسري إلى السينما في منتصف الثمانينيات بأفلام مثل "الطماعين" و"لن يغيب القمر"، لكنها لم تستمر طويلًا، حيث اتخذت قرارًا حاسمًا باعتزال التمثيل نهائيًا عام 1990 بعد فيلمها الأخير "اختفاء زوجة".

تحول روحي وظهور مفاجئ بالحجاب

بعد الاعتزال، ابتعدت ناهد يسري عن الأضواء تمامًا، وكرست حياتها للأمور الروحانية، ظهرت بعد سنوات طويلة وهي ترتدي الحجاب، مؤكدة أنها أدت فريضة الحج 7 مرات وقامت بـ 29 عمرة، كما تحدثت عن مسيرتها الفنية دون ندم، مؤكدة أنها قدمت أدوارها بقناعة تامة.

إرث سينمائي وجدل مستمر

رغم مرور عقود على أفلامها، لا تزال ناهد يسري واحدة من الأسماء التي تثير الجدل عند ذكرها، فقد كانت من أوائل الممثلات اللاتي قدمن أدوارًا اعتُبرت جريئة مقارنة بمعايير السينما العربية آنذاك.

وبين من يراها فنانة شجاعة كسرت القيود، وآخرين ينتقدون اختياراتها، يبقى اسمها محفورًا في ذاكرة السينما المصرية كإحدى النجمات اللواتي تركن بصمة خاصة.
 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ناهد يسري تاريخ السينما السينما العربية الاعتزال ارتداء الحجاب أدوار الإغراء

إقرأ أيضاً:

قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها

ليست مفاجأة أن يكون صناع الأفلام شغوفين بالسينما، فتلك المهنة الصعبة لا يُقدم عليها سوى عاشق لها، يَقبل أن يُلقي حياته قربانا تحت أقدامها. غير أن بعض المخرجين يتحول شغفهم إلى هوس، يدفعهم إلى تقديم أفلام عن صناعة السينما نفسها، يأخذون فيها المتفرجين إلى الكواليس وقصص ما وراء الكاميرات، التي تكون أحيانا أمتع مما نراه على الشاشة.

ونقدّم هنا أفلاما عن صناعة الأفلام؛ قصصا شخصية حملها مخرجوها داخلهم كهاجس مؤلم، حتى تحوّلت إلى أعمال سينمائية عظيمة باقية رغم مرور السنوات على صناعتها، وصيغت بروح العاشق للسينما، فوصلت إلى قلوب المشاهدين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 210 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكسر حاجز الزمنlist 2 of 2فيلم "باليرينا".. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة "جون ويك"end of list "8½".. أزمة مخرج لا يعلم محتوى فيلمه القادم

"8½" هو فيلم إيطالي من إخراج فيدريكو فيلليني، يتناول أزمة مخرج يفقد الإلهام أثناء تحضير فيلمه. عنوانه يشير إلى أنه الفيلم الثامن ونصف في مسيرة فيلليني، ويمزج بين السيرة الذاتية والخيال بأسلوب فني مؤثر.

وبعدما وصل المخرج الإيطالي فيدريكو فيلليني إلى قمة النجاح عام 1960 بفوز فيلمه "الحياة حلوة" (La Dolce Vita) بالسعفة الذهبية، قرر أن يغير من وجهته؛ فبدلا من تقديم أفلام تستكشف المجتمع والناس، سيركز على ذاته، ويقدّم فيلما عن مبدع، وبدأ في البحث عن هوية الشخصية الرئيسية لفيلمه القادم.

كان من السهل عليه الاتفاق مع المنتج بل ومع فريق العمل بأكمله، وكلهم ثقة في أنهم بين أيدٍ أمينة، أيدي أشهر مخرج إيطالي في ذلك الوقت.

غير أنه بعد استقراره على جعل الشخصية الرئيسية مخرجا سينمائيا، فقد الفيلم ملامحه؛ فلم يكن لديه سوى فكرة واحدة: أنه سيكون عن مخرج. لكن حتى تلك اللحظة، لم تكن هناك حبكة أو قصة أو حتى خطوط رئيسية. وبينما كان فريق العمل يحتفل بقرب بدء التصوير، كان فيلليني يعيش هلعا داخليا، عاجزا عن مصارحتهم بأنه لا يملك أي فكرة عن موضوع الفيلم.

La dolce vita (1960)
Director: Federico Fellini pic.twitter.com/OJLwQZL2Xr

— DepressedBergman (@DannyDrinksWine) September 18, 2024

إعلان

وفي اللحظة الأخيرة، قرر فيلليني أن يدور فيلمه حول هذا المأزق بالذات؛ فبطل الفيلم، جويدو آنسليمي (مارشيللو ماستروياني)، هو مخرج لا يعلم موضوع فيلمه القادم، رغم أنه قد تعاقد عليه، ومن المفترض أن يبدأ تصويره خلال أيام قليلة، ويكاد يفقد عقله قلقا من انكشاف أمره أمام الجميع.

حتى عنوان الفيلم نفسه "8½" لم يكن سوى دليل آخر على حيرة فيلليني، إذ لم يستطع تحديد عنوان مناسب، فاختار ببساطة عدد الأفلام التي أخرجها حتى ذلك الوقت، وهي 6 أفلام طويلة، فيلمان قصيران (الفيلمان رقم 7 و8)، وفيلم شارك في إخراجه مع ألبرتو لاتـوادا، ليصبح المجموع 8 أفلام ونصف.

تارنتينو يحكي تاريخا سينمائيا تمنى أن يعيشه

المخرج الأميركي كوينتن تارنتينو هو ابن تجربة مشاهدة أفلام الفيديو بكثافة، وقد عمل في أحد متاجر الفيديو في شبابه، يحلم بأن يصبح صانع أفلام مثل أولئك الذين يشاهدهم. وبعد سنوات، قدم فيلما ناجحا تلو الآخر، بينما ظل يتابع هوسه بالأفلام الكلاسيكية، خاصة أفلام الستينيات الأميركية، وجمع مجموعته الخاصة من الإكسسوارات والبوسترات والمواد الترويجية المستخدمة في تلك الأفلام.

وفي النهاية، قرر تحويل هذا الشغف المحموم إلى فيلم يتناول تلك الحقبة التاريخية، فجاء فيلم "حدث ذات مرة في هوليود" (Once Upon a Time in Hollywood)، الذي يمزج بين أحداث حقيقية وقالب خيالي. وتدور أحداثه في ستينيات القرن الـ20، حيث ينسج قصةَ مقتل الممثلة الأميركية شارون تيت، وهي حادثة حقيقية، مع شخصيتين خياليتين: "كليف بوث" (براد بيت)، ممثل المشاهد الخطرة المستوحى من حكايات عن هال نيدهام، و"ريك دالتون" (ليوناردو دي كابريو)، المستلهم من ممثلين مثل تيرينس ستامب وستيف ماكوين.

وأعاد فريق العمل بناء شوارع كاملة مثل هوليود بوليفارد وكاتسانغا ستريت لتبدو كما كانت عام 1969، مع استخدام إكسسوارات أصلية من مجموعة المخرج الشخصية. وتم تصوير الفيلم على خام 35 مليمترا لخلق إحساس سينمائي أصيل يُحاكي الأفلام المصوَّرة في تلك الفترة.

الملصق الدعائي لفيلم "حدث ذات مرة في هوليود" (Once Upon a Time in Hollywood) (الجزيرة) "ذا فابلمانز".. السينما أداة لعلاج جراح الماضي

انتظر المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ حتى بلغ الـ76 ليحكي قصة عائلته، وكيف أثر فيه طلاق والديه حين كان في الـ18، وليفتح جراح طفولته ويطهرها بعرضها على الشاشة الكبيرة.

رغب سبيلبرغ في صناعة هذا الفيلم منذ بداية الألفية الثالثة، غير أنه تردد خوفا من تأثير الفيلم على والديه عندما كانا على قيد الحياة. وهكذا تأجل المشروع حتى توفيت والدته في 2017، ثم والده في 2020، فبدأ بعدها العمل على سيناريو أكثر أفلامه حميمية في تاريخه.

يدور "ذا فابلمانز" (The Fabelmans) حول شغف الصبي والمراهق "سامي" (غابريال لابيلي) بصناعة الأفلام. يستخدم كاميرا الفيديو لتوثيق حياة عائلته، ويشركهم في أفلام خيالية يصنعها، لكن وقوفه خلف عدسة الكاميرا يمنحه رؤية مختلفة لأسرته، ويكشف له أسرارا مخفية، أهمها تعاسة والدته في زيجتها، والعلاقة الخاصة التي تجمعها بصديق الأسرة.

المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ (الفرنسية)

حتى إن سبيلبرغ أعاد تصوير عدة أفلام منزلية صنعها في طفولته، مثل أفلام حربية صورها بكاميرا 8 مليمترات، وفيلم درامي قصير بعنوان "الهروب إلى اللامكان" (Escape to Nowhere).

إعلان "لالا لاند".. مطاردة الحلم الضائع في هوليود

فيلم "لالا لاند" (La La Land) كان حلما يراود المخرج داميان شازيل منذ دراسته الجامعية. كتب أول مسودة له أثناء دراسته في جامعة هارفارد، وكانت فكرته الأساسية تقديم فيلم موسيقي يحاكي الأفلام الموسيقية الكلاسيكية. لكن على عكس تلك الأفلام التي تنتهي عادة بسعادة الأبطال وزواجهم وتحقيق أحلامهم، يُرسخ شازيل للواقع، حيث لا تسير الأمور دائما كما نشتهي.

يقدّم الفيلم تحية إلى الشباب والمبدعين الذين ينتقلون إلى لوس أنجلوس سنويا لملاحقة أحلامهم الفنية، ويُظهر أن القليل فقط منهم يحقق النجاح، بينما يتوه الباقون في متاهات المدينة العملاقة، وتتحطم طموحاتهم على صخرة الواقع.

يروي الفيلم قصة شاب وفتاة: عازف جاز، وممثلة. كلاهما يكد في هوليود، ممزقان بين السعي وراء لقمة العيش وتحقيق الحلم. يلتقيان ويقعان في الحب، لكن الواقع لا يرحم هذه القصة البسيطة.

ومثلما رأينا في أفلام أخرى في هذه القائمة، يختار شازيل استخدام الفيلم الخام بدلا من التصوير الرقمي الشائع والأقل تكلفة. وصُوّرت المشاهد بتقنية "سينماسكوب" على خام 35 مليمترا، وبدأ الفيلم بتصوير استمر يومين على منحدر طريق سريع، بمشاركة 150 مؤديا، في مشهد يعيد إحياء أحد أشهر مشاهد فيلم "½ 8″، وهو مشهد الكابوس الذي حلم به المخرج جويدو وهو عالق في زحام السيارات، كما لو أن شازيل يذكّر المتفرجين أن كل المخرجين عالقون في كابوس من القلق حول فيلمهم القادم.

مقالات مشابهة

  • لبلبة تكشف عن أحدث أعمالها الفنية .. خاص
  • قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
  • في ذكرى ميلاده.. حسن مصطفى ناظر الضحك وعملاق المسرح الكوميدي
  • حلقة القاهرة النقدية تناقش مشروع الدكتور يسري عبدالله.. الأحد
  • زوجها اكتشف خيانـ تها.. سيدة تنهي حياتها شنقا في الجيزة| تفاصيل
  • السينما المصرية تودع شمندي.. رحيل عماد محرم الطيب صاحب أدوار الشر
  • اعتزال نجم ليفربول الإنجليزي السابق كرة القدم رسميا
  • طفلة تفقد حياتها نتيجة سقوطها من الطابق الرابع فى العمرانية
  • في ذكرى ميلاده.. صلاح نظمي «شرير الشاشة» الذي انتصر للحب وتحدى المرض والظلم
  • أسامة عباس يكشف سر ابتعاده عن التمثيل وحقيقة اعتزال الزعيم (تفاصيل)