لجريدة عمان:
2025-05-09@20:44:15 GMT

جذور..

تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT

ينطلق مفهوم الجذور من حاضنته الاجتماعية بلا منازع؛ فهي الوحيدة القادرة على استدعاء ذاكرتها التاريخية، لتؤصل حقيقة ما يسمى بـ«الجذر» حيث هو أصل الشيء، فلا يوجد كائن في بعديه المادي والمعنوي لا ينتمي إلى جذر ما، وإذا قيست المسألة على الشجرة، كأول كائن نباتي في تأصيل مفهوم الجذر، فإن الإنسان ليس عنه ببعيد، وتأتي اللغة لتلحق بركب الجذر، عبر فعلها الثلاثي أو الرباعي على أكثر تقدير، فحتى تعرف معنى الكلمة؛ عليك أن تنقيها من الحروف الزائدة، وتعيدها إلى أصلها لتقف على حقيقتها المعرفية، ولأن المسألة مرتبطة ببعدها الاجتماعي كأول محطة لمفهوم الجذر، فإن هذا المفهوم يحضر بقوة في كل التقاطعات الاجتماعية المعروفة والتي يأتي في مقدمتها إثبات حالات النسب، الذي ينظر إليه بكثير من الأهمية، بل ويتحدد على ذلك الكثير من القرارات والتفاهمات التي تكون بين المجموعات الاجتماعية، أو بين الأفراد، وينطبق ذلك على الشجر أيضا، بل وعلى الحيوانات كذلك، عندما يتقصى أحدنا عن أصل الشجرة، أو الحيوان، وهذه مسألة معاشة ومعروفة، بمعنى آخر أن كل مكونات الحياة ترتبط وجوديا بما يسمى بالجذر، وإن لم يتوارَ في بعض الأحيان عن تسميته المباشرة، فينسب المفهوم إلى الأصل، وفي كل المسميات تظل هذه المسألة على درجة كبيرة من الأهمية، ومن الحساسية، خاصة عندما تتعلق المسألة بإثبات النسب، سواء في حالات الارتباطات الزوجية في بدايات الخطبة، قبل أن تصل المسألة الزوجية عند مرحلة الذروة، حيث الارتباط النهائي بين الخاطب والمخطوبة.

السؤال هنا: لماذا هذا الاهتمام بالجذر، واعتباره بناء إنسانيا لا محيد عنه؟ هل لأن الإنسان يهمه كثيرا أن يتسلسل عبر مكون اجتماعي لا يقبل أن يشار إليه بشيء من الضعف، كما تحلل الكلمة من حروفها الزائدة لتصل إلى حقيقتها المعرفية؟ أم أن الإنسان يطمئن أكثر كلما علم أو تيقن أن مستوى التأصيل في نسبه عالي التقدير؛ فيشعره ذلك بكثير من شعور التفوق؟ أم أن المسألة في عموميتها تعود إلى ثقافة المجتمع فيؤصلها من خلال الممارسة، حتى تصبح عاملا نفسيا شديد الحساسية؟ لعل مرد الثقافة الذي تتشكل بها الحاضنة الاجتماعية هي الأساس في هذه المسألة، والدليل على أن هناك شعوبا كثيرة على امتداد الجغرافيا لا تنحاز كثيرا إلى البحث الدقيق عن الجذر، وإنما تُقَيِّمُ الفرد على أساس إمكانياته المهنية والمعرفية الحاضرة، وما عدا ذلك لا يلتفت إليه كثيرا.

يقول الكاتب ماتشونا دهليوايو - حسب المصدر: «إن أعظم قوة للشجرة تكمن في الجذور، وليس في الفروع» ومن الأمثال العمانية يقال أيضا: «جرو الموز قاتل أبيه» وفي كلتا المقولتين يتضح جليًا أنه مهما طال الزمن فلا بد أن تحدث عمليات إحلال؛ فأبناء اليوم لا بد أن يكونوا آباء في الغد، وتعود إليهم الأهمية المكانية والمعنوية التي كان يتصدرها الآباء، حيث يحلون جذورا لمن يأتي بعدهم، وهكذا تتأصل الجذرية في توغلها عبر تسلسل الأجيال، وإن كانت هذه الحالة ليست مطلقة، حيث تتداخل عمليات التهجين في مسارات هذا التسلسل، فتحدث نوعا من الاختلاف والتنوع؛ لأن الناتج من التهجين هو صورة مغايرة للأصل، وإن حملت شيئا من الصفات المتوارثة، وفي كل الأحوال يلعب الزمن دورا محوريا في هذا التأصيل، والمسألة ليست يسيرة ولا ميسرة لعمليات الانعتاق من الزمن، فلا بد للجذور أن تستكمل دورة حياتها حتى تصل إلى مستوى التأصيل الحقيقي، وهذا ما يحرص عليه المربون في تأصيل تربيتهم لأطفالهم عبر وسائل كثيرة ومتنوعة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تضامن الدقهلية...استمرار فعاليات دمج وتواصل أطفال دور الرعاية الاجتماعية

أعلنت مديرية التضامن في محافظة الدقهلية استمرار فعاليات دمج وتواصل أطفال دور الرعاية الاجتماعية بشراكة مؤسسات المجتمع المدني.

وذلك في إطار اهتمام وزارة التضامن الاجتماعى بدور الرعاية وخطة مديرية تضامن الدقهلية بدمج أطفال دور الرعاية الاجتماعية بالمجتمع وبالتنسيق مع جمعية صناع الحياة بالمنصورة.

نفذت إدارة الأسرة والطفولة بالتعاون مع إحدى جمعيات برامج تأهيلية وفنية وترفيهية متنوعة للأطفال في المنصورة، حيث نفذت  الأنشطة الفنية والثقافية والرياضية كا جزء من تكوين الشخصية ودعم ثقة الطفل بنفسه والتعبير عن مشاعره، وهو أحد محاور عمليات التأهيل.

تضمن البرنامج قضاء يوم ترفيهي بالنادي الاجتماعي بـاستاد المنصورة، كما تم تنظيم حفلة سمر للاطفال وفقرات غنائية وفنية بحضور الدكتورة ليلى الشرقاوي رئيس الجمعية.

جاء ذلك خلال التقرير الذي عرضته، نادية دياب مدير إدارة الأسرة والطفولة.

تضامن الدقهلية 1000151966 1000151975 1000151969 1000151963 1000151978 1000151972

مقالات مشابهة

  • حزب التجمع: معارضة الحزب تنبع من التزامه بالدفاع عن العدالة الاجتماعية
  • تضامن الدقهلية...استمرار فعاليات دمج وتواصل أطفال دور الرعاية الاجتماعية
  • الحكومة تتعامل مع 19 ألف شكوى بالصحة والحماية الاجتماعية خلال أبريل
  • خاص| 9 أسئلة شائكة عن قانون الإيجار القديم.. «خبير قانوني» يكشف جذور الأزمة
  • التأمينات الاجتماعية توضح آلية احتساب راتب التقاعد للقطاع الخاص
  • التنمية الاجتماعية تدعو الدائنين والمدينين لمراجعة لجان حل الجمعيات
  • جذور الصراع في كشمير بين الهند وباكستان
  • فيديو نادر يكشف ملامح مصر الاجتماعية قبل 96 عامًا
  • تقييم ومراجعة منافع الحماية الاجتماعية بـ«الشورى»
  • مقطع نادر بالألوان لـ الأقصر يُظهر الحياة الاجتماعية قبل 100 عام .. فيديو