عمّان- قبيل الزيارة المرتقبة للعاهل الأردني عبد الله الثاني إلى واشنطن، ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، شهدت العاصمة عمّان ومختلف المحافظات الأردنية مسيرات وفعاليات ووقفات شعبية احتجاجية مناهضة لدعوات الرئيس الأميركي تهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار بما فيها الأردن ومصر.

وفي مشهد غير مسبوق، عكس عمق المخاوف الأردنية -رسميا وشعبيا- من المخططات الأميركية الهادف لتصفية القضية الفلسطينية، خرجت جميع الأطر التمثيلية تحت شعار "رفض التهجير".

ولم يكن التيار الإسلامي المعارض وحده هذه المرة في الشارع للاحتجاج، بل ضمت الفعاليات الشعبية ممثلي العشائر، وأحزاب الموالاة التي هتفت ضد تصريحات ترامب مؤخرا والهادفة للاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه، وهو ما أثار رفضا إقليميا ودوليا واسعا.

وعبّر المشاركون في المسيرات عن الموقف الوطني الداعي لحماية الأردن من خطر التهجير وتحويله إلى وطن بديل للفلسطينيين، والوقوف بحزم لإسناد الشعب الفلسطيني في مواجهة مخططات التهجير، مؤكدين على أهمية التحرك العاجل عربيا وإسلاميا ودوليا للوقوف بوجه الخطة الأميركية التي أطلقها ترامب.

وفي تصريحات مثيرة للجدل، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة لتهجير سكان قطاع غزة إلى دول مجاورة، بما في ذلك مصر والأردن، واصفا القطاع بأنه "مكان مدمر" يحتاج إلى تطهير لإحلال السلام في المنطقة. وجاءت هذه التصريحات خلال حديثه مع الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية "إير فورس وان"، حيث أشار إلى أن الخطة قد تكون "مؤقتة أو طويلة الأجل".

الأردنيون رفعوا لافتات تؤكد رفضهم لخطة ترامب تهجير أهل غزة (الجزيرة) لا مساومة

من جانبه، قال النائب في البرلمان الأردني ينال فريحات، إن "قطاع غزة ليس مجمعا من مجمعات ترامب التجارية، وشعب غزة ليسوا موظفين لديه، بحيث تنقلهم من شركة إلى شركة أخرى، وفلسطين ليست جغرافيا بلا تاريخ أو بلا روح".

إعلان

وقال فريحات في حديثه للجزيرة نت، إن عودة أهل غزة من جنوب القطاع إلى شماله على الرغم من الدمار والقصف والحرق، تؤكد على أن ما عجز عنه العدوان الإسرائيلي على القطاع لن يحققه ترامب وبنيامين نتنياهو عبر الضغوطات، لافتا إلى أن "أهل غزة لن يساوموا خان يونس وجباليا المهدمة لا بواشنطن ولا بنيويورك".

ودعا النائب في البرلمان الشعب الأردني إلى وحدة الصف الوطني بوجه المؤامرات التي تستهدف الوطن، مشددا على أن اليد التي ستمتد للأردن ستجد جيشا وشعبا متلاحما ليقطعها.

ينال فريحات تحدث للجزيرة نت بأن اليد التي تمتد للأردن سنقطعها (الجزيرة) "انفجار وكارثة"

في حين قال كبير عشائر الأردن الشيخ طراد الفايز، إن مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير أبناء غزة للأردن ومصر ما هو إلا "إمعان في الجنون والظلم، واعتداء صارخ على الأردن وسيادته".

وقال الفايز في تصريحٍ للجزيرة نت، إن أهل غزة الذين واجهوا آلة القتل الإسرائيلية، هم عمليا قبروا بأيديهم كافة مشاريع التهجير والتوطين مرة وإلى الأبد، وأضاف مستدركا "لو استطاع الاحتلال الإسرائيلي أو ترامب تهجير الفلسطينيين منذ سنوات لفعلوا".

وشدد على رفض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن، موضحا أن ذلك يعني "انفجارا أكبر مما يتخيله ترامب وإدارته". مؤكدا على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، وإنهاء الاحتلال، أو "فإن المقابل سيكون كارثة تحل على المنطقة برمتها".

وأثار مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير سكان قطاع غزة إلى دول مجاورة، بما في ذلك مصر والأردن، ردود فعل غاضبة، ووصف ترامب القطاع بأنه "مكان مدمر" يحتاج إلى تطهير لإحلال السلام في المنطقة.

قانون يمنع التهجير

بالتوازي مع المظاهرات الشعبية، اقترح عدد من النواب الأردنيين، إصدار مشروع قانون يمنع تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، وذلك بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن بسط سيطرة بلاده على قطاع غزة، وإعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى، منها الأردن ومصر.

إعلان

وأعلن النائب خميس عطية، رئيس "كتلة إرادة والوطني الإسلامي"، تبني مقترح لإصدار مشروع قانون يهدف إلى منع تهجير الفلسطينيين إلى المملكة، وتبنى المقترح وفق عطية عشرات النواب من مختلف الكتل والأطياف البرلمانية.

يسعى الأردنيون إلى سن قانون يمنع الاستجابة لمخططات تهجير الفلسطينيين إليهم (الجزيرة)

وبحسب المقترح النيابي، فإن مشروع القانون جاء بهدف عدم المساس بالوحدة الوطنية وتأكيد سيادة الأردن، انسجاما مع أحكام الدستور، وتعبيرا عن الرفض الكامل الرسمي والشعبي الأردني لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن واعتبارها وطنا بديلا، حيث إن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين.

وجاء في المقترح النيابي أن "الشعب الفلسطيني هو من يقرر مصيره، إضافة إلى الرفض المطلق لتصفية القضية الفلسطينية، وتنفيذ الأردن كل الالتزامات الدولية والمواثيق والأعراف التي حرمت ومنعت التهجير القسري".

ويرتكز مقترح مشروع القانون على القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف لعام 1949، التي تحظر الترحيل القسري، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، والذي يصنف التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب.

كما يرتكز على قرارات الأمم المتحدة، التي تدين التهجير القسري وتدعو إلى حماية حقوق اللاجئين والنازحين، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، والذي يحظر، في مادته الـ12، الإبعاد القسري للأشخاص أو منعهم من العودة إلى أوطانهم.

وكان الملك الأردني قد أكد على "ضرورة وقف إجراءات الاستيطان، ورفض أي محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية"، مشددا على "ضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم".

واستقبل الملك عبد الله الثاني في عمان، الخميس، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأجرى سلسلة اتصالات هاتفية مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الإماراتي محمد بن زايد والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وذلك في إطار حراك مكثف لملك الأردن بعد تصريحات ترامب المثيرة للجدل بشأن غزة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الرئیس الأمیرکی دونالد ترامب تهجیر الفلسطینیین إلى قطاع غزة أهل غزة بما فی

إقرأ أيضاً:

ترامب يدفع الفدرالي نحو هيمنة مالية خطيرة تهدد الاقتصاد الأميركي

حذرت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير تحليلي حديث من أن الولايات المتحدة باتت على مشارف الدخول في ما تعرف اقتصاديا بـ"الهيمنة المالية"، وهي الحالة التي يتحول فيها دور البنك المركزي من إدارة التضخم والنمو إلى أداة لخدمة أولويات الإنفاق الحكومي، وهي حالة طالما ارتبطت بالدول النامية والاقتصادات المتقلبة مثل الأرجنتين، لا بالولايات المتحدة.

الرئيس يريد "فدراليا مطيعا"

وأعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأكيد ضغوطه العلنية على رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، مطالبا إياه بخفض أسعار الفائدة أو ترك منصبه لمن "ينفذ السياسات المطلوبة".

وفي مقابلة عبر قناة فوكس نيوز قال ترامب صراحة "نحن بصدد وضع شخص في الفدرالي سيكون قادرا على خفض أسعار الفائدة"، في إشارة إلى نيته تعيين رئيس جديد مبكرا رغم أن ولاية باول لن تنتهي قبل مايو/أيار 2026.

وهذه التصريحات -وفقا للصحيفة- لا تعكس فقط تفضيل ترامب التقليدي لبيئة فائدة منخفضة، بل تشير إلى تحول خطير في فلسفة السياسة النقدية: استخدام الفائدة المنخفضة أداة لتمويل العجز الضخم في الموازنة بدلا من استهداف التضخم والنمو المستدام.

الضغوط السياسية على الفدرالي ارتفعت بعد تهديد ترامب (يسار) بإقالة جيروم باول أو الاستعاضة عنه بشخص "مطيع" (رويترز) عجز متصاعد وثمن كبير

وأوضح تقرير الصحيفة أن فاتورة القانون "الكبير الجميل" -التي أقرها الكونغرس مؤخرا- سترفع العجز من 1.8 تريليون دولار (6.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024) إلى 3 تريليونات دولار (7.1%) خلال عقد، وفق لجنة الميزانية الفدرالية المسؤولة، ومع تمديد التخفيضات الضريبية المؤقتة يمكن أن يصل العجز إلى 3.3 تريليونات (7.9%).

لكن الأكثر إثارة للقلق أن إدارة ترامب تخطط لتقليل إصدار سندات طويلة الأجل، والتركيز بدلا من ذلك على أذون الخزانة قصيرة الأجل بهدف كبح ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل.

إعلان

لكن هذا النهج محفوف بالمخاطر، إذ إن أي قفزة مفاجئة في الفائدة قصيرة الأجل ستنعكس مباشرة على تكلفة خدمة الدين، مما يضع ضغطا فوريا على الميزانية الفدرالية.

الأسواق لا تقاوم.. مؤقتا

ورغم كل هذه المؤشرات فإن العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أغلق عند 4.35% يوم الخميس بعد أن كان قد ارتفع إلى 4.55% في مايو/أيار الماضي، مما يعكس ارتياحا نسبيا في الأسواق يعود جزئيا إلى توقعات بخلفية "موالية لترامب" في قيادة الفدرالي.

وفي هذا السياق، أفاد اقتصاديون في "غولدمان ساكس" بأن الرئيس القادم للفدرالي سيكون أقل انزعاجا من العجز، مما يعني معدلات فائدة أقل مستقبلا.

ومع أن الأسواق لم تترجم تهديدات ترامب ضد الفدرالي إلى توقعات تضخمية حادة فإن "وول ستريت جورنال" تحذر من أن "الهيمنة المالية" لا تظهر آثارها فورا، بل تتراكم تدريجيا حتى تنفجر على شكل تضخم أو أزمة ديون مفاجئة.

"الهيمنة المالية" لا تظهر آثارها فورا، بل تتراكم تدريجيا حتى تنفجر على شكل تضخم أو أزمة ديون مفاجئة

تاريخ الهيمنة

واستعرض التقرير جذور الهيمنة المالية عبر التاريخ، مشيرا إلى تأسيس بنك إنجلترا عام 1694 كممول للعائلة المالكة، ثم دور الاحتياطي الفدرالي في الحربين العالميتين الأولى والثانية عندما خضع لضغوط وزارة الخزانة الأميركية لتثبيت الفائدة.

وفي الستينيات امتنع الفدرالي عن رفع الفائدة لمنع التأثير على إصدار السندات، مما ساهم لاحقا في تفجر التضخم.

لكن منذ عقود حاول الفدرالي أن يفصل نفسه عن السياسة، حتى في فترة 2008-2014 عندما أبقى الفائدة قرب الصفر، إذ كانت قراراته تستند إلى تقييمه المستقل لتضخم منخفض، وليس لأوامر مباشرة من الرئيس، وفق الصحيفة.

صندوق النقد الدولي يرى أن استمرار العجز المرتفع يهدد استقرار الاقتصاد الأميركي (الأناضول) أزمة مؤجلة لا ملغاة

ويحذر التقرير من أنه إذا استمر هذا المسار فإن الاقتصاد الأميركي قد يواجه صدمة مالية تشبه تلك التي ضربت أوروبا في أزمة الديون السيادية بعد عام 2010.

وأشار إلى تحليل لمصرف غولدمان ساكس يفيد بأنه إذا لم تبدأ الولايات المتحدة إجراءات تقشفية خلال عقد فقد تحتاج إلى تقليص الإنفاق أو رفع الضرائب بما يعادل 5.5% من الناتج المحلي سنويا، وهو ما يتجاوز التقشف الأوروبي حينها.

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بلهجة تحذيرية، مؤكدة أن خضوع البنك المركزي الأميركي لتوجيهات الرئيس بدلا من تحليله المستقل قد يؤدي إلى نتائج مدمرة، حتى وإن لم تظهر خلال فترة ترامب الثانية.

"نعم، الأسواق تتجاهل الخطر الآن، لكن التاريخ يقول لنا إن الثمن يُدفع لاحقا، وبفائدة مركّبة"، هكذا تختم الصحيفة تحليلها.

مقالات مشابهة

  • "مؤسسة غزة الإنسانية" تقدم مقترحاً لتهجير سكان القطاع
  • برلماني: الرئيس السيسي يقود بحكمة تطوير البنية التحتية وتحقيق الأمان على الطرق
  • ‏الرئاسة اللبنانية: الرئيس جوزيف عون يلتقي المبعوث الأميركي توم باراك بحضور سفيرة واشنطن في بيروت
  • عاجل | توم باراك مبعوث الرئيس الأميركي: هذه فترة حرجة للبنان والمنطقة
  • "مؤسسة غزة الإنسانية" وراء الكواليس: مشروع إسرائيلي-أمريكي لتهجير الفلسطينيين
  • وزير الخزانة الأميركي يدعو ماسك للابتعاد عن السياسة
  • ترامب يدفع الفدرالي نحو هيمنة مالية خطيرة تهدد الاقتصاد الأميركي
  • ‏أردوغان يعلن أنه طلب من ترامب التدخل بشأن إطلاق النار على الفلسطينيين الذين ينتظرون المساعدات في غزة
  • المبعوث الأميركي: لنجعل لبنان عظيماً مُجدداً
  • إيكونوميست: خطة ترامب الاقتصادية تهدّد أسس الازدهار الأميركي