#سواليف

#الأردن_والبريكس: الفرصة الأخيرة للانضمام إلى #النظام_الاقتصادي الجديد

بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

يشهد العالم اليوم تحولات اقتصادية غير مسبوقة، حيث لم تعد التكتلات التقليدية مثل G7 وG20 قادرة على احتكار القرار الاقتصادي العالمي. في ظل هذا المشهد الجديد، تبرز مجموعة البريكس كبديل حقيقي، تقدم نموذجًا اقتصاديًا أكثر توازنًا وإنصافًا للدول النامية.

أمام الأردن اليوم فرصة ذهبية للانضمام إلى هذا التحالف قبل أن يصبح الانضمام مستحيلًا أو مشروطًا بمحددات قد لا تكون في صالحه مستقبلاً. الانتظار لم يعد خيارًا، والتردد قد يكلفنا مكانًا في النظام الاقتصادي العالمي الجديد.

مقالات ذات صلة أدناها في الشوبك.. تعرف على أقل 10 درجات صغرى مسجلة صباح اليوم 2025/02/09

البريكس ليست مجرد تكتل اقتصادي، بل مشروع استراتيجي يهدف إلى كسر الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي. هذا التحالف الذي يضم الصين، روسيا، الهند، البرازيل، وجنوب إفريقيا، إضافة إلى دول جديدة انضمت مؤخرًا، يفتح أفقًا واسعًا للشراكات الاقتصادية والتجارية بعيدًا عن القيود التي تفرضها المؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. الدول التي تعتمد فقط على التحالفات الغربية قد تجد نفسها معزولة في المستقبل القريب، حيث يتجه ميزان القوى الاقتصادية شرقًا وجنوبًا.

أكثر من 50 دولة أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى البريكس، وهو ما يشير إلى أن هذا النادي الاقتصادي أصبح أكثر جاذبية وتأثيرًا. فالتكتل لم يعد مجرد منصة للحوار، بل أصبح قوة اقتصادية قادرة على التأثير في النظام المالي العالمي، حيث يسعى إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، وإنشاء آليات مالية مستقلة مثل بنك التنمية الجديد، مما يوفر للدول الأعضاء أدوات اقتصادية مرنة وأكثر عدالة. هذا التحول يعكس إدراكًا عالميًا متزايدًا بأن الاعتماد على نظام مالي واحد يجعل الدول النامية عرضة للضغوط السياسية والاقتصادية التي تمارسها القوى التقليدية.

الأردن، بحكم موقعه الاستراتيجي في قلب الشرق الأوسط، وبفضل استقراره السياسي والأمني، يمتلك كل المقومات التي تجعله شريكًا قويًا داخل مجموعة البريكس. الانضمام لهذا التحالف سيمنحه فرصًا اقتصادية واستثمارية هائلة، خصوصًا في مجالات البنية التحتية، الطاقة، التكنولوجيا، والزراعة. في المقابل، فإن التمسك بالتحالفات التقليدية فقط دون البحث عن بدائل جديدة قد يجعل الأردن رهينة لمعادلات اقتصادية متغيرة، حيث لم تعد المساعدات الغربية مضمونة، ولا القروض الدولية ميسّرة دون شروط مرهقة.

التحدي الأكبر أمام الأردن اليوم ليس مجرد اتخاذ القرار، بل الإسراع في اتخاذ الخطوات اللازمة للانضمام قبل أن تُغلق الأبواب. فكما أن هناك 50 دولة تنتظر الدخول إلى البريكس، فإن التأخير قد يعني أن مكاننا سيتم حجزه لغيرنا. الدول التي استبقت الأحداث وسعت نحو هذا التكتل ستجد نفسها مستفيدة من شراكات اقتصادية ضخمة، بينما ستظل الدول المترددة عالقة في أنظمة مالية تقليدية قد لا تخدم مصالحها مستقبلاً.

لا يمكن تجاهل حقيقة أن دول البريكس تمتلك أكثر من 90% من سلاسل التوريد العالمية، كما تسيطر على احتياجات حيوية من المعادن ومصادر الطاقة، ما يجعلها اللاعب الأساسي في تحديد مستقبل الاقتصاد العالمي. علاوة على ذلك، فإن هذه الدول تشكل أكثر من 60% من سكان العالم، مما يمنحها قوة سكانية هائلة تدفع عجلة الإنتاج والاستهلاك، وهو ما يؤهلها لتكون القوة الاقتصادية الأكثر تأثيرًا في السنوات القادمة.

يجب على صناع القرار الأردنيين الاطلاع على تجارب وخبرات المفكرين الاقتصاديين مثل ريتشارد وولف وجيفري ساكس، اللذين يؤكدان أن العالم يشهد إعادة تشكيل للنظام المالي والاقتصادي، حيث لم تعد الولايات المتحدة والغرب وحدهما قادرين على فرض سياساتهم الاقتصادية كما كان الحال في العقود الماضية. البريكس ليست مجرد مجموعة من الدول، بل هي نظام اقتصادي جديد يُرسي قواعد مختلفة للتجارة والتعاون الدولي، ويركز على تبادل المنافع والاستثمار المتبادل بدلاً من فرض الهيمنة الاقتصادية.

يجب أن ندرك أن الانضمام إلى البريكس لا يعني التخلي عن التحالفات الغربية، بل هو تنويع في الشراكات الاقتصادية لتعزيز الاستقلال المالي والاقتصادي. كلما زادت خيارات الأردن، كلما أصبح أكثر قدرة على حماية اقتصاده من الأزمات المالية العالمية، ومواجهة التحديات الاقتصادية التي تفرضها الظروف الجيوسياسية المتغيرة. الدول التي تفكر باستراتيجية واضحة تتجه نحو تعدد الشراكات بدلًا من الارتهان لتحالف واحد، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه النهج الأردني.

التاريخ لا ينتظر، والاقتصادات التي تفشل في التكيف مع المتغيرات تصبح مهمّشة في المشهد العالمي. السؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم ليس “هل يجب أن ينضم الأردن إلى البريكس؟” بل “كيف يمكننا أن ننضم بأسرع وقت ممكن قبل أن نجد أنفسنا خارج النظام الاقتصادي الجديد؟”. القرار الذي سيتخذ اليوم لن يؤثر فقط على الحاضر، بل سيحدد شكل الاقتصاد الأردني ومستقبل أجياله القادمة. إذا أردنا أن نكون جزءًا من المستقبل، فعلينا أن نتحرك الآن، فالوقت لا ينتظر، والخيار واضح.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف النظام الاقتصادي النظام الاقتصادی إلى البریکس

إقرأ أيضاً:

النظام الجديد في دمشق .. مصدر قلق للجزائر ومصر

 

 

في تطور جذري في موقف الجزائر من النظام الجديد القائم في دمشق، قررت الأولى إيفاد فريق تقني من مجمّع “سونلغاز” إلى سوريا للعمل على إعادة تأهيل قطاع الكهرباء في البلاد. وقد سبق هذه الخطوة زيارة قام بها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في فبراير الماضي إلى سوريا موفدًا من رئيس الجمهورية الجزائري، بغرض إقامة علاقات بين الجزائر والنظام السوري الجديد.
لا شك أن الاندفاعة الجزائرية لا تنبع فقط من ضرورة توثيق العلاقات مع بلد عربي ربطتها به أواصر وثيقة منذ الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي قبل سبعة عقود، بل هي تنبع من قلق الجزائر من الزلزال الذي أصاب العالم العربي بسقوط النظام في سوريا، والتي كانت تعد آخر معاقل المواجهة مع “إسرائيل” من بين العواصم العربية الرئيسة. هذا جعل الجزائر المعروفة بموقفها المعادي لـ “إسرائيل” تشعر بالعزلة في ظل الأزمة التي يمر بها اليمن منذ عقد من الزمن، وفي ظل الاحتلال الأمريكي للعراق، علمًا أن “إسرائيل” باتت عمليًا على الحدود الغربية للجزائر عبر وجود خبراء عسكريين لها في المغرب الذي يناصب الجزائر العداء.
لكن هذا لا يشكل العامل الوحيد لقلق الجزائر. فمن يتولى السلطة في سوريا حاليًا هي عينها الجماعات المسلحة التي قاتلتها الجزائر على مدى عقد من الزمن خلال تسعينيات القرن الماضي. هذا يضاف إلى قلق الجزائر من تمدد المسلحين في السودان، والمعروف عنهم دعمهم لحاكم السودان الفريق البرهان، عدا عن وجودهم على حدودها الشرقية وتحديدًا في ليبيا، ما يجعل الحكومة الجزائرية تتحسب لاحتمال أن تشكل طرابلس الغرب قاعدة انطلاق لجماعات مسلحة مدعَّمة بمتطوعين من منطقة وسط آسيا والقوقاز ترعاهم تركيا لزعزعة الاستقرار في الجزائر، تمامًا كما حصل في سوريا حيث نقلت تركيا آلاف المقاتلين الأوزبك والطاجيك والإيغور وغيرهم لتدعيم قوات “هيئة تحرير الشام” من أجل استلام السلطة في دمشق، علمًا أن علاقات قوية تربط تركيا بالحكومة الإسلامية في طرابلس الغرب.
وقد أعرب محللون سياسيون جزائريون عن قلقهم من قرار الحكم الجديد في سوريا القاضي بدمج المقاتلين الأجانب في المؤسسات الأمنية السوريا ومن ضمنهم مقاتلون جزائريون. وقال النائب السابق في البرلمان الجزائري زواني بن يوسف، إن “الجزائر تتعامل مع أي نظام يرتضيه الشعب السوري، بعيدًا عن التدخلات في شؤون الآخرين، وإنه لا يمكن لها أن تبقى بعيدة عن الشعب السوري و”القيادة المؤقتة الجديدة””، إلا أنه أكد معارضة الجزائر دمج المقاتلين الأجانب في المؤسسات الأمنية.
ويبدو أن قلق الجزائر هذا سيجعلها تتقارب مع مصر التي تتشارك مع القيادة الجزائرية في القلق من القيادة السوريا الجديدة الخاضعة كليًّا للنفوذ التركي. فمصر التي سعت جاهدة للتخلص من حكم “الإخوان المسلمين” في العام 2013م، ترى هذه الجماعات المدعومة من تركيا التي تعتبر الخصم التقليدي لمصر، وقد وصلت إلى السلطة في دمشق. ومن ثَمَّ، فإن مصر تجد نفسها مطوقة أكثر فأكثر بجماعات وصلت إلى السلطة بدعم من تركيا أكان في دمشق أو في السودان أو في طرابلس الغرب.
وعلى الرغم من محاولة القيادة المصرية تخفيف حدة قلقها عبر نسج علاقات مع قطر، إلا أن التجارب مع الدوحة لا تطمئن القاهرة. وما يزيد من قلق القيادة المصرية هو وجود عناصر مصرية مطلوبة قضائيًا في مصر في عماد النظام الجديد القائم في دمشق. فهل يجمع القلق من الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا كلًّا من القاهرة والجزائر في جبهة واحدة؟.

أستاذ تاريخ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

مقالات مشابهة

  • الجزائر من الدول الإفريقية القليلة التي لا تعاني من ضغوط المديونية الخارجية
  • لبنان أمام الفرصة الأخيرة في حصر السلاح... ماذا عن تجديد مهام اليونيفيل؟
  • البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي
  • بعد سنوات من الحظر.. سوريا تستعد للعودة إلى النظام المالي العالمي
  • ياسمين فؤاد: وضع معاهدة عالمية للتلوث البلاستيكي سيُظهر فعالية النظام متعدد الأطراف
  • منع الهجرة أكبر تناقض في بنية الإقتصاد العالمي
  • قراءة في الأوهام الاستراتيجية بترتيب النظام الإقليمي
  • النظام الجديد في دمشق .. مصدر قلق للجزائر ومصر
  • الفرصة الأخيرة.. منتخبنا الوطني في مواجهة نارية أمام فلسطين غدا
  • "الأحمر" يُجري تدريباته الأخيرة في عمّان استعدادًا للمواجهة الفاصلة أمام فلسطين