سمير فرج: ترامب أخطأ في المقترحات الخاصة بالشرق الأوسط
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
قال اللواء الدكتور سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، أن الرئيس السيسي اتخذ قرار كان الجميع ينتظره منذ فترة طويلة وهو تنويع مصادر السلاح من كل الأماكن كان "أحسن قرار" كعسكريين، مؤكدًا أن بعد حرب أكتوبر تم الانتقال من السلاح الروسي إلى السلاح الأمريكي والحصول على المعدات والطائرات الأمريكية.
وأضاف «فرج» خلال لقائه مع الإعلامية كريمة عوض، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن أنه حال تطبيق تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضم كندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ستكون أكبر منطقة في الكرة الأرضية ويتحكم بكل الجزء بالقطب الشمالي وهو تخطيط "جهنمي" من ترامب".
وأوضح الخبير الاستراتيجي، أن بعد الاقتراح يكون هناك وضع خطة لتنفيذ هذه الخطة بشكل كبير، مشيرا إلى أن أنه بعد اتخاذ القرار تبدأ عملية التطبيق وأوجه الاستفادة من تنفيذ الخطة.
مصر لديها قوة وقادرة على الوقوف أمام أمريكاوأشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اخطأ في المقترحات الخاصة بالشرق الأوسط، والعالم فوجئ بأن ترامب في طائرة الرئاسة يدلي بمقترح تهجير الفلسطينيين وهذا القرار لم يصدر بالتنسيق مع المستشارين العسكريين.
وشدد على أن أمريكا غير قادرة على أي فعل بالشرق الأوسط إلا بالحصول على الضوء الأخضر من مصر، مؤكدًا أن مصر لديها قوة وقادرة على الوقوف أمام أمريكا.
وعقب اللواء الدكتور سمير فرج: "سيناء مش هتتابع وأكبر وقفه للشعب المصري مع الرئيس السيسي؛ لأنه اتخذ قرار الشعب المصري".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سيناء الرئيس السيسي دونالد ترامب الرئيس الأمريكي سمير فرج المزيد سمیر فرج
إقرأ أيضاً:
النبي والمحتال
في الرابع من فبراير الماضي زار نتنياهو البيت الأبيض، والتقي بالرئيس ترامب. تجوّل الرجلان في أرجاء المكان الأكثر أهمية وخطورة في العالم، وصعدا معاً إلى الطابق الثاني. واصلا المشي وتبادلا المجاملات إلى أن بلغا غرفة نوم لينكولن، وهو المكان الذي اتخذه الأخير مكتباً له، وهناك وقّع على قرار تحرير العبيد في العام 1863. أمام المكتب التقط ترامب ونتياهو صورة تذكارية وقّع عليها الأول بجملة: إلى بيبي، القائد العظيم. قبل ذلك كان نتنياهو قد قال إن إسرائيل لم تحظ بصديق في البيت الأبيض مثل دونالد ترامب. في مرتفعات الجولان المحتلّة قرية تحمل اسم ترامب، ويرى القادة الإسرائيليون أن الرجل الذي يقول الشيء ونقيضه خلال اليوم الواحد هو الجواد الأفضل لحسم المسألة الفلسطينية إلى الأبد.
قبل أن يصعدا إلى الطابق الثاني في البيت الأبيض كان نتنياهو قد أهدى ترامب تذكاراً مثيراً: بيجراً مطليّاً بالذهب. رفع ترامب ذلك الشيء اللامع إلى أمام عينيه وطالعه بإعجاب وهو يردد “كانت عملية عظيمة”، كما نقلت إسرائيل هيوم في تقرير غني بالتفاصيل في الثاني من مايو. بحسب شيريت كوهين، مراسل الصحيفة للشؤون الدبلوماسية، فإن زيارة الخمس ساعات تلك كانت كافية لتغيير الشرق الأوسط. انتهت الزيارة إلى مؤتمر صحفي عرض فيه ترامب رؤيته الخاصة للمسألة الفلسطينية: ترحيل الفلسطينيين وبناء منتجعات للسياحة على أنقاض منازلهم. ذهب ترامب بعيداً في سخائه، حتى إن بنغفير – الذي قلّما أسعده شيء، لا الموت ولا السلام- بقي يردد على الدوام أن على إسرائيل أن تبادر إلى تنفيذ خطّة الرئيس ترامب.
ثم ذهب ترامب إلى الشرق الأوسط في زيارة تجاوزت مدّتها الخمس ساعات بكثير. طوّر علاقات وتعاقدات مع دول المنطقة لا يعلم عنها “بيبي العظيم” الشيء الكثير، ولا تخدم رؤيته لتغيير الشرق الأوسط. مواقف ترامب الجديدة في الشرق الأوسط عرفها نتنياهو من خلال الصحف، وفقاً لبن كسبيت في معاريف. اختار المحتال نتنياهو مصادمة أكبر المحتالين، أراد التلاعب برجل لا يعرف حتى أخلاق المائدة، يقول بن كسبيت. كانت ميريام أديلسون، الصهيونية الثرية والراديكالية، قد اقترحت إدراج فصل جديد في الكتاب اليهودي المقدس وليكن اسمه “كتاب ترامب”. ذلك الترويض كلّه لأقوى رجل في العالم تجاهل حقيقة أن إسرائيل، كدولة، لا تملك الكنوز التي يريدها ترامب، وليس بمقدورها أن تملأ راحتيه بما يحتاجه في تدويناته اليومية.
إسرائيل مسألة تتعلق بالإيمان، وترامب يعتقد أن الناس ستختار الإلحاد حين تتجاوز الضرائب حدّاً معيّناً، كما جاء على لسانه مؤخراً. الصهيونية واحدة من الأصول الأخلاقية للسياسة الخارجية الأميركية، وكذلك المصالح الأميركية. شيّعه توماس فريدمان في مقالة على نيويورك تايمز قائلاً إن عليه أن يتذكر أن حكومة نتنياهو ليست حليفاً، وأن هنالك مصالح لأميركا في الشرق الأوسط يسعى نتنياهو للإضرار بها. ثمّة نماذج تاريخية عديدة لحالات صادمت فيها المصلحة الإسرائيلية مصالح أميركا في العالم، منها الحرب على مصر في العام 1956. آنذاك كانت أميركا تجوب العالم بغية تشكيل جدار ناري ضد اجتياح الاتحاد السوفيتي لدول مستقلة، وتعيّن عليها أن تدين صراحة غزو السوفيت لهنغاريا في الرابع من نوفمبر 1956، أي بعد خمسة أيام فقط من انطلاق العدوان الثلاثي على مصر، والذي شاركت فيه إسرائيل. استدعت المصلحة الأميركية الحيوية آنذاك أن تبدي أميركا حزماً حقيقياً، وصل حد التهديد بالعقوبات ضد الدول الثلاث.
ثمّة توجّس في إسرائيل، وهناك من يعتقد على نحو كبير أن زيارة ترامب إلى الجزيرة العربية تمثّل تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل، بل لوجودها. صار ترامب إلى المهرج والمحتال الذي وضع أمن إسرائيل في سلّة المهملات، وألقى بالدولة العبرية إلى الكلاب، كما يتردد في نصوص كتّاب الرأي الإسرائيليين. يتشارك أقصى اليسار مع أقصى اليمين التوجس العميق حيال زيارة ترامب إلى السعودية، فقد يجري التلاعب بمدمن الصفقات ودفعه في اتجاه لا يخدم إسرائيل. هذه المرّة سيلقنونه أشياء ضد إسرائيل، وسيعرضون عليه شبكة مصالح غالية الثمن قائلين إن بمقدوره زيادة الغلّة إذا ما تخلّى عن نتنياهو الذي لا يشبع من الحروب. في الحادي عشر من الشهر الحالي ألقى زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد خطاباً غاضباً في الكنيست قال فيه “”كل الأحداث المهمة فعلاً تجري بدوننا. ستعقد قمة مهمة في السعودية ونحن لسنا هناك. الصفقة التي تبرمها أمريكا الآن مع السعوديين والتي ستسمح بتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية تشكل خطراً على أمن إسرائيل، ونحن منعناها سابقا. ترامب سئم من مماطلات نتنياهو ويمضي بمفرده. نتنياهو أفقدنا أمريكا”.
هنالك هلع حقيقي في إسرائيل، وإسرائيل تجيد المبالغات وترى كل ما لا يروقها تهديداً وجودياً. ترامب في السعودية، إنها كارثة على وجود إسرائيل، كما يقول بن كسبيت في معاريف. الأمر يشبه الزلزال، هكذا تبدو النظرة في إسرائيل. خطوات كثيرة أقدم عليها ترامب مؤخراً دون الرجوع إلى نتنياهو، خصوصاً بعد أن استبعد والتز، مستشاره للأمن القومي والقريب من نتنياهو. خسر نتيناهو أهم الكابلات التي تربطه بالبيت الأبيض وتسمح له بالتلاعب بالنقاشات الدائرة فيه.
الخطاب الذي ألقاه ترامب في السعودية أفسح مكاناً كبيراً لإيران، كما لو أنه أراد أن يقول للإسرائيليين إنه يأخذ أمن بلادهم في الحسبان، ولكنه يفعل ذلك وهو يقف في الرياض ويرى مصالح بلاده. الهجوم على إيران لم يهدأ من روع الدولة المذعورة على الدوام. فقد بدا واضحاً – كما لاحظ أكثر من كاتب إسرائيلي – أن ترامب هبط بمستوى تهديداته من “سأفتح عليهم باب الجحيم” إلى: سأمارس عليهم أقصى درجات الضغط الاقتصادي. يضاف إلى ذلك التوصل إلى اتفاق “سلام” مفاجئ من الحوثيين دون التنسيق مع إسرائيل، كل ذلك خلق فزعاً داخل دوائر السلطة في تل أبيب. كيف ستعتمد إسرائيل على رئيس “يستفيق صباحاً على A، وفي الليل يقرر B و C و D، ويثير البلبلة في العالم بأسره” كما جاء على لسان دافيد أمسالم، وزير التعاون الإقليمي والقريب من نتنياهو. أمسالم هو أيضاً مكلف بالتنسيق بين الحكومة والكنيست، وفي الأيام الماضية ألقى كلمة في برلمان الدولة العربية وقال في معرض نقاش زيارة ترامب لدول الخليج العربي “يجب أن نأخذ مصيرنا بأيدينا”. سرعان ما تصبح الأمور في إسرائيل متعلقة بالمصير، بالوجود. حتى فكرة دويلة فلسطينية صغيرة بلا ملامح تمثل تهديداً لوجود إسرائيل، وإعادة تموضع عملياتي لبعض التشكيلات العسكرية المصرية في سيناء تمثّل تهديداً وجودياً لإسرائيل. يدور النقاش الغربي، منذ ما يداني العشرين شهراً، حول حق إسرائيل في الوجود، بينما تتعلق بالحقيقة بشعب آخر يُنسف وجوده من الأساس.
ترامب المولع بإسرائيل لا يلتزم بالقواعد على الدوم، ويقبل الإغواء. نجح المال الخليجي في شراء مسيح بني إسرائيل، يقول ناحوم برنياع في ديعوت أحرنوت. بات ترامب المشكلة التي سترافق إسرائيل لثلاث سنوات ونصف وربما لما بعدها، كما يتخوف برنياع الذي تذكر شيئاً مهمّاً وهو أن السفارة الأميركية لا تزال تعمل من تل أبيب وأن الحديث عن نقلها إلى القدس ليس سوى مزحة، فلم تنقل أميركا سوى لافتة. يرى برينياع، مثل غيره، في زيارة ترامب إلى الخليج تحديّاً وجوديّاً لأمن إسرائيل من زاوية مثيرة. فالصفقات التي قد تصل في مدى عشر سنوات إلى نحو 2 تريليون دولار ستمنح القادة الخليجيين نفوذاً سياسياً في أمريكا لم يعطَ لأي دولة أجنبية حتى اليوم. لا بد من النظر إلى هذا التقدير باهتمام، فالكاتب ناحوم برنياع، المولود سنة 1944، هو الصوت الأثقل في التحليل السياسي وسبق له أن حصل على جائزة إسرائيل في الإعلام، أرفع جائزة تمنحها الدولة، ويقدم تحليلاته من خلال يديعوت أحرنوت، الصحيفة الأكبر حجماً في إسرائيل.
ركض ترامب في المائة يوم الأولى خلف هاجس الوجود اليهودي حتى أنه صادم على نحو مدمّر المؤسسة الأكاديمية الأميركية وأنزل عقاباً مزلزلاً ببنية التعليم الجامعي. فعل كل ذلك تحت تأثير اللوبي الصهيوني الذي حشى رأسه بأفكار تقول إن التظاهرات الطلابية هي دعوة لإبادة شعب بني إسرائيل. صارت الصهيونية واليهودية والإسرائيلية شأناً واحداً. ثمة حقيقة عن إسرائيل يندر أن يشار إليها، وهي أن نسبة مواطنيها اليهود الذين تعود أصولهم إلى غرب أوروبا تقل عن 5%، وأن الدولة في مجملها تجمّع فوضوي ليهود السفارديم – يهود الشرق الأوسط- ويهود غرب أوروبا. الخداع الألماني القائل إن إسرائيل دولة نشأت بفعل الهولوكوست لا قيمة له بالقياس التاريخي، فقد غادر يهود ألمانيا إلى أميركا وليس إلى فلسطين. أما المثقف اليهودي فيرى الأمور على نحو آخر، ف”إسرائيل لم توجد بسبب الهولوكست، الهولوكست حدث لأن إسرائيل لم تكن موجودة”، وهي مقولة تُنسب إلى الفيلسوف اليهودي الفرنسي إيمانويل ليفيناس، وتستعار في مناسبات عديدة، بما في ذلك حين يجري الحديث عن زيارة لرئيس أميركي إلى دولة عربية!
المقال نقلاً من صفحة الكاتب على فيسبوك