بغداد اليوم -  طهران

في السنوات الثلاث والنصف الماضية، مارست حركة طالبان ضغوطًا واسعة النطاق على الأقليات الدينية في أفغانستان. وقد أقدمت هذه الجماعة على إجبار بعض أتباع المذهب الإسماعيلي والشيعة الاثني عشرية في ولاية بدخشان الشمال الشرقي على تغيير مذهبهم قسرًا. 

وتمكن مراسل "بغداد اليوم" من الوصول إلى معلومات تؤكد أن "طالبان أجبرت مؤخرا ما لا يقل عن 80 شخصًا من سكان بدخشان على تغيير مذهبهم".

 

وبحسب مصادر أفغانية مطلعة قالت لمراسلنا "أن طالبان تُجبر الأشخاص الذين يغيرون مذهبهم على نطق الشهادة، وهو إجراء يُطبق عادةً على من يعتنق الإسلام من ديانات أخرى".

كما أفادت المصادر بأن طالبان بدأت بهذا الإجراء منذ اليوم الأول لسيطرتها على أفغانستان، والآن، بهدف تحويل الأنظار عن التوترات الداخلية، بدأت في تسليط الضوء إعلاميًا على هذه الممارسات.

وبحسب المصادر "أدى هذا الإجراء إلى تعميق الفجوة بين الأقليات الدينية ونظام طالبان، كما تسبب في ضغوط نفسية واجتماعية هائلة على أعضاء هذه الطوائف الدينية، ويشعر العديد من أتباع المذهب الإسماعيلي بالقلق من أن تصبح هذه السياسة نهجًا ممنهجًا، مما يشكل تهديدًا خطيرًا لمعتقداتهم وهويتهم الدينية".


إجبار السكان على تغيير مذهبهم

وقال مسؤول في الحكومة الأفغانية السابقة من ولاية بدخشان مشترطاً عدم الكشف عن هويته خوفاً من الملاحقة لـ"بغداد اليوم"، "أن جمعه خان فاتح، حاكم طالبان في منطقة نسي درواز، أجبر ما لا يقل عن 50 رجلًا من الطائفتين الإسماعيلية والشيعية الاثني عشرية على تغيير مذهبهم قسرًا".

ووفقًا لتصريحات طالبان في المنطقة، فقد تم "إدخالهم في الإسلام"، وقبل يومين فقط، تم إجبار 25 شخصًا آخرين على تغيير مذهبهم. 

وأضاف المسؤول "أن هذا القائد في طالبان وصف الإسماعيليين في مناطق شغنان، أشكاشم، يمغان، وزيباك بأنهم "كفار"، مهددًا إياهم بضرورة تغيير مذهبهم بسرعة.

وتابع "بأن ما لا يقل عن 80 شخصًا من أتباع المذهب الإسماعيلي، من بينهم نساء وأطفال، قد أُجبروا على تغيير مذهبهم تحت تهديد السلاح من قبل مسلحي جمعه خان فاتح".


تسجيلات مصورة واعترافات

وفي مقاطع الفيديو يظهر مقاتلو طالبان وهم يُمْلُون الشهادة على الأشخاص الذين يُجبرون على تغيير مذهبهم. كما ذكرت مصادر محلية أن جمعه خان فاتح، قائد طالبان في درواز بدخشان، يقوم بجولات ليلية في القرى مع مجموعته، بهدف إجبار السكان المحليين على تغيير مذهبهم.

وفي الأيام الأخيرة، قامت طالبان بإحضار أكثر من 25 من أتباع المذهب الإسماعيلي والشيعة الاثني عشرية إلى مقر المنطقة وفرضت عليهم تغيير مذهبهم قسرًا. 

ووفقًا لمصدر محلي، فقد استضاف جمعه خان فاتح أحد الأشخاص الذين أُجبروا على تغيير مذهبهم، وزار منطقة "راوند" حيث ألقى خطبًا دينية في عدة مساجد.

في الوقت نفسه، نشر بعض مقاتلي طالبان في منطقة نسي درواز صورًا لأشخاص تم إجبارهم على تغيير مذهبهم، واصفين أتباع المذهب الإسماعيلي والشيعة بأنهم "مشركون". وأعربوا عن سعادتهم بقدرتهم على إجبار هؤلاء الأشخاص على تغيير عقيدتهم. 

وفي إحدى المنشورات التابعة لطالبان، ورد ما يلي: "الحمد لله، بفضل جهود المجاهدين في درواز وقيادة جمعه خان فاتح، تمكنا من دعوة الناس إلى التوحيد، ونتيجة لذلك، اعتنق ما يقرب من 50 شخصًا من أتباع المذهب الإسماعيلي والشيعة الاثني عشرية الإسلام الحقيقي وتركوا الشرك".


حملة قسرية ممنهجة

وقال "علي محمودي" من سكان بدخشان لـ"بغداد اليوم"، إن حملة التغيير القسري للمذهب التي تقودها طالبان في المناطق الحدودية لبدخشان بدأت منذ استيلائها على السلطة. 

وأوضح أن طالبان استخدمت مصطلحات مثل "التوحيد" و"الدعوة إلى الإسلام" لتبرير أفعالها، مؤكداً أن طالبان أرسلت دعاة إلى مناطق شغنان، أشكاشم، واخان، وبعض مناطق درواز، حيث أُجبر السكان المحليون على تغيير مذهبهم تحت التهديد.

كما أوضح المصدر أن بعض أتباع المذهب الإسماعيلي وافقوا على تغيير مذهبهم بعد تلقيهم مبالغ مالية، بينما أُجبر آخرون على ذلك تحت تهديد السلاح. ووفقًا للمصدر، فإن نحو 50 شخصًا من الطائفتين الإسماعيلية والشيعية الاثني عشرية في منطقة نسي درواز اضطروا إلى تغيير مذهبهم بسبب الضغط الذي مارسه جمعه خان فاتح، القائد المحلي لطالبان.


تأثير اجتماعي وديني واسع النطاق

من جهة أخرى، كتب فياض الدين غياثي، دبلوماسي أفغاني سابق وأحد سكان درواز، على صفحته في فيسبوك أن طالبان أطلقت حملة دعائية تستهدف تغيير مذهب الإسماعيليين في بدخشان، وذلك بهدف التغطية على الصراعات الداخلية في صفوف الجماعة وتحويل اتجاه النقاشات الإعلامية.

وفي وقت سابق، أكدت مصادر أن طالبان أنشأت عشرات المدارس الدينية السنية في بدخشان، مطالبةً السكان المحليين بإرسال أطفالهم إليها لتغيير مذهبهم. 

أعرب العديد من أتباع المذهب الإسماعيلي عن قلقهم العميق من الطريقة التي تعاملهم بها طالبان، حيث يُنظر إليهم بازدراء، وتتعرض معتقداتهم للإهانة المستمرة. وأشار بعضهم إلى أن هذه السياسات لا تقتصر على القمع الديني فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى خلق انقسامات اجتماعية ومذهبية عميقة.


مخاوف دولية من انتهاكات الحرية الدينية

في سياق متصل، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرًا سنويًا حول "الحرية الدينية في العالم"، أكدت فيه أن الأقليات الدينية في أفغانستان تواجه تمييزًا واسع النطاق وعنفًا ممنهجًا. ووفقًا للتقرير، لم تبذل طالبان أي جهود لحماية أماكن العبادة الخاصة بالأقليات الدينية، مما أدى إلى تدهور أوضاع الحرية الدينية في البلاد.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الأقلیات الدینیة بغداد الیوم الدینیة فی طالبان فی أن طالبان شخص ا من ووفق ا

إقرأ أيضاً:

هجوم مسلح يودي بحياة 5 من الشرطة في إقليم البنجاب الباكستاني

قُتل خمسة من أفراد الشرطة الباكستانية، وأصيب اثنان آخران بجروح، في هجوم مسلح استهدف نقطة تفتيش أمنية في منطقة "رحيم يار خان" بإقليم البنجاب، وسط تصاعد أعمال العنف والتوترات الأمنية في مناطق مختلفة من البلاد، لا سيما في الشمال الغربي.

وقالت قناة جيو نيوز المحلية، الجمعة، إن مسلحين مجهولين شنّوا هجوماً عنيفاً على نقطة تفتيش تابعة لقوات الأمن في منطقة "شيخاني"، مشيرة إلى أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل خمسة عناصر من الشرطة وإصابة اثنين بجروح خطرة.

وأكّدت الشرطة المحلية أن أحد المهاجمين قُتل خلال تبادل إطلاق النار مع قوات الأمن، بينما أطلقت الأجهزة الأمنية حملة تمشيط وتعقب واسعة في المنطقة لملاحقة باقي المسلحين الفارين.

هجوم منظم في منطقة كتشه
وفي تفاصيل إضافية، أوضحت شرطة مدينة رحيم يار خان أن الهجوم وقع مساء الخميس، حين هاجم عشرات المسلحين المدججين بالأسلحة الثقيلة مركزاً أمنياً في منطقة كتشه وسط المدينة، مما أدى إلى مواجهات مباشرة بين المسلحين والقوات الخاصة، أسفرت عن سقوط خمسة من عناصر القوات الخاصة، وجرح آخرين.

وأضافت الشرطة في بيان رسمي أن تعزيزات أمنية وصلت إلى موقع الهجوم بعد وقت قصير، وبدأت تنفيذ عملية عسكرية في المنطقة، بهدف "تعقب المهاجمين واستعادة السيطرة الكاملة على محيط نقطة التفتيش".

ورغم أن أي جهة لم تتبنّ الهجوم حتى الآن، إلا أن أصابع الاتهام تُوجه غالبا نحو جماعات مسلحة تنشط في الإقليم، وعلى رأسها حركة طالبان الباكستانية، التي سبق أن أعلنت في مناسبات سابقة توسيع نطاق عملياتها المسلحة لتشمل أقاليم مختلفة، بما فيها البنجاب.

وتُعد منطقة كتشه من البؤر الأمنية الساخنة في مدينة رحيم يار خان، إذ تشهد بين الحين والآخر نشاطاً لعصابات مسلحة تتورط في عمليات سرقة واختطاف، كما تصنَّف من قبل أجهزة الأمن كمنطقة رخوة تشكّل ملاذًا لمسلحين فارّين، من ضمنهم عناصر مفترضون من حركة طالبان.

وخلال الأشهر الماضية، أعلنت الحكومة الباكستانية عدة مرات عن شن عمليات عسكرية وأمنية في كتشه لتعقّب المسلحين وفرض الأمن، غير أن الهجمات المتكررة تؤكد استمرار اختراق الجماعات المسلحة للمشهد الأمني في المنطقة.


معارك في باجور ورفض قبلي لحظر التجول
يتزامن هذا التصعيد في البنجاب مع تدهور ميداني في الشمال الغربي من البلاد، حيث يواصل الجيش الباكستاني تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في مقاطعة باجور القبلية، القريبة من الحدود الأفغانية.

وفرض الجيش، وفق مصادر محلية، حظر تجول مشدد في عدد من مناطق المقاطعة، تخلله تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع يُشتبه بوجود مسلحي طالبان فيها، وسط تكتم رسمي شديد بشأن تفاصيل العمليات ونتائجها.

من جهتها، أعلنت حركة طالبان الباكستانية في بيان صحفي، مسؤوليتها عن كمين نصبه مسلحوها في ضواحي منطقة ماموند التابعة للمقاطعة، مؤكدة مقتل سبعة جنود باكستانيين في الهجوم، دون أن يصدر تأكيد رسمي من الجيش الباكستاني على تلك الحصيلة.

مقالات مشابهة

  • هجوم مسلح يودي بحياة 5 من الشرطة في إقليم البنجاب الباكستاني
  • اليوم..اسعار صرف الدولار=140750 ديناراً
  • الأقليات في الشرق الأوسط بين الاعتراف والإنكار
  • عاجل. للمرة الخامسة على التوالي.. الاحتياطي الفدرالي يتجاهل ضغوط ترامب ويُبقي معدلات الفائدة دون تغيير
  • استدعاء ثنائي الإسماعيلي لمنتخب 2007
  • اليوم..ارتفاع في أسعار صرف الدولار
  • ميليشيات الحوثي تحرق منزل مواطن في الجوف بعد نهب ممتلكاته وتهجير أسرته بالقوة
  • أفغانستان المجني عليها في الإعلام
  • مدير الشؤون السياسية بريف دمشق يلتقي ممثلين عن أبناء الطائفة الشيعية في حي السيدة زينب
  • المرجعية الدينية صمام الأمان في الأزمات