خمس أفكار لإعادة تشكيل قطاع الدفاع في أوروبا في المستقبل - تحليل
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
يستعد الاتحاد الأوروبي لمواجهة سيناريوهات عسكرية معقدة، وسط تصاعد المخاوف من احتمال تعرض إحدى دوله الأعضاء لهجوم روسي.
وفي هذا الإطار، يعمل مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الدفاع والفضاء، أندريوس كوبيليوس، على إعداد كتاب حول "الدفاع الأوروبي" ومن المتوقع تقديمه بحلول 19 مارس/آذار، حيث سيتضمن تدابير تهدف إلى تعزيز قدرات الاتحاد على التعامل مع التحديات الأمنية الطارئة والمخاطر طويلة الأمد.
ورغم هذه الجهود، لا يزال الاتحاد بعيدًا عن تحقيق استراتيجية دفاعية متكاملة، وفقًا لما وصفه كوبيليوس بنهج "الضربة الكبرى".
ويرى الخبراء، أن هذا الكتاب الأبيض يجب أن يوضح بشكل دقيق كيف يمكن لأوروبا مواجهة تراجع الدعم الأمريكي لأوكرانيا وللأمن الأوروبي، بالإضافة إلى تحديد التمويلات المطلوبة لتعزيز القدرات الدفاعية الحيوية.
1. خطة مخرجات الصناعة: ماذا تحتاج أوروبا ومتى؟من جانبه، أكد ريهو تيراس، عضو البرلمان الأوروبي ونائب رئيس لجنة الأمن والدفاع، أن التنافسية تمثل تحديًا أساسيًا لصناعة الدفاع الأوروبية، مشيرًا إلى أنها تعاني من تجزئة كبيرة، وعدم تطبيق قواعد السوق الداخلية، إلى جانب رفض القطاع المصرفي تمويل الصناعات الدفاعية.
ولتجاوز هذه التحديات، يدعو قادة الصناعة إلى وضع خطة مخرجات صناعية تحدد احتياجات الدول الأعضاء من المعدات الدفاعية بدقة، وتترجمها إلى أهداف إنتاجية واضحة، مع تحديد الكميات المطلوبة والجداول الزمنية للتسليم.
كما يشددون على ضرورة تقديم التزامات طويلة الأجل للمشتريات العسكرية، ما يسمح بتوفير التمويل وضمان استمرارية الإنتاج.
Relatedمخاوف من حرب طاحنة؟ الاتحاد الأوروبي يعد العدة بتخصيص 326 مليار يورو لتطوير قدراته الدفاعية لماذا أوروبا غير مستعدة للدفاع عن نفسها؟ماكرون يدعو أوروبا لـ "الاستيقاظ" وتعزيز نفقاتها الدفاعية مع عودة ترامب للسلطةبعد ثلاث سنوات من القتال.. اجتماع أمريكي أوروبي يبحث إنهاء الحرب الأوكرانية2. تأمين التمويل اللازم للدفاعتُقدَّر احتياجات الاتحاد الأوروبي الدفاعية بنحو 500 مليار يورو خلال العقد المقبل، وفق تقرير أعده ماريو دراجي حول القدرة التنافسية. لكن مع استمرار الاعتماد الأساسي على ميزانيات الدول الأعضاء، يظل السؤال المطروح: كيف سيتم تأمين هذه المبالغ؟
وأوضح كوبيليوس على ضرورة رفع سقف الإنفاق الدفاعي إلى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزًا هدف الناتو الحالي البالغ 2٪، والذي التزمت به 23 دولة من أصل 27 في الاتحاد الأوروبي.
كما يدعو إلى تخصيص 100 مليار يورو للدفاع في الإطار المالي متعدد السنوات (2028-2034)، مقارنةً بـ 15 مليار يورو فقط في الفترة 2021-2027.
ويقترح مسؤولون أوروبيون عدة حلول لسد فجوة التمويل، بما في ذلك إصدار "سندات دفاعية" على غرار تلك المستخدمة خلال جائحة كوفيد-19، ومراجعة قواعد الإقراض الخاصة ببنك الاستثمار الأوروبي، وتبسيط لوائح المشتريات الدفاعية.
3. تعزيز التكامل العسكري بين الدول الأعضاءتشهد أوروبا تباينًا واضحًا في أنظمتها الدفاعية، ما يعوق تحقيق توحيد المعايير وقابلية التشغيل البيني بين الجيوش الأوروبية. وترى رئيسة وزراء إستونيا، كاجا كالاس، أن الحل لا يكمن في إنشاء جيش أوروبي موحد، بل في بناء 27 جيشًا قادرًا على العمل بتناغم تام عند الحاجة.
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى زيادة نسبة المشتريات الدفاعية المشتركة إلى 35٪ بحلول عام 2030، مقارنة بـ 18٪ فقط في عام 2022. فيما أشار ماري أغنيس ستراك زيمرمان، رئيسة لجنة الأمن والدفاع في البرلمان الأوروبي، إلى أن تجاوز النزعات الوطنية في قطاع الدفاع يعد ضرورة لتعزيز القدرات الأوروبية.
4. تعزيز البحث والتطوير في قطاع الدفاعيواجه الاتحاد الأوروبي فجوة كبيرة في الاستثمار في البحث والتطوير مقارنةً بالولايات المتحدة، ما قد يؤثر على قدراته التنافسية في الصناعات الدفاعية. ورغم تخصيص 11 مليار يورو للبحث والتطوير في الدفاع عام 2023، فإن القطاع لا يزال بحاجة إلى مزيد من الدعم، لا سيما في التقنيات المتقدمة.
يشير الخبراء إلى أن العقبات التنظيمية والإدارية تعيق الابتكار الدفاعي، كما أن المستثمرين لا يزالون مترددين في تمويل المشروعات العسكرية. ويُنظر إلى تعزيز الاستثمار في الأبحاث المشتركة والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج كوسيلة لتعزيز القدرات الدفاعية دون المساس بالتمويل العام.
5. ربط الدفاع بقطاع الفضاءيرى كوبيليوس أن قطاعي الدفاع والفضاء يتشاركان تحديات مماثلة، مما يستدعي تطوير حلول مشتركة في مجالات الاستخبارات العسكرية، والاتصالات، وتحديد المواقع الجغرافية.
وذكر في مؤتمر الفضاء الأوروبي أن الاتحاد بحاجة إلى بناء نظام متكامل لرصد التهديدات الفضائية وتعزيز قدراته في مجال الأمن السيبراني والاستخبارات عبر الأقمار الصناعية.
ويشدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة تنفيذ استراتيجيات فضائية جديدة مثل الدرع الفضائي الأوروبي ومشروع (IRIS2)، بهدف تعزيز الجاهزية الدفاعية على مختلف الأصعدة.
في ظل استمرار التهديدات الأمنية العالمية، تسعى أوروبا إلى إعادة تشكيل قطاعها الدفاعي ليكون أكثر تكاملاً وفعالية. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر متمثلًا في تحقيق التوازن بين الاستثمارات العسكرية، والتعاون بين الدول الأعضاء، وضمان الاستقلالية الاستراتيجية، وهو ما سيحدد مستقبل الأمن الأوروبي في السنوات القادمة.
المصادر الإضافية • أب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بين وعود ترامب وطموحات بوتين.. هل باتت أوكرانيا خارج الحسابات؟ الاتحاد الأوروبي: العقوبات الأمريكية على الجنائية الدولية تهديد للعدالة في أوكرانيا فرنسا تسلّم أوكرانيا أولى طائراتها المقاتلة من طراز ميراج 2000 فضاءدفاعالمفوضية الأوروبيةالاتحاد الأوروبيبزعامة أندريوسالحرب في أوكرانياالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب روسيا بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة سوريا دونالد ترامب روسيا بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة سوريا فضاء دفاع المفوضية الأوروبية الاتحاد الأوروبي الحرب في أوكرانيا دونالد ترامب روسيا بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة سوريا فلاديمير بوتين إسرائيل أوكرانيا الأكراد قسد قوات سوريا الديمقراطية قطاع غزة الاتحاد الأوروبی الدول الأعضاء یعرض الآنNext ملیار یورو
إقرأ أيضاً:
سياسي: خطة المفوضية الأوروبية تجاه أموال روسيا المجمدة تهدد الاقتصاد الأوروبي
قال المحلل السياسي المهتم بالشأن الدولي محمد عمر، إنه في ظل تواصل المواجهة ما بين روسيا وأوكرانيا وانهزام الأخيرة بشكل ملحوظ في الميدان، وسعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتطبيق خطة سلام، يقف قادة الدول الأوروبية حجر عثرة أمام هذه الجهود ويعملون على تأزيم الصراع بدعم أوكرانيا رغم المشاكل الإقتصادية الصعبة التي تواجه دولهم.
وأضاف أن ترامب استخدم "كلمات حادة" خلال حديثه الأخير مع قادة أوروبا بشأن الحرب الأوكرانية وانتقد الرئيس الأمريكي قادة أوروبيين واصفا إياهم بالضعفاء، وفي مقابلة مطولة مع موقع بوليتيكو، أشار الى أن دولا أوروبية متدهورة فشلت في ضبط الهجرة أو اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء حرب أوكرانيا مع روسيا، متهما إياها بترك كييف "تقاتل حتى تنهار".
وتابع المحلل، أنه في الوقت الذي كان يُتوقع أن ينفق فيه الاتحاد الأوروبي على استدامة اقتصاده وتحسين معيشة شعوبه، تقوم حكوماته بإعادة توجيه موارد مالية ضخمة في إطار الحرب في أوكرانيا، الأمر الذي أفرز أزمة معيشية خانقة لدى المواطن الأوروبي، موضحا أنه بموازاة ذلك، تعمل المفوضية الأوروبية على بلورة آليات قانونية ومالية معقدة للاستفادة من الأصول الروسية المجمدة في الغرب، والتي تقدر قيمتها بنحو 300 مليار دولار.
وأوضح أنه بذلك تضع أوروبا قدمها على حافة الهاوية من خلال السعي لتحقيق مكاسب مالية عاجلة من أصول مجمدة لتعويض خسائر سياسية متوقعة، مقابل مخاطر اقتصادية وقانونية وأخلاقية بعيدة المدى قد تعيد رسم علاقاتها الدولية وتعيد فتح ملفات ماضيها الاستعماري.
وأكد أن النقاش لم يعد يدور حول دعم أوكرانيا فقط، بل حول الثمن الذي سيدفعه الاتحاد الأوروبي وشكل النظام المالي الدولي في المستقبل، مشيرا إلى أنه لا يمكن فهم حجم الضائقة الحالية بمعزل عن أزمات بنيوية مزمنة، فمنذ عام 2009، تعاني منطقة اليورو من أزمة ديون سيادية هيكلية، تمثلت في عدم قدرة عدة دول (مثل اليونان والبرتغال وإيرلندا وإسبانيا) على تسديد ديونها أو إنقاذ بنوكها الوطنية دون مساعدة خارجية.
واستطرد المحلل، أن هناك عوامل هيكلية ساهمت في تفاقم هذه الأزمة، أهمها وجود اتحاد نقدي "عملة واحدة" دون وجود اتحاد مالي موحد بمعايير ضريبية ومعاشات مشتركة، مما حد من قدرة القادة الأوروبيين على الاستجابة بشكل فعال، حيث خلفت هذه الأزمة آثارا اقتصادية وسياسية عميقة، وصلت معدلات البطالة في بعض البلدان إلى 27%، وأدت إلى تغيير الحكومات في أكثر من نصف دول منطقة اليورو.
وأضاف أنه مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، تحولت الأزمة البنيوية إلى أزمة مركبة، حيث أدت الحرب إلى تعطيل واردات أساسية مثل الطاقة والمعادن والغذاء، بسبب الحصار الاقتصادي والعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، ما تسبب في ارتفاع التضخم في دوله إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود.
وأكد أنه سبق وأن قدر بنك الاستثمار الأوروبي حجم الصدمة الناجمة عن ارتفاع فواتير الطاقة وانخفاض الصادرات بارتفاع نسبة الشركات الخاسرة في الاتحاد الأوروبي من 8% إلى 15%، كما أن نسبة الشركات المعرضة لخطر التخلف عن سداد ديونها قد ترتفع من 10% إلى 17%.
وتعكس أرقام التضخم في الاقتصادات الكبرى بمنطقة اليورو صورة واضحة لآفاق الأسعار في التكتل، ففي ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة، ارتفع معدل التضخم على نحو غير متوقع إلى أعلى مستوى له منذ تسعة أشهر، وشهد قطاع الصناعة خسائر تتراوح بين 100-160 مليار يورو، كما ارتفعت تكلفة المعيشة وأسعار الطاقة في كل من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا، أكبر دول الاتحاد.
وتابع المحلل، أن الاتحاد الأوروبي يواصل تقديم دعم مالي ضخم لأوكرانيا، وقد طرحت المفوضية الأوروبية منذ أيام خطة جديدة بقيمة 90 مليار يورو لتغطية ثلثي احتياجات كييف التمويلية لعامين، باستخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان، إلا أن هذه الخطة تواجه معارضة ومخاطر جسيمة منها مخاطر قانونية حيث حذرت شركة "يوروكلير" البلجيكية - التي تحتفظ بأكبر حصة من الأصول الروسية المجمدة - من أن استخدام هذه الأصول قد يتم تفسيره على أنه "مصادرة"، مما يقوض ثقة المستثمرين الدوليين بأوروبا ويؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض لجميع دول الاتحاد.
كما رفض البنك المركزي الأوروبي ضمان قرض سابق بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، معتبرا أن ذلك يعد "تمويلا نقديا" مباشراً للحكومات، وهو ما يحظره القانون الأوروبي.
وأشار إلى أن هناك انقسام داخلي حيث ترفض دول مثل بلجيكا والمجر الخطة لغياب الضمانات الكافية أو لمعارضة أي تمويل إضافي، مما يعكس انقساما أوروبيا حول كيفية تحمل هذا العبء المالي الجديد.
وقال إن تنفيذ هذه الخطة سيؤدي الى تقويض ثقة المستثمرين الأجانب ببيئة الاستثمار الآمنة في أوروبا، مما قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال وتراجع النمو، كما أنها ستعمل على تأجيج عداء طويل الأمد مع روسيا، وتشويه صورة أوروبا كحامية للقانون الدولي وحقوق الإنسان، ويضمن حق روسيا بالرد القاسي على هذه الخطوة.
وأكد أنها قد تفتح الباب أمام مطالبات تعويضات تاريخية من دول أخرى، خاصة في أفريقيا، عن جرائم الحقبة الاستعمارية. وهذا ما بدأ يطفو على السطح، كما جاء في تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الذي دعا خلال مؤتمر حول "تجريم الاستعمار" إلى "حق أفريقيا في التعويض العادل واستعادة الممتلكات المنهوبة".
وأوضح المحلل، أن المواطن الأوروبي العادي يعاني واقعا مريرا من ارتفاع متواصل في أسعار الغذاء والطاقة والنقل، بينما تبقى الرواتب كما هي دون زيادات تذكر، وقد حذرت دراسات من أن الارتفاع الكبير في الأسعار يضرب الأسر ذات الدخل المنخفض بشكل غير متناسب، وخاصة في دول أوروبا الوسطى والشرقية، مما يهدد بدفع مئات الآلاف إلى دائرة الفقر.
وأكد أن ما يزيد الوضع تعقيدا هو أن أسواق السندات العالمية بدأت تطالب بعوائد أعلى على ديون الدول الأوروبية، مما يشير إلى مخاوف المستثمرين المتزايدة من تراخي السياسات المالية وتراكم الديون في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لفرض تقشف مالي، وفي الوقت نفسه، يمثل الإنفاق العسكري والأمني المتزايد نتيجة الدعم للنظام في كييف استنزافا إضافياً للموارد التي كان من الممكن توجيهها لتحسين الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية.
وتساءل إلى متى ستستطيع اقتصادات أوروبا تحمل تكلفة الحرب المزدوجة وتكلفة إنقاذ اقتصادها الداخلي من الإنهيار، وتمويل جهود عسكرية خارج حدودها - دون أن يدفع المواطن الأوروبي الثمن الأكبر من رفاهيته ومستقبله الاقتصادي، موضحا أن الإجابة مرتبطة بمسار الحرب نفسها، وإلى أي مدى يمكن للقادة الأوروبيين التوصل إلى حلول سياسية تخفف من هذا العبء المالي الذي يثقل كاهل شعوبهم، والتعاون مع الولايات المتحدة في خطتها المطروحة للسلام.