عربي21:
2025-12-13@03:51:22 GMT

حين يتحول الاحتجاز إلى حكم بالإعدام في مصر

تاريخ النشر: 13th, December 2025 GMT

لم تعد حوادث الوفاة داخل أماكن الاحتجاز في مصر مجرد وقائع فردية أو أخطاء استثنائية. فخلال السنوات الأخيرة، تحوّلت هذه الحالات إلى نمط متكرر يكشف خللا بنيويا خطيرا داخل الأجهزة الأمنية، وانهيارا في منظومة العدالة بأكملها. آخر هذه الوقائع كانت وفاة "خليل محمد أبو هبة" داخل قسم شرطة ثالث المحلة الكبرى في ظروف غامضة، والتي أثارت غضبا واسعا، وأعادت إلى الأذهان سلسلة مِن الحوادث المشابهة، وعلى رأسها قضيتا خالد سعيد وأيمن صبري، اللذين أصبحا رمزين لانتهاكات الشرطة والإفلات من العقاب.



خليل أبو هبة.. قصة قصيرة يكشفها الألم

بحسب شهادة أسرته، فإن خليل، البالغ من العمر 35 عاما وأب لأربعة أطفال، تم اقتياده إلى قسم الشرطة على خلفية خلاف بسيط يتعلق بمفتاح سيارة. داخل القسم، تقول الأسرة وشهود من الداخل، إنه تعرض للتعذيب والصعق بالكهرباء، ومُنِعَ عنه الماء حتى فقد وعيه ولم يخرج إلا جثة. وفي الوقت الذي يؤكد فيه أقاربه أن الوفاة كانت نتيجة مباشرة للتعذيب، صدر التقرير الطبي بصياغة تشير إلى "هبوط حاد في الدورة الدموية" دون تحديد السبب أو ذكر أي آثار للتعذيب.

هذه الصياغة تكاد تكون نسخة مكررة من تقارير مماثلة في قضايا سابقة، ما يجعل كثيرين يشككون في شفافية التحقيقات، بل وفي نية مؤسسات الدولة التعامل بجدية مع تلك الحوادث.

أيمن صبري.. الصرخة التي سبقت خليل

قبل عدة أشهر، اجتاحت مواقع التواصل قصة الشاب "أيمن صبري" الذي تُـوُفِّيَ داخل الحجز بعد تعرضه -وفق شهادة أهله- لتعذيب ممنهج. انتشرت صور أيمن ونداءات أسرته في كل مكان، وأثارت تساؤلات واسعة حول ظروف احتجازه وما جرى له داخل القسم. ورغم المطالب الشعبية والحقوقية بالتحقيق، ظل الملف غارقا في الضبابية ذاتها التي تحيط بقضية خليل أبو هبة الآن.

أيمن وخليل لا يعرف أحدهما الآخر، لكن كلاهما وجد نفسه في اللحظة ذاتها داخل منظومة واحدة، ليواجه المصير ذاته تقريبا، وبالطريقة ذاتها تقريبا.

خالد سعيد.. الشرارة التي لم تُطفأ

لا يمكن قراءة ما يحدث اليوم دون العودة إلى قصة خالد سعيد في 2010، التي كانت أحد أهم أسباب انفجار الغضب الشعبي قبل ثورة يناير. خالد لم يكن مجرد ضحية؛ بل تحوّل إلى رمز لرفض قمع الأجهزة الأمنية، وإلى شاهد مبكر على بنية أمنية لا تزال -رغم تغير الزمن والظروف- تعمل بالآليات نفسها.

اللافت أن الخطاب الرسمي في ذلك الوقت اتخذ المسار ذاته: إنكار، تشكيك، تقارير طبية غامضة، وغياب للمساءلة الحقيقية. بعد أكثر من 14 عاما على رحيل خالد سعيد، يبدو أن السياق لم يتغير إلا في مستوى الغموض.. لا في حجم الألم.

نمط لا يتوقف

عند مقارنة الحالات الثلاث، تظهر ملامح نمط واضح:

1. احتجاز مفاجئ أو على خلفية خلاف بسيط.

2. وفاة داخل الحجز في ظروف غير مبررة.

3. شهادات أسرية تؤكد التعذيب، مقابل رواية رسمية تلتزم الصمت أو تقدم تقريرا طبيا عاما.

4. عدم محاسبة المسؤولين، أو حفظ القضايا دون تحقيق جدي.

5. تكرار السيناريو نفسه مع ضحايا جدد.

هذا النمط لا يحدث بالصدفة، ولا يمكن اعتباره حالات متفرقة، إنه يعكس خللا هيكليا في طريقة إدارة أماكن الاحتجاز، وفي غياب الرقابة، وفي تداخل السلطة الأمنية مع منظومة العدالة.

لماذا يستمر هذا المسار؟

هناك عدة أسباب تجعل هذه الحوادث تتكرر دون توقف:

- الحصانة الفعلية التي يتمتع بها الضباط في بعض المواقع الحساسة.

- غياب الشفافية في التقارير الطبية والتحقيقات.

- تحوّل الانتهاكات إلى سلوك اعتيادي داخل بعض الأقسام دون رادع قوي.

والنتيجة: دائرة لا تتوقف من الألم، تتكرر فيها المأساة للاسم ذاته.. ولكن بوجوه مختلفة.

خاتمة: خليل ليس "حادثا عابرا"

ما حدث مع خليل أبو هبة ليس نهاية قصة فردية، بل هو استمرار لملف كبير من الانتهاكات التي ما زالت مفتوحة منذ أكثر من عقد. وإذا لم يتم فتح تحقيق حقيقي، ومحاسبة المسؤولين، وتوفير رقابة مستقلة على أماكن الاحتجاز، فإن قائمة الضحايا ستطول، وسيظل السؤال معلّقا: كم خليل وأيمن وخالد آخر يجب أن يرحلوا قبل أن يتوقف هذا النمط؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات مصر خالد سعيد التعذيب الانتهاكات مصر تعذيب انتهاكات خالد سعيد مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة خالد سعید أبو هبة

إقرأ أيضاً:

حفل زفاف في سوريا يتحول إلى مأساة كبرى في ريف درعا الغربي.. ماذا حدث؟

أفادت وكالة الأنباء السورية بإصابة 33 مواطنا بجروح جراء انفجار وقع مساء يوم الجمعة، خلال حفل زفاف في بلدة عابدين بريف درعا الغربي.

وأوضح مدير صحة درعا زياد المحاميد لوكالة الأنباء السورية "سانا"، أن "من بين المصابين أطفالا، حيث وصل إلى مشفى درعا الوطني 19 إصابة، وإلى مشفى طفس الوطني6 إصابات، وإلى المركز الصحي في بلدة الشجرة 8 إصابات".

وأكدت مديرية صحة درعا أنها تتابع جميع الحالات، وتعمل على تقديم العناية الطبية اللازمة للمصابين، وتأمين كل متطلبات الاستجابة الطبية العاجلة.

وقد باشرت قوى الأمن الداخلي السورية تحقيقاتها حول الانفجار الذي وقع في بلدة عابدين لتحديد طبيعته، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى كشف ملابساته وضمان محاسبة المتورطين، بما يعزز الأمن والاستقرار ويحمي سلامة المواطنين.

مقالات مشابهة

  • متى يتحول ضرب الزوجة إلى سبب قاطع للطلاق وحبس الزوج؟
  • حفل زفاف في سوريا يتحول إلى مأساة كبرى في ريف درعا الغربي.. ماذا حدث؟
  • على طريقة خليل الغبي بالمتسول .. حبس عصابة جديدة في الجيزة
  • مستشار اجتماعي: الحوار والمشاركة داخل الأسرة مهم جدا
  • الهيئة الوطنية للانتخابات: فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية أطسا بالفيوم
  • الجيل المستهدف .. حين يتحول الترفيه إلى سلاح
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • 22 ضحية جديدة تنتظر حكماً بالإعدام بتهم مُلفقة.. إرهاب حوثي يبطش باليمنيين
  • خليل: عدم استقرار الأسعار و سيطرة السماسرة وراء أزمة صناعة الدواجن