احتدام معركة الرسوم الجمركية بين أمريكا والصين
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
بكين تشكو للتجارة العالمية والاتحاد الأوروبى يراقب
أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أمس فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة، وسط توقعات بتأثير كبير على الجميع وخاصة شركائه التجاريين كندا والمكسيك.
يأتى ذلك فى ظل تنفيذ الرسوم الجمركية الانتقامية التى أعلنتها الصين الأسبوع الماضى.
وأكد ترامب رفع معدلات الرسوم الجمركية الأمريكية لتتناسب مع معدلات الشركاء التجاريين اليوم الثلاثاء أو غدا الأربعاء، والتى ستدخل حيز التنفيذ «على الفور تقريبا». وتابع عن خطة الرسوم الجمركية المتبادلة: «ببساطة شديدة، إذا فرضوا علينا رسوما، فإننا سنفرض عليهم».
وقد أثار التحرك بشأن الصلب والألمنيوم رد فعل سريع من دوج فورد، رئيس وزراء مقاطعة أونتاريو الكندية، الذى اتهم الرئيس الأمريكى «بتغيير الأهداف والفوضى المستمرة» التى من شأنها أن تعرض الاقتصاد للخطر.
وتعتبر كندا والبرازيل والمكسيك أكبر مصادر واردات الصلب إلى الولايات المتحدة، تليها كوريا الجنوبية وفيتنام، وفقاً لبيانات الحكومة ومعهد الحديد والصلب الأمريكى، وبفارق كبير، أصبحت كندا أكبر مورد للمعدن الأولى للألمنيوم إلى الولايات المتحدة، حيث تمثل 79% من إجمالى الواردات فى أول 11 شهرًا من عام 2024. وتعد المكسيك موردًا رئيسيًا لخردة الألومنيوم وسبائك الألومنيوم.
خلال فترة ولايته الأولى، فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 25% على الصلب و10% على الألومنيوم، لكنه منح لاحقا العديد من الشركاء التجاريين حصصا معفاة من الرسوم الجمركية، بما فى ذلك كندا والمكسيك والبرازيل.
وعلقت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفات إن التعريفات الجمركية الجديدة ستضاف إلى الرسوم الجمركية الحالية على الصلب والألمنيوم.
فيما واجه ترامب انتقادات واسعة بالأسواق وسيطر الخوف من فرص رسوم جديدة فيما تقدمت الصين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية، دون رد حتى الآن.
وذكرت الجارديان البريطانية أن الرسوم الجمركية التى فرضها ترامب أقل كثيرا من المستوى الذى هدد به خلال الحملة الانتخابية، ويقول المحللون إن الصين مستعدة لها وأضافوا أن إجراءات بكين – التى تشمل أيضًا تحقيقات فى العديد من الشركات الأمريكية بما فى ذلك جوجل – مدروسة وتسمح بمساحة للتفاوض.
وفى سياق ردود الفعل العنيفة ضد سياسة ترامب الاقتصادية القاسية، حذر الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون من استعداده م لمواجهة الرئيس الأمريكى وجها لوجه بشأن الرسوم الجمركية. مضيفا : «لقد فعلت ذلك بالفعل، وسأفعله مرة أخرى».
وقال ماكرون لشبكة CNN إن الاتحاد الأوروبى لا ينبغى أن يكون «أولوية قصوى» بالنسبة للولايات المتحدة، قائلا: «هل الاتحاد الأوروبى هو مشكلتك الأولى؟ لا، لا أعتقد ذلك. مشكلتك الأولى هى الصين، لذا يجب أن تركز على المشكلة الأولى». وأضاف إن الرسوم الجمركية ستضر بالاقتصادات الأوروبية، لكنها ستضر أيضا بالولايات المتحدة، نظرا لمستوى العلاقات الاقتصادية. وأضاف: «هذا يعنى أنه إذا فرضت رسوما جمركية على العديد من القطاعات، فإن ذلك سيزيد من التكاليف ويخلق التضخم فى الولايات المتحدة. هل هذا ما يريده شعبك؟ لست متأكدا».
من جهتها، حذرت الحكومة الألمانية، من أن الرسوم الجمركية التى وعد بها الرئيس الأمريكى على الواردات الأوروبية «ستضر بجميع البلدان» . وقال كوربينيان فاغنر المتحدث باسم وزارة الاقتصاد الألمانية إن أكبر اقتصاد فى أوروبا، الذى يعتمد على صادراته إلى الولايات المتحدة، «يتابع إعلانات الرسوم الجمركية الجديدة بقلق» و«يريد تجنب هذه الإجراءات قدر الإمكان».
فيما أكد أن الاتحاد الأوروبى يجب أن يكون مستعدًا للرد على تصرفات الولايات المتحدة، لكنه أوضح أن الكتلة المكونة من 27 دولة يجب أن «تعمل من أجل أنفسنا بشكل أساسي». «لهذا السبب، بالنسبة لي، فإن الأولوية القصوى لأوروبا هى أجندة التنافسية، وأجندة الدفاع والأمن، وطموح الذكاء الاصطناعي، ودعونا نتحرك بسرعة من أجل أنفسنا.
فيما لفتت المفوضية الأوروبية أمس الى إنها سترد لحماية مصالح الاتحاد الأوروبي، لكنها قالت إنها لن ترد حتى تحصل على توضيح مفصل أو مكتوب للتدابير. وقالت المفوضية فى بيان: «لا يرى الاتحاد الأوروبى أى مبرر لفرض الرسوم الجمركية على صادراته. سنرد لحماية مصالح الشركات والعمال والمستهلكين الأوروبيين من التدابير غير المبررة».
كما أشار ترامب إلى فرض تعريفات جمركية على صناعة أشباه الموصلات فى تايوان–والتى اتهمها مرارًا وتكرارًا وبدون أدلة بسرقة الأعمال الأمريكية. ويبدو أن تايوان تسعى جاهدة لمنع حدوث ذلك. ومن المقرر هذا الأسبوع توجه كبار المسئولين الاقتصاديين إلى الولايات المتحدة للقاء نظرائهم. كما ورد أن حكومة تايوان وشركة البترول المملوكة للدولة تتخذان خطوات لشراء المزيد من الغاز والنفط الأمريكى لتقليل الفائض التجارى لتايوان – وهو عامل رئيسى استشهد به ترامب فى سن التعريفات الجمركية.
فى تصريح لارى سامرز، وزير الخزانة الأمريكى فى عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، لشبكة cnn قال : «إن هذا جرح ذاتى يصيب الاقتصاد الأمريكى. وأتوقع أن يرتفع معدل التضخم على مدى الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة نتيجة لذلك، لأن مستوى الأسعار لا بد وأن يرتفع عندما تفرض ضريبة على السلع التى يشتريها».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاقتصاد الأمريكي وزير الخزانة الأمريكي ترامب الولايات المتحدة وزارة الاقتصاد الألمانية الحكومة الألمانية الاقتصادات الأوروبية الرسوم الجمركية الاتحاد الأوروبي الرئيس الأمريكى إلى الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبى الرئیس الأمریکى الرسوم الجمرکیة
إقرأ أيضاً:
بروكسل: الاتفاق الحالي مع الولايات المتحدة أفضل من الحرب التجارية
دافع الاتحاد الأوروبي عن الاتفاق التجاري الجديد الذي أبرمه مع الولايات المتحدة، رغم الانتقادات من بعض العواصم الأوروبية والقطاعات الصناعية. وينص الاتفاق على فرض رسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة على المنتجات الأوروبية المصدّرة إلى السوق الأمريكية، وهي أقل من تلك التي هدد بها ترامب لكنها أعلى من الرسوم السابقة.
لكن الاتفاق أثار ردود فعل غاضبة، إذ وصفه رئيس الوزراء الفرنسي بأنه خضوع لأمريكا، واعتبر رئيس وزراء المجر أنه انتصار ساحق لترامب. كما انتقدته موسكو بوصفه مدمرا للصناعة الأوروبية، ووصفه محللون بأنه غير متوازن.
من جانبه، قال كبير المفاوضين التجاريين في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش الذي تفاوض على هذا الاتفاق على مدى أشهر مع إدارة دونالد ترامب "أنا متأكد بنسبة 100% أن هذا الاتفاق أفضل من حرب تجارية مع الولايات المتحدة".
ويقضي الاتفاق الذي توصلت إليه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ودونالد ترامب الأحد بفرض تعرفة جمركية بنسبة 15% على المنتجات الأوروبية المصدّرة إلى الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن المعدل يفوق نسبة الرسوم الجمركية التي كانت مطبقة قبل عودة ترامب إلى الحكم لكنها أقلّ من تلك التي هدد ترامب بفرضها على أوروبا في حال عدم التوصل لاتفاق.
وقال شيفتشوفيتش "لا شك أنه أفضل اتفاق ممكن في ظل ظروف صعبة للغاية"، مشيرا إلى أنه سافر مع فريقه إلى واشنطن عشر مرات في إطار سعيه لإيجاد حل لهذا النزاع التجاري، مضيفا أن فرض رسوم جمركية أعلى كان سيهدد نحو خمسة ملايين وظيفة في أوروبا.
وعلاوة على الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأوروبية، التزم الاتحاد الأوروبي شراء منتجات أميركية في مجال الطاقة بقيمة 750 مليار دولار واستثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة.
ولم تُكشف تفاصيل أخرى عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في إسكتلندا، والذي يُتوقع أن يصدر بيان مشترك بشأنه عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة.
وأثار الاتفاق غضب عواصم أوروبية عديدة، فقد اتهم رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو أوروبا بأنها "تخضع" للولايات المتحدة واصفا الاتفاق بـ "يوم قاتم".
أما رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان المعروف بانتقاداته الشديدة لبروكسل، فقال إن دونالد ترامب "سحق" المفوضية الأوروبية، التي قادت المفاوضات التجارية باسم التكتل المكوّن من 27 بلدا.
وقال المحلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ألبرتو ريزي "الأمر أشبه بالاستسلام"، معتبرا أن الاتفاق الذي قبل به الاتحاد الأوروبي "غير متوازن إلى حد كبير"، ويمثل "انتصارا سياسيا لترامب".
ولم تتأخر موسكو في التعليق، مستهجنة الاتفاق واصفة إياه بأنه يؤدي الى "عواقب وخيمة للغاية على الصناعة الأوروبية".
"أفضل ما يمكن تحقيقه"
من جانبها، دافعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن الاتفاق واصفة إياه بـ" الاتفاق الجيد" الذي من شأنه أن يحقق "الاستقرار" للمستهلكين والمستثمرين والصناعيين على جانبي الأطلسي.
كذلك، رحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالاتفاق، معتبرا أنه "يجنب تصعيدا غير ضروري في العلاقات التجارية عبر الأطلسي"، بينما رأت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أنه يجنب أوروبا سيناريو "مدمرا".
وتتبادل القوتان التجاريتان الأكبر في العالم ما يقارب 4,4 مليارات يورو من السلع والخدمات يوميا.
وسجّلت البورصات الأوروبية ارتفاعا ملحوظا عند افتتاح تعاملات الاثنين، في انعكاس لتفاؤل الأسواق بالاتفاق.
أما لوبي صناعة السيارات الأوروبي، أحد أكثر القطاعات تضررا من الرسوم الجمركية، فاعتبر أن الاتفاق يمثّل "تهدئة مرحّبا بها" في سياق يتّسم بـ"غموض خطير".
في المقابل، أعرب اتحاد الصناعات الكيميائية الألماني الذي يضم شركات كبرى مثل "باير" و"باسف" عن احتجاجه، معتبرا أن الرسوم الجمركية المتفق عليها لا تزال "مرتفعة للغاية".
من جهتها، رأت جمعية أصحاب العمل الفرنسية ميديف أن الاتفاق "يعكس ما تواجهه أوروبا من صعوبة في فرض قوة اقتصادها وأهمية سوقها الداخلية".