حلت الذكرى السنوية الرابعة عشرة لاندلاع ثورة 11 شباط/فبراير عام 2011 ضد نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، وسط تساؤلات عدة عن ماذا تبقى من هذه الثورة بعدما تنكرت لها قوى سياسية كانت حاضرة في أحداثها بقوة.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تراجع زخم المظاهر الاحتفالية بذكرى ثورة فبراير في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها، بعدما كانت مظاهر الاحتفال تسجل حضورا رسمي واجتماعي كبيرين.



"ثورة مضادة"
وفي السياق، يرى رئيس مركز الجزيرة للدراسات والبحوث، أنو الخضري إنه في ظل العداء المحلي والإقليمي لثورة ١١ فبراير ونتيجة للثورة المضادة التي قادتها دولتا التحالف (السعودية والإمارات) ضد ١١ فبراير٬ حد تسليم صنعاء لجماعة الحوثي في ٢١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤، وخلق مليشيات انفصالية ومتمردة على الدولة "سعت القوى الثورية والمناصرة للثورة للتخفف من حمولة الثورة في سبيل تسكين ثائرة دول الإقليم، واستعادة ما تعتبره الصف الجمهوري ضد جماعة الحوثي وما تمثله من انبعاث لنظام الإمامة الكهنوتي".

وقال الخضري في حديث خاص لـ"عربي21": إن تلك الأحزاب والقوى استطاعت من إيقاف الاحتفالات والاحتفاء بهذه المناسبة وإخضاع منسوبيها لهذا التوجه، بالرغم أن هذا الأمر لن يغير من موقف الأطراف المحلية أو الإقليمية.


وأضاف "تدرك تلك القوى منها المحلية والإقليمية المعادية لثورة فبراير أن تراجع قوى الثورة عن الاحتفال بذكراها "لا يتجاوز أن يكون تكتيكا سياسيا، لهذا تحافظ على سقف خطابها الهجومي على الثورة ورموزها وتستمر في صنع المؤامرات لتعطيل أي مسار لاستعادة الدولة في صيغة جمهورية ديمقراطية".

وأشار الباحث اليمني "ثورة ١١ فبراير كانت جهدا بشريا شارك فيه الشعب اليمني تعبيرا عن احتجاجه لما آلت إليه أوضاع البلاد، خصوصا في الوضع الاقتصادي والتنموي والحقوق والحريات، متابعا القول: "وقد قدمت نموذجا للتعبير السلمي ضد استبداد الحاكم وفساده وظلمه".

وحسب رئيس مركز الجزيرة للدراسات فإنه لا شك أن هناك أخطاء وقعت من الثوار، ومن الذين تصدروا منصة الثورة، ومن القوى والأحزاب التي ناصرتها، كأي جهد بشري.

غير أن مواجهة النظام البائد لها وتآمر القوى الإمامية واليسارية عليها وتصدي دول الإقليم لها، وفقا للمتحدث ذاته، "أعاق تقدمها وأفشل استمرارها، خصوصا أن الثورة قبلت بأنصاف الحلول وألقت بطود النجاة لرأس النظام البائد وأركان حكمه٬ ما أتاح لهم التآمر على مسار المرحلة الانتقالية وقوى الثورة بتحالفهم مع قوى الإمامة".

وأوضح الخضري أنه ومع شراسة الثورة المضادة التي هدمت مشروع الدولة وعرضت اليمن للتمزق وصراع طويل الأمد وتهديد القوى الثورية والوطنية حتى تشتت أفرادها في مشارق الأرض ومغاربها خفت وهج الثورة وانصرف الناس لمواجهة التحديات المستجدة والمآسي اللاحقة.


لكنه دعا في ختام حديثه إلى "المحافظة على وهج الثورة واستعادة زخمها مهما كلف الأمر لأنها نضال مشروع".

"عطل المشروع السياسي للثورة"
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أنه منذ ألفين وأربعة عشر دخلت الثورة المضادة المدعومة بسخاء من دول الإقليم، على خط الربيع العربي في اليمن، وهيأت أدوات عديدة لإجهاض ثورة 11 فبراير".

وأضاف التميمي في حديثه لـ"عربي21" أن تلك الثورة المضادة نجحت بالفعل في "تعطيل المشروع السياسي للثورة والتغيير والذي كان يتسلح بأول خارطة طريق وطنية مجمع عليها بشأن الإصلاح والتغيير، يتم إقرارها بواسطة مؤتمر وطني للحوار الشامل".

وأشار "من المؤكد أن عدم استكمال استحقاق التغيير بواسطة الثورة وحدها، والسماح بشراكة مع القوى الأخرى المعادية للمساهمة في قيادة عملية الانتقال السياسي، قد أديا إلى أن تتغول القوى المضادة كثيرا وتصادر القرار السياسي والسيادي، من خلال موقع الرئاسة والمناصب الرئيسية في الحكومة التي شغلها أناس في حالة تضاد مع الثورة أو غير مكترثين باستحقاقاتها".

إضافة إلى ذلك يقول التميمي، إن اندلاع الحرب عزز من "هيمنة القوى الإقليمية وثيقة الصلة بالثورة المضادة على القرار السيادي الوطني مما أفسح المجال لاستهداف ممنهج ومباشر لثورة 11 فبراير ومكتسباتها واستحقاقاتها، وأطلقت العنان للقوى المحلية المضادة للثورة لكي تتصرف بشكل عدائي ضد قوى الثورة والعمل المتواصل لتحييدها".


كل ذلك أنتج وفقا للتميمي "هذا الموقف السلبي والعدائي تجاه ثورة 11 فبراير"، وبالتالي بدت كما لو أن تأثيرها قد اضمحل واستحقاقاتها طُويت، ومظاهرها خبت.

لكنه استدرك قائلا: "إن ثورة 11 فبراير لا تزال موجودة وقواها حية وحاضرة وتقاتل في الميدان"، ومظاهر الاحتفاء بها لم تتوقف، في حين "تثبت قوى الثورة أنها رقم صعب وعامل حاسم في تقرير مصير اليمن".

وتأتي الذكرى الرابعة عشرة في ظل من يحملها ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، وآخرين يعتبرونها ثورة لم يكتمل مساره بفعل الثورة المضادة التي برزت بانقلاب جماعة "أنصارالله" الحوثيين وصولا للحرب المدمرة التي جعلت البلد رهينة للهيمنة الخارجية.

"لم يبق سوى الذكرى"
من جانبه، قال الصحفي والناشط الحقوقي اليمني، محمد الأحمدي إن الذكرى السنوية لثورة 11 فبراير في نسختها الرابعة عشرة تحل "ولم يبق منها سوى الذكرى، في ظل نجاح الثورة المضادة التي قادها نظام صالح والحوثيون قبل أن يتخلص الحوثيون من صالح وينتهي المطاف باليمن شمالا في قبضة الإمامة بنسختها الحوثية التابعة لإيران، بينما يرزح جنوب البلاد تحت وطأة الفوضى والانقسامات والتدخلات الخارجية التي زادت الوضع تعقيدًا".

وتابع الأحمدي حديثه لـ"عربي21"أن الأحداث والتطورات التي شهدها اليمن خلال أربع عشرة سنة من الثورة الشبابية السلمية تجاوزت الثورة وفرضت واقعًا يتطلب البحث عن مراجعات حقيقية جادة وتقييم لهذه الثورة التي كانت الأجمل في تاريخ البلاد قبل أن تتخطفها أيادي العابثين والانتهازيين وينتهي بها المطاف إلى الوضع الراهن".



وأشار الناشط الحقوقي اليمني إلى أنه منذ سنوات، تم إلغاء الاحتفالات بذكرى ثورة فبراير في عدد من المحافظات ومن بعض القوى السياسية الثورية التي كانت تقيم مظاهر احتفائية كبيرة بذكرى الثورة، وذلك "بعد أن ارتهنت الكثير من هذا القوى للخارج وسلمت خطامها لقوى إقليمية ترى في ثورات الربيع تهديدًا لها".

فضلا عن ذلك وفقا للأحمدي "برز الحديث عن وحدة الصف الجمهوري في اليمن في مواجهة الإمامة (جماعة الحوثيين) وهو "ما يستدعي تجاوز خطاب الثورة والاتجاه نحو خطاب سياسي يساهم في لملمة شتات اليمنيين لمواجهة الخطر الداهم والأكبر المتمثل بمليشيا الحوثي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية عبدالله صالح الثورة اليمنية الحوثيين اليمن الحوثيين الثورة عبدالله صالح المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الثورة المضادة ثورة 11 فبرایر المضادة التی ثورة فبرایر قوى الثورة

إقرأ أيضاً:

الدرقاش: القوى التي حاربت الدواعش تنتمي لمصراتة وليست مليشيا الردع

زعم مروان الدرقاش، الناشط المعروف بقربه من المفتي المعزول الصادق الغرياني، أن القوى التي حاربت الدواعش تنتمي لمصراتة وليست مليشيا الردع، بحسب وصفه.

وقال الدرقاش في منشور عبر “فيسبوك”: “يمتن بعضهم بأن مليشيا الردع قد كفت الليبيين شر الدواعش وأن السجناء الذين هم معتقلون لديها أكثرهم من هذه الفئة وأنها أكثر مليشيا حاربتهم وكافحت شرورهم”، على حد قوله.

وأضاف “هذا القول مغالط للحقيقة فالقوى الحقيقية التي حاربت الدواعش هي قوى البنان المرصوص ومعروف هذه القوى إلى مدينة تنتمي ولو عندكم شك راجعوا قائمة شهداء تلك العملية وستتأكدون من ذلك”، وفقا لحديثه.

وتابع “غالبية الدواعش مسجونون في سجون مصراتة وقد تم تقديمهم للمحاكمة وصدرت في حق الكثير منهم أحكاماً قضائية وهم ينفذون هذه الأحكام في سجون المدينة. فمن هم السجناء الموجودون في الردع ويدعي الردع أنهم دواعش”، بحسب تعبيره.

واستطرد “إنهم أولئك الذين لا توجد عليهم قضايا وغالبيتهم تم القبض عليهم في مصراتة ولكن لأنه لم يتم اثبات انتماؤهم إلى داعش، فلا يمكن أن يبقوا في سجون مصراتة فلذلك تم ترحيلهم إلى باستيل معيتيقة المحصن ضد أوامر الإفراج من النيابة وقد تم ذلك في غالبيته على أيدي المداخلة الذين اخترقوا للأسف الأجهزة الأمنية في مصراتة”، على حد وصفه.

واستكمل “كانوا بذلك ينفذون مؤامرة بالتواطئ مع حفتر للقضاء على ثوار بنغازي تحت مسمى الدواعش إذ لو أن هؤلاء الثوار عليهم دلائل أنهم ينتمون لداعش لتم تقديمهم للمحاكم في مصراتة كما جرى للدواعش الذين تم اعتقالهم أثناء عملية البنيان المرصوص في سرت. حقائق لا يريد الكثيرون لها أن تظهر لكننا عاصرناها ونحن شهود عليها”، بحسب زعمه.

 

الوسومالدرقاش داعش ليبيا مصراتة

مقالات مشابهة

  • ألعاب القوى اليمنية في زوايا الإهمال
  • قال إن التعقيدات أصبحت كبيرة.. طارق صالح يعترف بعدم القدرة على مواجهة الحوثي: "إن في حرب حاربنا.. والا رجعنا نزفلت"
  • الدرقاش: القوى التي حاربت الدواعش تنتمي لمصراتة وليست مليشيا الردع
  • لماذا الرعب من ثورة النسوان؟
  • وحدت اليمنيين وسلطت الضوء على الأوضاع الراهنة.. ثورة النساء في اليمن الدلالات والرسائل (تحليل)
  • معرض لوحات ولافتات كفرنبل الناجية.. ذاكرة حية للثورة السورية في دمشق
  • في الذكرى الرابعة عشرة لجريمة دار الرئاسة... اليمن يستحضر واحدة من أخطر محاولات الاغتيال السياسي
  • نقاط على طريق استعادة الأرض والقرار
  • السويد تفعّل استراتيجية استخدام الألغام: تسليح تقليدي بوجه تهديدات حديثة
  • الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماكرون في مواجهة جينيه: ماذا تبقى من الضمير الفرنسي؟