دعم السودان ضرورة عالمية أخلاقية وأمنية، من أجل سودان خالٍ من الميليشيات
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
قلتُ في مداخلتي خلال جلسة لوزير الخارجية السوداني في مؤتمر ميونخ للدفاع والأمن، المخصصة للحديث عن رؤية حكومته لتحقيق السلام والديمقراطية في السودان:
إن سودانًا خاليًا من ميليشيات الجنجويد الإرهابية وبقية الميليشيات المستأجرة العابرة للحدود ليس فقط حاجة ملحة على المستوى السوداني أو الإقليمي، بل هو ضرورة من أجل الأمن والسلام العالمي.
هناك مجازر لا حصر لها ترتكبها تلك الميليشيات بحق الشعب السوداني، من تطهير وتهجير واستيطان واغتصاب، بل وحتى الاسترقاق وبيع النساء والرجال كعبيد. هذه الجرائم المروعة لم تُرتكب بهذه الفظاعة منذ العصور الوسطى.
إن دعم السودان – جيشًا وشعبًا وحكومة – ضرورة عالمية أخلاقية وأمنية، من أجل سودان خالٍ من الميليشيات، يتمتع بالسيادة والاستقلال على كامل ترابه الوطني.
أضفتُ: ليس لدي أدنى شك في انتصار السودان، وبسط نفوذ دولته وسيطرته على كامل ترابه الوطني، وفي قيام سودان ديمقراطي، حر، قوي، ومستقل. أنا مؤمنة بذلك يقينًا، رغم المؤامرات الإقليمية التي تستغل فائض ثرواتها على نحو خاطئ ومدمر لتدمير أوطاننا.
توكل كرمان
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حكومة “كامل ادريس” .. حتى لا تتكرر الخيبات!
أيام متفائلة يعيشها السودانيين هذه الفترة؛ فعقب إعلان رئيس حكومة جديد بعد طول انتظار انتهت أربعة أعوام من العزلة الإقليمية والسياسية التي فُرضت على خلفية قرارات الجيش في ٢٥/أكتوبر/٢٠٢١م ومن ثم الحرب المدمّرة .
تشكيل حكومة انتقالية بقيادة “كامل ادريس” . وهو ما عُد في الأوساط السودانية مؤشراً على انطلاق صفحة جديدة، تُبنى فيها معالم الدولة على أسس مختلفة. هذه الخطوة التاريخية فتحت الأبواب أمام عودة السودان إلى الساحة الاقليمية في وقت تعاني فيه البلاد من تحديات هائلة؛ من تردي اقتصادي ، وبنية تحتية مدمرة، ومؤسسات حكومية متهالكة. لكن التاريخ علّمنا أن الفرص الجديدة تولد من بين الأنقاض، وأن لحظات التحوّل الكبرى تُبنى على إرادة التجاوز لا على إرث المعاناة.
إن الراهن السوداني وسط الركام المؤسساتي مليء بالتجارب الإيجابية لمؤسسات ظن البعض أنها لن تقوم لها قائمة، ولعل تجربة “جهاز المخابرات العامة” تمنح بارقة أمل وإطاراً واقعياً للتفاؤل؛ فمنذ اندلاع الحرب، ظلت “المخابرات السودانية” تقوم بادوار متعددة ، بعضها يتعلق بالأمن الداخلي والعمليات العسكرية ، وأعظمها كان دبلوماسياً بإمتياز ، حيث نجحت في إحداث اختراقات كبرى في اطار التعاون الامني مع بعض الدول الاوربية المؤثرة في ماكينة المجتمع الدولي مثل “فرنسا” و اقليمياً نجحت ايضاً في “تليين” الموقف الاثيوبي المنحاز للتمرد بشأن الحرب في السودان .
السودان اليوم أمام لحظة شبيهة بالتجربة “الرواندية”، بل ربما أكثر ثراءً بالفرص إذا ما أُحسن استثمارها؛فالأزمة المجتمعية لم تتفاقم بالقدر الذي حدث في “رواندا” ، والدول الصديقة، لا سيما من الإقليم، لم تتأخر في التعبير عن دعمها؛ “مصر” سعت بقيادتها الى دعم الشرعية في السودان ، والقيام بأدوار دبلوماسية مثمرة .
الحديث عن اليوم التالي لتولي “ادريس” رئاسة الوزراء، يجب ألا ينحصر في إزالة الركام أو إعادة الإعمار، بل هو سؤال أخلاقي يفرض نفسه على اللحظة السياسية السودانية، متمثلة في الحكومة المرتقبة ، اختيار “الوزراء” سيكشف العقل الذي يرى به “إدريس” الواقع السوداني.
حرب واسعة على الفساد ، وضبط حاسم للسلوك المؤسساتي، وتفعيل مبدأ المسؤولية الفردية عن جرائم المال العام واستغلال النفوذ ، وإلغاء الحصانة لأي شخص مهما كان منصبه. هكذا يجب أن يكون “اليوم التالي”لوجود “كامل ادريس” رئيساً لحكومة الحرب .
و”اليوم التالي” يجب أن يستصحب ضرورة اكمال تنفيذ بنود اتفاق “جوبا” واقتلاعها من الأسر السلطوي، وأهمها بند “الترتيبات الامنية”، حتى ينعتق السودانيين من قيد هذا الاتفاق الذي استنزف موارد الدولة بجانب الحرب .
إن ما يحتاجه رئيس الوزراء الآن هو أن يثبت للسودانيين اولاً ومن ثم المحيط الإقليمي والدولي أن اللحظة السياسية الجديدة ليست عابرة، بل هي بداية لمسار من التعافي، يقوده السودانيون أنفسهم، بمساندة شركائهم الإقليميين والدوليين.
الشعب السوداني أصبح واقعياً، لقد صفعته الحرب أشد صفعة ، فلا ينتظر من “ادريس” إن يحمل “عصا موسى” بل ينتظر منه أن يمضي قدماً، بشجاعة، في طريق البناء. والتاريخ لا يعيد نفسه حرفياً، لكن دروسه حاضرة بوضوح؛ يمكن للسودان أن ينجح في بناء قصة تعافٍ مشرفة، والمستقبل المشرق لا يأتي محض الصدفة، بل هو خيارٌ يُصنع.
محبتي واحترامي
رشان اوشي
إنضم لقناة النيلين على واتساب