د. عصام محمد عبد القادر يكتب: التسامح الممنهج
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
ما نعيشه اليوم وما يحمله المستقبل في طياته، يؤكد علينا ضرورة أن نتبنى منهجية تتضمن سيناريوهات وظيفية؛ كي يتم تعضيد قيم التسامح لدى فلذات أكبادنا؛ فقد أضحت غمامة الظلم تحلق في أرجاء السماء، وكادت تغطي جوانب المعمورة، وباتت الأجيال تتبنى فلسفة الكراهية المصبوغة بالانتقام لدى أجيال اليوم، وأصبحت المادية والنفعية شعارًا مرفوعًا تحمله دول ومؤسسات دون استحياء، وأصبحت دعوى الكراهية سريعة الانتشار عبر سماوات مفتوحة توقد لهيب الصدور.
يصعب أن أحصي الأسباب، والمسببات، والدواعي، والأهمية، التي تقف وراء ضرورة إكساب الإنسان قيم التسامح بصورة مقصودة، عبر منهج يتضمن في طياته أنشطة تحض على ممارسة أداءات من شأنها تجعل الفرد واعيًا بماهية وأهمية تلك القيمة النبيلة، وتداعياتها الإيجابية على كافة المستويات الإنسانية منها والمجتمعية؛ فالمستقبل المشرق مرهون بتعضيد التسامح بكل صوره، وزوال الوجود للبشرية قيد استعار كل ما يضاد هذه القيمة النبيلة من انتقام وكراهية وغير ذلك مما هو معلوم لدينا.
هناك من يكرث لفكرة الأيدولوجيا المتطرفة، التي من شأنها أن تنزع فتيل الأمان، وتشعل فتيل اللهيب؛ حيث النزاعات المسلحة التي تقضي على الأخضر واليابس، بل تهلك البشر والحجر، ولا أجد من منجى، ولا منأى لهذا المنعطف الخطير، الذي يمثل جحيمًا للبشرية على المعمورة، غير تبني إكساب، وتنمية، وتعظيم، قيم التسامح؛ لنحدث انفراجه، تساعد في إطفاء النار المشتعلة في ربوع الأرض، لأسباب غير منطقية في مجملها.
وأرى أن قيم التسامح الممنهج، تعمل عليه باحترافية مؤسسات بناء الإنسان، بداية من الأسرة، والمؤسسة التعليمية، ومرورًا بكافة المؤسسات المجتمعية، والدعوية، والإعلامية؛ فلا مناص عن تكامل للجهود؛ كي يحدث التأثير الفعال، ونضمن غرس قيم التسامح لدى النشء المخول به خوض غمار الاندماج المجتمعي، بمستوياته الصغيرة والكبيرة، الداخلية منها والخارجية؛ فقد بات العالم قرية صغيرة، يدرك الفرد أحداثه المتواترة بشتى الطرائق التقنية.
ومنهجية التسامح تعتمد على ما نقدمه من معارف صحيحة نكسبها للفرد، وممارسات سوية ندربه على أدائها، وتهيئة الوجدان؛ لاستحسانها وتقبلها، بل والوصول به لمستويات متقدمة، تعرف لدينا بالاتصاف القيمي؛ حيث لا تنفك عن عاداته اليومية، وتعاملاته المتنوعة والمتعددة، في شتى مجالات، وميادين التفاعل الإنساني؛ فيصبح الإنسان قادرًا على العطاء، راغبًا في التعايش السلمي، متواصلًا مع الآخرين؛ من أجل إحداث التكامل البشري المحمود، الذي يستهدف تحقيق الغايات الكبرى المشروعة للمجتمعات.
إن التسامح الممنهج يرتبط بصورة وثيقة بماهية الاستثمار البشري؛ حيث البناء المتكامل، الذي يمكن الفرد من أن يكتسب الخبرات النوعية، التي تجعله متمكنًا في مجاله؛ ومن ثم يستطيع أن يحدث الفارق، ويضيف لرفوف المعرفة، أو يضع لبنات تقدم، يعتمد على فلسفة الابتكار، أو يضع فكرًا مستنيرًا، يغذي الوجدان بمشرب طيب، يملئ القلوب سعادة وبهجة، ويزيد من شغف الحب، والأمل، والتطلع، والطموح، بصورة مستدامة.
اعتقد أن هنالك ضرورة وحاجة ماسة لمراجعة لغة الخطاب؛ إذ يتوجب أن نتبنى لغة خطاب يحض على معاني التسامح، وصور ممارساته بين المجتمع وأفراده، في شتى المواضع والأماكن؛ ليرى شبابنا الواعد أن فكرة التسامح، لها مساحة كبيرة داخل إطار التعامل، وأنه يغير من مناخ التسلط والخروج عن المألوف، إلى فكرة التفاهم، الذي يقضي على كثير من الخلافات في مهدها.
إذا ما أردنا أن نحصن أركان المجتمعات، وندعم الأمن القومي للبلاد في أبعاده المختلفة؛ فلا نفارق منهجية تعضيد التسامح، لدى أبنائنا منذ نعومة أظافرهم؛ حيث إن قوة المجتمع تنبع من قوة منتسبيه الفكرية في صورتها القويمة؛ فتماسك الجبهة الداخلية للمجتمع تقوم على قيم تفرزها وتصقلها فلسفة التسامح دون مواربة؛ فلا حوار، ولا قبول لتنوع، ولا اعتراف بتعددية، ولا سعي لتحقيق التعايش السلمي، ولا مجال لعدالة، أو حرية، أو ديمقراطية، أو تحمل مسئولية، أو اعتراف بحقوق، أو بلين في التعامل، ومرونة في التداول، بعيدًا عن ماهية التسامح.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التعايش السلمي بناء الإنسان مؤسسات بناء الإنسان المزيد قیم التسامح
إقرأ أيضاً:
الإتحاد : مصيلحي يرفض التراجع عن الاستقالة بسبب الشتائم التي تعرض لها
أكد محمد أحمد سلامة عضو مجلس إدارة نادي الاتحاد السكندري، أن محمد مصيلحي تقدم باستقالته رسميا من رئاسة النادي بسبب الأزمات الأخيرة، وتوجيه السباب ضده من الجمهور عقب خسارة دوري كرة السلة، مشيرا إلى أن مصيلحي أعرب عن غضبه إزاء ذلك رغم قيامه بإنفاق مبالغ كبيرة على النادي.
وقال عبر برنامج بلس 90 على قناة النهار: اتحاد الكرة لا يفعل شيئا من أجل الأندية الشعبية، ويتحدثون فقط عن تطوير الحكام، ولا يوجد أي تطوير أو عقود رعاية تغطي حجم الانفاق الكبير لنادي الاتحاد، ولا يوجد أي موارد ثابتة".
وأضاف: حاولنا مرارا وتكرارا، إدخال الاستثمارات، ولا أحد يساعد النادي، ومصير الفرق الشعبية في الضياع، ونادي الاتحاد يعاني من أجل إيجاد رعاة للانفاق على النادي، وعندما نتحدث مع بعض الرعاة يقولوا لنا "هنصرف عليكم، أحنا اللي عاوزين حد يصرف علينا".
وتابع: أتمنى نسير على خطى الدوري السعودي بعدما قاموا بعمل صندوق الاستثمار لبعض الاندية الجماهيرية، وأتمنى أن تشعر بنا وزارة الشباب.
وواصل: قانون الرياضة القديم يمنعني كعضو أن أضع شركتي كراعي ولا ادفع فلوس مقابل رعاية، وهناك شرط يقتضي بخروجي من المجلس مقابل وضع الاعلانات الخاصة بشركتي، وهذا لا يحدث في الدنيا. وعندما نطالب بموارد، فلا أحد يستجيب لنا، ولا نعرف من نقوم بمخاطبته.
وأكمل: الأندية الشعبية تعاني من قلة الموارد، ومن الصعب أن تقوم بعض الأندية على اشخاص محددة، مثل محمد مصيلحي في الاتحاد، وكامل أبوعلي في المصري..
وزاد: مصيلحي يرفض تمامًا التراجع عن استقالته، وقال لنا "مش هاصرف وفي الآخر اتشتم".
وأشار إلى أن نادي أبوقير للأسمدة الذي لم يصعد للمتاز، وينفق الكثير من الأموال، لماذا لا يأتي ويرعى نادي الاتحاد ويساهم في إنجاح النادي.
وأضاف: في الموسم الحالي تم إلغاء الهبوط بسبب الاسماعيلي وغزل المحلة، وكان من الوارد أن نكون معهم، في الموسم المقبل 4 أندية ستهبط قد يكون بينها أندية شعبية؟..
وأتم: أنا في قمة الحزن، مصير نادي الاتحاد أصبح مجهول، ونادي الاوليمبي الذي كان يحدد وجهة الدوري، هبط ولم يصعد، ونخشى ان يكون مصيرنا مثلهم.