فضل فارس

خلال الأيّام الماضية، تصاعدت التهديدات الصادرة عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن تهجير سكان قطاع غزة، ما أثار جدلًا واسعًا على المستويين الإقليمي والدولي، لكن المثير للاهتمام كان التراجع السريع والمفاجئ عن موقفه المتشدّد، ليعلن لاحقًا أن الولايات المتحدة “ستدعم القرار الذي ستتخذه إسرائيل”، في تحول واضح عن لهجته السابقة، فما الأسباب الحقيقية التي أجبرته على إعادة النظر في قراراته؟

قد يعتقد البعض أن الموقف العربي، سواء الرسمي أَو الشعبي، هو الذي شكَّل ضغطًا على ترامب ودفعه للتراجع، غير أن الواقع يشير إلى أن المواقف َالرسمية العربية، رغم بعض الاعتراضات اللفظية، لم تتجاوز حدودَ الإدانة المعتادة ولم تشكل تهديدًا حقيقيًّا للمصالح الأمريكية في المنطقة، أما على المستوى الشعبي، فقد كان هناك غضبٌ واسع، لكنه ظل في إطار التظاهرات والتنديد دون أن يتحول إلى ضغط سياسي ملموس قادر على تغيير المعادلة.

ما فرض نفسه بقوة على المشهد كان الموقف اليمني، حَيثُ أعلن السيد عبد الملك الحوثي بوضوح أن اليمن لن يقف مكتوف الأيدي إذَا ما تم فرضُ التهجير القسري على الفلسطينيين، هذا التهديد لم يكن مُجَـرّد تصريح عابر، بل جاء في سياق استراتيجية يمنية أثبتت فاعليتها خلال السنوات الأخيرة، من خلال استخدام القوة العسكرية في استهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، الرسائل العسكرية اليمنية، سواء عبر استهداف السفن أَو توجيه التهديدات المباشرة، كانت أكثر تأثيرا من بيانات الشجب والإدانة التي تصدر عن العواصم العربية الأُخرى.

تراجع ترامب لم يأتِ من فراغ، بل جاء ضمن سياق إقليمي متغير، حَيثُ فرضت تداعيات عملية “طوفان الأقصى” واقعًا جديدًا على الأرض، المقاومة الفلسطينية، إلى جانب الدعم المباشر من قوى إقليمية مثل حزب الله في لبنان واليمن، نجحت في إرباك الحسابات الأمريكية والإسرائيلية، وجعلت تكلفة أي قرار تعسفي بحق الفلسطينيين مرتفعة للغاية.

هذا التوازن الجديد جعل من الصعب على واشنطن المضي في قراراتها دون أن تواجه تداعيات غير محسوبة.

ومع فشل المخطّطات الأمريكية في فرض الهيمنة بالقوة، تتشكل معادلات جديدة في المنطقة، حَيثُ لم يعد بإمْكَان واشنطن وتل أبيب فرض إرادتهما دون مواجهة ردود فعل غير متوقعة، المقاومة، سواء في، فلسطين أَو لبنان أَو اليمن، باتت تمتلك أوراق ضغط تجعل أي قرار استراتيجي مكلفًا لمن يسعى لفرضه، في ظل هذا الواقع، لم يكن تراجع ترامب مُجَـرّد تبدل في الخطاب السياسي، بل كان اعترافا ضمنيًا بتغير موازين القوى في المنطقة، حَيثُ لم يعد بإمْكَان الولايات المتحدة فرض سياساتها دون أن تواجه مقاومةً حقيقيةً على الأرض.

ما حدث يؤكّـدُ أن لُغةَ القوة هي التي تُسمَعُ في السياسة الدولية، وأن الهيمنة الأمريكية لم تعد مطلقة كما كانت في السابق، التراجع عن قرار تهجير الفلسطينيين لم يكن نتيجة استنكار دبلوماسي، بل جاء بفعل معادلة ردع جديدة، ساهمت فيها قوى المقاومة في المنطقة، وعلى رأسها اليمن، الذي بات لاعبًا رئيسيًّا في رسم ملامح الصراع في الشرق الأوسط.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

الخارجية الأمريكية: الوزير روبيو بحث مع نظيره الإسرائيلي خطة ترامب في غزة

صرحت الخارجية الأميركية أن الوزير ماركو روبيو بحث مع نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر  الأمن الإقليمي وتنفيذ خطة الرئيس ترامب في غزة.

وفي وقت سابق، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن أعضاء مجلس السلام في قطاع غزة سيعلن عنهم مطلع عام 2026 ، وسيضم قادة العالم .

و أضاف ترامب، سيكون هذا أحد أهم مجالس السلام على الإطلاق ، ملوك ، رؤساء ، وزراء، جميعهم يرغبون في الانضمام إلى مجلس السلام.

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، مصادرة القوات الأمريكية ناقلة نفط قبالة السواحل الفنزويلية.

الأمم المتحدة: تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي حول الخط الأصفر تتعارض مع خطة ترامب للسلامواشنطن تمنح نتنياهو مساحة للمماطلة.. ملامح المرحلة المقبلة في خطة ترامب للمنطقةأمين سر فتح بهولندا: الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترامب يحتاج لتريث حتى نهاية الشهرالمرحلة الثانية من خطة ترامب .. وترتيبات دولية جديدة لإدارة غزة بانتظار الحسم | وخبير يوضح

وقال ترامب، خلال اجتماع في غرفة روزفلت بالبيت الأبيض حسب شبكة CNBC الأمريكية: "لقد صادرنا للتو ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا". ولم يُفصح ترامب عن أي تفاصيل بشأن مالك الناقلة أو وجهتها.

وقد صعّد ترامب الضغط على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في الأسابيع الأخيرة، وقال في مقابلة مع مجلة "بوليتيكو" أمس ، إن "أيام مادورو باتت معدودة".

ولم يستبعد ترامب غزوًا بريًا للدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.

وقال ترامب لـ (بوليتيكو)": “لا أريد أن أستبعد أو أستبعد أي شيء، لا أتحدث عن هذا الأمر”.
 

طباعة شارك الخارجية الأميركية ماركو روبيو نظيره الإسرائيلي الأمن الإقليمي خطة الرئيس ترامب غزة جدعون ساعر

مقالات مشابهة

  • تراجع الأسهم الأمريكية وسط مخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي
  • قتلى وجرحى بهجوم على دورية من القوات الأمريكية والسورية في تدمر
  • حماس: إسرائيل خرقت وقف النار وخطة ترامب بهذا التصرف
  • "لغز نووي" في استراتيجية ترامب.. تجاهل قد يكلف أميركا كثيرا
  • فرصة مقيدة: هل تستفيد الصين من تراجع القوة الناعمة الأمريكية؟
  • ترامب يهاجم استطلاعات الرأي وسط تراجع غير مسبوق في شعبيته
  • ترامب يصعّد تهديداته للرئيس الكولومبي وبيترو يرد بقوة
  • تراجع في مخزونات النفط الأمريكية وارتفاع ملحوظ في البنزين ونواتج التقطير
  • الخارجية الأمريكية: الوزير روبيو بحث مع نظيره الإسرائيلي خطة ترامب في غزة
  • تراجع الدولار وسط حذر كبير قبيل قرار الفائدة الأمريكية