تراجع ترامب عن تهديداته.. قوة الردع تُعيد رسمَ المعادلات
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
فضل فارس
خلال الأيّام الماضية، تصاعدت التهديدات الصادرة عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن تهجير سكان قطاع غزة، ما أثار جدلًا واسعًا على المستويين الإقليمي والدولي، لكن المثير للاهتمام كان التراجع السريع والمفاجئ عن موقفه المتشدّد، ليعلن لاحقًا أن الولايات المتحدة “ستدعم القرار الذي ستتخذه إسرائيل”، في تحول واضح عن لهجته السابقة، فما الأسباب الحقيقية التي أجبرته على إعادة النظر في قراراته؟
قد يعتقد البعض أن الموقف العربي، سواء الرسمي أَو الشعبي، هو الذي شكَّل ضغطًا على ترامب ودفعه للتراجع، غير أن الواقع يشير إلى أن المواقف َالرسمية العربية، رغم بعض الاعتراضات اللفظية، لم تتجاوز حدودَ الإدانة المعتادة ولم تشكل تهديدًا حقيقيًّا للمصالح الأمريكية في المنطقة، أما على المستوى الشعبي، فقد كان هناك غضبٌ واسع، لكنه ظل في إطار التظاهرات والتنديد دون أن يتحول إلى ضغط سياسي ملموس قادر على تغيير المعادلة.
ما فرض نفسه بقوة على المشهد كان الموقف اليمني، حَيثُ أعلن السيد عبد الملك الحوثي بوضوح أن اليمن لن يقف مكتوف الأيدي إذَا ما تم فرضُ التهجير القسري على الفلسطينيين، هذا التهديد لم يكن مُجَـرّد تصريح عابر، بل جاء في سياق استراتيجية يمنية أثبتت فاعليتها خلال السنوات الأخيرة، من خلال استخدام القوة العسكرية في استهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، الرسائل العسكرية اليمنية، سواء عبر استهداف السفن أَو توجيه التهديدات المباشرة، كانت أكثر تأثيرا من بيانات الشجب والإدانة التي تصدر عن العواصم العربية الأُخرى.
تراجع ترامب لم يأتِ من فراغ، بل جاء ضمن سياق إقليمي متغير، حَيثُ فرضت تداعيات عملية “طوفان الأقصى” واقعًا جديدًا على الأرض، المقاومة الفلسطينية، إلى جانب الدعم المباشر من قوى إقليمية مثل حزب الله في لبنان واليمن، نجحت في إرباك الحسابات الأمريكية والإسرائيلية، وجعلت تكلفة أي قرار تعسفي بحق الفلسطينيين مرتفعة للغاية.
هذا التوازن الجديد جعل من الصعب على واشنطن المضي في قراراتها دون أن تواجه تداعيات غير محسوبة.
ومع فشل المخطّطات الأمريكية في فرض الهيمنة بالقوة، تتشكل معادلات جديدة في المنطقة، حَيثُ لم يعد بإمْكَان واشنطن وتل أبيب فرض إرادتهما دون مواجهة ردود فعل غير متوقعة، المقاومة، سواء في، فلسطين أَو لبنان أَو اليمن، باتت تمتلك أوراق ضغط تجعل أي قرار استراتيجي مكلفًا لمن يسعى لفرضه، في ظل هذا الواقع، لم يكن تراجع ترامب مُجَـرّد تبدل في الخطاب السياسي، بل كان اعترافا ضمنيًا بتغير موازين القوى في المنطقة، حَيثُ لم يعد بإمْكَان الولايات المتحدة فرض سياساتها دون أن تواجه مقاومةً حقيقيةً على الأرض.
ما حدث يؤكّـدُ أن لُغةَ القوة هي التي تُسمَعُ في السياسة الدولية، وأن الهيمنة الأمريكية لم تعد مطلقة كما كانت في السابق، التراجع عن قرار تهجير الفلسطينيين لم يكن نتيجة استنكار دبلوماسي، بل جاء بفعل معادلة ردع جديدة، ساهمت فيها قوى المقاومة في المنطقة، وعلى رأسها اليمن، الذي بات لاعبًا رئيسيًّا في رسم ملامح الصراع في الشرق الأوسط.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
رد فعل روسي مثير تجاه قرار ترامب بتقليص المساعدات الأمريكية العسكرية لـ أوكرانيا
واجه قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتجميد بعض شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا ردود فعل مختلفة، حيث قابل ترحيبا من الكرملين، واتهمته كييف بـ"لا إنساني"، و ذلك وفقا لشبكة CNN.
و بحسب CNN ، وقال البنتاجون، إنه أوقف بعض المساعدات، لمراجعة ما إذا كانت تتماشى مع أجندة ترامب "أمريكا أولاً".
ولكن هذا القرار قد تكون له عواقب وخيمة على أوكرانيا، حيث يشمل وقف شحنات صواريخ منظومة "باتريوت" الأمريكية للدفاع الجوي، والتي تحمي حاليًا ملايين المدنيين الأوكرانيين من الهجمات الجوية الروسية اليومية والمتزايدة.
صدمة في أوكرانيا بسبب "ترامب"و وفقا لـ CNN اثار قرار الولايات المتحدة صدمة في أوكرانيا، حيث وصفه ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني، بأنه "غير إنساني"، خاصة أن الصواريخ تستخدم لحماية المدنيين.
و لكن القرار لم يكن مفاجئا، حيث أن ترامب سبق و هدد بسحب الدعم محاولا الضغط على أوكرانيا للجلوس على طاولة المفاوضات.
ترامب: أرغب بشدة في تقديم المساعدات لـ أوكرانيا
ترامب: محادثات مرتقبة مع الصين بشأن صفقة تيك توك وزيارة متبادلة محتملة مع شي جينبينغ
كما أوقف سابقًا شحنات مؤقتة من المساعدات، و ايضا بالرغم من أن الولايات المتحدة كانت لوقت طويل أكبر داعم عسكري لأوكرانيا، حيث وفّرت نحو 40٪ من احتياجاتها، إلا أنها لم تعلن عن مساعدات جديدة منذ يناير بالتزامن مع عودة ترامب إلى الحكم.
زيادة خطورة الهجمات الروسية
في الأسابيع الأخيرة، زادت روسيا من هجماتها الجوية، ووفقًا لمسؤولين أوكرانيين، أطلقت روسيا نحو 80 صاروخًا باليستيًا في شهر يونيو فقط
و تم اسقاط اغلب هذه الصواريخ بواسطة منظومة باتريوت، ومع خسارة أوكرانيا لمنظومات باتريوت، يُتوقع أن تتكرر هذه الهجمات القاتلة، و ذلك وفقا ل CNN.
"الباتريوت" صعبة التصنيعقال بافل لوزين، من مركز تحليل السياسات الأوروبية، إن:
وتيرة إنتاج صواريخ باتريوت بطيئة لصعوبة تصنيعها فهي تقنية متقدمة، لا يمكن إنتاج الآلاف منها سنويًا."
و قالت شركة لوكهيد مارتن، المُصنّعة لصواريخ باتريوت، أنها رفعت وتيرة الإنتاج إلى مستويات قياسية، لكنها لا تنتج حاليًا سوى نحو 500 صاروخ سنويًا، مع خطة للوصول إلى 650 بحلول عام 2027.
و من جانبه قال سيدهارث كوشال، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بريطانيا، إن مخزونات باتريوت العالمية ليست "حرجة"، لكنها تُثير القلق، حيث أن بعض الشحنات المخصصة لأوكرانيا يتم تحويلها إلى حلفاء آخرين، مثل إسرائيل.
ضربة لأوكرانيا وتعزيز لروسيا
و وفقا ل CNN قال الرئيس الأوكراني في وقت سابق إن بلاده تحتاج إلى نحو 25 بطارية باتريوت لحماية أجوائها و هي تمتلك الآن نحو نصف دزينة فقط.
لكن من المؤكد أن أوكرانيا قلقة من نفاد الذخائر، خاصة لأن تعليق امريكا للمساعدات لا يتعلق بمساعدات مستقبلية فقط، ولكن يشمل شحنات تم تمويلها واعتمادها وكانت في طريقها إلى أوكرانيا خلال أيام.