اكتشاف جسيم شبحي عابر للمجرات في البحر الأبيض المتوسط
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- اكتشف علماء الفلك "جسيمًا شبحيًا كونيًا" يُعتبر الأشدّ طاقة على الإطلاق باستخدام شبكة عملاقة من أجهزة استشعار لا تزال قيد الإنشاء في قاع البحر الأبيض المتوسط.
يُعد النيوترينو (neutrino)، كما يُعرف الجسيم رسميًا، أكثر نشاطًا بنحو 30 مرة مقارنة بعدّة مئات من النيوترينوات المكتشفة سابقًا.
وغالبًا تُعتبر هذه الجسيمات الصغيرة عالية الطاقة القادمة من الفضاء بأنها "شبحية" لأنّها متقلِِّّبة للغاية، أو بخارية، ويمكنها المرور عبر أي نوع من المادة من دون تغيير.
ولا تتمتع النيوترينوات التي تصل إلى الأرض من أقصى أطراف الكون بكتلة تقريبًا.
وتنتقل الجسيمات عبر أكثر البيئات تطرفًا، بما في ذلك النجوم، والكواكب، ومجرات بأكملها، وتُحافظ على بنيتها السليمة.
نُشِر تحليل لجسيم النيوترينو كتبته بنية تحتية بحثية تُدعى "KM3NeT"، تضم أكثر من 360 عالمًا من جميع أنحاء العالم، الأربعاء في مجلة "Nature".
وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة والمتحدثة باسم مشروع "KM3NeT" والباحثة في المعهد الوطني الإيطالي للفيزياء النووية (INFN)، روزا كونيجليوني، في بيان: "النيوترينوات بمثابة رُسُل كونية خاصة تقدم لنا معلومات فريدة عن الآليات المشاركة في أكثر الظواهر نشاطًا، وتسمح لنا باستكشاف أقاصي أطراف الكون".
تمتّع جسيم النيوترينو المحطِّم للرقم القياسي، والذي أطلق عليه اسم " KM3-230213A"، بطاقة تعادل 220 مليون مليار إلكترون فولت.
وهذا المقدار المذهل يجعله أقوى بـ 30 ألف مرة تقريبًا ممّا يستطيع مسرِّع الجسيمات في مصادم الهدرونات الكبير في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN) بالقرب من جنيف بسويسرا تحقيقه، وفقًا لمؤلفي الدراسة.
ويُعرَف المسرِّع بشحنه للجسيمات لتصل إلى سرعة الضوء تقريبًا.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة، الدكتور براد جيبسون، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "كان لهذا النيوترينو الصغير القدر ذاته من الطاقة التي يتم إطلاقها من تقسيم مليار ذرة يورانيوم، وهو رقم مذهل عندما نقارن طاقات مفاعلات الانشطار النووي لدينا بهذا النيوترينو الأثيري الوحيد".
يوفر الجسيم بعض الأدلة الأولى بشأن إمكانية إنشاء نيوترينوات عالية الطاقة مشابهة في الكون.
يعتقد الفريق أنّ الجسيم جاء من خارج مجرة درب التبانة، ولكنهم لم يحددوا نقطة أصله الدقيقة بعد، ما يثير التساؤل حول ما الذي شكّل النيوترينو وأرسله عبر الكون في المقام الأول.
وقد يكون ذلك ناجمًا عن بيئة متطرفة مثل ثقب أسود فائق الكتلة، أو انفجار أشعة غاما، أو بقايا نجم.
ضوء في المحيطيصعب اكتشاف النيوترينوات لأنّها لا تتفاعل مع محيطها في الغالب، ولكنها تتفاعل مع الجليد والماء.
وعندما تتفاعل النيوترينوات مباشرة مع أجهزة الاستشعار، يشع الجسيم بضوء يميل إلى الأزرق يمكن رصده بواسطة شبكة قريبة من أجهزة الاستشعار البصرية الرقمية المركبة في الجليد أو العائمة في الماء.
توصّل فريق دولي إلى فكرة بناء شبكة من الكواشف التي قد تكون قادرة على رصد النيوترينوات بأعماق المحيط في أوائل العقد الأول من القرن الـ21.
و أُطلق عليها اسم تلسكوب النيوترينو الكيلومتري المكعب، أو "KM3NeT"، وبدأ تركيب الشبكة في عام 2015.
حقّق تلسكوب "KM3NeT" اكتشافه القياسي في 13 فبراير/شباط بعام 2023، عندما أضاء الجسيم أحد الكواشف.
ولا يزال مشروع "KM3NeT"، الذي يتضمن شبكة من أجهزة الاستشعار المثبتة في قاع البحر، قيد الإنشاء. لكن قال مؤلفو الدراسة إنّ هناك ما يكفي من أجهزة الكشف لرصد النيوترينو عالي الطاقة.
أصول غامضة وقويةيسمح اكتشاف النيوترينوات في الكرة الأرضية الباحثين بتتبع مصادرها.
وقد يكشف فهم مصدر هذه الجسيمات المزيد عن أصل الأشعة الكونية الغامضة، والتي اعتُقِد أنّها المصدر الأساسي للنيوترينوات لفترةٍ طويلة عندما تضرب الأشعة الغلاف الجوي للأرض.
وتضرب الأشعة الكونية، وهي أكثر الجسيمات طاقةً في الكون، الكرة الأرضية من الفضاء.
وتتكون هذه الأشعة غالبًا من البروتونات أو النوى الذرية، ويتم إطلاقها عبر الكون. ومهما كان مصدرها، فإنه عبارة عن مسرِّع جسيمات قوي للغاية لدرجة أنه لا وجه للمقارنة بينه وبين مصادم الهدرونات الكبير.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: اكتشافات اكتشافات علمية البحر المتوسط العلوم البحر الأبیض المتوسط من أجهزة
إقرأ أيضاً:
بصمة خالدة.. اكتشاف أثر يد حرفي مصري عمره 4000 عام
الثورة نت/..
عثر فريق من الباحثين في متحف فيتزويليام بجامعة كامبريدج على بصمة يد بشرية كاملة محفوظة بشكل مدهش على نموذج طيني مصري قديم يعود تاريخه إلى ما بين 2055-1650 قبل الميلاد.
وظل هذا الأثر الإنساني الفريد مختبئا تحت ما يعرف بـ”بيت الروح”، وهو هيكل طيني جنائزي مصغر كان يدفن مع الموتى، لمدة تزيد عن أربعة آلاف عام.
ويمثل الهيكل الطيني اللافت مبنى صغيرا من طابقين، شيد بدقة متناهية باستخدام تقنيات حرفية متقنة. ويظهر في تصميمه أعمدة داعمة وسلالم صغيرة نحتت بعناية، إلى جانب مساحة أمامية مفتوحة خصصت لتقديم القرابين، والتي شملت في هذه الحالة خبزا وخسا ورأس ثور.
لكن المفاجأة الحقيقية كانت تكمن تحت القاعدة، حيث ظهرت بصمة يد واضحة المعالم، يعتقد الخبراء أنها تعود للحرفي الذي صنع هذا النموذج الطيني، عندما مسكه بيده قبل أن يجف الطين تماما.
وعبرت الدكتورة هيلين سترادويك، كبيرة علماء المصريات في المتحف، عن حماسها لهذا الاكتشاف قائلة: “لطالما شاهدنا آثارا جزئية لأصابع على التوابيت أو في طبقات الورنيش، لكن العثور على بصمة يد كاملة بهذا الوضوح أمر استثنائي حقا”. وأضافت: “هذه البصمة تنقلنا مباشرة إلى تلك اللحظة التاريخية قبل أربعين قرنا، عندما وقف ذلك الحرفي المصري القديم يصنع هذا النموذج بيديه”.
وكشف تحليل النموذج عن التقنية الدقيقة التي استخدمها الحرفي المصري القديم، حيث بدأ ببناء هيكل أساسي من العصي الخشبية، ثم غطاه بطبقة من الطين الناعم. وتشكلت السلالم الصغيرة من خلال الضغط بأصابع اليد على الطين الرطب. وعندما تم حرق النموذج في الفرن ليكتسب صلابته، احترق الهيكل الخشبي الداخلي تاركا فراغات في أماكنه.
وهذه البصمة الزمنية الفريدة ستكون محور الاهتمام في المعرض القادم “صنع في مصر القديمة” الذي سيفتح أبوابه للجمهور في الثالث من أكتوبر. وهو معرض يسعى لإبراز الجانب الإنساني وراء القطع الأثرية. وسيعرض هذا النموذج الجنائزي كشاهد حي على المهارة الحرفية والإبداع الفني الذي تميز به المصريون القدماء.
يذكر أن “بيوت الروح” هذه كانت تلعب دورا مهما في المعتقدات الجنائزية المصرية القديمة، حيث كانت تعمل إما كأوان لوضع القرابين، أو كمساكن رمزية لأرواح الموتى في العالم الآخر. لكن ما يجعل هذا النموذج خاصا هو تلك اللمسة البشرية الخالدة التي تحولت مع مرور الزمن من مجرد أثر عابر لليد إلى وثيقة تاريخية نادرة، تختزل الزمن وتجسد الاتصال الحميم بين الماضي والحاضر.
المصدر: إندبندنت