اقترح المجلس الأطلسي في واشنطن خطة لغزة بعد الحرب، تقوم على ضرورة إزاحة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من إدارة الحكم في القطاع بدلا من تهجير أكثر من مليوني نسمة إلى الدول المجاورة.

جاء ذلك في مقال نشره موقع المجلس الأطلسي للكاتب دانييل شابيرو بعنوان "بدلا من تهجير المدنيين الفلسطينيين يجب إبعاد حماس"، وأكد فيه أيضا أن كل الجهود المبذولة للتخطيط لما بعد إنهاء الحرب فشلت بسبب عدم القدرة على إزاحة حماس عن السلطة.

وأضاف شابيرو "أن ما يزيد من تفاقم هذا الفشل أن الخطة الوحيدة المطروحة على الطاولة في الوقت الحالي هي اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخيالي بإخلاء غزة من جميع الفلسطينيين، وتسليمها للولايات المتحدة ليتم تحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسط".

يذكر أن دانييل شابيرو كان سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل بين عامي 2011 و2017، وشغل مؤخرا نائب مساعد وزير الدفاع لسياسة الشرق الأوسط.

لكن محللين سياسيين وخبراء تحدثوا للجزيرة نت رفضوا هذه الخطة، معتبرين أنها تعكس نظرة استعمارية صهيونية تهدف إلى استمرار الحرب على قطاع غزة، وفي الوقت نفسه تمثل فشلا لخطة ترامب التي تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني.

إعلان

خطة للتصعيد

ويضع كاتب المقال 3 عوامل قد تشكل ضغطا على حركة حماس من أجل إجبارها على مغادرة غزة، وتتمثل في ما يلي:

اليقين بأن إسرائيل ستستأنف هجومها العسكري الشرس، سواء بعد إتمام الصفقة الحالية أو في حال مقاطعتها. حملة موحدة من الحكومات العربية تندد بحماس بوصفها السبب وراء معاناة الشعب الفلسطيني، وتدعوها إلى الرحيل. تحرك الفلسطينيين أنفسهم ضد حماس ورفع أصواتهم ليعلنوا رغبتهم في طردها.

غير أن المفكر والكاتب الفلسطيني منير شفيق يرى أن هناك تناقضا لدى المنادين بمثل هذه الخطط؛ فحماس هي الطرف الآخر الذي تفاوضوا معه من أجل حل قضية الأسرى ووقف إطلاق النار، بعد حرب استمرت 15 شهرا، وهي نفسها الطرف الذي يريدون التخلص منه في اليوم التالي من الحرب.

وأضاف شفيق -في تصريحات للجزيرة نت- أن قضية اليوم التالي فيما يتعلق بالوضع السياسي في القطاع يقرره الشعب الفلسطيني والفصائل المقاومة، وهذا ما يقرّه القانون الدولي والعدالة، وكما هو موجود في موازين القوى.

ويذهب الباحث السياسي ماهر حجازي إلى أن هذه الخطة غير واقعية، لأن صيغة الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع حماس من أجل وقف إطلاق النار لم تطرح أبدا إخراج قيادة الحركة من القطاع، وبالتالي هذا الطرح يبقى نظريا وغير قابل للتحقق.

وأكد حجازي -في تصريحات للجزيرة نت- أن حركة حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني وتقود الفلسطينيين داخل قطاع غزة، وتقود مشروع المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

السلطة الفلسطينية

وأورد مقال المجلس الأطلسي -ضمن خطته المقترحة- أنه يتعين على إسرائيل تخفيف القيود أمام مشاركة عناصر من السلطة الفلسطينية في حكم غزة من أجل تنفيذ الإصلاحات المنشودة.

لكن أستاذ العلوم السياسية محمد غازي الجمل يقول إن عموم الفصائل الفلسطينية لا تتعامل مع طرح كهذا، ومن يتعاون مع مساعي الاحتلال لتحويل جرائمه في غزة إلى مكسب سياسي يكون قد انحاز إلى صفه، وسيواجه برفض شعبي وفصائلي.

إعلان

وذهب الجمل -في تصريحات للجزيرة نت- أيضا إلى أن هذا السلوك سينشر الفوضى ويمنع تطبيق القانون الدولي في أي مكان، لأن الحجة ستكون جاهزة: "لماذا قبلتم بما حصل في غزة ولا تقبلونه في أي منطقة من العالم؟".

أما حجازي فيؤكد أن السلطة الفلسطينية هي الطرف الفلسطيني الوحيد الذي ربما يتبنى مثل هذه الخطوة التي تعادي المقاومة الفلسطينية، فلديها حسابات أخرى تتمثل في العودة إلى قطاع غزة.

وأشار حجازي إلى أن "السلطة غير متأثرة بالتكاليف الناجمة عن مثل هذه الخطط، حتى وإن كانت تعادي المقاومة أو خيارات الشعب الفلسطيني، وهي مستعدة لأن تعود إلى قطاع غزة ولو على ظهر الدبابات الإسرائيلية أو الأميركية".

فيليب حبيب سياسي أميركي من أصول لبنانية وبرز اسمه في الثمانينيات إبان الغزو الإسرائيلي للبنان (مواقع التواصل) نموذج فيليب حبيب

ويستشهد المقال بالخطة التي وضعتها الحكومة الأميركية عام 1982 عندما نجح المبعوث الخاص فيليب حبيب في ترتيب إجلاء زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورفاقه من لبنان من أجل تجنيب لبنان الغزو الإسرائيلي.

وأوضح شابيرو في مقاله أن تنفيذ مثل هذه الخطة سيتطلب جهدا استخباراتيا مشتركا بين إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية لتحديد مواقع قادة حماس ومقاتليها، إلى جانب تمويل خليجي لعملية إبعاد ما يقرب من 20 ألف مقاتل، وإيجاد أماكن لإيوائهم والإشراف عليهم وعلى عائلاتهم.

ويعارض محمد غازي الجمل هذا الطرح، بوصفه "يعبر عن نظرة استعمارية صهيونية تدفع باتجاه استمرار الحرب على قطاع غزة تحت عناوين وذرائع متجددة"، مضيفا أن "تنفيذ هذه الخطة غير واقعي ولا يجدر الاهتمام به كثيرا، إذ إن حماس تعبر عن توق الفلسطينيين إلى التحرر، ولذلك هم ينخرطون في صفوفها ويستمرون في مكافحة الاحتلال امتدادا لمسيرة مدتها أكثر من 100 عام منذ الانتداب البريطاني".

إعلان

ويلفت حجازي إلى أن هذه الخطة -في حال تنفيذها- ستعتمد على أدوات عسكرية وليست سياسية، مما سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإقليمي والدولي، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأكد أن أي تدخل عسكري قد يؤدي إلى تصعيد المواجهات خارج حدود فلسطين، كما حدث في الأشهر الأخيرة مع تصاعد الصراع في لبنان وسوريا واليمن والعراق، فضلا عن التوترات مع إيران.

أما الكاتب الفلسطيني منير شفيق فيقول إن "إيجاد أي حل بعد استبعاد حماس أو من دون باقي فصائل المقاومة هو موقف غير واقعي وغير عملي وغير ممكن التطبيق، ويخالف كل ما جرى في التاريخ من قضايا التحرر الوطني، أو حتى إنهاء الحروب، حيث كانت فيها قيادة المقاومة الطرف المفاوض الذي يملك الإسهام في الحل، ويكون أساسا في اليوم التالي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الشعب الفلسطینی المجلس الأطلسی للجزیرة نت هذه الخطة قطاع غزة من أجل إلى أن

إقرأ أيضاً:

قيادي في "حماس": لا نستبعد استهدافا جديدا لقادتنا بعد فشل المفاوضات

قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية « حماس »، أسامة حمدان، إن فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، « تجعلنا لا نستبعد أن الكيان يستعد لعملية جديدة ضد قادة المقاومة في الخارج »، مشيرا إلى أن الكثير من الأطراف تنبه إلى ذلك.

وأضاف حمدان، في مداخلة له، أمس السبت، ضمن ندوة نظمتها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عن بعد، أن المقاومة ستأخذ حذرها لتجنب هذا السيناريو، مشددا على أن ذلك لن يوقف مسيرتها وسعيها لتحقيق النصر، قائلا: « نحن نتحدث اليوم عن قادة شهداء وعن شعب يتقدم في الشهادة ونحن لسنا أفضل منهم، وتأخرنا في الشهادة لن يكون إلا لنختم هذا المشروع ».

وأردف المتحدث، ضمن الندوة التي حملت عنوان « طوفان الأقصى والعدوان الصهيو-أمريكي ومآلات التطبيع »، أن إفشال المفاوضات يمكن أن يكون مدفوعا أيضا بتخطيط الولايات المتحدة الأمريكية لعدوان يطال لبنان أو إيران، مشددا على أن « الأمة ستكون مطالبة بتحرك واسع » في حال تم ذلك.

وكانت حماس أعلنت، الخميس الماضي، أنها سلمت الوسطاء ردها ورد الفصائل الفلسطينية على مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بخصوص وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو المقترح الذي رفضته الولايات المتحدة الأمريكية، حيث صرح ويتكوف بأن حماس « لا تبدي حسن نية رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء »، معلنا أن واشنطن قررت إعادة فريقها من الدوحة لإجراء مشاورات، وأنها ستدرس خيارات بديلة لاستعادة الأسرى الإسرائيليين.

وردا على ذلك قال حمدان إن « الفشل حليف دائم لويتكوف »، مشيرا إلى فشله في ملف التفاوض مع إيران، وملف الحرب الروسية الأوكرانية، ومؤكدا على أن الموقف الأمريكي « هو غطاء للموقف الإسرائيلي الذي يبدو أنه يسعى إلى قيادة عدوان جديد سواء على غزة أو على قادة حماس ».

كلمات دلالية أسامة حمدان إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية ستيف ويتكوف غزة فلسطين

مقالات مشابهة

  • السفير الفلسطيني يُشيد بدور المملكة الريادي ومواقفها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية
  • ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
  • قيادي في "حماس": لا نستبعد استهدافا جديدا لقادتنا بعد فشل المفاوضات
  • زكي القاضي: مصر تتحرك بقوة لدعم غزة وتتصدى لمحاولات تهجير الفلسطينيين
  • كيف تعاطت المقاومة الفلسطينية مع التهديدات الإسرائيلية الأميركية؟
  • توماس مولر.. «القفزة الكبيرة» عبر الأطلسي!
  • محافظ شمال سيناء: لا يمكن المزايدة على موقف مصر من القضية الفلسطينية
  • حكماء المسلمين يشيد بدور مصر التاريخي في دعم القضية الفلسطينية
  • المجلس الوطني الفلسطيني يؤكد ثقته بالدور الريادي لمصر بقيادة الرئيس السيسي
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تستنكر تصريحات ويتكوف وتؤكد حرصها على وقف الحرب بغزة