العنب الأسود والأصفر ونوم ولد عمي!
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
#العنب_الأسود والأصفر ونوم ولد عمي!
د. #ماجد_توهان_الزبيدي
يتميز أهلي وحمولتي وعشيرتي وقبيلتي كمعظم العرب من “نواق الشط” إلى “أم القوين” بحب الحلويات الصناعية ،وخاصة الشعبية منها ك”الهريسة” و”العوّامة” و”كرابيج حلب” و”مقروطة”،وكثيرا ماباع الناس أرضهم الزراعية والسكنية التي ورثوها عن الدولة العثمانية ولاحقاً بتخطيط وتوزيع الإستعمارين البريطاني والفرنسي ،وأنفقوها على الطعام وخاصة منه الحلويات!
فقد مات ولد عمي “أبو حسين” قبل أن تنبت له شعرة بيضاء في رأسه أو شاربيه بسبب تناوله دون حساب “الهريسة” و”العوّامة” و”القطايف” المنقوعة من صلاة العصر بالقطر في كل أيام شهر رمضان تاركا خلفه”كوم لحم” و”أفواه وأرانب” زاد عددهم عن نصف دزينة من القواريط والقاروطات،في وقت لم يكن الناس من حولنا يعلمون شيئاً عن أطباء الأسنان بإستثناء قوافل الزائرين من “نور” قرى حوران سوريا الذين يفدون على مرابعنا من حين لآخر ،مشياً على اقدامهم، أو ،على ظهور دواب من بينهم في الغالب إمرأة لها غرّة شعر صفراء ،وكلهم يضعون بعض أسنان الذهب ،يمارسون الطرب وقراءة الكف ويلعبون ب”الودع” ومعهم “كمّاشة” أو “زراديّة” يخلعون بها الأسنان المنتهية الصلاحية المسوّسة التي تُؤلم كثيرين من ربعنا لكثرة إلتهام الحلويات والسكر الذي كانت توّزعه وكالة الغوث الدولية!
مقالات ذات صلة الزوبعة 2025/02/14ومن العلامات الفارقة في هذا الصدد ماحدث لولد عم والدي المدعو ابو عمر في أحد أيام شهر رمضان عندما زار ولده عمر العاصمة وأحضر معه صندوقين من العنب: واحد أسود وآخر أصفر،يكاد العسل ينفجر من حباتهما!
فرشت أم عمر “مشمع” الطعام على الحصيرة ، في الساحة الخارجية للبيت الأقرع المؤلف من غرفتين للنوم والضيافة والمطبخ ،بينما راح الحمّام بستقر في زاوية الحوش على بعد عشرة أمتار من الغرفتين !
وبينما كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر صوت الآذان من شيخ الجامع في جو من القيظ الحار في شهر تموز ،في منطقة الغور الشمالي،راح عمي أبو عمر يضع صندوقي العنب في حجره ،و”يُحسسّ” على “العنبات” بكل لين ورومنسية ،من دون أي حركة من أي من أفراد أسرته الذين يعون بالفطرة والتجربة حظر الحديث بالفم والإشارة مع ربّ البيت بعد صلاة الظهر طيلة أيام شهر رمضان!
أخيرا صدح الشيخ بآذان الإفطار وهجم القوم على الطعام ،بإستثناء كبيرهم وقائدهم أبو عمر الذي راح في زاوية من الغرفة ،وأخذ يلتهم حبات العنب ،تارة يلتهم خمس حبات من اللون الأسود مرة واحدة ثم بالتساوي والعدل يكمش خمس حبات من اللون الأصفر ويلتهمها هي الأخرى إلى أن قضى تقريبا على ثلث الصندوقين ،ثم عرّج على صينية هريسة بالفزدق السودني،فإلتهم نصفها،ثم راح يرتشف بصوت موسيقي نشاز، ثلث إبريق شاي بالقرفة،ثم لف شماغه على كل رأسه ومعظم وجهه،وراح يغطُّ في نوم عميق ،مع شخير يتعدى شبابيك دارته ببضعة امتار!
بقي ابو عمر على حالته من النوم والشخير دون ان يقلب على جنبه الآخر ً ،ودون ان يجرؤ احدٌ من أفراد تابعيته من مواطنيه أن يوقظه،إلى أن فاق من نومه من تلقاء نفسه في عصر اليوم التالي ،صارخاً بأعلى صوته:”أم عمر وينك؟ كم باق على آذان السحور”؟!!
.المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
النفط الأسود.. خريطة تهريب تبدأ من مصانع وهمية وتنتهي على ظهر ناقلات مجهولة
29 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: كشفت شركة تسويق النفط العراقية “سومو” عن تورط 11 ناقلة بحرية، سبع منها معروفة لديها وأربع لا تزال مجهولة الهوية، في عمليات تهريب واسعة للنفط الأسود عبر مينائي أم قصر وخور الزبير، وصولاً إلى المياه الإقليمية العراقية، في واحدة من أضخم فضائح التهريب التي يشهدها القطاع النفطي في البلاد.
وتمثل هذه المعطيات تحولاً خطيراً في بنية الاقتصاد غير الرسمي في العراق، حيث بات النفط الأسود، لا النفط الخام، هو المحرك الخفي لشبكات التهريب، مدعوماً بفجوة تسعيرية تتيح هوامش ربح مذهلة، فالعراق ينتج سنوياً ما يقارب 18 مليون طن من النفط الأسود، ويصدر منها رسمياً 12 مليون طن، بينما تُستهلك الكميات المتبقية أو تُهرّب بأساليب منظمة تبدأ من المصانع وتمر عبر الصهاريج وتنتهي على متن الناقلات.
ويكمن جوهر المشكلة، بحسب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، في ما سماه بـ”الاقتصاد الزائف للمصانع الوهمية”، إذ تستلم المصانع الإنشائية، لاسيما مصانع الطابوق والإسمنت، أكثر من 9 ملايين لتر يومياً من النفط الأسود بأسعار مدعومة تصل إلى 100 ألف دينار للطن لمصانع الطابوق و150 ألفاً للإسمنت، وهو ما يمثل فقط 20% من السعر العالمي، الأمر الذي يفتح شهية المهربين لتصريف الفائض عبر الموانئ.
وتتكشف خيوط هذا الاقتصاد الخفي في تواطؤ متعدد الطبقات، حيث تتحرك الناقلات بحرية تامة في المياه الإقليمية، دون رقابة جدية، وفي ظل غياب منظومة شاملة لتتبع مسارات الوقود المدعوم. كما أن العدد الفعلي للمصانع، وفق ما يؤكده المرسومي، يتجاوز الألف، في مقابل مصانع وهمية تعمل كغطاء فقط لتسلم الحصص النفطية المدعومة.
وتفرض هذه المعطيات تحديات كبرى على سياسات دعم الطاقة في العراق، إذ تتحول آليات الدعم الحكومي إلى مورد ضخم لشبكات تهريب دولية تتقاطع مصالحها مع مؤسسات داخلية مستفيدة من استمرار الفوضى. وتتطلب المعالجة مراجعة جذرية لمنظومة التسعير والدعم، وتطوير آليات التتبع الرقمي لمنتجات الطاقة، ومساءلة الجهات الملاحية والجمركية التي تغض الطرف أو تشارك بصمت.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts