هل هناك قيمة حقيقية لتهديدات ترامب تجاه غزة؟ سواء كانت حقيقية أو محاولة لإعادة توجيه الاهتمام، فقد رأينا أن تهديداته الأخيرة حول الإفراج عن كل المحتجزين في موعد محدد دلت على عدم فهمه لميزات ومقومات المقاومة الفلسطينية، لذا أعتقد هذا يتطلب فهم سياق سياساته السابقة وأساليبه في التعامل مع القضايا الدولية، خاصة في الشرق الأوسط.
1- هل التهديدات تعبير عن إرادة فعل حقيقية؟
- السياق التاريخي: خلال فترة رئاسته (2017-2021)، اتبع ترامب سياسات مُعلنة داعمة لإسرائيل بشكل غير مسبوق، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، مما يُشير إلى أن توجهاته يقينا مُنحازة لمواقف تُعزز الأمن الإسرائيلي على حساب الفلسطينيين.
معروف باستخدام الخطابات الصادمة لتحقيق أهداف متعددة، مثل تفعيل قاعدته الشعبية أو الضغط التفاوضي. قد تكون التهديدات جزءا من هذه الاستراتيجية، خاصة إذا كانت مرتبطة بتحقيق مكاسب سياسية داخلية
- النمط السياسي لترامب: معروف باستخدام الخطابات الصادمة لتحقيق أهداف متعددة، مثل تفعيل قاعدته الشعبية أو الضغط التفاوضي. قد تكون التهديدات جزءا من هذه الاستراتيجية، خاصة إذا كانت مرتبطة بتحقيق مكاسب سياسية داخلية (مثل استقطاب الداعمين للموقف "الصلب" تجاه الصراع).
- إمكانية التنفيذ: إن كانت التهديدات مُرفقة بإجراءات ملموسة (مثل فرض عقوبات، أو دعم عسكري مُباشر لإسرائيل، أو قطع المساعدات عن الفلسطينيين)، فهذا يُشير إلى نية فعلية، أما إذا اقتصرت على التصريحات الإعلامية دون تغيير سياسي، فقد تكون مجرد أداة تكتيكية.
2- هل التهديدات تهدف إلى تحويل الانتباه عن قضايا أخرى؟
- سياسة الإلهاء: استخدم ترامب سابقا قضايا خارجية لصرف الانتباه عن انتقادات محلية (مثل التحقيقات القضائية أو الأزمات الداخلية). مثال: الهجمات على سوريا عام 2017 تزامنت مع ضغوط تتعلق بالتدخل الروسي في الانتخابات.
- الوضع الحالي: إذا صدرت التهديدات في سياق أزمات داخلية بالولايات المتحدة (مثل صعوبات انتخابية أو قضايا قانونية)، أو محاولة تفكيك الدولة العميقة أو جذبها له لتكون نبعا لإرادته، كما يمكن أن تكون محاولة لتعزيز صورته كـ"قائد قوي" وحشد التأييد حول سياساته الخارجية.
3- كيفية مواجهة هذه التهديدات
أ- على المستوى الفلسطيني والدولي:
- تعزيز الوحدة الفلسطينية: توحيد الخطاب السياسي بين فتح وحماس لمواجهة الضغوط الخارجية، وآن الأوان لتعرف السلطة حجمها الحقيقي حتى لا تتمترس دوما حول التعامل الدولي معها.
- الدبلوماسية النشطة: استخدام منصات دولية مثل الأمم المتحدة لتسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية وكشف الطبيعة الانتقائية للسياسات الأمريكية.
- التحالفات الإقليمية: تعزيز العلاقات مع دول عربية وإسلامية ودولية لخلق توازن ضغط ضد السياسات الأمريكية المُتحيزة.
- الحملات الإعلامية: توثيق المعاناة الإنسانية في غزة ونشرها عالميا لتقويض شرعية أي إجراءات عقابية.
ب- على المستوى الأمريكي:
- الضغط على صناع القرار: من خلال جماعات الضّغط المؤيدة للحقوق الفلسطينية في واشنطن، والاستفادة من الانقسامات داخل الكونغرس حول دعم إسرائيل. وهذا يحتاج مجهودا وسعيا دؤوبا لا يملّ ولا يكلّ أصحابه في الحفاظ على تأثير طوفان الأقصى الذي فضح السردية الكاذبة للكيان وغيّر اتجاهات الدعم السخي الذي كان يتم بلا عقل أو تفكير
- تعزيز النقد الإعلامي: كشف التناقضات في سياسات ترامب، خاصة إذا كانت تهديداته تتعارض مع القانون الدولي أو مصالح أمريكا الاستراتيجية.
- حشد الرأي العام: استخدام منصات التواصل الاجتماعي والمجتمع المدني للتأثير على الرأي العام الأمريكي، الذي يُشكل ضغطا على الإدارة.
ج- على المستوى القانوني:
- مقاضاة الانتهاكات: تقديم شكاوى لمحكمة الجنايات الدولية حول أي إجراءات تُنتهك القانون الدولي بدعم أمريكي.
4- الخلاصة
التهديدات قد تجمع بين النوايا الحقيقية والتكتيكات الإلهائية، حسب السياق. مواجهتها تتطلب استراتيجية مُتعددة الأبعاد: دبلوماسية، إعلامية، قانونية، وشعبية، مع تفعيل الأدوات الدولية لموازنة السياسات الأحادية الجانب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب غزة المقاومة مقاومة غزة تهجير ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تصعيد غير مسبوق وحرب تلوح في الأفق| ترامب ينشر غواصتين نوويتين ردًا على تهديدات روسيا.. ماذا يعني ذلك؟
في خطوة أعادت أجواء الحرب الباردة إلى الواجهة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، أنه أمر بنشر غواصتين نوويتين أمريكيتين، في رد فعل مباشر على تصريحات وُصفت بـ"الاستفزازية" من الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي.
منشور ناري من ترامب
ترامب كتب عبر منصته "تروث سوشيال":
"بناء على التصريحات الاستفزازية للغاية للرئيس الروسي السابق، فقد أمرت بنشر غواصتين نوويتين في المناطق المناسبة، تحسباً لتصعيد أكبر قد تسببه هذه التصريحات الحمقاء والتحريضية".
وأكد الرئيس الأمريكي أن "الكلمات مهمة جدًا، وقد تؤدي في كثير من الأحيان إلى عواقب غير مقصودة"، معرباً عن أمله في ألا تؤدي تلك التصريحات إلى مزيد من التوتر.
تراشق كلامي يعكس توتراً متصاعداً
التصريحات التصعيدية جاءت وسط حالة من التراشق اللفظي بين ترامب وميدفيديف، حيث وصف الأخير تعليق ترامب بـ"العصبي"، معتبراً أن هذا الغضب يؤكد صواب موقف روسيا وسيرها في الاتجاه الصحيح.
وفي منشور على قناته في "تيلجرام"، كتب ميدفيديف:"إذا كانت كلماتي تثير رد فعل عصبياً بهذا الشكل من رئيس الولايات المتحدة السابق، فهذا يعني أننا على الطريق الصحيح".
تهديد مبطن بـ"اليد الميتة"
ولم يتوقف ميدفيديف عند ذلك، بل ذكّر ترامب بشكل مبطن بـ"اليد الميتة" النووية الروسية، في إشارة إلى النظام الروسي التلقائي للرد النووي، والذي لطالما أُحاط بالغموض. وسخر ميدفيديف من تصريحات ترامب، داعياً إياه لتذكر أفلام الزومبي التي يحبها، قائلاً:"فليتذكر ترامب أفلامه المفضلة عن الموتى الأحياء، وكيف يمكن لليد الميتة أن تكون خطيرة".
ترامب: هذه حرب بايدن
وفي منشور آخر، علّق ترامب على الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، واصفاً إياها بـ"حرب كان يجب ألا تندلع أبداً". وأضاف:"هذه حرب بايدن، وليست حرب ترامب. أنا هنا فقط لأرى إن كان بإمكاني إيقافها".
مواجهة باردة.. وقلق ساخن
التصعيد الكلامي الأخير بين ترامب وميدفيديف لا ينبئ فقط بمرحلة جديدة من التوتر الأمريكي الروسي، بل يعكس هشاشة الاستقرار الدولي في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، واحتمال انزلاق القوى الكبرى نحو مواجهة أكثر خطورة. وبين غواصات نووية و"أيادٍ ميتة"، يبدو أن الكلمات قد تكون بداية لعواقب يصعب التنبؤ بها.