لافروف يبحث مع نظيره الجنوب إفريقي على هامش «قمة العشرين» التسوية الأوكرانية
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
اجتمع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، اليوم، الجمعة، بنظيره الجنوب إفريقي رونالد لامولا، حيث أطلعه على نتائج المحادثات الروسية الأمريكية حول التسوية الأوكرانية في الرياض، وذلك على هامش اجتماع مجموعة العشرين في جوهانسبرج.
وأكد لافروف لنظيره الجنوب إفريقي الحاجة إلى تسوية الوضع من خلال إزالة الأسباب الجذرية للأزمة، التي خطط لها قادة حلف الناتو والاتحاد الأوروبي على مدى سنوات.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية - في بيان أذاعته وكالة (تاس) الروسية - أن الوزيرين بحثا أيضا القضايا الراهنة لتطوير العلاقات بين البلدين، ذات الشراكة الاستراتيجية مع التركيز على توسيع الروابط التجارية والاقتصادية.
وأكد الوزيران أهمية تعزيز التنسيق السياسي الخارجي بين روسيا وجنوب إفريقيا ضمن الأطر الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، وبريكس، ومجموعة العشرين، وحوار (روسيا - إفريقيا).
وتبادل الوزيران وجهات النظر حول الوضع الراهن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث "لاحظا قرب مواقف البلدين تجاه تسوية النزاعات في إفريقيا، بما في ذلك الوضع في منطقة البحيرات الإفريقية الكبرى، ودور الاتحاد الإفريقي في جهود الحفاظ على السلام والأمن في القارة".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وزير الخارجية الروسي لافروف قمة العشرين التسوية الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
الحرب الروسية الأوكرانية.. هل أخفقت دبلوماسية ترامب أمام مصالح ورهانات أطرافها؟
على الرغم من الثقة الكبيرة التي أظهرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل توليه الرئاسة، بشأن قدرته على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية خلال 24 ساعة، وما أبداه لاحقا من تفاؤل في "قمة ألاسكا" من إمكانية جمع الخصوم على طاولة واحدة، فإنّ جهوده للتوصل إلى اتفاق السلام لم تسفر حتى الآن عن نتائج ملموسة.
ومع تصعيد روسيا لهجماتها داخل أوكرانيا وتوغّل مسيّراتها في أجواء دول أوروبية شرقية وشمالية، يتضح أن الوضع ازداد سوءا وبات أكثر تعقيدا لأن حلف شمال الأطلسي (الناتو) اضطر إلى الرد عبر اعتراض تلك المسيّرات وإسقاطها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2المغرب ونيبال ودول أخرى.. ماذا تحمل ثورات جيل زد؟list 2 of 2كيف وظّف نيكسون وترامب وبوتين نظرية "الرجل المجنون" في السياسة؟end of listوهكذا أصبحت دبلوماسية ترامب تجاه الحرب الروسية الأوكرانية تتعرض لانتقادات واسعة لعدم قدرتها على تحقيق أي شيء في ميدان المعارك التي استمرت منذ أكثر من 3 سنوات.
ونشر مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ورقة تحليلية تحت عنوان "الحرب الروسية الأوكرانية: هل أخفقت دبلوماسية ترامب أمام مصالح ورهانات أطرافها؟".
الورقة التي أعدتها الباحثة المتخصصة في الشؤون الروسية الدكتورة ياسمين أحمد الضوي حاولت تسليط الضوء على العقبات التي تواجه ترامب في سبيل إنهاء الحرب، وذلك في إطار تقييم مدى فاعلية دبلوماسيته من عدمها.
ألاسكا.. بدايات صفقة لا ترضي الجميعاعتبر ترامب أن قمة ألاسكا فرصة لإطلاق مبادرة دبلوماسية تجعله يظهر بنجاح دبلوماسي كبير، بيد أن مخرجات القمة لم تنجح في تقديم حل سريع، لتخلص نتائجها في كونها تمثل انتصارا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وذلك من خلال ما يلي:
كسر العزلة الدبلوماسية التي كانت مفروضة عليه من الغرب منذ اندلاع الحرب على أوكرانيا. إقناع ترامب بضرورة الحل الشامل لمشكلة الحرب بدلا من وقف إطلاق النار، وهو ما اعتبر نجاحا للجانب الروسي من خلال كسب مزيد من الوقت. تليين الموقف المتعلق بالعقوبات، إذ استطاع بوتين ثني البيت الأبيض عن فرض عقوبات رغم عدم قبول الكرملين بقبول وقف إطلاق النار. تسويق فكرة تبادل الأراضي، إذ أبدى ترامب انفتاحا على ذلك وهو ما عُدّ مكسبا سياسيا لبوتين. إعلان مكاسب رمزية لترامبورغم أن الرئيس ترامب فشل في تحقيق وعوده المتعلقة بوقف الحرب والتحضير للقاء ثلاثي والضمانات الأمنية لأوكرانيا، فإنه نجح في الحصول على مكاسب رمزية -وفقا لبعض التحليلات- تتمثل في:
إظهار نفسه بأنه صانع سلام بخلاف إدارة الرئيس السابق جو بايدن التي جلبت الحروب والدمار. استغلال لقاء بوتين لتجديد هجومه على التحقيقات المتعلقة بتواطؤ حملته مع الروس في انتخابات 2016. حصل على تأكيد وإشادة بوتين على أن الحرب لم تكن لتحدث لو كان في السلطة آنذاك. وهي مكاسب رمزية تصب في إرضاء غرور ترامب ومهاجمة أعدائه. التعويضات الإقليمية والضمانات الأمنيةتسبّبت قضية التنازلات الإقليمية المحتملة من جانب أوكرانيا في انقسام واضح داخل المعسكر الغربي؛ فبينما اعتبرت إدارة ترامب أن العودة إلى حدود ما قبل 2014 هدف غير واقعي، تمسّك الأوكرانيون والأوروبيون بموقفهم الرافض لأي تنازلات.
ورغم أن رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي يحاول ألا يصطدم بترامب ويعترض على مقترحاته، فإنه لوّح بأنه مقيد بالدستور ولا يستطيع التنازل عن أرض الدولة.
وفي ما يتعلق بالضمانات الأمنية، فإن ترامب أبدى تفاؤلا حولها في البداية، ولكن سرعان ما بدّدت روسيا تلك الآمال، إذ أعلن وزير خارجيتها سيرغي لافروف أن الضمان الأمني من وجهة نظر بلاده يجب أن يكون اتفاقا توافقيا بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن مع حق النقض للكرملين.
وتتناقض تصريحات لافروف مع خطة الدول الأوروبية التي تقضي بنشر قوة تابعة لها، وتكون مدعومة من قبل الولايات المتحدة، وهكذا بدا أن الرؤى متباينة إلى حد كبير في مسألة الضمانات الأمنية.
رهانات بوتين وزيلينسكي المختلفةومن خلال المحادثات التي تمت حتى الآن بوساطة أميركية وما تبعها من تصعيد عسكري بين الطرفين، يتبين أن الطريق ليس ممهدا أمام دبلوماسية واشنطن لتحقيق النصر السريع الذي كان يعتقده ترامب، وهو الأمر الذي جعله يخرج بتصريحات تعكس إدراكه العميق لتعقيدات الصراع.
وقد تبيّن أن الطرفين يسيران في مسارين مختلفين:
فروسيا لديها شروط واضحة لإنهاء الحرب، من أهمها:
الاعتراف بسيطرتها على المناطق الأربع في شرق أوكرانيا، وهي جمهوريتا لوغانسك ودونيتسك ومقاطعتا زاباروجيا وخيرسون. إضافة لشبه جزيرة القرم، باعتبارها أراضي روسية. كما تشترط عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو.أما أوكرانيا، فإنها تطالب:
بانسحاب روسي كامل من تلك المناطق. ووضع ضمانات أمنية من ضمنها تقديم الدعم لجيشها حتى يكون قويا بما يكفي لمنع غزو جديد. بالإضافة لطلبات أخرى تشمل المحاكمات ودفع التعويضات.وبالإضافة لهذه الشروط التي تبدو غير متقاربة، فإن هنالك تحديات أخرى ترتبط برهانات أطراف هذه الحرب الجارية منذ أكثر من 3 سنوات ونصف السنة، وتزيد من تمسّك كل فريق بموقفه.
أولا: رهانات بوتينويستند الرئيس الروسي في موقفه إلى عدة رهانات من أهمها:
1- الميدان ورهان الوقت: فيرى أن السيطرة الميدانية تمنحه اليد العليا، ويعتمد على حرب استنزاف طويلة يملك فيها تفوقا ديمغرافيا واقتصاديا وعسكريا، لذلك يواصل التصعيد قبيل أي مفاوضات جدية لضمان التفاوض من موقع القوة والنفوذ.
2- الصمود أمام العقوبات: ويأتي الرهان على الصمود في وجه العقوبات الغربية بعدما أثبتت التقارير أن الاقتصاد الروسي له قدرة نسبية على المواجهة بفضل التفاف موسكو على القيود من خلال شركائها في الجنوب العالمي كالصين والهند، إضافة إلى إحكام سيطرة بوتين على الداخل الروسي واستدعائه السردية القومية لتبرير الحرب.
إعلانكما أن حكومة بوتين يمكن أن تتعامل مع تدهور المالية العامة عن طريق خفض الإنفاق على التعليم والصحة والبنية التحتية والكثير من المشاريع، كما فعلت طوال فترة الحرب الحالية، بالإضافة إلى أن الجنرالات لا يستطيعون الاعتراض على قراراته ولو تسبّبت العقوبات الاقتصادية في تجميد أرصدتهم.
3- النجاح الدبلوماسي: كما يراهن الرئيس الروسي على نجاحه الدبلوماسي في كسر عزلته الدبلوماسية، وقدرته على توطيد العلاقات مع دول الشرق لا سيما الصين والهند وكوريا الشمالية التي ساعدته في مواجهة العقوبات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، اعتبرت زيارة بوتين إلى بكين في سبتمبر/أيلول الماضي بأنها رسالة واضحة للغرب مفادها أن روسيا ليست معزولة دولية ولها علاقات قوية مع حلفائها الكبار.
4- ترامب وتجنّب التشدد: كما يراهن سيد الكرملين على طبيعة ترامب الباحثة عن إنجاز دبلوماسي شخصي، وسعيه لتعرية الديمقراطيين أمام الرأي العام وإظهار أنهم أخطؤوا التقدير في السياسات العالمية، كما أنه يعرف أن ترامب لديه مصلحة في التعاون مع روسيا في بعض القضايا مثل ملف إيران وسوريا.
5- شق الصف الغربي: ويعتقد الرئيس الروسي أن الانقسام الغربي ينبغي أن يتم استثماره، خاصة بعد امتناع واشنطن عن التصويت على قرار أممي يدعم وحدة أوكرانيا، وهو الأمر الذي تصر عليه الدول الأوروبية.
وفي المقابل، تراهن أوكرانيا في حربها مع الروس على عدة أمور، من أبرزها:
1- استمرار الدعم الأوروبي: فتنطلق كييف من هذه النقطة لأن القارة الأوروبية تعد استمرار الحرب على أوكرانيا تهديدا مباشرا لأمنها واستقرارها، وتعتبر أوكرانيا جبهة حدودية تحول دون التوسع الروسي.
وفي ذلك السياق، تراهن أوكرانيا أيضا على مصالح أوروبا التي أصبحت مستعدة لتقديم ضمانات أمنية، وخاصة بعد تعميق التعاون بين كييف وحلف الناتو، وهو الموضوع الذي يخشاه الرئيس الروسي ويرى فيه خطرا على بلاده.
2- نفاد صبر ترامب: ويأمل زيلينسكي أن يشكل استمرار الحرب إحراجا للرئيس الأميركي وإظهاره عاجزا عن تقديم حل، الأمر الذي قد يدفعه إلى اتخاذ إجراءات عقابية أكثر قسوة.
3- سلاح العقوبات: وتعتبر أوكرانيا أن الضغط الاقتصادي من السبل المهمة في تحقيق وقف إطلاق النار والتقدم نحو السلام، ويدعو زيلينسكي إلى سدّ الثغرات التي تتيح لموسكو التحايل على العقوبات، مثل استخدام العملات المشفرة وتهريب النفط عبر سفن وسيطة.
4- حاجة ترامب لحليف أوروبي: ومن المعلوم أن روسيا كانت خصما لواشنطن في القرن الماضي، ومهما بلغت القوة الأميركية فإن ترامب يحتاج لحلفائه الأوروبيين من أجل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.
يبدو أن دبلوماسية ترامب اصطدمت بواقع أكثر تعقيدا مما تصوّره قبل توليه الرئاسة، إذ إن الصراع الروسي الأوكراني لم يعد مجرد نزاع حدودي، بل تحوّل إلى ساحة تجاذب إرادات بين قوى كبرى تحتاج إلى كثير من الأدوات لترجع إلى عهد الاستقرار.
وأمام هذه العقبات، أدرك ترامب ثقل المسألة، وبدأ في تغيير رؤيته بعد لقائه الأخير زيلينسكي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث قال إن أوكرانيا قادرة على استعادة أرضها رغم أنه قال سابقا إن طموحها لهذا الأمر غير واقعي.
وفي السياق، حاول ترامب أن يظهر ضعف روسيا وزاد من التصعيد اللفظي ضدها، وذلك من أجل تبرير تغيير مواقفه، حيث أشار إلى أن الحرب بالنسبة لقوة عسكرية كبيرة كان من المفترض أن يحسم أمرها في ظرف أسابيع معدودة.
إعلانومن الواضح أن ترامب في سبيل خطته لإنهاء هذه الحرب يبحث فقط عن الورق الرابح، وأنّ تحول موقفه لصالح أوكرانيا يحقق له عدة مكاسب من أهمها محاولة إخراج نفسه من مأزقه الدبلوماسي واعتقاده الخاطئ بقدرته على حل هذه الحرب، كما أنه وسيلة للضغط على روسيا ودفعها إلى مائدة المفاوضات.
وانطلاقا من المعطيات السابقة، يمكن أن يلاحظ أن رغبة ترامب الحقيقية في إنهاء الحرب لا تزال محل جدل، لأنه صرّح بأنها ليست حربه، كما أن اهتمامه ينصب نحو السيطرة على المعادن، وقد يركّز على التنسيق مع من سيسيطر على المعادن في أرض أوكرانيا وخطوط إمدادها.
ويمكن القول إن دبلوماسية ترامب المتعلقة بهذه الحرب لا تزال محل اختبار، لأنه يمتلك أوراق ضغط على الطرفين تتحكم فيها تعارض المصالح وبعض الرهانات التي قد تساهم في إطالة أمد الصراع، لأن التحدي الأكبر هو الأولويات الأساسية لسيد البيت الأبيض والتي قد لا يكون هذا الصراع من أهمها.