يوم الوداع المليوني... وماذا بعد؟
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
مَن كان قادرًا على جمع آلاف مؤلفة من جمهور كان ينتظر إطلالاته وحضوره الآسر بشغف قلّ نظيره حتى ولو من خلف الشاشات، لن يكون عصّيًا عليه أن يجمع أضعافًا مضاعفة سيزحفون اليوم إلى "مدينة "كميل شمعون الرياضية" لتوديع مَن كان لهم الأمل والضمانة والموجه والمرشد والمرجع. فلا أحد، لا من الخصوم ولا من المحبين والمؤيدين، يشكّ لحظة واحدة في قدرة "حزب الله" على "التحشيد" في الزمن العادي، فكيف الحال في أهم حدث بالنسبة إليه، وإن كان هذا الحدث أليمًا حتى الموت.
ففي يوم وداع الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله، ومعه خليفته السيد هاشم صفي الدين، سيكون المشهد استثنائيًا. وهذا ما يتوقعه كثيرون في الداخل والخارج. واستثنائية هذا المشهد ستظهر حتمًا في مدى التزام جمهور "حزب الله" في الزحف إلى مكان التشييع، الذي أُعدّ لكي يراه العالم كله، وبالأخص في الداخل الإسرائيلي، كرسالة مباشرة مفادها وفحواه بأن العدو قادر على قتل الجسد، وتدمير المنازل، وجرف البساتين والحقول، وتشريد آلاف المواطنين من بلداتهم وقراهم، لكنه لأعجز من قتل هذه الجزوة الحسينية الراسخة في النفوس والاحلام، وهو لأعجز من أن ينال من نخوة "أهل البيت"، الذين سيتحدّون اليوم جنون الطبيعة، غير أبهين بما سيتعرّضون له من برد وصقيع وزمهرير ومطر.
هي مشهدية الموت والغياب الجسدي. هي حال تساوت فيها كل العائلات الروحية في لبنان، بدءًا بأبناء الجبل من الطائفة الدرزية، التي خسرت القائد المعلم كمال جنبلاط، وقبلها الطائفة الشيعية قبل أن تخسر السيد حسن نصرالله غُيّب لها سماحة الامام موسى الصدر، وكذلك المسيحيين، الذين فقدوا أول رئيس للجمهورية يُغتال هو الشيخ بشير الجميل، وأُعيدت الكرّة باغتيال ثاني رئيس للجمهورية يُغدر به هو رينيه معوض، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السنّة الذين سقط لهم أكثر من شهيد على مذبح الوطن بدءًا بالرئيس رشيد كرامي ومرورًا بالمفتي حسن خالد، ووصولًا إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فتساوت هذه العائلات الروحية بمعمودية الدم والشهادة على مذبح الوطن، ناهيك عن شهداء "ثورة الأرز" من مختلف هذه العائلات.
فمن هذا "اليوم المليوني"، يوم وداع "سيد الشهداء"، الذي سيمرّ كما مرّ غيره من مشاهد الوداع في المختارة وبكفيا وبيروت كالأمس الذي عبر، يجب أن تؤخذ العِبر الوطنية، وألا يكون مروره كسائر الأيام من دون أن يحدث نقلة نوعية في مسيرة استعادة الجمهورية بعد تحريرها من أسرها، وبعد أن يسود منطق الدولة دون سائر أي منطق آخر لا تتطابق روحيته مع منهجية خطاب قسم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي استوحي تعهداته من اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب بوجهها الأهلي وبتحريض واشتراك خارجي. وإذا لم تُتخذ هذه العِبر على محمل الجد، وإذا لم تأخذ في الاعتبار تقديم مصلحة لبنان على أي مصلحة خارجية أخرى، أيًا كانت هويتها وأهدافها ومراميها ومخططاتها المعلنة وغير المعلنة، فإن يوم 23 شباط سيكون كغيره من الأيام التي شهدتها المختارة وبيروت وبكفيا، وستُعاد المشاهد ذاتها، التي تكرّرت على مدى سنوات منذ اليوم الأول لاندلاع شرارة إدخال لبنان في أتون مسلسل الحروب المتوالدة قبل خمسين سنة، وقبلها بسنوات قليلة، يوم أُدخل لبنان في متاهات "اتفاق القاهرة"، الذي حوّل لبنان من مساحة تلاقٍ وحوار وحضارة إلى ساحة اقتتال وحقل تجارب بديلة عن دول الجوار.
في هذا اليوم الوداعي الأخير للسيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين سيشهده العالم من على شاشات التلفزة عبر الأقمار الاصطناعية، وسيكون لكل من سيشاهده تعليق مختلفة مضامينه عن المضامين الأخرى، وسيُحفَر هذا التاريخ بأحرف من ذهب في وجدان "أهل البيت"، وفي أعماق الذين لم يصدّقوا بعد أن سماحة السيد لم يعد بينهم. ولكن يبقى الأهم من كل هذا وذاك في نظر جميع اللبنانيين التواقين إلى عدم رؤية أي سلاح بعد اليوم سوى في السلاح الشرعي يد القوى المسلحة الشرعية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وأمن دولة وجمارك وشرطة بلدية، وإلى رؤية الدولة التي طالما حلموا بها وقد استعادت ما لها من صلاحيات ومن هيبة ومن وجود، وأن يكون "لبنان أولًا" في أولوية جميع القوى السياسية، بمن فيهن وأولهم "حزب الله".
المصدر: خاص لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أعمال يوم عرفة .. متى تبدأ وماذا نقول فيها؟
تبدأ أعمال يوم عرفة ، بالمبيت في منى ليلة عرفة، ثم التفويج إلى مشعر عرفات ، بعد طلوع شمس اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، سيرا من منى إلى جبل عرفات مرددين تلبية الحج وهي "لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك".
وعندما يقف الحجيج ليؤدوا ركن الحج الأكبر على صعيد عرفة يظهر أمامهم مسجد (نمرة)، ونمرة: جبل نزل به النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة في خيمة، ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرًا جمع تقديم، وانصرف منها إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
وبعد وصول حجاج بيت الله الحرام، إلى جبل عرفات فإنه يستحب لهم النزول بنمرة إلى زوال الشمس إن تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر نزل بأي مكان داخل حدود جبل عرفات.
فإذا زالت الشمس ودخل وقت صلاة الظهر ، سن لحجاج بيت الله الحرام أن يستعموا إلى خطبة عرفة في مسجد نمرة ، ويصلون الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين قصرا وجمعا في وقت الظهر، فيصلون الظهر ركعتين، والعصر ركعتين.
وبعد أداء صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا ، يقضي الحاج وقته كله في الذكر، والدعاء، والتسبيح، والتحميد والتهليل، والتوبة ، والاستغفار، إلى غروب الشمس.
الوقوف على جبل عرفةوقالت دار الإفتاء المصرية، متحدثة عن آخر وقت للوقوف بعرفة، إن الوقوف بعرفة يكون في اليوم التاسع من ذي الحجة، ويبدأ بعد الزوال -الظهر- هو وقتٌ صحيحٌ للوقوف بعرفة.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى لها، أن آخر وقت للوقوف بعرفة ينتهي بطلوع فجر يوم النحر أول أيام عيد الأضحي، وأن مَن جمع في وقوفه بعرفة بين الليل والنهار من بعد الزوال فوقوفه تام ولا شيء عليه، وأن من وقف بعرفة ليلة النحر فحجه صحيح.
وذكرت أن جمهور العلماء ذهب إلى أن الوقوف بعرفة يبتدئ من الزوال -بعد الظهر-، وأن الوقوف قبل الزوال غير مُجزئ، ومَن لم يقف بعد الزوال فقد فاته الحج، والحنابلة يرون أن مَن وقف ونفر بعد الفجر وقبل الزوال فحجُّه صحيحٌ وعليه دمٌ».
فضل يوم عرفةيوم عرفات هو يوم عظيم شريف يجتمع فيه الحجيج من كل أرجاء الدنيا في التاسع من ذي الحجة كل عام، رافعين أيديهم بالتضرع والدعاء لله عز وجل، على جبل عرفات المسمى (جبل الرحمة).
ويوم عرفة يوم عظيم، أقسم الله تعالي به، فقال الله تَعَالَى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3] حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَالْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ» أخرجه البيهقي في فضائل الأوقات.
ويوم عرفة أكمل الله لنا فيه ديننا، فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ جُمُعَةٍ. أخرجه البيهقي في فضائل الأوقات.
كما أنه يوم المغفرة والعتق من النيران، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ ». أخرجه مُسلم.