ملف الشرعية السياسية في ليبيا.. مجلس النواب وحكومته في مواجهة جديدة مع الدبيبة
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
ليبيا – تقرير: جدل سياسي في ليبيا بين مجلس النواب وحكومة الدبيبة حول الشرعية والاستحقاقات الانتخابية
عقيلة صالح يدعو إلى تشكيل حكومة جديدة وإنهاء المرحلة التمهيديةشارك رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، في أعمال المؤتمر السابع للبرلمان العربي، الذي عقد بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة، بحضور عدد من رؤساء البرلمانات العربية.
وخلال كلمته، أكد صالح أن 85% من المناطق الواقعة تحت سلطة مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه تشهد تنمية غير مسبوقة، مشيرًا إلى استمرار تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، خصوصًا بعد كارثة إعصار دانيال. كما شدد على أهمية استقطاب الاستثمارات في مختلف القطاعات، بما في ذلك الزراعة والصناعة والطاقة، داعيًا الشركات العربية والدولية للمساهمة في مشاريع التنمية.
وفيما يتعلق بالأوضاع السياسية، جدد عقيلة صالح موقفه الداعي إلى تشكيل حكومة جديدة، مشيرًا إلى أن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة لم يعد لها شرعية، مؤكدًا أنها فشلت في تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية. وأشار إلى أن قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية صادرة عن لجنة 6+6، وتم تأكيد صلاحيتها من قبل مبعوث الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مما يفتح الباب أمام إجراء انتخابات تنهي الأزمة السياسية في البلاد.
حكومة الدبيبة ترفض تصريحات عقيلة صالح وتحمله مسؤولية عرقلة الانتخاباتمن جهتها، رفضت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة التصريحات التي أدلى بها رئيس مجلس النواب، ووصفتها في بيان رسمي بأنها تصريحات جهوية تعزز الانقسام وتعرقل مساعي الاستقرار.
وأعربت الحكومة عن استيائها مما وصفته بالمغالطات القانونية والسياسية التي تضمنتها كلمة عقيلة صالح، معتبرة أن رئيس مجلس النواب بات يتعامل كزعيم حزب سياسي يحتكر القرار داخل المجلس، مشيرة إلى أن العديد من أعضاء المجلس يبدون استيائهم من مواقفه التي تعمّق الانقسام.
كما أكدت حكومة الدبيبة أن مجلس النواب نفسه يعاني من انتهاء مدته القانونية، ولا يمتلك شرعية شعبية متجددة، معتبرة أن الاتفاق السياسي هو المصدر الأساسي لشرعية المؤسسات في الوقت الراهن.
واتهمت الحكومة رئيس مجلس النواب بالتسبب في عرقلة الانتخابات عام 2021، عبر ما وصفته بفرض قوانين انتخابية غير قابلة للتنفيذ، وطلبه رسميًا من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إيقاف العملية الانتخابية، وهو ما ترى الحكومة أنه أسهم في استمرار حالة الجمود السياسي.
كما حمل البيان عقيلة صالح مسؤولية تعطيل المسار الديمقراطي، معتبرًا أن ما أسمته اشتراطاته الانتخابية المعيبة كانت السبب الرئيسي في تأخير الاستحقاقات الانتخابية، التي يتطلع إليها الشعب الليبي.
حكومة الاستقرار تعلن تأييدها لعقيلة صالح وتطالب بوقف التعامل مع حكومة الدبيبةفي المقابل، أصدرت حكومة الاستقرار المنبثقة عن مجلس النواب برئاسة أسامة حماد، بيانًا أكدت فيه دعمها الكامل لما جاء في كلمة عقيلة صالح، ورفضها لما وصفته بمحاولات فرض أمر واقع عبر حكومة منتهية الولاية.
وأكدت الحكومة أن مجلس النواب هو الممثل الشرعي المنتخب والمعبر عن إرادة الشعب الليبي، وأن أي حل سياسي يجب أن يرتكز على إنهاء الانقسام المؤسسي وتوحيد السلطة التشريعية.
كما جددت حكومة الاستقرار دعوتها للمجتمع الدولي للتوقف عن التعامل مع حكومة الدبيبة، مشيرة إلى أن ذلك يعرقل جهود استعادة الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة. وأكدت أن الحل يجب أن يكون ليبيًا – ليبيًا، ودعت المجتمع الدولي إلى دعم تطلعات الشعب الليبي نحو دولة ديمقراطية مزدهرة.
جدل مستمر حول الشرعية والاستحقاقات الانتخابيةيأتي هذا السجال السياسي في وقت تشهد فيه ليبيا أزمة شرعية مستمرة وسط تمسك حكومة الدبيبة بالسلطة في طرابلس، حيث يرى مجلس النواب وحكومة الاستقرار أن الاخيرة قد تجاوزت ولايتها القانونية، بينما تصر حكومة الدبيبة على أنها تمثل الشرعية التنفيذية المستندة إلى الاتفاق السياسي على حد وصفها.
وبينما يستمر هذا الجدل، تبقى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تشرف عليها حكومة جديد المخرج الوحيد للأزمة يقول مراقبون، وسط دعوات محلية ودولية لتحديد موعد واضح لها، وإنهاء حالة الانقسام السياسي التي تعيشها البلاد منذ سنوات.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: رئیس مجلس النواب حکومة الاستقرار حکومة الدبیبة عقیلة صالح إلى أن
إقرأ أيضاً:
أزمة تجنيد الحريديم تعصف بالحياة السياسية في إسرائيل.. هل تسقط حكومة نتنياهو؟
يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديًا جديدًا مع اقتراب تصويت حاسم في الكنيست الأربعاء قد يؤدي إلى حل البرلمان، وذلك على خلفية أزمة حادة مع شركائه من الأحزاب اليهودية الأرثوذكسية المتشددة (الحريديم)، الذين يلوّحون بإسقاط الحكومة في حال عدم تمرير قانون يُعفي مجتمعهم من الخدمة العسكرية. اعلان
ورغم تصاعد التوتر، يستبعد المراقبون أن تكون هذه نهاية الطريق لنتنياهو – أطول رؤساء الوزراء خدمة في تاريخ إسرائيل – أو لحكومته اليمينية المتطرفة، التي لا تزال تمسك بزمام السلطة رغم الفشل الأمني المدوي خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
قانون التجنيد: القشة التي قد تقسم ظهر الائتلافيأتي التصويت بدعوة من المعارضة، لكنه لن يمرّ إلا إذا قررت الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة الانشقاق عن الائتلاف الحاكم، وقد يكون هذا الانقسام وشيكًا في حال لم يتم تمرير قانون يُجدّد الإعفاء من الخدمة العسكرية لشباب الحريديم، وهي قضية شائكة تُثير انقسامًا واسعًا في الداخل الإسرائيلي، خصوصًا مع استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة.
ورغم أن بعض المحللين يرون تهديدات الحريديم مجرد مناورة سياسية، فإن هذا التصويت يُعدّ التحدي الأخطر لحكومة نتنياهو منذ اندلاع الحرب، وقد يؤدي انهيار التحالف إلى هزة سياسية لها تداعيات كبيرة على مسار الحرب وأزمة الرهائن.
خلفية الأزمة: الحريديم والخدمة العسكريةمنذ تأسيس إسرائيل عام 1948، حظي طلاب المعاهد الدينية الأرثوذكسية بإعفاءات من الخدمة العسكرية، كنوع من التعويض التاريخي عن خسائر التعليم الديني خلال المحرقة، آنذاك، كان عدد المُعفيين محدودًا، لكن بمرور الوقت وبدعم من الأحزاب الدينية، ارتفعت أعدادهم إلى عشرات الآلاف.
اليوم، تُعد هذه الإعفاءات إحدى أكثر القضايا إثارة للجدل، فمع أن جميع الرجال اليهود يُجبرون على الخدمة لمدة 3 سنوات، والنساء لمدة سنتين، يستفيد طلاب الحريديم من الإعفاء التام، فضلًا عن تلقيهم مخصصات مالية من الحكومة حتى سن 26. وقد أثار هذا الوضع غضبًا شعبيًا متزايدًا، خصوصًا بعد التعبئة العسكرية غير المسبوقة في أعقاب هجوم حماس، والتي شملت 360 ألف جندي احتياطي.
في المقابل، يرفض كثير من الحريديم الانخراط في الجيش، معتبرين أن الالتحاق بالخدمة يُشكّل تهديدًا على نمط حياتهم الديني، يقول الحاخام إفرايم لفت من مدينة بني براك: "الخدمة العسكرية تخلط بين أشخاص من خلفيات وأفكار متباينة، وبعضهم يحمل قيَمًا لا أخلاقية، نحن نحمي الدولة من خلال التزامنا بالوصايا، وهذا لا يقل أهمية عن حماية الجيش."
شركاء نتنياهو يُلوّحون بالانسحابتُعد أحزاب "شاس" و"ديغيل هتوراه" من الركائز الأساسية في ائتلاف نتنياهو، وقد أعلن متحدث باسم "شاس" أن الحزب سيصوّت لصالح حل الكنيست إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة، بينما تُهدد "ديغيل هتوراه" بالانسحاب منذ أسبوع.
يرى الباحث شوقي فريدمان، نائب رئيس معهد سياسة الشعب اليهودي في القدس، أن موقف هذه الأحزاب ينبع من "تركيزها المطلق على مصلحة مجتمعها"، مشيرًا إلى أن "القضية ليست الحرب أو الاقتصاد، بل الإعفاء من التجنيد."
ويضيف فريدمان أن استمرار الإعفاءات بهذا الشكل بات غير قابل للاستمرار، خصوصًا مع النمو السريع في عدد السكان الحريديم، الذين يُقدّر عدد من يبلغون سن التجنيد منهم سنويًا بـ13 ألفًا، لكن أقل من 10% منهم فقط يلتحقون بالخدمة.
هل ستمرّ خطوة حلّ البرلمان؟رغم الضجيج السياسي، يستبعد كثير من المحللين تمرير التصويت، إذ أوضحت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية، غاييل تلشير، أن التصويت يحتاج لحضور الأحزاب الأرثوذكسية بكاملها، وأن غياب أحدها يُسقط المقترح ويمنع إعادة طرحه لمدة 6 أشهر.
لكن تلشير تحذّر من سيناريو آخر أكثر خطورة: "إذا شعر الحاخامات الذين يقودون تلك الأحزاب أن الحكومة استنفدت مهلة الانتظار، فقد يُصدرون فتوى تدعو للانسحاب، خاصة مع ازدياد الضغط الشعبي داخل المجتمع الحريدي."
ويُشار إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ بإرسال آلاف أوامر الاستدعاء لشباب الحريديم، وأوقف بعضهم عند محاولتهم مغادرة البلاد أو بسبب مخالفات مرورية، وهو ما أثار موجة من القلق داخل هذا المجتمع المغلق.
ما علاقة ذلك بالحرب في غزة؟يرى نتنياهو في الحرب المستمرة ذريعة لبقاء حكومته موحّدة، لكن في المقابل، تتمنى الأحزاب الأرثوذكسية نهاية سريعة للقتال.. تقول تلشير: "يعتقد الحريديم أنه بعد انتهاء الحرب، ستتراجع الضغوط السياسية، وستكون لديهم فرصة أفضل لتمرير قانون الإعفاء."
لكن حتى ذلك الحين، تبقى إسرائيل عالقة بين جبهتين: جبهة مشتعلة في غزة، وجبهة سياسية لا تقل اضطرابًا داخل الكنيست، حيث تزداد التساؤلات: هل يستطيع نتنياهو البقاء في الحكم دون تقديم تنازلات؟ وهل ستكفي أدواته المعتادة لتجاوز هذا المنعطف الحرج؟.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة