هل تخضع طهران للشروط الأميركية بشأن برنامجها النووي؟
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
طهران- رغم حث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إسرائيل -إبان حملته الانتخابية- على ضرب المنشآت النووية الإيرانية، ففي بادئ الأمر لم تخف طهران رغبتها في التفاوض مع الإدارة الجمهورية الجديدة لحلحلة القضايا الشائكة معها، لكن توقيع ترامب مرسوما رئاسيا يجيز تبني نهج صارم في التعامل معها، بدد الآمال المعلقة على نجاعة خيار التفاوض.
ومنذ ذلك الحين، انتهجت الإدارة الأميركية لغة تهديد حيال طهران، حتى قال ترامب -الشهر الماضي في مقابلة مع قناة فوكس نيوز- إنه "يأمل في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وتجنب توجيه ضربات ضد مواقعها النووية".
في حين ربط مستشار البيت الأبيض للأمن القومي مايكل والتز -خلال مشاركته في برنامج فوكس نيوز الأسبوع الماضي- أي مفاوضات مع إيران "بالتخلي الكامل عن برنامجها النووي، وعدم تكرار أساليبها السابقة في المفاوضات"، الأمر الذي أثار تساؤلات عن مدى استعداد طهران لتلبية هذا الشرط.
السن بالسنتكرار التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على المنشآت النووية في إيران والشروط الأميركية دفعت المرشد الأعلى علي خامنئي إلى رفض التفاوض مع "الشيطان الأكبر" وفق تصريحه، مؤكدا أن "التجربة أثبتت أن إجراء محادثات مع الولايات المتحدة خطوة ليست ذكية أو حكيمة أو مشرفة".
إعلانوتعليقا على تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في القدس المحتلة، بـ"إنهاء المهمة" ضد إيران بدعم من ترامب، اعتمدت طهران معادلة "السن بالسن" في مواجهة أي تهديدات تستهدف أمنها القومي.
وفي كلمة له أمس السبت، بمناسبة حلول الذكرى الـ40 لتأسيس وزارة الاستخبارات، قال وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب إن "الجمهورية الإسلامية تتبنى إستراتيجية التهديد مقابل التهديد، والهجوم مقابل الهجوم، في مواجهة المغامرات والمداخلات والسلوك الشرير للولايات المتحدة والكيان الصهيوني".
وللوقوف على مدى استعداد طهران للتخلي عن برنامجها النووي وخفض نسبة تخصيب اليورانيوم على أراضيها لنزع التوتر مع واشنطن، استطلعت الجزيرة نت آراء 3 باحثين في مراكز الدراسات الإيرانية التي تباينت بين من يعتقد احتمال خفض النسبة، ومن يستبعد تراجع بلاده أمام التهديدات، في حين يستشرف ثالثهم صداما مستقبليا بين الجانبين.
في السياق، يقول مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري إنه لا ضير في تكرار تجربة الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والمجموعة السداسية، حين قبلت بلاده بقيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات عنها.
ويستدرك -في حديثه للجزيرة نت- أن نسبة تخصيب اليورانيوم في إيران لم تتجاوز 20% قبيل التوصل إلى الاتفاق، إذ تقلصت بموجبه إلى 3.67%، وبالتالي فإنه من غير المنطقي أن تقبل طهران في المرحلة الراهنة -حيث تخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%- بالتراجع إلى مستويات متدنية على غرار 2015.
وبرأيه، ستنظر طهران إلى مقترحات الجانب الغربي بخصوص برنامجها النووي من زاوية "الربح والفائدة"، موضحا أنها دفعت ثمنا باهظا جدا من أجله، لكنها تعاني اليوم من عجز في الطاقة ونفاد بعض الأدوية من الصيدليات جراء العقوبات الغربية، بينما كانت تعول عليه لتحسين المعيشة في البلاد.
إعلان تجربة مريرةوخلص الباحث زواري إلى أن الشارع الإيراني يطالب سلطات بلاده بعدم القبول بمواصلة التوتر الجاري واختيار المضي قدما في تطوير برنامجها النووي لرفع قوة الردع وتحييد التهديدات والضغوط الأجنبية، أو الاتفاق مع القوى الغربية لخفض التوتر ورفع العقوبات التي أثقلت كاهل الاقتصاد.
من ناحيته، يرى الباحث الأول في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني، في شروط البيت الأبيض ولغة التهديد التي يستخدمها ترامب، "سدا منيعا أمام الانتقال إلى مرحلة الجلوس إلى طاولة المفاوضات"، ناهيك عن نوعية الملفات التي ستطرح للنقاش.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح أصلاني أن حكومة بلاده كانت صريحة في طرح رؤيتها إزاء المفاوضات بغية حلحلة القضايا الشائكة مع واشنطن ومعالجة الهواجس الإقليمية والدولية، لا سيما بشأن برنامجها النووي، لكنها اصطدمت بشروط أميركية تعجيزية مصحوبة بأوامر رئاسية بالعودة إلى سياسة أقصى الضغوط على طهران "التي ترفض التفاوض تحت قبضة التهديد".
وأضاف أن إيران تريد مفاوضات ندية ومتوازنة على أساس الاحترام المتبادل، لكي تحصل على امتيازات تتناسب والقيود الي ستقبل بها على برنامجها النووي من أجل تبديد هواجس الطرف المقابل، مشددا على أن مدى قبولها بقيود مرتبط بالامتيازات التي ستقبل واشنطن بتقديمها لها وضمان تنفيذها "حتى لا تُلسع طهران من جحر الاتفاق النووي مرتين".
صدام متوقعمن جانبه، يستغرب مهدي مطهر نيا، رئيس معهد "سيمرغ باريخ" للدراسات المستقبلية، الحديث عن إجراء مفاوضات بين إيران وأميركا في ظل تبني الأخيرة مبدأ التساوم بدلا من التفاوض، موضحا أن إدارة ترامب تصدر أوامر وشروطا من جهة وتتبنى سياسة أقصى الضغوط الاقتصادية والمواجهة السياسية من جهة أخرى تمهيدا لفتح صفحة الهجوم العسكري.
وفي تصريحه للجزيرة نت، يقرأ مطهر نيا السياسة الأميركية حيال طهران في سياق الدفع باتجاه العزلة، معتبرا أنه لا يمكن التطرق إلى سلوك الإدارة الأميركية الجديدة تحت عنوان الدبلوماسية، وإنما "حرب من أجل الكرامة وصون الشرف الوطني"، ولذلك لن تضيع واشنطن هذه المرة ورقة الزمن في خوض المفاوضات.
إعلانورأى أنه في حال قبول طهران بالشروط الأميركية تحت وطأة أقصى العقوبات الاقتصادية والضغوط الدبلوماسية، فإن ذلك سيعرض خطابها الثوري للخطر على الصعيدين الداخلي والإقليمي، مضيفا أنه فإذا لم ترضخ بلاده للمطالب الأميركية، فإنه يستشرف تصعيدا عسكريا ضدها بعد استنزاف طاقاتها بفعل هذه الضغوط.
في المقابل، يبدو أن طهران لا تنوي رفع الراية البيضاء مقابل الأوامر والشروط الأميركية تزامنا مع تبني سياسة المماطلة وشراء الوقت من خلال إبداء الحكومة رغبتها في خوض المفاوضات، ورفض السلطات الرسمية الأخرى على أمل انتهاء المرحلة الراهنة، وفق مطهر نيا.
وخلص رئيس معهد "سيمرغ باريخ" إلى أن بلاده ستتخذ خطوات لتقييد برنامجها النووي من أجل دفع الخطر وضمان مصالحها الوطنية، لكنها سترسم خطا أحمر لن يرضي أميركا دون أدنى شك، مما يدفع بإستراتيجيتها السابقة "لا حرب ولا تفاوض" نحو جلوسها إلى طاولة المفاوضات وخوضها غمار الحرب في نهاية المطاف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قمة الويب برنامجها النووی
إقرأ أيضاً:
ترامب يقول إن الضربة الإسرائيلية على إيران قد تحدث لكنه يريد تجنب الصراع
يونيو 12, 2025آخر تحديث: يونيو 12, 2025
المستقلة/- قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس إن ضربة إسرائيلية على إيران “واردة الحدوث”، لكنه لا يعتبرها وشيكة، ويفضل تجنب الصراع مع طهران والتوصل إلى حل سلمي بشأن برنامجها النووي.
جاءت تصريحات ترامب بعد أن أعلن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تنتهك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي، وأعلنت طهران عن إجراءات مضادة، في حين صرّح مسؤول إيراني كبير بأن “دولة صديقة” حذرتها من هجوم إسرائيلي محتمل.
ومن المقرر أن يعقد مسؤولون أمريكيون وإيرانيون جولة سادسة من المحادثات بشأن برنامج طهران المتصاعد لتخصيب اليورانيوم في عُمان يوم الأحد، وفقًا لمسؤولين من كلا البلدين ووسطاء عُمانيين.
لكن المخاوف الأمنية تزايدت منذ أن صرح ترامب يوم الأربعاء بأنه يجري إجلاء الموظفين الأمريكيين من المنطقة لأنها “قد تكون مكانًا خطيرًا”، وأنه لن يُسمح لطهران بتطوير سلاح نووي.
قال مسؤولون أمريكيون طلبوا عدم الكشف عن هويتهم إن واشنطن تشعر بالقلق من أن إسرائيل قد تقوم بعمل عسكري ضد إيران في الأيام المقبلة، على الرغم من تحذير ترامب الأخير لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من مثل هذه الضربة بينما تستمر الدبلوماسية الأمريكية مع طهران.
تشير معلومات استخباراتية أمريكية إلى أن إسرائيل تُجري استعدادات لضرب المنشآت النووية الإيرانية. لكن مسؤولًا أمريكيًا صرّح بأنه لا توجد أي مؤشرات على أن إسرائيل قد اتخذت قرارًا نهائيًا.
وقال ترامب للصحفيين في فعالية بالبيت الأبيض: “لا أريد أن أقول إنه وشيك، لكن يبدو أنه أمرٌ واردٌ جدًا”، مضيفًا أنه لا يمكن السماح لإيران بتطوير سلاح نووي.
وقال: “أود تجنب الصراع. سيتعين على إيران التفاوض بصرامة أكبر، مما يعني أنها ستُجبر على منحنا شيئًا لا ترغب في منحنا إياه الآن”.
وتزعزع استقرار الأمن في الشرق الأوسط بالفعل بسبب الآثار غير المباشرة لحرب غزة.
وهدد ترامب بقصف إيران إذا لم تُسفر المحادثات النووية عن اتفاق، وقال إنه أصبح أقل ثقة في موافقة طهران على وقف تخصيب اليورانيوم. وتريد أيران رفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها منذ عام 2018.
في وقت سابق من يوم الخميس، أعرب ترامب عن إحباطه من ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن الإمدادات نتيجةً لصراع محتمل في الشرق الأوسط.
مع امتناع واشنطن عن تقديم تفسير يُذكر لمخاوفها الأمنية، أشار بعض الدبلوماسيين الأجانب إلى أن إجلاء الموظفين والمسؤولين الأمريكيين الذين أثاروا، دون الكشف عن هويتهم، احتمال وقوع هجوم إسرائيلي قد يكون حيلة لزيادة الضغط على طهران لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات.
صرح مسؤول إيراني كبير لرويترز يوم الخميس بأن التوترات الأخيرة تهدف إلى “التأثير على طهران لتغيير موقفها بشأن حقوقها النووية” خلال محادثات الأحد.
أفادت وسائل إعلام رسمية يوم الخميس أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان صرّح بأنه حتى لو دُمرت المنشآت النووية للبلاد، فسيتم إعادة بنائها.