زلزال سياسي على وشك سيهز أركان الدولة العراقية: هل ستنكشف الحقائق بعد 20 عامًا؟ - عاجل
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
بعد أكثر من عقدين من الزمن، يفتح البيت الأبيض ملف المساعدات الأمريكية للعراق، في خطوة قد تُحدث زلزالًا سياسيًا داخل البلاد. الحديث عن عشرات المليارات من الدولارات التي أُنفقت في مشاريع متعددة، بعضها لم يرَ النور، يثير تساؤلات حول مصير هذه الأموال ومن استفاد منها. فهل نحن أمام أكبر كشف لفساد عقود ما بعد 2003؟ وهل يمكن أن يؤدي هذا التحقيق إلى تغييرات جذرية في المشهد العراقي؟
الملف السياسي وأهمية التوازن
أكد مقرر مجلس النواب الأسبق، محمد عثمان الخالدي في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن "الرئيس الأمريكي ترامب أعطى الضوء الأخضر لفتح تحقيق في ملف المساعدات الأمريكية التي منحت لبغداد بعد عام 2003، وهذه المساعدات، التي خصصت لنحو تسعة قطاعات تتعلق بالخدمات والمشاريع والبعد الإنساني، وأخرى تتعلق بالأنماط الانتخابية ومنظمات المجتمع المدني، تصل إلى مبالغ مالية طائلة، ما سيكشف الغموض حول مصير أموال كبيرة صُرفت لتحقيق جملة من الأهداف، لكن هنالك شبهات فساد مالي وإداري كبيرة، مما يعني أننا سنكون أمام مفاجآت كبيرة جدًا".
وأشار الخالدي إلى أن "هذا التحقيق قد يُحرج الكثير من القوى السياسية، سواء داخل العراق أو حتى في الإدارة الأمريكية، خاصة إذا ما تبيّن أن بعض الأموال ذهبت لدعم أحزاب وشخصيات معينة بدلًا من استخدامها في مشاريع حقيقية".
مليارات الدولارات للإعمار
منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، تدفقت مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية إلى بغداد في إطار جهود إعادة الإعمار، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز الديمقراطية. غير أن العديد من التقارير، بما في ذلك تقارير أمريكية رسمية، أشارت إلى وجود فساد كبير في كيفية إنفاق تلك الأموال، حيث ضاعت مبالغ ضخمة بسبب سوء الإدارة والاختلاس. في عام 2011، كشف تقرير لمكتب المفتش العام الأمريكي لإعادة إعمار العراق أن حوالي 60 مليار دولار أُنفقت دون رقابة كافية، ما أدى إلى ضياع جزء كبير منها في مشاريع غير مكتملة أو غير موجودة على أرض الواقع.
الأبعاد الاقتصادية وعراقيل تجارية
وأضاف الخالدي: "تلك الأموال أُنفقت على مدار الحكومات السابقة وأيضًا الحكومات المحلية، وبالتالي فإن التحقيق قد يكشف تفاصيل مهمة حول أوجه الصرف، وما إذا كانت هذه المساعدات قد حُولت إلى مشاريع حقيقية أو أُهدرت بطرق غير مشروعة".
ولفت إلى أن "المهم في هذا الملف هو أنه سيسلط الضوء على حجم المساعدات التي تلقتها المحافظات العراقية، وكيف تم استخدامها، وربما سنكتشف أن جزءًا كبيرًا منها لم يصل إلى المواطن العراقي بالشكل المطلوب".
الأبعاد الأمنية وتأثيرات محتملة
وتابع الخالدي قائلًا: "امتلاك البيت الأبيض لعشرات الآلاف من الوثائق التي توثق من استلم تلك المساعدات وأين أُنفقت، ربما سيعطي كشفًا تفصيليًا عن مساعدات تدفقت على بغداد لأكثر من 20 سنة، وبالتالي معرفة الجهات والشخصيات التي استلمت تلك الأموال، وهذا الأمر سيثير آلاف الأسئلة حول ماذا فُعل بهذه الأموال، ومن المستفيد منها، وهل تم استغلالها؟ وهل غضَّ الجانب الأمريكي النظر عن شبهات الفساد المالي والإداري في المشاريع الممولة من قبل واشنطن؟".
وحذّر الخالدي من أن "الكشف عن الجهات التي تلقت دعمًا ماليًا من هذه المساعدات قد يؤدي إلى تغييرات في التحالفات السياسية وحتى الأمنية داخل العراق، خاصة إذا ثبت أن بعض الأطراف استخدمت هذه الأموال لتحقيق نفوذ أكبر بدلًا من تنفيذ مشاريع تنموية".
الملف الدبلوماسي وموقف العراق دوليًا
وأوضح الخالدي أن "هذا الملف إذا ما فُتح وكشفت الكثير من الثغرات، فسيشكل إحراجًا للكثير من الأسماء والقوى، خاصة في ظل المعلومات التي قد تخرج إلى العلن بشأن تفاصيل تلك المساعدات. هناك أيضًا جانب دبلوماسي مهم، حيث إن هذه التحقيقات قد تدفع واشنطن إلى إعادة تقييم علاقاتها مع بغداد، خصوصًا إذا ما ثبت أن الأموال أُنفقت في غير محلها، أو ذهبت لجهات سياسية معينة دون تحقيق الأهداف التي وُضعت من أجلها".
وأشار إلى أن "هذه الخطوة قد تعني تغييرات في طريقة تعامل الولايات المتحدة مع العراق، سواء على مستوى الدعم المالي أو في السياسة الخارجية عمومًا، خاصة إذا ما كانت النتائج صادمة للرأي العام الأمريكي".
خطوة ضرورية لمصلحة العراق
وشدد الخالدي على أن "هذه التحقيقات قد تكون فرصة لمراجعة أوجه صرف المساعدات الخارجية، والعمل على تصحيح المسار من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة. كما أن كشف الفساد في هذا الملف قد يؤدي إلى إعادة هيكلة آليات الدعم الدولي للعراق، بما يضمن الاستفادة الحقيقية منه دون وجود ثغرات تُستغل لمصالح ضيقة".
وأضاف أن "من مصلحة العراق أن يُفتح هذا الملف بشفافية تامة، فالأموال التي أُنفقت يُفترض أنها كانت لمصلحة المواطن العراقي، وإذا ما ثبُت أن جزءًا كبيرًا منها لم يُستخدم بالشكل الصحيح، فهذا يتطلب إصلاحًا شاملًا في آليات إدارة المساعدات الدولية".
وأكد الخالدي أن "المرحلة المقبلة قد تحمل الكثير من المفاجآت، وقد نشهد تسريبات أو وثائق تكشف مصير أموال المساعدات التي قدمتها واشنطن إلى العراق، وهذا ما سيجعل العديد من الأسماء والجهات في موقف محرج، سواء داخل العراق أو على مستوى الإدارة الأمريكية نفسها".
فرصة تاريخية لتصحيح المسار
وبالنظر إلى السياق التاريخي، فإن هذا التحقيق قد يكون الأكثر تأثيرًا في إعادة تشكيل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، خاصة إذا أدى إلى فرض قيود مشددة على المساعدات الخارجية أو كشف تواطؤ بعض الجهات في إساءة استخدامها. قد يكون العراق أمام فرصة تاريخية لتصحيح المسار، لكن السؤال الأهم: هل ستكون هناك إرادة سياسية حقيقية لمحاسبة المتورطين؟
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: هذا الملف خاصة إذا أ نفقت إذا ما
إقرأ أيضاً:
سياسي إسرائيلي يهاجم الرئيس الفرنسي بسبب موقفه من الدولة الفلسطينية
وجه عضو الكنيست الإسرائيلي، ألموغ كوهين، انتقادات حادة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عقب تصريحاته الأخيرة بشأن التزام بلاده بحل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية، محذرًا من عواقب هذا الموقف.
وقال كوهين، في تغريدة عبر منصة X كتبها بالإنجليزية: "عزيزي الرئيس ماكرون، سمعت أنك حريص على إقامة دولة فلسطينية.. بالنظر إلى الفوضى التي شهدتها باريس الليلة الماضية، يبدو أنك تحقق تقدمًا.. فقط في فرنسا".
وأضاف كوهين موجهًا حديثه لماكرون: "هناك ما يشير إلى أن الصفعة القادمة التي سيتلقاها الشعب الفرنسي ستكون أكثر إيلامًا"، في إشارة غير مباشرة إلى حادثة متداولة أظهرت زوجة الرئيس الفرنسي وهي تصفعه خلال زيارة إلى فيتنام الأسبوع الماضي، حسبما ألمح.
وتابع قائلاً: "كان السابع من أكتوبر مجرد عرض تمهيدي لما ينتظر العالم"، قبل أن يختم تغريدته بتهنئة لنادي باريس سان جيرمان على أدائه الكروي.
تصريحات كوهين جاءت عقب انتقادات فرنسية متصاعدة تجاه إسرائيل، حيث دعا ماكرون يوم الجمعة الماضي من سنغافورة إلى موقف أوروبي أكثر صرامة إذا لم تتحسن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، مؤكدًا التزام باريس بالعمل من أجل حل سياسي، مشددًا على أن الاعتراف بدولة فلسطينية بات "واجبًا أخلاقيًا ومطلبًا سياسيًا".
في السياق ذاته، أعرب السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، عن رفضه للمواقف الأوروبية الأخيرة، معتبرًا أنها تمثل ضغطًا غير مقبول على دولة ذات سيادة.
وقال في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز ديجيتال": "إذا كانت فرنسا جادة بشأن إقامة دولة فلسطينية، فبإمكانها تخصيص جزء من الريفييرا لهذا الغرض"، في تصريح اعتبره البعض استفزازيًا.
تأتي هذه المواقف في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل بشأن الأوضاع الإنسانية في غزة، بعد حصار دام 11 أسبوعًا، خُفف جزئيًا الأسبوع الماضي مع إدخال مساعدات محدودة.
كما نقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسيين وخبراء قولهم إن فرنسا تدرس بجدية الاعتراف بدولة فلسطينية، بالتزامن مع مؤتمر أممي مشترك تستضيفه باريس بالتعاون مع السعودية بين 17 و20 يونيو المقبل، لبحث خارطة طريق نحو الدولة الفلسطينية مع ضمانات أمنية لإسرائيل.