مكتبة العلامة رفاعة رافع الطهطاوى، هى واحدة من أكبر 3 مكتبات أثرية وتاريخية على مستوى الجمهورية، وأحد أهم المعالم الحضارية العتيقة بمحافظة سوهاج، فهى قبلة للباحثين والطلاب، شهدت المكتبة خلال الفترة الماضية، أعمال تطوير مكثفة لإعادة إحياء وترميم أجزائها المتهالكة، فى رسالة واضحة من الدولة والقيادة السياسية للحفاظ على الهوية المصرية والتراث الحضارى، 

 «البوابة نيوز» فى جولة داخل مكتبة العلامة رائد الفكر والتنوير الشيخ رفاعة رافع الطهطاوى.

من هو رفاعة رافع الطهطاوى؟

هو رفاعة بك بن بدوى بن على بن محمد بن على بن رافع، ويلحق نسبه بمحمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن فاطمة الزهراء، والعلامة الطهطاوى هو واحد من قادة النهضة العلمية فى عهد محمد على باشا، ولد فى 15 أكتوبر 1801، بمركز ومدينة طهطا التابعة لمحافظة سوهاج، ونشأ فى عائلة ملحوظة من القضاة ورجال الدين فلقى رفاعة عناية من أبيه، فحفظ القرآن الكريم، وبعد وفاة والده رجع إلى موطنه طهطا، ووجد من أخواله اهتماما كبيرا حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التى كانت متداولة فى هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو، والتحق رفاعة وهو ابن 16 عاما بالأزهر الشريف فى عام 1817 وشملت دراسته فى الأزهر الحديث والفقه والتفسير والنحو والصرف، وغير ذلك.

نشأة المكتبة

وفق مخطوط أثرى نادر يرجع تاريخ إنشاء مكتبة رفاعة رافع الطهطاوى، إلى عام 1932، على خلفية إهداء محمد بدوی رفاعة، إلى بلدية سوهاج مكتبة جده العلامة الطهطاوى، وكانت تضم وقتها من الكتب، حوالى 4 آلاف كتاب فى مختلف العلوم والفنون، بینها 1067 مخطوطا، وكان رواد المكتبة فى بداية نشأتها يقتصر على الباحثين عن تلك المطبوعات النادرة، ثم أضيف الى المكتبة الكثير والكثير من الكتب حديثة التأليف، والتى واكبت التطور الثقافى والعلمى، وكانت تعرف فى عهد الملك فاروق باسم «مكتبة سمو الأمير فاروق» وبعد قيام ثورة يوليو 1952، باتت تعرف باسم «مكتبة البلدية»، وفى أواخر عام 1958، سميت «مكتبة رفاعة رافع الطهطاوى»، وبناء على قرار مجلس المحافظة فى عام 1961، تم ضم مكتبة رفاعة رافع الطهطاوى للمجلس وتم افتتاحها بتلك الصفة فى 14 مايو عام 1961م.

محتويات المكتبة
تضم مكتبة رائد التنوير الفكرى 1067 مخطوطا نادرا و16 ألف مطبوع، من بينها عدة مجموعات أولاها المجموعة العتيقة، ومن بينها مخطوطة كاملة يرجع عمرها لأكثر من 1000 عام، وهى مخطوطة كتاب الفصيح فى اللغة لأبى العباس أحمد بن يحيى، المعروف باسم ثعلب.

يمتاز هذا المخطوط النادر بأنه بحالة جيدة، وذلك رغم كونه من أقدم المخطوطات فى العالم، كما تضم كتاب «الأخبار الطوال فى ذكر ملوك الأرض» للدينورى، وهى نسخة مدونة فى بداية القرن السادس هجريا، وتضم أيضا العديد من المخطوطات التى كتبت بيد مؤلفيها أنفسهم، منها «رسائل محمد بن يوسف الأنطاكى»، و«منظومة الجامع الكبير» لابن إسحاق، و«لغة السائل فى تبليغ الرسائل» للجوجرى، و«تاريخ قلائد المفاخر فى غريب عوائد الأوائل الأواخر» لرفاعة الطهطاوى، فضلا عن اقتنائها عشرات المخطوطات لمعاصرى رفاعة الطهطاوى من العلماء، وشيخه حسن العطار، شيخ الأزهر الشريف، وعددا من أفراد أسرته من بينهم على باشا فهمى رفاعة، ومحمد بدوى بك رفاعة، كما تضم المكتبة أيضا مخطوط للمصحف الشريف عمره يصل إلى 950 عاما، فضلا عن العديد من النوادر الخطية، وعددا من الكتب والمجلدات الهامة، وأمهات الكتب والمخطوطات فى شتى المجالات التاريخية والثقافية والعلمية، والتى يرجع عمرها لأكثر من 300 عام.

ترميم المكتبة

شهدت المكتبة فى عهد اللواء طارق الفقى، محافظ سوهاج، العديد من أعمال الترميم والإحياء للأجزاء المتهالكة من الأعمدة والأبواب الخاصة بها، فضلا عن إعادة الطابع المعمارى لأرضيات المكتبة، وإعادة صياغة الأثاث القديمة المتواجدة من خلال عمل دواليب حفظ للإطلاع والحفاظ على الطراز الإسلامى المميز لتلك القطع القديمة، بالإضافة إلى تطوير المرافق والإضاءة بالمكتبة وهى عبارة عن نجف ودلايات ذات طابع إسلامى مميز، وإنشاء جزء متحفى بمدخل المكتبة، يضم بعض المخطوطات والكتب الأثرية النادرة من المكتبة، ووضع تمثال بمدخل المكتبة للشيخ رفاعة الطهطاوى، على مساحة 250 مترا.

تتكون من صالة استقبال، وقاعة اطلاع، وغرفتين للمحفوظات، ومكتب إدارة، بتكلفة بلغت 3 مليون و960 ألف جنيه، وذلك ضمن خطة المحافظة لوضع المكتبة فى المكانة اللائقة بها، كونها مكتبة تراثية تضم مخطوطات تاريخية نادرة، وذلك بالتوازى مع اهتمام القيادة السياسية، وتوجهات الدولة للحفاظ على التراث الحضارى، والمبانى ذات الطراز المعمارى الفريد، حيث استغرقت أعمال التطوير 4 أشهر.

فى هذا الصدد، تواصلت «البوابة نيوز»، مع صلاح الجعفرى، مدير مكتبة رفاعة رافع الطهطاوى بسوهاج، والذى أكد أن عدد المترددين على المكتبة سنويا أكثر من 2000 طالب وطالبة، علاوة على طلبة الجامعات أثناء الدراسة والذين يقومون بعمل الأبحاث العلمية من طلبة كليات الدراسات الاسلامية وطلبة آداب تاريخ ومكتبات.

وأضاف الجعفرى، أن المكتبة تحتوى على عدد من المقتنيات والكتب التراثية، والتى من بينها مخطوطات نادرة بلغ عددها حوالى 1067 مخطوطا حسمبا متواجد بفهارس المكتبة، وأقدمها شرح فصيح ثعلبه والذى يرجع تاريخه للقرن الرابع الهجرى، كما يوجد بالمكتبة مصحف مذهب يرجع تاريخه للقرن الخامس الهجرى وكذلك مخطوطات بخط العلامة الشيخ رفاعة رافع الطهطاوى.

وأشار إلى أن الكتب متاحة للجمهور، مهما كان تاريخ أى مطبوع أو مخطوط محفوظ، ومن يستخدمها يأتى إلينا بخطاب رسمى من إدارة الكلية التابع لها للاطلاع عليها وتصويرها.

وعن طريقة الاحتفاظ بالمقتنيات والكتب التاريخية، أوضح الجعفرى، أنه بعد تطوير المكتبة مؤخرا تم إنشاء معامل للترميم وكذلك للرقمنة، ويجرى الآن العمل تحت إشراف أساتذة من كلية الأثار، بالتعاون مع الدكتوره إيمان حماد، المشرف العام على المشروع.

وأكد أن المكتبة تقوم بدور ثقافى وتنويرى، حيث تعقد ندوات أدبية وثقافية أسبوعيا، ورحلات مدرسية لتعريف النشئ بدور المكتبة علميا وأدبيا.

واختتم الجعفرى حديثه، بتقديم الشكر لـ«البوابة نيوز»، على تواصلها وإلقاء الضوء على المكتبة العريقة التى تعد واحدة من أكبر 3 مكتبات على مستوى الجمهورية.

وطلب من الكاتب الصحفى عبد الرحيم على، رئيس مجلسى إدارة وتحرير «البوابة»، والخبير فى ملف الإسلام السياسى، ضم نسخة من مجموعة الأعمال الكاملة عن ملف الإسلام السياسى، والتى ضمت 7 مجلدات، صدرت خلال شهر مارس 2023، وتحتوى على أبرز ما كتب من كتب ودراسات وأوراق بحثية ومقالات خلال ما يزيد على ثلث قرن من الكتابة، تناول فيها الكاتب البحث والرصد والتحليل لظاهرة الإسلام السياسى على اختلاف تنوعها الدعوية والإصلاحية والراديكالية، لتكون مرجعا لرواد المكتبة، لتقديم العون لهم ومساعدتهم فى الأبحاث التى يعكفون على كتابتها، مؤكدا أن المكتبة أنشأت قسما للتبرع بالكتب القيمة والتاريخية ووضع اسم كاتبها على المكان المخصص لها.

صلاح الجعفرى مدير مكتبة رفاعة رافع الطهطاوى بسوهاج

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الهوية المصرية مارس 2023

إقرأ أيضاً:

مكتبة الفاتيكان.. صرح تاريخي وإرث معرفي يمتد لقرون

بإرث ثقافي يمتد لأكثر من 500 عام، تواصل مكتبة "الفاتيكان البابوية" أداء دورها كمصدر معرفي ثمين لا غنى عنه للباحثين، بما تضمه من مخطوطات نادرة، وكتب قيمة، إلى جانب عملات وميداليات تعكس تنوع الحضارات والثقافات عبر التاريخ.

وتعد المكتبة واحدة من أقدم المكتبات في العالم، حيث تضم بين رفوفها أكثر من 80 ألف مخطوطة، و300 ألف عملة وميدالية، فضلا عن نحو 150 ألف لوحة وصورة. كما أنها تحتضن نحو مليوني كتاب مطبوع، ما بين قديم وحديث، مما يجعلها مرجعا مهما للمشتغلين بالبحث العلمي.

وتقع المكتبة داخل دولة الفاتيكان، إحدى أصغر دول العالم من حيث المساحة، موفرة للعالم "إرثا عظيما وعميق المعنى"، حسب تصريحات أدلى بها مدير المكتبة الأب ماورو مانتوفاني، لوكالة الأناضول.

وفي وقت سابق من يوليو/تموز الجاري، فتحت المكتبة أبوابها أمام أعضاء رابطة الصحافة الأجنبية في العاصمة الإيطالية روما، وكان من بينهم مراسل وكالة الأناضول.

المكتبة تحتضن بين رفوفها الطويلة، التي يبلغ إجمالي طولها نحو 50 كيلومترا، أعمالا قيمة في مجالات متعددة (الأناضول)أعمال قيمة

عند التمعن في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، يتبين أن مساعي الباباوات لإنشاء مكتبة وأرشيف تعود إلى القرن الرابع الميلادي، إلا أن هذه الجهود تعثرت في القرن الـ13، ورغم محاولات الباباوات خلال القرن ذاته لمواصلة تلك الجهود، فإن انتقال مركز البابوية خارج روما لفترة من الزمن، أدى إلى فقدان عدد كبير من الأعمال.

وفي عام 1475، أصدر البابا سيكستوس الرابع مرسوما بتأسيس المكتبة التي باتت تعرف اليوم بـ"مكتبة الفاتيكان البابوية"، لتغدو أحد أبرز المعالم الثقافية والدينية في العالم.

وفي نظرة على المكتبة ومحتوياتها، فإنها تحتضن بين رفوفها الطويلة، التي يبلغ إجمالي طولها نحو 50 كيلومترا، أعمالا قيمة في مجالات متعددة، مثل التاريخ، والحقوق، والفلسفة، والعلوم، واللاهوت، والأدب، بمختلف اللغات.

إعلان

وتتوزع مجموعاتها بين أكثر من 80 ألف مخطوطة، و8300 كتاب من حقبة الطباعة الأولى (الإنكونابولا)، فضلا عن 150 من الرسوم والطوابع، و150 ألف صورة فوتوغرافية، بالإضافة إلى مليوني كتاب مطبوع، تتنوع بين ما هو قديم وحديث، وما يزيد على 300 ألف عملة وميدالية.

وتبرز في مقتنيات المكتبة إشارات واضحة لتقاطع الحضارات، إذ تضم وثائق وأعمالا تعكس الحضور العثماني والتركي في التاريخ الثقافي والديني الأوروبي. ومن بين أبرز تلك الكنوز خريطة "نهر النيل" التي رسمها الرحالة العثماني درويش محمد زلي، المعروف باسم "أوليا جلبي"، في القرن الـ17، والتي اقتنتها المكتبة منذ أكثر من 200 عام.

وقد خضعت تلك الخريطة مؤخرا للترميم، وعرضت في بينالي الفنون الإسلامية بمدينة جدة في السعودية، الذي أقيم بين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2025.

المكتبة تحتفظ بإرث عظيم وعميق المعنى، تشكل على مدى قرون طويلة (الأناضول)إرث عظيم

من داخل "قاعة سيستينا" التاريخية، التي تزينها اللوحات الجدارية، أكد مدير مكتبة الفاتيكان البابوية، الأب ماورو مانتوفاني، في تصريح لوكالة الأناضول، أن "المكتبة تحتفظ بإرث عظيم وعميق المعنى، تشكل على مدى قرون طويلة، واليوم تجمعه وتوفره المكتبة للباحثين والمهتمين".

وأوضح مانتوفاني أن المكتبة تولي اهتماما خاصا بعملية الرقمنة لمواكبة متطلبات العصر. وأضاف: "لدينا نحو 80 ألف مخطوطة، وتم تحويل نحو 30 ألفا منها إلى الصيغة الرقمية، وهي متاحة الآن للجميع عبر موقع الإنترنت من خلال صور رقمية".

مقتنيات المكتبة تبرز فيها إشارات واضحة لتقاطع الحضارات (الأناضول)مكتبة وأرشيف

وحول خريطة "نهر النيل" التي رسمها الرحالة العثماني أوليا جلبي، أوضح الأب ماورو مانتوفاني أن "هذه الوثيقة تعد واحدة من الوثائق المثيرة للاهتمام. وتم ترميمها مؤخرا، وعرضت ضمن معرض نظم في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية".

وعند سؤاله عن عدد الوثائق المتعلقة بتركيا داخل المكتبة، أجاب مانتوفاني: "بصراحة، لا أعرف عدد الوثائق المرتبطة بتركيا بشكل مباشر، ويجب أن أتحقق من ذلك لأن من الصعب تحديد رقم دقيق دون إجراء بحث".

لكنه في المقابل، لفت إلى استضافة المكتبة مؤخرا عدة أكاديميين وباحثين من تركيا، مبينا "عملوا هنا وفي أرشيف الفاتيكان البابوي أكثر من مرة".

وفي السياق ذاته، أوضح مانتوفاني أن المكتبة والأرشيف البابوي مؤسستان شقيقتان، تهدفان إلى "توفير الوثائق المناسبة للأكاديميين بحسب موضوعات أبحاثهم".

واستدرك: "نعلم أن هناك وثائق عديدة تتعلق باللغات القديمة بينها اللغة التركية، وكل ما يرتبط بالأدب التركي هو بلا شك ثمين للغاية".

وأكد أن دستور الفاتيكان يمنح المكتبة "مهمة الحفاظ على هذا الإرث العظيم، وتقديمه لكل من يسعى إلى الحقيقة ونشرها". واختتم قائلا: "من خلال العمل والبحث العلمي، يمكن أن يجتمع الناس من خلفيات ثقافية ودينية مختلفة".

دستور الفاتيكان يمنح المكتبة "مهمة الحفاظ على هذا الإرث العظيم (الأناضول)تحديات تواجه المكتبة

وفيما يتعلق بالصعوبات التي تواجه مكتبة الفاتيكان البابوية في الحفاظ على كنوزها الثقافية، أشار مانتوفاني إلى أن التهديدات البيئية تشكل تحديا دائما "فالظروف البيئية، خصوصا المياه والحرائق، تشكل تهديدا كبيرا للمكتبات".

إعلان

وفي ظل هذه التحديات البيئية، اعتبر مانتوفاني أن التهديدات لا تقتصر على هذه العناصر فقط، فقال "هناك أيضا الغبار، والعفن، والحشرات، التي تعيق الحفاظ على الوثائق بالشكل السليم وفي أفضل الظروف".

لكن مانتوفاني لفت إلى أن الخطر لا يقتصر على العوامل الطبيعية فقط، موضحا أن حتى "الإنسان نفسه قد يشكل خطرا، عبر ممارسات السرقة أو الإتلاف أو الإهمال".

مقالات مشابهة

  • «مكتبات الشارقة» تسلّط الضوء على تجارب شعرية إماراتية
  • مكتبة الفاتيكان.. صرح تاريخي وإرث معرفي يمتد لقرون
  • مكتبة مصر العامة تنظم معرضًا لبيع الكتب بأسعار رمزية
  • في مؤتمر جماهيري حاشد بسوهاج لدعم العادلي.. “الجبهة الوطنية”: مصر درع الأمة
  • انطلاق المؤتمر الجماهيري لحزب الجبهة الوطنية بسوهاج لدعم المرشح أحمد العادلي
  • «قرى أطفيح تقرأ».. استكمال توزيع الكتب على مكتبات مراكز شباب حياة كريمة
  • مصرع طفل غرقًا أثناء الاستحمام في ترعة هربًا من حرارة الجو بسوهاج
  • 200 منزل .. أهالي برخيل بسوهاج: الحرائق متواصلة من شهرين
  • سفير الاتحاد الأوروبي يزور مكتبة الملك فهد الوطنية
  • ميدل إيست مونيتور يعلن قائمة الكتب المرشحة لجوائز فلسطين للكتاب 2025