يأتي شهر رمضان هذا العام على اليمنيين في ظل أوضاع معيشية صعبة وغلاء فاحش أفقدهم القدرة على تلبية أبسط احتياجاتهم اليومية لهذا الشهر الكريم، ما جعل سعادتهم ناقصة ومعاناتهم أكثر وضوحا.

 

ويشكو الكثير من اليمنيين من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، بسبب انهيار تاريخي طرأ على عملة البلاد المحلية مقارنة برمضان السابق.

 

ويتم صرف الدولار الأمريكي حاليا في اليمن بنحو 2300 ريال يمني مقارنة بـ 1630 ريالا للدولار الواحد خلال رمضان من العام الماضي.

 

وحسب رصد مراسل الأناضول، فقد الريال اليمني أكثر من ثلث قيمته خلال نحو عام، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار يفوق قدرة الناس على التحمل، بما ذلك استطاعتهم على توفير الطحين باعتباره أحد السلع الأساسية.

 

** شكوى عامة

 

"نعاني من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار أفقدنا القدرة على شراء العديد من متطلبات شهر رمضان المبارك"، بهذه الكلمات يشكو المواطن عبدالله منصور، من تدهور الوضع المعيشي بشكل غير معهود، ما أدى إلى حرمان الكثيرين فرحة استقبال شهر البهجة.

 

يقيم منصور في مدينة تعز جنوب غرب اليمن، ويعيل أسرة من 9 أشخاص، لكنه يشكو في حديثه مع الأناضول من عجزه على توفير أدنى متطلبات شهر رمضان نتيجة الغلاء الفاحش وعدم القدرة المادية.

 

ويعد منصور من بين ملايين اليمنيين الذين يستقبلون رمضان لأول مرة في ظل غلاء تاريخي نتيجة انهيار غير مسبوق للعملة مقارنة برمضان السابق.

 

ويعمل منصور بالأجر اليومي، وقال: "لم نستعد بأي شيء، ولم نقم بشراء أي من احتياجات شهر رمضان".

 

وتابع: "ليس لدينا مال، نكافح كل يوم من أجل توفير مصاريف آنية دون النظر إلى المستقبل أو إذا حل علينا رمضان أو شعبان، لا فرق".

 

واستذكر حياته سابقا: "قبل الحرب كنا نستعد لهذا الشهر الكريم بشراء احتياجاته، أما الآن حتى الأشياء الأساسية يصعب علينا شراؤها".

 

ومضى بالقول: "الحرب أثرت علينا في كل شيء، لكن مأساة انهيار العملة تعد أكبر ضربة لمعيشة اليمنيين".

 

بدورها، تشكو السيدة أم نور الدين من عدم قدرتها أيضا على شراء أدنى متطلبات الحياة مع اقتراب رمضان، بما في ذلك توفير الطحين.

 

وقالت: "زوجي يعمل بمجال البناء، ومعظم الأيام لا يحصل على فرصة عمل، ما يجعلنا نكافح كثيرا في سبيل توفير القوت الأساسي فقط بتعاون بعض الخيرين".

 

وأضافت: "الفقر حرمنا من فرحة استقبال رمضان، والغلاء الفاحش ضاعف من معاناة معظم الأسر؛ لكن الله كريم، فلعل الفرج يأتي لليمن أجمع".

 

وأردفت: "حتى ملابس العيد لأطفالي الثلاثة لا نقدر على شرائها، والعام الماضي تكفل بها أحد الخيرين".

 

** تفاقم انعدام الأمن الغذائي

 

وفي السياق، قال الباحث الاقتصادي وفيق صالح إن "اليمنيين يستقبلون شهر رمضان هذا العام، وسط ظروف معيشية صعبة، حيث يعاني البلد من تدهور اقتصادي مستمر يفاقمه انهيار قيمة الريال اليمني وتضاعف التحديات الاقتصادية وعجز الحكومة عن معالجة الملفات الخدمية".

 

وفي حديثه للأناضول أوضح صالح أن "تدني القدرة الشرائية للمواطنين وغياب فرص العمل وسبل العيش، تسببا في كساد حاد في الأسواق التموينية".

 

وأضاف: "غالبية السكان أصبحوا عاجزين عن توفير أبسط الاحتياجات الأساسية للعيش، فالركود الاقتصادي، إلى جانب انخفاض الدخل وغياب المساعدات الإنسانية التي كانت تساند بعض العائلات في السابق، وهو ما زاد من حدة الأزمة".

 

وأشار إلى أن "الأسواق التي كانت تشهد حيوية في مثل هذا الوقت من العام أصبحت تعكس حالة من الكساد، إذ باتت القوة الشرائية للمواطنين لا تتناسب مع الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة".

 

ومضى قائلا إن رمضان هذا العام "يأتي في وقت يعاني نسبة كبيرة من اليمنيين من انعدام الأمن الغذائي سواء في مناطق سيطرة الحكومة أو الحوثيين".

 

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أعلن في تقرير مطلع فبراير/ شباط الجاري أن أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن تفاقمت بصورة ملحوظة.

 

وأوضح البرنامج الأممي أن "الأزمة كانت أكثر حدة في المناطق الواقعة ضمن نفوذ الحكومة اليمنية، إذ تعاني 67 بالمئة من الأسر نقصا حادا في الغذاء، مقارنة مع 63 بالمئة من الأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين".

 

وفي يناير/كانون الثاني 2025 أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن "19.5 مليون شخص باليمن يحتاجون إلى مساعدات وحماية أساسية في عام 2025، وهو ما يمثل زيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي".

 

كما يعاني السكان من انقطاعات متكررة في الكهرباء، وتلاحق الأزمات المعيشية، وتقلص المساعدات الإنسانية التي كانت تسد جزءًا من احتياجاتهم.

 

** محاولات لصنع الفرحة

 

ورغم ما يعانيه اليمنيون من ظروف معيشية صعبة، يحاولون جاهدين توفير بعض متطلبات رمضان لصنع فرحة الشهر الكريم.

 

وفي أحد أسواق العاصمة صنعاء، قال المواطن جلال العبري إن "القدرة الشرائية أقل من العام الماضي، لكن نحاول أن نجمع بعض المال من فترة لأخرى كي نتمكن من شراء متطلبات شهر رمضان، خصوصا من المعارض التي تشهد تخفيضات".

 

فيما تحدث مواطنون آخرون للأناضول، بأن لديهم قدرة متوسطة على شراء احتياجات الشهر الكريم، في محاولة منهم لصنع فرحة استقبال رمضان.

 

** اتساع الفقر

ومساء الثلاثاء، كشف وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني واعد باذيب أن بلاده "خسرت جراء الحرب 250 مليار دولار من الناتج القومي".

 

وأضاف في تصريحات نشرتها الوكالة الرسمية (سبأ) أن "الحرب أدت إلى تدهور قيمة العملة الوطنية بحوالي 700 بالمئة، وارتفاع نسبة البطالة إلى 80 بالمئة".

 

وأشار إلى أن اليمن "يواجه بالفعل تحديات اقتصادية واجتماعية وإنسانية ومؤسسية بسبب الحرب".

 

ومنذ أبريل /نيسان 2022 يشهد اليمن تهدئة نسبية من حرب بدأت قبل نحو 10 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وجماعة الحوثي المسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

 

ودمرت الحرب معظم القطاعات في اليمن، وتسببت في إحدى أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم، حسب تقارير عدة للأمم المتحدة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن رمضان اقتصاد الوضع المعيشي العام الماضی الشهر الکریم شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

ترامب يفقد صبره على نتنياهو.. تسونامي سياسي عالمي يهدد الاحتلال

مع تصدّع الدعم التلقائي البذي يحظى به الاحتلال من واشنطن، لم ينتظر العالم الغربي لحظة، بل أطلقت الدول الأوروبية، بجانب كندا وأستراليا، موجةً منسقةً من الإدانات والعقوبات والتهديدات، مع إشارة ترامب بأن دولة الاحتلال إسرائيل لم تعد بمنأىً عن ذلك، مما يتسبب بوجود نفسها معزولة، وبلا مظلةٍ حمته لسنوات.

وأكد البروفيسور إيتان غلبوع خبير الشئون الأمريكية، وباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة بار-إيلان، أنه "بينما يُحارب الاحتلال حماس، تُحاربه أوروبا، فقد أصدر قادةٌ من دولٍ عديدة، تُعتبر معظمها من أصدقاؤه القدامى، سيلًا من رسائل الإدانة والتهديدات والمطالبات له بإنهاء الحرب، وإطلاق سراح جميع الرهائن، واستئناف المساعدات الإنسانية الكاملة إلى غزة، وأشاروا لتصريحاتٍ غير مسؤولة، لا سيما للوزيرين بن غفير وسموتريتش، حول ما ينبغي على الاحتلال فعله في غزة، بما في ذلك منع المساعدات الإنسانية، والاستيطان".

وقال في مقال نشره موقع ويللا، وترجمته "عربي21" أن "نتنياهو تجنب إدانة تصريحات وزرائه، فبدا وكأنه يدعمها، وأشار القادة الأوروبيون للفلسطينيين، وتجاهلوا مسئولية حماس عما حدث في غزة، لكن نتنياهو لم يأخذ في الاعتبار هذا التسونامي السياسي، الذي ظهر تحت مظلة تصريحات ترامب وأفعاله، مما يُلحق أضرارًا جسيمة بالاحتلال، وأصدر قادة بريطانيا وفرنسا وكندا بيانا مشتركا ضده، دعوه لوقف الحرب، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وعدم التردّد باتخاذ خطوات أخرى، بما فيها فرض عقوبات مستهدفة".

وأوضح، أن "قادة أيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا فرنسا وهولندا وأيرلندا والسويد وأستراليا أصدروا بيانات جاء فيه أن الاحتلال مطالب بضمان توزيع المساعدات دون عوائق، وتغيير سياسته الحالية، بعد أن فقد أكثر من 50 ألف فلسطيني حياتهم في غزة، وأعلنت بريطانيا تعليق المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة، ووبخت سفيرة الاحتلال لديها، وفرضت عقوبات على المستوطنين، وأوضح وزير خارجيتها أن تصرفات وخطابات حكومة الاحتلال تعزله عن أصدقائه وشركائه حول العالم".

كما تساءل الكاتب "من أين جاء هذا التسونامي الدبلوماسي، سيكون مثيرا للدهشة أن يكون الجواب من ترامب، الذي أعلن أننا نراقب غزة، والعديد من الناس يتضورون جوعًا هناك، كما صرّح وزير خارجيته أننا قلقون بشأن الوضع الإنساني في غزة، ونحن لسنا بمنأى عن معاناة سكانها، مما أجبر نتنياهو على استئناف المساعدات الإنسانية فورًا حتى قبل وضع الترتيب الأمريكي اللازم لتنفيذه على أرض الواقع".



وبين أنه "بعد هذه التصريحات والإجراءات من رئيس وصفه نتنياهو بأنه أعظم صديق في البيت الأبيض على الإطلاق، لم يكن بمقدور الحكومات الليبرالية الأوروبية أن تفعل أقل منه، وقد لاحظت تصدّعات علاقتهما، بدءًا بالمفاوضات مع إيران؛ وإنهاء الحرب مع الحوثيين، ومطالبته بإنهاء حرب غزة، وإعادة الرهائن؛ وتخطي الاحتلال في أول زيارة له للشرق الأوسط؛ والاحتفالات بالاتفاقيات مع دول الخليج؛ ولقاء رئيس سوريا الجديد، ورفع العقوبات عنها؛ وحذف التطبيع كشرط للاتفاقيات العديدة التي وقعتها مع السعودية".

وأشار إلى أن "ترامب فقد صبره من نتنياهو لأنه يعيقه عن بناء بنية سياسية واقتصادية في المنطقة، لفشله بهزيمة حماس بعد عام ونصف، بعد أن خففت العلاقات السياسية والاستراتيجية الوثيقة بين الولايات المتحدة والاحتلال من حِدّة التحركات الأوروبية الصارمة ضده، أو منعتها من الأساس، ورغم التوترات الكثيرة بين أوروبا وترامب حول عدد من القضايا، لكن يبدو أنه لم يكتفِ بمحاولة التخفيف من حدة تصريحات حكوماتها التهديدية للاحتلال، بل فتح الباب على مصراعيه بتصريحاته وتوجيهاته، ولم يفعل شيئًا لحماية الاحتلال".

مقالات مشابهة

  • اليمن كلمة سر التقدم في غزة وإيران
  • ممثل تركي شهير يفقد أعصابه في ازدحام مروري بإزمير
  • عيد بطعم الغلاء.. اليكم أسعار حلويات عيد الأضحى
  • أمريكا لا تمتلك القدرة على الحرب والكيان لا يمتلك قدرة التحرك منفردًا
  • أكد الحرص على توفير بيئة آمنة وميسرة.. الربيعة: تناغم بين مختلف الجهات يعكس عناية القيادة بضيوف الرحمن
  • إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن بعد انطلاق صافرات الإنذار
  • وحدت اليمنيين وسلطت الضوء على الأوضاع الراهنة.. ثورة النساء في اليمن الدلالات والرسائل (تحليل)
  • سياسي تونسي: عمليات اليمن المساندة لغزة أثمرت مكاسب سياسية واقتصادية ضد الكيان
  • ترامب يفقد صبره على نتنياهو.. تسونامي سياسي عالمي يهدد الاحتلال
  • متحدث «العمليات الأمنية»: زيادة العاملين باستقبال المكالمات لاستيعاب حجم البلاغات خلال الحج