موجات حر قياسية تضرب مناطق أميركية.. كيف يمكن مواجهة اللهيب القاتل؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
عقب 31 يومًا متتاليًا من درجات الحرارة القياسية، التي تزيد عن 110 درجات فهرنهايت (أكثر من 43 درجة مئوية)، أوضحت السلطات المختصة في ولاية أريزونا الأميركية، أنه كان هناك أكثر من 300 حالة وفاة مشتبه بها جراء موجة الحر القاسية هذه، لافتة إلى أن معظمها، إن لم يكن كلها، كان بالإمكان تجنب حدوثها، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
ومع توقع ارتفاع درجات الحرارة مرة أخرى هذا الأسبوع، فإن فينيكس، عاصمة ولاية أريزونا، "غير مستعدة"، بحسب خبراء، لتلك الموجات المتطرفة من الطقس.
ولن تكون ولاية أيرزونا، بحسب الصحيفة الأميركية، هي من تغرد خارج سرب تلك الموجات القياسية من الحرارة، إذ من المتوقع أن تشمل مساحات شاسعة من الغرب الأوسط والجنوب والجنوب الشرقي في الولايات المتحدة.
ويعتقد خبراء الأرصاد أن تلك الحرارة الشديدة، التي تقتل بالفعل عددًا أكبر من الناس مقارنة بكوارث الأعاصير والفيضانات مجتمعة، ستتفاقم في الصيف المقبل.
وفي هذا الصدد، طلب المشرعون في ولايات أريزونا ونيفادا وتكساس، المساعدة من الكونغرس بضرورة أن تصنف تلك الموجات ضمن "الكوارث الكبرى"بموجب قانون ستافورد، الذي ينظم إطلاق التمويل الفدرالي للإغاثة في حالات الكوارث.
وقالت الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ، إن "الحرارة الشديدة يمكن النظر في التعامل معها (فدراليا) إذا كانت الكارثة ذات الصلة تتعدى قدرة السلطات المحلية على التعامل معها".
ومع ذلك، قالت مديرة الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ، دين كريسويل، إن الوكالة "قد لا تتمتع بالسلطات الكافية" في هذا المجال.
ووفقا لتقرير الصحيفة، فإن "تخصيص بعض من موارد وكالة الطوارئ بشكل واضح وسلس، يمكن أن يساعد في معالجة مثل هذه الأزمات"، مشيرا إلى "ضرورة الاستعداد المسبق لمثل هذه الحالات، خاصة أن موجات الحرارة الشديدة أصبحت ظاهرة متكررة شيئا فشيئا".
ومع أن مدينة فينيكس معتادة على الأجواء الحارة، بيد أنها لم تكن مستعدة لما حصل هذا الصيف، بعد أن سُجلت أرقام قياسية لم تشهد مثلها منذ عام 1974.
كيف يمكن الاستعداد لمواجهة موجات الحر الشديدة؟بمجرد استمرار الحرارة الشديدة لأسابيع، كما حدث هذا الصيف، فإن مراكز التبريد لن تكون كافية، خاصة عندما تبقى الحرارة في الليل عند 80 درجة فهرنهايت (27 درجة مئوية)، وبالتالي تمنع الجسم من التعافي في النهار.
وأوضح خبراء أن هناك حاجة بشكل خاص إلى "وجود ملاجئ راحة ليلية، يلوذ إليها الجمهور عند النوم".
ومع ذلك لا تتوفر إلا منشأة واحدة من هذا النوع مدرجة في فينيكس على شبكة الإغاثة من الحرارة، وهي مخصصة بالدرجة الأولى لحماية السكان المشردين.
وفي حين أنه لا يوجد شيء يمكن لسلطات المدن والولايات القيام به للحد من شدة الأعاصير أو العواصف بمجرد تشكلها، إلا أن هناك إجراءات بالمقدور اتخاذها للتخفيف من الآثار السلبية والخطيرة لارتفاع درجات الحرارة، لاسيما في المناطق الحضرية، حيث يعيش حوالي 80 بالمائة من سكان الولايات المتحدة.
ومن تلك الإجراءات:
دمج مواد البناء العاكسة، مثل الأسطح الباردة، في المباني الجديدة، والتي تعكس ضوء الشمس.
يعمل ذلك على تقليل درجات الحرارة القصوى أثناء النهار، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تحديث تلك الأسطح في المباني القديمة.
زيادة المساحات الخضراء عن طريق توسيع المتنزهات وزراعة أشجار والنباتات، يمكن أن تؤدي أيضًا إلى خفض درجات الحرارة القصوى بما يصل إلى 2 إلى 9 درجات مئوية.
ويمكن للوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ (FEMA) أن تلعب دورا أكبر لدعم تلك الإجراءات، إذ أنها قد أنشأت بالفعل مجموعة عمل بشأن الحرارة الشديدة، وأطلقت حملات لرسم خرائط الحرارة.
ومع ذلك، تكافح السلطات المحليات في بعض الولايات والمدن لتأمين التمويل الفدرالي لمشاريع التخفيف من درجات الحرارة الشديدة.
وقد تم رفض العديد من المحاولات لتأمين التمويل الفدرالي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الأفكار "ليست كلها فعالة من حيث التكلفة".
لكن حتى استراتيجيات التكيّف الأكثر تحديداً وشمولاً وابتكاراً، ستتعرض للإجهاد في نهاية المطاف إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع بالمعدل الذي أصبحت عليه.
وحتى مع تكيّف المجتمعات، فإن ضرورة التحول عن الوقود الأحفوري بطريقة منظمة ستظل قائمة، إذ أن انخفاض الانبعاثات بمرور الوقت سيعني تغييرات مناخية جذرية أقل حدة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحرارة الشدیدة درجات الحرارة
إقرأ أيضاً:
98 درجة تحت الصفر.. سر أبرد بقعة على كوكب الأرض| إيه الحكاية؟
كشف علماء المناخ سر أبرد مكان معروف على سطح الأرض، وهو هضبة شرق القارة القطبية الجنوبية، حيث تسجل درجات حرارة تصل إلى 98 درجة مئوية تحت الصفر خلال الليل القطبي الذي يغرق المنطقة في ظلام تام لشهور طويلة في منتصف الشتاء.
هذه المنطقة النائية تعد واحدة من أكثر البقاع inhospitable على الكوكب وقد شهدت سابقا انخفاضا شديدا سجلته محطة فوستوك الروسية بلغ 89.2 درجة تحت الصفر عام 1983، ما يجعلها صحراء جليدية قاحلة شبه خالية من أي شكل من أشكال الحياة.
بيانات الأقمار الصناعية تكشف الحقيقةدراسة حديثة أجراها باحثون من المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد في جامعة كولورادو ببولدر، استخدمت بيانات جمعت بين عامي 2004 و2016 لتحديد المناطق الأكثر برودة بدقة.
وتبين أن أعلى أجزاء الهضبة، الواقعة على ارتفاع يتراوح بين 3,800 و4,050 مترا فوق مستوى سطح البحر، هي الأكثر عرضة لهذه البرودة القصوى وتعزى هذه الظاهرة إلى وجود دوامة قطبية قوية تعمل كجدار هوائي غير مرئي يحبس الهواء البارد داخل القارة، مما يسمح بانخفاض درجات الحرارة إلى مستويات قياسية.
برودة مختبرية تفوق الطبيعةورغم أن هذه الهضبة تعد الأبرد على الأرض طبيعيا، فإن ما يحدث داخل المختبرات يتجاوز ذلك بكثير ففي عام 2021، نجح فريق ألماني في تسجيل أبرد درجة حرارة في التاريخ عبر تبريد غاز إلى 38 بيكو كلفن، أي قريب للغاية من الصفر المطلق (-273.15°C).
وقد تم ذلك من خلال إسقاط 100,000 ذرة روبيديوم داخل فخ مغناطيسي مثبت أعلى برج يبلغ ارتفاعه 110 أمتار، ما أدى إلى تكوين ما يعرف بـ تجمع بوز–أينشتاين؛ وهي حالة كمومية تتحرك فيها آلاف الذرات كوحدة واحدة شبحية.
أثناء الهبوط، تمدد التجمع الذري وازدادت برودته خلال ثانيتين فقط، وهي فترة زمنية قصيرة لكنها كافية لدراسة سلوك المادة في درجات حرارة لا يمكن للطبيعة تحقيقها.
حدود الفيزياء تنهار والكم يفرض قانونهعند هذه المستويات من البرودة، تصبح حركة الذرات شبه معدومة، وتبدأ القوانين الفيزيائية التقليدية في الانهيار لصالح ظواهر كمومية غريبة ويتيح ذلك للعلماء فهماً أعمق لطبيعة المادة، ويفتح الباب أمام تطبيقات مستقبلية في فيزياء الكم والطاقة والتقنيات المتقدمة.
من أشد بقاع الأرض تجمدا إلى أبرد تجارب البشرتُظهر هذه الاكتشافات مدى اتساع نطاق درجات الحرارة الممكنة بين البيئة الطبيعية والتجارب العلمية فهي رحلة تبدأ من هضاب جليدية تعيش في الظلام القطبي، وتنتهي في مختبرات تدفع حدود العلم إلى ما وراء الممكن.
وتؤكد هذه الدراسات أن فهمنا للمادة والحرارة لا يزال في بدايته، وأن المستقبل يحمل المزيد من الاكتشافات المثيرة في عالم الفيزياء والظواهر الكمومية.