الجزيرة:
2025-07-31@08:37:23 GMT

الأسرة في زمن الشاشات.. كيف نحميها من التشتت؟

تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT

الأسرة في زمن الشاشات.. كيف نحميها من التشتت؟

شهد العالم خلال العقود الأخيرة ثورة رقمية غير مسبوقة، غيرت جذريًا من أساليب الحياة وأثرت على مختلف جوانب المجتمع، بما في ذلك الأسرة والتربية.

لم تعد التكنولوجيا مجرد أداة مساعدة، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، مما فرض على الأسر تحديات كبيرة تتعلق بالتواصل العائلي، وأساليب التربية، والعلاقات بين الآباء والأبناء.

في حين توفر التكنولوجيا فرصًا لا حصر لها للتعلم، والترفيه، والتواصل، فإنها في الوقت نفسه تُحدث فجوة بين الأجيال، حيث تختلف طريقة تفكير الأطفال الذين نشؤُوا في بيئة رقمية عن تلك التي تربَّى فيها آباؤهم.

هذه التغيرات تستدعي مراجعة شاملة لأساليب التربية التقليدية وابتكار إستراتيجيات جديدة تساعد الأسر على التعامل مع هذه التحديات بطريقة متوازنة تضمن الحفاظ على القيم العائلية دون إغفال فوائد التكنولوجيا.

وهو الأمر الذي يجعل من مناقشة تأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية، والتحديات التي تواجه الآباء في تربية الأبناء في عصر الأجهزة الذكية، والاجتهاد في تقديم حلول عملية تساعد على تحقيق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على التماسك العائلي، مسألة تكتسي حيوية خاصة وأهمية بالغة. حيث إن تأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية أصبح يأخذ أشكالًا شتى ومتنوعة.

إعلان أولًا: تقلص التواصل العائلي في ظل الثورة الرقمية

لطالما كانت الأسرة تُعتبر البيئة الأولى التي يكتسب فيها الطفل قيمه الأساسية، ويتعلم فيها مهارات التواصل، لكن مع الانتشار الواسع للتكنولوجيا، بدأت أنماط التواصل التقليدية تتراجع تدريجيًا.

في السابق، كانت العائلات تجتمع لتناول الطعام، وتبادل الأحاديث حول يومهم وهموم معاشهم، أما اليوم فقد تحوّلت هذه اللحظات إلى أوقات صامتة، حيث ينشغل كل فرد بهاتفه الذكي أو جهازه اللوحي.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن متوسط الوقت الذي يقضيه الأطفال والمراهقون على الأجهزة الإلكترونية، قد ارتفع بشكل كبير خلال العقد الماضي، مما أدى إلى تقليل فرص الحوار والتفاعل المباشر داخل الأسرة.

لا يقتصر الأمر على الأبناء فقط، بل حتى الآباء أنفسهم أصبحوا يعتمدون على هواتفهم في إنجاز أعمالهم أو متابعة الأخبار، مما يخلق فجوة إضافية في بنيان التواصل الأسري.

ثانيًا: تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الأسرية – تأثير سلبي على العلاقات الزوجية:

في عصرنا الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا رئيسيًا من حياة الكثيرين، حيث يقضي الأزواج ساعات طويلة على منصات اجتماعية مثل فيسبوك، وإنستغرام، وإكس، دون إدراك تأثير ذلك على علاقتهم الزوجية.

وتشير دراسات حديثة إلى أن الاستخدام المفرط لهذه الوسائل قد يكون سببًا رئيسيًا في تراجع جودة العلاقة الزوجية، حيث يؤدي إلى انشغال أحد الطرفين بالعالم الافتراضي على حساب الشريك الحقيقي.

إحدى أبرز المشكلات التي تواجه الأزواج في هذا السياق، الإدمان على التصفح اللاواعي، حيث يجد أحد الشريكين نفسه يقضي وقتًا طويلًا في متابعة الأخبار، أو تصفح المنشورات، أو التفاعل مع الأصدقاء الافتراضيين، في حين يتم إهمال التواصل المباشر مع الشريك. ويؤدي هذا السلوك إلى الشعور بالإهمال والفراغ العاطفي، مما قد يؤدي إلى تفاقم المشكلات الزوجية، وزيادة حالات الخلاف.

إعلان

إضافة إلى ذلك، يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تخلق توقعات غير واقعية في العلاقة الزوجية، حيث يعرض المستخدمون أفضل لحظاتهم على الإنترنت، مما قد يدفع بعض الأزواج إلى مقارنة حياتهم الزوجية بتلك الصور المثالية، والشعور بعدم الرضا عن علاقتهم الخاصة.

هذه المقارنات قد تزرع بذور الاستياء، وتؤدي إلى مشاعر الإحباط بين الأزواج، خاصة إذا شعر أحدهما بأن حياته الزوجية لا ترقى إلى المعايير التي يتم الترويج لها على الإنترنت.

لحل هذه المشكلة، يجب على الأزواج أن يضعوا حدودًا واضحة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي داخل المنزل، مثل تخصيص أوقات خالية من الهواتف، وتجنب تصفح الإنترنت أثناء الوجبات أو الأوقات العائلية. كما يُنصح بتعزيز التواصل الفعلي بين الزوجين من خلال قضاء وقت ممتع معًا، سواء بممارسة أنشطة مشتركة، أو التحدث عن المشاعر والتجارب اليومية.

– تأثير على الأبوة والأمومة:

لم يعد الانشغال بالأجهزة الذكية يقتصر على الأطفال والمراهقين فحسب، بل أصبح الآباء أنفسهم يعانون من إدمان الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أثر بشكل مباشر على علاقتهم بأطفالهم. تشير دراسات إلى أن بعض الآباء يقضون وقتًا أطول في التفاعل مع أجهزتهم مقارنة بالوقت الذي يقضونه مع أطفالهم، وهو ما يُعرف بـ "التربية المشغولة رقميًا".

عندما يكون أحد الوالدين أو كلاهما منشغلًا بالهاتف، فإن الطفل يشعر بأنه ليس محور الاهتمام، مما قد يؤدي إلى مشاكل عاطفية مثل انخفاض تقدير الذات، والشعور بالتجاهل. كما أن التفاعل المحدود بين الأهل والأبناء يقلل من فرص تطوير مهارات التواصل الاجتماعي لدى الطفل، مما قد يؤثر عليه في المستقبل عند التعامل مع الآخرين.

لحل هذه المشكلة، يجب على الآباء أن يكونوا أكثر وعيًا بأهمية التواصل العاطفي مع أطفالهم، وذلك من خلال:

إعلان تخصيص وقت يومي للأطفال بدون أجهزة إلكترونية، مثل اللعب معهم أو القراءة لهم. وضع قواعد صارمة لاستخدام الهواتف أثناء قضاء الوقت العائلي، مثل تجنب تصفح الإنترنت أثناء الوجبات العائلية. التفاعل مع الأطفال بوعي أكثر، من خلال الاستماع إليهم ومشاركة اهتماماتهم. – تأثير سلبي على الأطفال والمراهقين:

وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت بيئة خصبة للتأثير على نفسية الأطفال والمراهقين، حيث يقضي العديد منهم ساعات طويلة في تصفح منصات مثل إنستغرام وسناب شات.. مما يجعلهم عرضة لمقارنات غير صحية مع أقرانهم.

ومن أبرز المشكلات التي تواجه المراهقين في هذا السياق هو الشعور بعدم الكفاية، حيث يتمتع بعض المستخدمين بحياة فاخرة تبدو مثالية على الإنترنت، مما قد يجعل الطفل أو المراهق يشعر بأنه أقل حظًا أو أقل جاذبية. يمكن أن تؤدي هذه المشاعر إلى انخفاض الثقة بالنفس، وزيادة معدلات القلق والاكتئاب بين المراهقين.

ولحماية الأطفال من هذه التأثيرات، يجب على الأسرة متابعة المهام التالية:

توعية الأطفال بالمحتوى المضلل على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعليمهم كيفية التحقق من صحة المعلومات. تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم من خلال تشجيعهم على تحقيق إنجازاتهم الشخصية بعيدًا عن معايير الجمال الزائفة. تحديد وقت معين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمنع الإفراط في التصفح.. على سبيل الختم:

في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، أصبح من الضروري أن تتكيف الأسر مع متطلبات العصر الرقمي، دون أن تفقد قيمها الأساسية. التربية في العصر الرقمي تتطلب وعيًا ومسؤولية، من خلال تحقيق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا، وحماية الأطفال من آثارها السلبية.

ويمكن للوالدَين أن يجعلا من التكنولوجيا أداة إيجابية، من خلال وضع حدود واضحة، وتعزيز التواصل الأسري، والحرص على أن يكونا قدوة حسنة في استخدام الأجهزة الذكية. بهذه الطريقة، يمكن للأسرة أن تحافظ على تماسكها، وتساعد الأطفال على النمو في بيئة صحية ومتوازنة وخالية من الاستعباد الرقمي.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان وسائل التواصل الاجتماعی على العلاقات من خلال مما قد

إقرأ أيضاً:

مقاطعة صامتة تضرب قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل

تواجه إسرائيل أزمة صامتة، لكنها متصاعدة وممتدة وعميقة التأثير، وتصيب أعماق اقتصادها الحيوي، وتحديدا في قطاع التكنولوجيا الفائقة والأوساط الأكاديمية، وذلك بسبب استمرار حرب الإبادة والتجويع التي تشنها في قطاع غزة.

ويؤكد تقرير مشترك نُشر اليوم في صحيفتي هآرتس و"ذا ماركر" الاقتصادية المتخصصة، أن الإسرائيليين كانوا في الأشهر الأولى من الحرب لا يزالون يعتقدون أن هذه فترة عصيبة ستمر، لكن في الشهر الماضي، وكما تُظهر سلسلة من المحادثات مع مسؤولين تنفيذيين في قطاع التكنولوجيا المتقدمة والقطاع الأكاديمي، فقد تغير شيء ما.

ويعزو التقرير هذا التغير إلى الصور المروعة من غزة لأطفال يتضورون جوعا، إلى جانب تقارير المنظمات الإنسانية التي تدين إسرائيل باستخدام التجويع كأداة حرب، الأمر الذي جعل من الصعب على الشركاء الدوليين الامتناع عن التدخل أو حتى التزام الصمت.

ويشير التقرير إلى أن التغيير بدأ يحدث عند الشركاء الأوروبيين، وحتى عند بعض الأميركيين، الذين لم يعودوا مستعدين للتعاون مع الشركات الإسرائيلية في قطاع التكنولوجيا الفائقة، وكذلك مع الأكاديميين، بل بات بعضهم يضع شروطا صارمة أو يتراجع بالكامل عن الاتفاقات، خشية من ردود الفعل الشعبية أو الاتهام بالتواطؤ مع "جرائم حرب".

كما يكشف عن موجة مقاطعة متصاعدة، ليست بصيغة بيانات سياسية أو قرارات علنية، بل على هيئة انسحابات هادئة وتجميد عقود، أو اللجوء إلى صفقات تُدار في الخفاء، مشيرا إلى أن الأسباب ليست فقط أخلاقية، بل أيضا عملية، وتتلخص في الحفاظ على السمعة، والاستجابة للضغوط والاحتجاجات، وحتى المضايقات الشخصية.

ضغط شعبي

يقول أفيخاي ميخائيلي، المستشار في مجال الدمج والاستحواذ والرئيس السابق لقسم المصرفية الاستثمارية في شركة برايس ووترهاوس كوبرز، إنه يتلقى رسائل صريحة من شركاء أوروبيين، منهم من عرفهم على مدار ثلاث سنوات، تفيد بأنهم لا يرغبون بأي تعاون مع كيانات إسرائيلية.

إعلان

ويقول "قالوا لي: لا تنزعج، لكن ليس لديك ما تقدمه لنا باستثناء الشركات من إسرائيل. ونحن لا نريد أن نُرى ونحن نتعامل مع إسرائيل"، ويضيف "لكنه عندما يُسألون مباشرة، إن كانوا سيتعاقدون لو لم تُمارس عليهم مضايقات شعبية، فيجيب بـنعم، لكن السؤال هو: متى سيتوقف هذا؟ والجواب يكون غالبا: عند نهاية الحرب".

ويؤكد التقرير، أن السبب في المقاطعة ليس فقط معارضة العدوان، بل أيضا الضغط الاجتماعي المباشر. وينقل عن المستشار الإسرائيلي، "هؤلاء الأشخاص يُهاجَمون. تصلهم رسائل إلى منازلهم، ويُسألون علنا عن علاقتهم بإسرائيل. بعضهم يقول لي صراحة: لو لم يكن هناك ضغط شعبي، لكنا أكملنا الصفقة".

ووفقا له، فقد جُمدت استثمارات تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات حتى عام 2026.

في المقابل، ونتيجة لهذا الواقع، بدأت بعض الشركات الإسرائيلية تبحث عن طرق ملتوية لإكمال الصفقات. من أبرز الأمثلة صفقة استحواذ أوروبية على شركة ناشئة إسرائيلية، يشارك ميخائيلي في تسهيلها. لكن الصفقة لم تتم تحت اسمها الإسرائيلي، بل حُولت الشركة إلى كيان بولندي وهمي، بحيث يبقى التطوير والعقول في إسرائيل، لكن على الورق فقط، بينما أصبحت الشركة أوروبية.

ويشرح المستشار الإسرائيلي مزايا هذه الصفقة بأنها ليست التفافا على المقاطعة فقط، بل أيضا استفادة الشركة الأوروبية المستحوذة من الحوافز الضريبية والاقتصادية التي تمنحها بولندا للشركات الناشئة. ويعلق على ذلك: "النتيجة هي خسارة اقتصادية مزدوجة لإسرائيل، من حيث السمعة والاستثمار، وتحول تدريجي في مراكز الابتكار والتوظيف نحو الخارج".

ضربات أوروبية

ويقول التقرير، إن الأزمة لم تقتصر على القطاع الخاص، ففي مايو/أيار الحالي، أعلن صندوق الثروة السيادية النرويجي، وهو الأكبر في العالم، بيع استثماراته في شركة "باز" الإسرائيلية بسبب تورطها في تزويد مستوطنات الضفة الغربية بالوقود.

وبعده، أعلن صندوق التقاعد الكندي وقف استثماراته الجديدة في إسرائيل، التزاما بما وصفه بـ"معايير أخلاقية عالية".

لكن الضربة الأبرز جاءت من المفوضية الأوروبية نفسها، التي اقترحت هذا الأسبوع تقييد تمويل شركات التكنولوجيا الإسرائيلية ذات التطبيقات المزدوجة (المدنية والعسكرية) ضمن برنامج "أفق أوروبا" الضخم، الذي تبلغ ميزانيته نحو 100 مليار يورو. ويمثل هذا البرنامج شريانا حيويا للأوساط الأكاديمية الإسرائيلية، التي لطالما حصدت تمويلا يفوق حجم مساهمة إسرائيل فيه.

في حال مضي هذه التوصية قدما، ستُمنع عشرات الشركات الناشئة ومراكز البحث من الوصول إلى منح حيوية. وهو ما وصفه أحد المسؤولين الإسرائيليين بأنه "رسالة مخيفة" قد تدفع المستثمرين والمؤسسات إلى نبذ التعاون مع إسرائيل على نطاق أوسع.

ومع أن توصية المفوضية في هذه المرحلة تقتصر على منح التكنولوجيا التطبيقية، أي أن تأثيرها يبلغ نحو 10 شركات ناشئة سنويا، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين قلقون من المشاعر السلبية التي يثيرها هذا الإعلان.

مقاطعة المؤسسات العريقة

وحسب التقرير، فإن المقاطعة لم تعد تقتصر على الشركات الناشئة أو التقنية، بل إن ما يصفها بالمؤسسات الأكاديمية العريقة بدأت تواجه عزلة غير مسبوقة.

إعلان

ويروي البروفيسور ساريل فلايشمان من معهد وايزمان، قصة مراسل صحفي أوروبي جاء إلى المعهد بعدما تعرض للقصف الإيراني في 15 يونيو/حزيران، وسأله صراحة إن كان الإيرانيون استهدفوا المعهد لأنه يحوي أصولا عسكرية.

ويقول فلايشمان، إنه أجابه بأن هذه مختبرات بيولوجية بحتة، لا علاقة لها بالجيش، لكنه كان لا يزال يشك في الأمر.

ويضيف فلايشمان، أنه طُلب من مختبره الانضمام إلى ائتلاف علمي أوروبي للحصول على منحة، لكن جامعة دلفت الهولندية، التي تقود المشروع، أبلغته لاحقا أن المؤسسات الإسرائيلية ممنوعة من المشاركة "بسبب ارتباطها بالجيش الإسرائيلي المتورط في انتهاكات حقوق الإنسان".

ويحذر فلايشمان من أن هذا المناخ الجديد يهدد مستقبل البحث العلمي في إسرائيل. ويقول في هذا الشأن أن "مختبري مستقر، لكن الطلاب الصغار والباحثين الجدد قد يُحرمون من فرص أساسية. التعاون الدولي هو عصب التقدم العلمي، وبدونه، قد تنحدر المختبرات إلى مستويات متوسطة".

تكنولوجيا الأغذية والصحة

ومع هذه المقاطعة المتزايدة، فإن التقرير يرى أنها سيكون لها تأثير محدود في القطاعات المرتبطة بالأمن السيبراني والدفاع، وستظل تحتفظ بطلب مرتفع نسبيا، خاصة في أوروبا، إذ يرى صانعو القرار أن الابتكار في هذه المجالات ضرورة أمنية، حتى لو أتى من إسرائيل.

ولكنه في ذات الوقت يسلط الضوء على تأثيرها على القطاعات المدنية، مثل الزراعة، الأغذية، والصحة، أصبحت الأمور أكثر تعقيدا.

وينقل عن تامي ميرون، نائبة رئيس قسم التكنولوجيا في حاضنة "فريش ستارت" للأغذية الزراعية، قولها "المستثمرون يريدون تقليل المخاطر. لذلك يشترط بعضهم ألا تكون الشركة التي يستثمرون فيها إسرائيلية، ليس كرها لإسرائيل، بل اتقاءً للمتاعب" حسب قولها.

وتضيف "أعرف شركات سحب مستثمروها الرئيسيون مذكرات التفاهم وألغوا استثماراتهم. هذا حدث قد يدمر أي شركة".

كما تؤكد أن التعاون يحدث أحيانا، ولكن بتكتم تام. وتقول: "وقعنا اتفاقية إطارية مع إحدى أكبر شركات قطاع الأغذية. لكنهم أكدوا: إذا صدر إعلان علاقات عامة، أو حتى مقال صغير، تُلغى الاتفاقية.

كما تذكر أنه في إحدى الحالات تم إرسال وفد إلى إحدى الدول الإسكندنافية، حيث أُبرمت اتفاقيات تعاون هناك، لكنهم لم يوافقوا على نشرها حتى لا يُفسدها موظفو تلك الشركة. وتعلق على ذلك "نشعر وكأننا في حالة غرامية ممنوعة: يريدون استغلالنا، لكنهم لا يريدون أن يعرف أحد".

وتروي ميرون قصصا عن شركات فازت بمنح أوروبية، ثم اختفى شركاؤها في اللحظة الأخيرة. وتقول إنه في إحدى الحالات أرسل فيها شريك أوروبي رسالة تتضمن عبارة "من النهر إلى البحر"، ثم قطع الاتصال.

السوق الأميركية

أما عن العمل مع الولايات المتحدة، فيقول التقرير إنه لا يوجد توجه واضح للمقاطعة بنفس حدة ما شهدته أوروبا. فالسوق الأميركية مدفوعة أكثر باعتبارات تجارية، وللمستثمرين هناك تاريخ طويل من الشراكة مع شركات التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية. عمليا، هم من المصدر الرئيسي للاستثمار الأجنبي في هذه الصناعة.

وينقل التقرير عن أحد رواد الأعمال في قطاع التكنولوجيا الصحية الأميركي، إنه لم يشهد، حتى الآن، سوى حالة واحدة أثارت فيها الهوية الإسرائيلية للشركة معارضة. وأضاف: "أعلنت إحدى مديرات المستشفى التي طلبت شراء نظام منا، أنها لن تعمل مع شركة إسرائيلية، بل إنها طلبت من مندوب المبيعات الأميركي لدينا الاستقالة "كي لا يتعاون مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل".

ولذلك، فإن الشركات الأكثر تأثرا هي تلك التي يكون شركاؤها الطبيعيون اللاعبين الأوروبيين.

ويلخص التقرير الأزمة الإسرائيلية على لسان يوني جليكمان، مدير صندوق استثماري في لوكسمبورغ، الذي يقول إن "الأمور لم تعد مؤقتة كما في الحروب السابقة، ففي الماضي، كنا ننتظر شهرين أو ثلاثة ويعود كل شيء إلى طبيعته. الآن، الأمر يطول. والغضب الدولي يتصاعد. كنا نظن أن أحدا لن يتخلى عن الابتكار الإسرائيلي، لكن هذا لم يعد مؤكدا".

إعلان

ويختتم الكاتب بأن الصورة الحالية تُظهر أن المقاطعة الصامتة أصبحت واقعا اقتصاديا واجتماعيا حقيقيا، يضغط على أعصاب واحدة من أقوى أدوات القوة الإسرائيلية، وهي التكنولوجيا.

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتهز “مؤخرتها” بطريقة مثيرة وتشعل ثورة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي
  • مقاطعة صامتة تضرب قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل
  • أستراليا تمنع الأطفال من إنشاء حسابات على ⁧‫يوتيوب‬⁩
  • تفاصيل جديدة فى وفاة 6 أطفال ووالدهم بالمنيا
  • دراسة تحذر من اقتناء الأطفال دون 13 عاما للهواتف الذكية
  • الضمان الاجتماعي يحذر من روابط وهمية تنتحل اسمه وتستهدف سرقة بيانات المواطنين
  • الصين ترفع إنفاقها الاجتماعي إلى أعلى مستوى منذ جيل
  • دراسة تحذر من ضوء الشاشات الأزرق على البشرة.. وبعض النصائح
  • جوارديولا عن فلسطين: المأساة واضحة أمام أعيننا على الشاشات
  • معًا بالوعي نحميها .. ندوة توعوية بأوقاف شمال سيناء