عدوان صهيوني متواصل على طولكرم.. تعزيزات عسكرية واقتحامات وهدم منازل
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
يمانيون../
دفعت قوات الاحتلال الصهيوني، مساء اليوم الأربعاء، بتعزيزات عسكرية ضخمة نحو مدينة طولكرم ومخيماتها شمالي الضفة الغربية المحتلة، حيث استقدمت مدرعات من نوع “إيتان” من حواجزها العسكرية المقامة على مداخل المدينة، وسط انتشار واسع لجنود الاحتلال وفرق المشاة في الأحياء السكنية.
وأفاد شهود عيان لوكالة “صفا” الفلسطينية بأن مدرعتين اقتحمتا بلدة عنبتا قبيل موعد الإفطار، قادمتين من حاجز عناب العسكري، وجابتا شوارع البلدة الرئيسية، مما تسبب في عرقلة حركة المركبات وإثارة الذعر بين المواطنين.
بالتزامن مع ذلك، كثّف الاحتلال عمليات الاقتحام في مدينة طولكرم ومخيميها، طولكرم ونور شمس، في إطار عدوان متواصل لليوم الثامن والثلاثين على التوالي، حيث أسفرت تلك الاعتداءات عن دمار واسع في البنية التحتية، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، بما في ذلك المنازل والمنشآت والمحال التجارية.
وانتشرت دوريات الاحتلال في عدة أحياء داخل مخيم طولكرم، وتمركزت في “حارة المطار”، حيث اقتحم الجنود عدداً من المنازل وأجبروا ثلاث عائلات على إخلاء بيوتهم، بزعم قربها من الثكنة العسكرية التي أقامها الاحتلال في المنطقة، وأمهلوهم حتى الساعة العاشرة ليلاً للمغادرة. كما قامت جرافات الاحتلال بهدم منازل في “حارة الحمام” داخل المخيم، وتسويتها بالأرض.
وفي مخيم نور شمس، واصلت قوات الاحتلال تنفيذ مخططها التهجيري، حيث أخطرت 17 عائلة بهدم منازلهم في “حارة المنشية”، بحجة شق طريق جديد، وذلك استكمالًا لعملية هدم 11 منزلًا أخرى في المخيم قبل أيام، والتي شملت منازل ممتدة من ساحة المخيم وحتى “حارة المنشية”.
تصاعدت وتيرة الاعتداءات الصهيونية في طولكرم في إطار سياسة ممنهجة لفرض واقع جديد، عبر التهجير القسري وهدم المنازل وإغلاق الطرق، مما يفاقم معاناة سكان المدينة ومخيماتها، وسط صمت دولي عن الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الهدم الإسرائيلي المستمر بمخيمات طولكرم يعيد هندسة الجغرافيا والسكان
طولكرم- تستمر جرافات الاحتلال الإسرائيلي في تدمير منازل الفلسطينيين في مخيم طولكرم، لليوم الخامس على التوالي. وخلال الأسبوع الحالي هدمت قرابة 54 منزلاً في المخيم ضمن ما تسميه عملية "السور الحديدي" العسكرية التي تطال مخيمات شمال الضفة الغربية.
ووصل مجموع البيوت المهدمة في مخيم طولكرم وحده إلى 64 منزلا حتى الآن، في حين هدم الاحتلال خلال الفترة الماضية قرابة 20 بناية سكنية في مخيم نور شمس، قرب مدينة طولكرم أيضا، ضمن خطة هدم 48 بناية فيه، لأغراض توسيع شوارع وشق طرق جديدة في عمق المخيم.
وفي شهر مايو/أيار الماضي، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إخطارات بهدم 106 بنايات سكنية في مخيميّ نور شمس وطولكرم.
وتظهر عمليات الهدم التي تقوم بها جرافات الاحتلال، دماراً هائلاً في المنازل وممتلكات المواطنين، كما تظهر توسعاً في مناطق معينة، وشقا لشوارع وإزالة أحياء كاملة.
تتحدث أم مالك هيكل (50 عاما) عن أقسى صدمة عاشتها حين هُدم منزلها في حارة البلاونة في مخيم طولكرم. وتقول إنها بقيت قرابة أسبوع في صدمة كبيرة، وأنها حتى اليوم لا تتقبل فكرة، أن بيتها الذي عاشت فيه ثلاثين عاما هُدم في لحظة، وأن عائلتها تشردت بين ضواحي طولكرم كلها.
إعلانتقول "تزوجت في هذا البيت، وزوّجت أولادي الثلاثة فيه، ورأيت أحفادي يكبرون فيه، بيتي مكون من أربع طوابق، هدموه أمام عيني. كيف يمكن أن أعوض هذه الخسارة؟ لم يبقَ في العمر وقت لبناء بيت آخر".
تستعيد أم مالك ذكريات هدم منزلها مع كل بناية تسويها جرافات الاحتلال أرضا، ورغم ذلك، وكحال غيرها من أهالي المخيم، يبقى التعلق بأمل العودة إليه، في حال انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وعلى الرغم من اليقين الذي يرافق النازحين -ومنهم أم مالك- بأن هدف إسرائيل هو القضاء على المخيمات وتحويلها إلى أحياء تابعة للمدن. وأن إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل، مهمة صعبة جدا، إلا أن الحياة التي يعيشونها في أماكن النزوح، وما يتعرضون له من ظروف اقتصادية واجتماعية وصحية صعبة، يجعل تمسكهم بالعودة إلى ركام منازلهم كبيرا جدا.
مآسٍ متكررةعلى تلة صغيرة تطل على مخيم طولكرم، وقف الأهالي يراقبون جرافات الاحتلال تقضم جدران المنازل وأساساتها، وتحولها إلى أكوام من الركام، يقول الأهالي إنهم شاهدوا الهدم مباشرة، وبعض الأطفال بكوا حين شاهدوا ألعابهم وأغراضهم الشخصية تحت الركام.
ويصف الناشط المجتمعي حسين الشيخ علي، وهو نازح من مخيم طولكرم، الذي أصابه دمار كبير، مشاهد انهيار المنازل بعد تدميرها بجرافات الاحتلال بـ "المؤلمة جدا، والثقيلة على نفوس الأهالي، الذين بنوا المخيم حجرا حجرا".
ويضيف "الناس مغلوبة على أمرها، يشاهدون منازلهم تنهار مع ذكرياتهم وما تحمله من تعب السنين، هذا المخيم تم انشاؤه في البداية من الخيام، ثم استطاعت العائلات، أن تبني منازلها طوبة طوبة، واليوم تشاهدها تُهدم في أقل من نصف ساعة".
ويقول الشيخ علي للجزيرة نت، إن هدم المنازل هو إلغاء للوجود الفلسطيني في المخيمات، خاصة مع صعوبة العودة إليها، ويضيف "هذا جرح عميق وكبير، يتطابق مع جرح كل الشعب الفلسطيني وما يحدث له في كل الوطن وخاصة في قطاع غزة، للأسف الفلسطيني يعيش حياة مؤلمة في كل لحظة، ومآسيه متكررة".
ويقول الشيخ علي، إنه شاهد جاره يبكي بحرقة شديدة حين هدمت قوات الاحتلال منزله في المرحلة الأولى من خطة الهدم، ووصف ذلك بـ "قهر الرجال"، ويقول "أنا عشت لحظات الهدم الأولى بعد نزوحي بأيام قليلة، أُبلغت بقرار هدم منزلي، وكان هذا من أقسى الأحداث التي مرت علي خلال 60 عاماً عشتها في المخيم".
إعلانويضيف "قضيت عمري كله في هذا المنزل، طفولتي، شبابي وربيت أولادي فيه، كل ذكرياتي اقتلعها مني الاحتلال بهدم المنزل، كما اقتلع ذكريات من يهدم منازلهم الآن من الموجودين هنا على التلة".
ويؤكد الناس، أن الاحتلال أراد زيادة الوجع باختيار أيام الهدم التي ترافقت مع بداية عيد الأضحى، ويرون أن الحديث عن محاولة إسرائيل القضاء على المقاومة هو نوع من المبررات للاحتلال، الذي تمادى منذ السابع من أكتوبر 2023 في تطبيق مخططاته بضم الضفة الغربية والاستيلاء عليها.
وينهي حديثه، "بعد المخيمات ستتوسع إسرائيل لكل الضفة وستعيد احتلالها، لأن هذه عقيدتهم، وهذه معركة وجودهم، وتطبيق لمخطط (دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات)".
تحويل المخيم إلى ضاحيةوبحسب محافظة طولكرم، فإن الهدف الإسرائيلي هو مسح جغرافيا وتاريخ المخيم، لأن المخيمات واللاجئين فيها يشكلون قلقا وجوديا دائما للاحتلال، لذا تعمل الحكومة الإسرائيلية على خطة تهدف إلى إبقاء عدد من البيوت وضمّها إلى مدينة طولكرم.
وهو ما صرح به مسؤولون إسرائيليون فعلا بأن "مخيم طولكرم سيصبح ضاحية طولكرم الشمالية"، وهو أمر مرفوض كليا لدى السلطة الفلسطينية كما يقول نائب المحافظ فيصل سلامة.
وأكدت المحافظة على لسان سلامة، أن إلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وتعطيل عملها، وإلغاء وجودها المؤسساتي في المخيم بهدم عياداتها ومراكز الخدمات والمدارس التابعة لها، هو تطبيق لهذا الهدف، لأن الوكالة هي شهادة منذ 77 عاما على استمرار قضية اللاجئين وحقهم الأزلي بالعودة.
وكانت "غرفة تجارة وصناعة طولكرم" قد أصدرت عدة بيانات قالت فيها، إن قرابة 3 آلاف منشأة صناعية وتجارية أغلقت أبوابها منذ عام 2022 وحتى اليوم، بسبب الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة ومن ثم عملية "السور الحديدي" وما رافقها من إغلاق للحواجز المحيطة بالمدينة، ومنع المتسوقين من أهالي الداخل الفلسطيني من دخول المدنية، وما رافقها من تعثّر اقتصادي كبير لأصحاب المحال والمصالح التجارية.
إعلانفي حين قال نادي الأسير الفلسطيني، إنه وثق قرابة 300 اعتقال في مخيميّ نور شمس وطولكرم منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية فيهما في يناير/كانون الثاني الماضي.
ووفقًا لآخر المعطيات، فإن التصعيد أدى إلى تهجير أكثر من 5 آلاف عائلة من المخيمين، أي ما يزيد على 25 ألف مواطن، 70% منهم من الأطفال، وتدمير ما لا يقل عن 400 منزل تدميرا كليا، و2573 منزلا تضررت جزئيا، في ظل استمرار إغلاق مداخل المخيمين بالسواتر وتحويلهما إلى مناطق شبه خالية من الحياة.