هل تنجح الوساطة القطرية في حل الأزمة الجزائرية المغربية؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
لقد أصبحت دولة قطر بمثابة حمامة السلام في المناطق الساخنة بين الدول المتنازعة، وللحقيقة فقد حققت نجاحات كثيرة في نزع فتيل الحرب وتبريد الأجواء الملتهبة، ولقد أوكلت إليها الولايات المتحدة الملف الأفغاني والمفاوضات مع حركة طالبان التي أذاقتها مرارة الهزيمة، واعتمدت عليها في التسوية بينها وبين كابول وتأمين خروج القوات الأمريكية منها، وكذلك قامت بدور في الوساطة بين أمريكا وإيران.
وحاليا تتردد أنباء عن وساطة قطرية تتم بين الجزائر والمغرب، لم تنفها كلتا الدولتين، بعد إعلان المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية "ماجد الأنصاري"، عن وساطة قطرية بين البلدين. والمدهش أنه لم يصدر أي تعليق رسمي أو إعلامي مقرب من السلطة من الجانب الجزائري الذي كان دوما ينفي وجود أي وساطات بينها وبين المغرب ورفضها لإعادة العلاقات مع الرباط، مما يؤكد بالفعل أن الجزائر تسعى بالفعل لإنهاء النزاع مع المغرب والوصول إلى تسوية ترضاها معها وأنها أوكلت هذا الأمر لدولة التسويات (قطر)..
تتردد أنباء عن وساطة قطرية تتم بين الجزائر والمغرب، لم تنفها كلتا الدولتين، بعد إعلان المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية "ماجد الأنصاري"، عن وساطة قطرية بين البلدين. والمدهش أنه لم يصدر أي تعليق رسمي أو إعلامي مقرب من السلطة من الجانب الجزائري الذي كان دوما ينفي وجود أي وساطات بينها وبين المغرب ورفضها لإعادة العلاقات مع الرباط، مما يؤكد بالفعل أن الجزائر تسعى بالفعل لإنهاء النزاع مع المغرب والوصول إلى تسوية ترضاها معها وأنها أوكلت هذا الأمر لدولة التسويات
كما يبدو أن المغرب أيضا يسير على نفس الخطى، فلقد كان لافتاً في خطاب العرش للملك "محمد السادس"، تقييمه للعلاقات الجزائرية المغربية بأنها "مستقرة"، في محاولة لتذويب الجليد وإعطاء إشارة ما إلى أن ديناميات جدية تجري من وراء الكواليس للوصول إلى المصالحة بين البلدين. فالدولتان تشاهدان ما يجري في القرن الأفريقي من تغيرات استراتيجية حادة وصراعات نفوذ بين الغرب وروسيا والصين على القارة السمراء، وخاصة بعد انقلابات مالي وبوركينافاسو وأخيراً انقلاب النيجر، فلن تغامرا بالانخراط في أتون هذا الصراع الذي ليس لهما فيه ناقة ولا جمل..
في حقيقة الأمر، إن الأزمة بين الدولتين الجزائر والمغرب لم تكن وليدة اليوم، بل ترجع لعقود طويلة خلت، وهذه ليست أول مرة يحدث قطع للعلاقات بينهما، فقد سبق في عام 1976 أن قُطعت العلاقات بينهما لكن في تلك المرة كان المغرب هو صاحبة قرار المقاطعة..
فمنذ استقلال الجزائر عام 1962، بدأ النزاع الحدودي بين البلدين، واندلعت أولى المعارك العسكرية بين البلدين المفترض أنهما بلدان شقيقان، وعرفت العملية بـ"حرب الرمال"، وكان الجيش الجزائري في ذلك الوقت مدعوماً من مصر، حيث كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يدعم الثورة الجزائرية بالمال والسلاح، ويعتبر نفسه الأب الروحي لكل الثورات العربية، ويعادي كل الأنظمة الملكية العربية وينعتها بالرجعية وموالاتها للإمبريالية العالمية..
واستمر العداء أو لنقل التوتر بين البلدين الجارين إلى أن وقعا اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما عام 1988، بوساطة سعودية، ولكن هذه الاتفاقية لم تمحُ ما في النفوس، لدرجة أن القنصل المغربي في مدينة وهران غرب الجزائر، وصف الجزائر بـ"البلد العدو"!!
كما أن سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، دعا وبدون أي مناسبة، خلال اجتماع لدول عدم الانحياز منذ سنوات، إلى استقلال "شعب القبائل" في الجزائر، ما جعل الجزائر تستدعي سفيرها للتشاور، وهي لغة دبلوماسية تلجأ إليها الدول حينما تحدث أزمات لتجميد العلاقات بينها إلى أن تحل هذه الأزمات ويعود السفير مرة أخرى؛ أو لا يعود إذا تأزم الموقف ولم تحل الأزمة، فيكون تمهيدا لقطع العلاقات كما في الحالة الجزائرية..
ما من شك أن السفير المغربي لدى الأمم المتحدة لم يدعُ إلى استقلال "شعب القبائل" عبثاً بل كانت تصفية حسابات مع الجزائر، رداً على دعمها لحركة "البوليساريو" واعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية، والتي يعتبرها المغرب جزءاً من الأراضي المغربية، فسياسة "كيد النسا" يتميز بها العرب دون غيرهم من الأعراق الأخرى!
لا شك أن أزمة الصحراء الغربية واحدة من أطول الصراعات السياسية والإنسانية في العالم، لقد كانت مستعمرة إسبانية في الفترة الممتدة ما بين عام 1884 إلى عام 1976، وبعد خروج الاستعمار الإسباني منها تنازع عليها المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، لما تملكه من موارد طبيعية ضخمة. فالمغرب يريد أن تتسع رقعته الجغرافية في تلك الصحراء الغنية بالفوسفات، وبالتالي يزداد نفوذه وتؤول إليه قيادة المغرب العربي، في المقابل الجزائر تريد ان تُحَجّم النفوذ المغربي وترى نفسها هي المؤهلة لقيادة المغرب العربي، ولهذا شجعت جبهة البوليساريو على الاعلان عن الجمهورية العربية الصحراوية، وحرضت دولاً كثيرة على الاعتراف بها، ودعمتها بقوة في منظمة الوحدة الأفريقية فتم قبول البوليساريو كعضو فيها، مما استدعى رد فعل عنيفا من المغرب وأعلن انسحابه من المنظمة..
ولذلك فإن قضية الصحراء، من أكثر القضايا المعقدة والشائكة لدى البلدين الجارين..
في أواخر عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي غمرة الحماس لترويج اتفاقيات أبراهام في المنطقة وهرولة التطبيع مع الكيان الصهيوني، دخلت قضية الصحراء الغربية في سوق المساومات، إذ اعترف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وأنها جزء من الأراضي المغربية مقابل اعتراف المغرب بالكيان الصهيوني والتطبيع معه، فوجد المغرب أن الطريق العالمي لاعتراف العالم بسيادته على الصحراء الغربية، معمّد من الكيان الصهيوني، والتاريخ طويل في العلاقات الحميمية بين المغرب والكيان ولكن من وراء ستار، فلن يضر شيئا إذا أزيح عنه الستار وظهر في العلن!
فقد طلب المغرب من الصهاينة مساعدته في إقناع الولايات المتحدة بالاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية، ولقد عمل على ذلك زعيم الجالية اليهودية في المغرب، "سيرغي بارغودو" كوسيط بين الملك واجتمع بقادة يهود أمريكيين ومسؤولين صهاينة!
وأخيراً وبعد كل ما سردناه من عداء تاريخي بين الدولتين الجارتين، ولن أقول الشقيقتين مع أنها الأصح نظراً للروابط المشتركة بينهما من دين ولغة وثقافة، هل ستنجح دولة قطر في إزالة هذا العداء المستحكم بينهما وطي صفحات الماضي البغيض وبدء صفحة جديدة بينهما كدولتين شقيقتين؟ إذا تم ذلك فلسوف نكون بصدد تحول كبير في المنطقة..
twitter.com/amiraaboelfetou
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجزائر المغرب الصحراء الصراعات التطبيع المغرب الجزائر التطبيع الصحراء صراعات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحراء الغربیة بین البلدین إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأمريكى تطوير العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين
بحث الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية والهجرة، خلال لقائه اليوم الخميس، «ماركو روبيو» وزير الخارجية الأمريكى، فى واشنطن سبل تطوير العلاقات الثنائية الوثيقة بين مصر والولايات المتحدة.. وتبادل الرؤى حول عدد مع القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وصرح السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن وزير الخارجية نقل تحيات وتقدير الرئيس عبد الفتاح السيسى، للرئيس ترامب واعتزاز مصر بالشراكة الاستراتيجية الممتدة مع الولايات المتحدة على مدار عقود.
وأعرب وزير الخارجية عن التطلع لمواصلة التنسيق والتعاون الوثيق مع الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب في سبيل تعميق أواصر هذه الشراكة فى المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، وبما يسهم فى تعزيز الامن والاستقرار والسلام في الاقليم، لاسيما خلال هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها الشرق الأوسط، والتطلع لمواصلة انعقاد جولات الحوار الاستراتيجي المصري-الأمريكي بصفة دورية.
واستعرض الوزيران سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، حيث أشاد الوزير عبد العاطى بنتائج منتدى الأعمال المصري - الأمريكي الذي انعقد في القاهرة فى شهر مايو الماضي بمشاركة أكثر من 50 شركة أمريكية، من بينها 12 شركة تُشارك لأول مرة في السوق المصري، بما يعكس التزام الدولة المصرية بجذب الاستثمارات وتعزيز شراكاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة.
وأكد الوزيران على أهمية استمرار التنسيق بشأن عقد جولة جديدة من اجتماعات المفوضية الاقتصادية المشتركة، وعقد نسخة جديدة من منتدى الأعمال المصري- الأمريكي خلال الفترة المقبلة، بما يعزز آفاق الشراكة الاقتصادية بين البلدين الصديقين.
وأضاف المتحدث الرسمي أنه دار نقاش موسع بين وزيرى الخارجية المصرى والأمريكى بشأن التطورات الإقليمية المتلاحقة وفي مقدمتها الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، والتطورات المأساوية في السودان، فضلا عن الأوضاع في ليبيا وسوريا ولبنان وقضية الأمن المائى المصرى، والأوضاع في القارة الأفريقية.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، جدد وزير الخارجية التأكيد على ضرورة التوصل لاتفاق دائم لوقف اطلاق النار في غزة، مؤكدا ضرورة حقن دماء الشعب الفلسطيني وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع في ظل ما يعانيه من أوضاع كارثية نتيجة لسياسة إسرائيلية ممنهجة للتجويع وأهمية سرعة التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية الملحة.
وشدد وزير الخارجية على ضرورة طرح أفق سياسى لتحقيق تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على خطوط 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، معربا عن التطلع لمواصلة العمل الوثيق مع الإدارة الأمريكية لإرساء أسس السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط بما يحقق مصالح جميع شعوب المنطقة.
وتناول الوزيران الأوضاع فى السودان وأهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات، وأكد الوزير عبد العاطي علي موقف مصر الداعم لمؤسسات الدولة السودانية، وضرورة واحترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السودانية.
وفيما يتعلق بالأمن المائى المصرى، تناول وزير الخارجية شواغل مصر فيما يتعلق بملف نهر النيل والأمن المائى المصرى.. واطلع نظيره الأمريكى على موقف مصر المستند الى ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي فيما يتعلق بالموارد المائية المشتركة، موضحاً ضرورة التعاون علي أساس سرعة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يحكم تشغيل السد الإثيوبي.. وشدد على رفض الإجراءات الأحادية الإثيوبية المخالفة للقانون الدولي، مؤكداً أن مصر ستتخذ كافة التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي لحماية أمنها المائى.
اقرأ أيضاً«بدر عبد العاطي» يلتقي وزير الصناعة والتجارة المغربي في الرباط
وزير الخارجية يتابع مع مبعوث الرئيس الأمريكي مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة
وزير الخارجية يبحث مع نظرائه في قطر والأردن والسعودية مستجدات الأوضاع بغزة