أجاب نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، عن مسألة التبرك بقبور الأنبياء والصالحين، قائلاً إن الأصل في هذه الأمور هو الإباحة ما دامت في إطار المشروع، بشرط ألا تتحول إلى اعتقاد بأن هؤلاء الصالحين يملكون النفع أو الضر. 

جاء ذلك خلال لقاء فضيلة المفتي الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" المذاع على فضائية “صدى البلد”.

وأضاف مفتي الجمهورية، أن التبرك بآثار الصالحين أو زيارتهم بقصد الاقتداء بهم والتعظیم من سيرتهم هو أمر مشروع، لكن يجب الحذر من الخروج عن الإطار الشرعي.

مفتي الجمهورية: الإسلام حدد 3 أنواع من حقوق الجوارمفتي الجمهورية: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل لهذه الأسبابلماذا يحاسبنا الله طالما أقدارنا مكتوبة؟.. مفتي الجمهورية يوضح الحقيقةمفتي الجمهورية: العزوف عن الزواج أزمة أخلاقية تهدد المجتمع

وفيما يخص التسمية بأسماء مثل "عبد الرسول" أو "عبد النبي"، أوضح مفتي الجمهورية، أن هذه التسميات لا غضاضة فيها، ما دامت تعبيرًا عن محبة وتوقير للنبي صلى الله عليه وسلم، وليس بقصد تقديسه بالمعنى الذي يختص بالله تعالى. 

وأكد أن العبودية لله وحده، لكن هذه الأسماء تعبر عن محبة وتبرك بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهي أمور مباحة.

وتطرق فضيلة المفتي إلى مفهوم البدعة، موضحًا أن هناك بدعًا حسنة وبدعًا سيئة، فالأمر يعتمد على كون هذه البدعة تضيف إلى الدين أم لا. 

واستشهد بما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جمع الناس لصلاة التراويح في المسجد، واصفًا إياها بأنها "نعم البدعة!". 

وأكد فضيلته أن البدعة الحسنة هي التي تحقق مصلحة وتحيي سنَّة، بينما البدعة السيئة هي التي تبتدع في الدين وتخرج عن مقصوده.

المفتي يبين حقوق الجار في الإسلام

وكان أكَّد الدكتور نظير عياد، أهميةَ الحديث عن حقوق الجار في الوقت الحالي، مشددًا على أن الشريعة الإسلامية أكدت قدسية هذه العلاقة وضرورة مراعاة حقوق الجار، كما أن الشرائع السماوية والحضارات الإنسانية المتعاقبة أجمعت على احترام هذا الحق.

وأشار فضيلة المفتي، إلى أن الإحسان إلى الجار من القيم المشتركة بين الأديان، مدلِّلًا على ذلك بقول الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ}.

وأشار إلى أن الوصايا العشر في التوراة تضمَّنت الإحسان إلى الجار، وأنَّ الحضارة المصرية القديمة أكدت ذلك في محاكم العالم الآخر، حيث كان المتوفى يعلن براءته من إيذاء جاره.

وأوضح الدكتور نظير عيَّاد، أن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ في التوصية بالجار حتى ظنَّ الصحابة أنه سيورثه، حيث قال: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»، مؤكدًا أن إيذاء الجار ليس فقط ماديًّا بل قد يكون معنويًّا بنظرة ازدراء أو تمنِّي زوال النعمة عنه. 

وساق مفتي الجمهورية، مثالًا من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان جاره اليهودي يؤذيه، فلما مرض زاره النبي واطمأنَّ عليه، مشيرًا إلى أنَّ هذه الأخلاق الرفيعة تشمل التعامل مع جميع الجيران بغضِّ النظر عن دينهم.

وبيَّن فضيلة المفتي أن الإسلام يحدِّد ثلاثة أنواع من حقوق الجوار؛ الأول: جار غير مسلم وله حق الجوار، والثاني: جار مسلم وله حق الجوار وحق الإسلام، والثالث: جار مسلم من الأقارب وله ثلاثة حقوق؛ الجوار، والإسلام، والقرابة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المفتي نظير عياد مفتي الجمهورية قبور الأنبياء والصالحين المزيد مفتی الجمهوریة صلى الله علیه فضیلة المفتی

إقرأ أيضاً:

فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان

ما الحكمة من تأكيد مريم -عليها السلام- عدم كونها بغيًّا فـي قوله تعالى: «قَالَتْ أَنَّى ــ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا»، مع أن قولها «وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ» ينفـي كونها بغيًّا؟

صحيح، والذي وجدته عند أهل التفسير، وأنا أبحث فـي هذه المسألة منذ زمن، بقطع النظر عن قناعتي بما يذكره أهل التفسير، لكن هذا الذي وجدته: أن قولها «وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ»، أي بالزواج بالحلال، و«ولم أكُ بغيًّا»، أي بالوقوع فـي الفاحشة ــ حاشاها عليها السلام ـ فأرادت نفـي أن يكون قد صدر منها ما يمكن أن يورثها الحمل، وأن تكون ذات ولد، سواء كان ذلك بالحلال وهو الزواج، ولذلك قالت: «وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ»، أو كان ذلك بغير سبيل النكاح، وهو البغاء والزنا والعياذ بالله، فقالت: «ولم أكُ بغيًّا».

الملاحظ أن هذه الآية الكريمة، أو هذه الإضافة «وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا»، وردت فـي سورة مريم، ولم ترد حينما بُشّرت فـي سورة آل عمران. أيضًا، المفسرون ذكروا أن نزول سورة مريم متقدّم، ولذلك لم تحتج إلى إعادته فـي سورة آل عمران. ولكن يمكن أن تُضاف أسباب أخرى؛ أن السياق فـي آل عمران لا يستدعي أن تنفـي ذلك، لأن المسيس هناك يمكن أن يكون بالوجه الشرعي أو بغيره، لكن هذا مزيد توكيد فـي هذه الآية الكريمة التي يسأل عنها السائل، فـيه مزيد توكيد، وفـيه نفـي لما يمكن أن يُتوهَّم أو يُعترض به عليها، وهي فـي سياق الاستعطاف واسترحام ربها تبارك وتعالى، فأرادت أيضًا أن تتقرّب إليه جل وعلا بعفّتها وحصانتها، وباستقامتها وتقواها، فذكرت هذا الذي ذكرته. هذا الذي يظهر، والله تعالى أعلم.

هل يجوز أن يبيع الأب لابنه مزرعة صغيرة بسعر رخيص جدًا بسبب أنه اقترض منه مالًا ولم يستطع أن يرده إليه، رغم عدم علم جميع الأبناء بالبيع مع قدرتهم ورغبتهم بالشراء بمبلغ أكبر من المبلغ الذي تم به البيع؟

أما إن كان ذلك على سبيل الإيثار لهذا الولد دون إخوته، فليس له، وإن كان فـي ظاهر الأمر أنه بيع وشراء بينهما. أما إذا كان وفاءً للدين، إذا كان المدين هو الوالد، الذي اقترض من ولده، فلم يجد له وفاءً إلا أن يبيع، فـيحق له أن يبيعه المزرعة.

فإن كان الحال كذلك، فالمزرعة تكون فـي حدود قيمتها حتى لا يكون هناك إيثار لبعض الولد على الآخرين. فما يلجأ إليه البعض من الاحتيال باجتناب صور الهبة التي يُؤمر فـيها الوالد بالعدل بين أولاده فـيها، بأن يصوروا ذلك على صورة بيع ولكنهم يرخّصون الثمن كثيرًا، فهذا من التحايل على أحكام شرع الله تبارك وتعالى.

فالوالد مأمور بالعدل بين أولاده فـي الهبة، أي فـي محض الهبة التي لا تكون فـي مقابل شيء، ليست فـي سبيل معاوضة عن حق مالي، ولا عن حق معنوي. فإن كان يريد هذا الوالد أن يحتال بأن يعطي ولده هذا، ولكنه صوّر المسألة فـي صورة عقد بيع، كأن يكون الدين يسيرًا، أو أن يكون الدين فـي حدود معينة ولكن قيمة المزرعة تفوق ذلك بكثير، فجعلوا المسألة وكأنها بيع للوفاء بهذا الحق، فهذا أيضًا فـيما بينه وبين الله تبارك وتعالى يأثم.

أما إذا كانت فـي حدود قيمة ما عليه، فـي حدود الحق الذي عليه لولده، مما يمكن أيضًا أن يتساهل الناس فـيه حينما يتبايعون، والإخوة فـيما بينهم، والوالد مع أولاده، والأصدقاء فـيما بينهم، فهؤلاء لا يتبايعون فـيما بينهم كما يبيعون للغريب الأجنبي، لكن فـي الحدود التي لا يكون فـيها ضرر على الآخرين.

والدَّين يُرَدّ بمثله، لكن لو كان قد قام بشأنه ورعايته فـي وقت ضعفه، ولم يقم غيره بذلك، فهذا ليس فـيه إيثار، بمعنى أنه لو قام أي واحد منهم فإنه سيكافئه، سيعوضه على مزيد الخدمة والرعاية، وما قام به نحوه. فهذا فـيما بينه وبين الله تبارك وتعالى، فـي الحدود التي لا يكون فـيها إيثار، ومظلمة، وجور على عناء الآخرين.

فالمقصود هو تطييب النفوس، وإرساء العدالة فـيما بين الأولاد. فإن لو قام غيره، يعني هو لا يخص زيدًا منهم بهذا لذاته، وإنما بسبب ما قام به، بسبب قيامه بشأنه، وذهابه ومجيئه معه، وأخذه له، وبسبب أخذه مثلًا إلى المستشفـيات وللمراجعات، وقيامه بشأنه، يمكن أن يعوّضه؛ لأنه بذل كثيرًا من الجهد والوقت، وترك ما كان يمكن أن يكون أيضًا كسبًا للمال من ما هو فـيه من حرفة أو مهنة.

فهذا لا يدخل فـيما يتعلق بلزوم العدل بين الأولاد فـي الهبة المحضة، هذا ليس من ذلك، بل أقرب إلى المعاوضة، لكن المعاوضة أيضًا لا يصح أن تُتخذ ذريعة للاحتيال على هذا المبدأ، وهو مبدأ العدالة بين الأولاد فـي الهبة، والله تعالى أعلم.

ما صحة حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: يأتيني جبريل عليه السلام على صورة دِحية الكلبي؟

نعم، هذا الأثر صحيح، ورد عند الإمام مسلم، وورد عند الطبراني، وبعض المسانيد والسنن، وكثير من هذه الروايات صحيح، مقبول، محتج به. والمقصود من ذلك أن جبريل عليه السلام حينما يتمثّل فـي صورة بشر، فإن من الصور التي يتمثّل بها صورة دِحية الكلبي، وكان دِحية حسن الهيئة، حسن المنظر، فكان جبريل عليه السلام يتمثّل فـي صورته، فـيأتي رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما يأتيه فـي صورته البشرية، فـي صورة دِحية الكلبي.

ولا يعني ذلك أنه يتحوّل إلى دِحية، كما ظنّ بعض الناس، وإنما هو فـي شبه دِحية الكلبي، أو دِحية بن خليفة الكلبي، هذا هو المقصود، والأثر صحيح.

وإذا كانت الإشارة إلى ما يتعلق بالحُسن والجمال، فهي هبة من الله تبارك وتعالى، فمن أوتي إياها فليحمد الله عز وجل، وليؤدِّ حق هذه النعمة، وليجتنب الفتن التي تصحب هذه النعمة. ومن لم يُؤتَ هذا النصيب الوافر، فعليه كذلك ألا يتسخّط قدرَ الله عز وجل عليه، وأن يحرص على أن يُجمّل نفسه بالأخلاق القويمة، والآداب الفاضلة، وتقوى الله تبارك وتعالى، فهي التي عليها المعوّل، فإن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، والله تعالى أعلم.

ما دلالة تكرار حرف «من» فـي هذه الآية: «وَيُنـزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ»؟

«من جبالٍ فـيها من بردٍ»، أولًا، يجب أن ندرك أنه لا تنافر فـي آيات كتاب الله عز وجل، فهي فـي أحسن نظام، وأعلاه بلاغة، وأرقاه حُسنًا. حتى حينما يتكرر الحرف الواحد أكثر من مرة، فإن ذلك فـي غاية الحُسن، وفـي قمة البلاغة والبيان.

ثانيًا، من حيث المعنى، فهي قاعدة مطّردة: لا يمكن الاستغناء عن ذلك الحرف، ولا أن يُستبدل به غيره. فـ«من السماء»، «من» الأولى لابتداء الغاية، أي أن النزول يكون من السماء.

«من جبالٍ فـيها من بردٍ»، قيل: إنها لابتداء الغاية أيضًا، وبدل اشتمال من «السماء». وقيل: للتبعيض؛ لأن السماء فـيها أشياء كثيرة، ومنها هذه الجبال، أي السحاب المتراكم، وقيل: للتوكيد، أي تأكيد المعنى فـي سياق الإثبات.

أما «من بردٍ»، فقيل: للغاية، أو للتبعيض، وهو أقرب؛ لأن السحاب المتراكم فـيه ودق وفـيه برد، وذُكر البرد فقط، فقيل: للتبعيض. وقيل: للبيان، أي من جنس الجبال هذه، أي أن البرد من جنس هذه الجبال. وذكر بعض المفسرين أن «من» الثالثة لها خمسة وجوه.

وهذا من اتساع المعنى فـي كتاب الله عز وجل، والله تعالى أعلم.

مقالات مشابهة

  • محافظ الشرقية يبحث مع مفتي الجمهورية عددا من الملفات الهامة
  • مفتي الجمهورية: استخدام «واقي الشمس» أثناء الإحرام جائز بشرط خلوه من العطر
  • محام بالنقض: لا يجوز التفريط في حقوق الملاك أثناء تعديل قانون الإيجار القديم
  • الإفتاء: يجوز للمحرم استعمال واقي الشمس أثناء الحج والعمرة بشرط
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • مفتي المملكة يوصي الحجاج بإخلاص الحج واتباع السنة
  • المفتي: المملكة هيأت العلماء لبيان أداء الحج وفق منهج النبي
  • مفتي الجمهورية يدين اقتحام مئات المستوطنين للمسجد الأقصى
  • عاجل.. مد أجل النطق بالحكم علي متهمين بـ "خليه داعش قنا" لورود رأي مفتي الجمهورية
  • هل يجوز قطع الطواف من أجل الصلاة المكتوبة