أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن الابتلاء في الدنيا سُنّة إلهية تهدف إلى تمحيص الإنسان واختباره، مؤكداً أن الصبر والرضا في مواجهة البلاء يقرب العبد من الله عز وجل، ويهيئه لنيل رحمته ومغفرته. 

وأوضح مفتي الديار المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن البعض يتساءل عن سبب وجود الابتلاء، ولماذا يكون العذاب في الآخرة أبديًا رغم أن الجرم قد يكون مؤقتًا؟ فأجاب قائلاً: "الابتلاء ليس عقوبة وإنما اختبار ووسيلة للارتقاء الإيماني، كما بيّنت قصة سيدنا موسى والخضر عليهما السلام، التي أظهرت لنا أن بعض الأحداث قد تبدو شرًا في ظاهرها، لكنها تحمل الخير في طيّاتها وفقاً للعلم الإلهي المطلق".

مفتي الجمهورية: الزعم بأن الإنسان مجبر على المعصية باطل لهذه الأسبابلماذا يحاسبنا الله طالما أقدارنا مكتوبة؟.. مفتي الجمهورية يوضح الحقيقةمفتي الجمهورية: العزوف عن الزواج أزمة أخلاقية تهدد المجتمعمفتي الجمهورية: الله منح الإنسان العقل وأنزل إليه الرسل حتى تقوم عليه الحجة

وفيما يتعلق بعذاب الآخرة، أكد المفتي أن العقاب مرتبط بالنتائج وليس بمدة ارتكاب الجريمة، موضحًا أن القوانين الوضعية نفسها تحكم بالسجن المؤبد أو الإعدام على جرائم قد تستغرق لحظات فقط.

وأضاف أن الكافر لو كُتب له الخلود في الدنيا لاختار الكفر طيلة حياته، لذا فإن استمرارية العذاب تتناسب مع طبيعة اختياره الدائم للكفر والمعصية، مصداقًا لقوله تعالى: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه". 

وشدد على أن الله سبحانه وتعالى أقام الحجة على عباده بإرسال الرسل وإنزال الكتب ومنح الإنسان العقل، ليكون مسؤولًا عن اختياراته، داعيًا الجميع إلى التفكر في حكمة الابتلاء والعدل الإلهي، والثبات على الطاعة واليقين برحمة الله وعدله.

لماذا يحاسبنا الله طالما أقدارنا مكتوبة؟

وكان الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، تحدث عن مسألة القضاء والقدر، موضحًا أن الجدل حول الجبر والاختيار شغل عقول البشر على مدار التاريخ، مشددًا على أن الإنسان يشعر بإرادته الحرة، وهو ما لا يمكن إنكاره.

وأشار "عياد"، إلى أن أي شخص حين يُقبل على فعلٍ ما، فإنه يفكر ويخطط ويوازن بين الأمور، ثم يتخذ قراره بحرية تامة، مما يثبت أنه مسؤول عن أفعاله وليس مجبرًا عليها.

ورفض فكرة أن الله قدّر على الإنسان كل شيء ثم يعاقبه عليه، معتبرًا ذلك مغالطة كبيرة، مستشهدًا بالقوانين الوضعية التي تفرض ضوابط على الجميع، ومع ذلك لا يستطيع المخالف أن يدّعي أن القانون أجبره على الخطأ.

وأكد مفتي الجمهورية أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وزوّده بالعقل، وأرسل إليه الرسل، وأنزل الكتب، ليكون على بيّنة من أمره ويُحسن الاختيار في حياته، مستشهدًا بقول الله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي". 

وأوضح أن علم الله المطلق لا يعني إجبار الإنسان على أفعاله، بل هو كشف مسبق لما سيختاره الإنسان بحرية تامة.

وفي ختام حديثه، شدد عياد على أن الإيمان بالقضاء والقدر ركن أساسي من أركان الإيمان، وأن الله لا يُحاسب العبد إلا على ما قام به بإرادته واختياره، مستشهدًا بقول الله تعالى: "من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتي الديار المصرية الابتلاء الدكتور نظير عياد الابتلاء في الدنيا المزيد مفتی الجمهوریة أن الله

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: النظر الإسلاميّ للتغيّرات المناخية جزء أصيل من الرسالة الإلهيّة.. صور

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أنّ القضايا البيئية لم تعد ترفًا فكريًّا أو اهتمامًا نخبويًّا، بل صارت في قلب قضايا الأمن الإنساني والوجود الكوني، مشيرًا إلى أنّ ما نشهده من كوارث بيئيّة متصاعدة، مثل اختفاء الأنهار وجفاف البحار، ليس محض مصادفة كونية أو دورة طبيعيّة، بل هو نتيجة مباشرة لعبث الإنسان بمقدّرات الأرض وتهاونه في أداء واجبه نحوها، حتى باتت السفن ملقاة على الرمال، بعد أن كانت تملأ ضفاف المياه بالحياة والحضارة، في مشهد مرعب ينذر بأنّ العالم يقف على أعتاب نهايات كارثية إن لم يُتدارك الأمر. 

مفتي الجمهورية يستقبل رئيس الطائفة الإنجيلية للتهنئة بعيد الأضحى.. صورزيارة ود ومحبة.. رئيس الطائفة الإنجيلية يهنئ مفتي الجمهورية بمناسبة عيد الأضحى

ولفت مفتي الجمهورية، إلى أنّ العالم رغم ما شهده من خطوات أممية مهمّة كاتفاق باريس وقمة شرم الشيخ (COP27)، ما زال رهينًا لحسابات أنانية ضيّقة، تتزعمها الدول الكبرى التي تلوّثت أيديها بغازاتها وانبعاثاتها، ثم تراجعت أو انسحبت حين جاء وقت الوفاء بالتزاماتها، وكأنّ كوكب الأرض لا يسع الجميع، أو أنّ الحياة لا تستحق أن نتحمّل من أجلها بعض المسؤوليّة.

جاء ذلك خلال كلمته، في المؤتمر العلمي الذي عقدته جامعة النيل بالتعاون مع مؤسسة "مهندسون من أجل مصر المستدامة"، حيث عبّر فضيلته عن تقديره العميق لهذا اللقاء العلمي المهم، مشيدًا بجهود الدولة المصرية في دعم مسارات البحث العلمي المتعلقة بقضايا المناخ والبيئة والفلك والفضاء، وحرصها على بناء وعي مجتمعيّ مسؤول يعيد ترتيب أولويات التعامل مع الموارد الطبيعيّة، ويعزز ثقافة الرعاية لا الاستهلاك، والمشاركة لا الاستنزاف، والاستدامة لا الفساد، معتبرًا أنّ ما يناقشه المؤتمر من تحديات مناخيّة متجددة، وما يطرحه من حلول واستراتيجيات، يؤكد أنّ مصر تخطو بثقة نحو مستقبل تنموي يستثمر مقدراتها ويصون بيئتها ويضع العلم في صدارة أدواته للبناء والتخطيط.

وأوضح مفتي الجمهورية، أنّ النظر الإسلاميّ لقضية التغيّرات المناخية ليس دخيلًا على تراثنا الديني، بل هو جزء أصيل من الرسالة الإلهيّة التي حمّلها الله للإنسان، حيث جاء في القرآن الكريم: ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها﴾، و﴿ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها﴾، فالإسلام لم يكتفِ بدعوة الإنسان إلى إعمار الأرض، بل شدّد على ضرورة الحفاظ على توازنها البيئي، ومنع أيّ فساد يهدّد استقرار الحياة عليها، مؤكدًا أنّ هذا المبدأ ليس شعارات بل التزام دينيّ وعقليّ، وأنّ علماء الإسلام لديهم من الإرث الحضاريّ والتشريعيّ ما يؤهّلهم لتقديم إسهام فعّال في صياغة وعي بيئيّ رشيد، يحمي الثروات، ويرشّد الاستهلاك، ويعيد للكون توازنه، منبّهًا إلى أنّ التشريعات الإسلامية لا ترى البيئة ملكًا للإنسان، بل أمانةً استُؤمن عليها، وأنّ العلاقة بين الإنسان والطبيعة في التصور الإسلاميّ تقوم على الرعاية لا السيطرة، والأمانة لا الامتلاك.

وأشار، إلى أنّ من أعظم ما قدّمه الإسلام في هذا الباب أنّه سبق غيره من الحضارات في تقنين أحكام تعنى بالبيئة وتعزز عناصرها، بدءًا من التشجير والتخضير، ومرورًا بالنظافة والتطهير، ووصولًا إلى إحسان استثمار الموارد، دون إخلال بالتوازن الطبيعي، مشددًا على أنّ الإيمان لا يقتصر على أداء العبادات وحدها، بل يتجاوزها إلى كلّ فعل صالح يعمّر الكون ويحفظ الحياة، مشيرًا إلى قول الله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملًا﴾، فالإحسان إلى البيئة جزء من الإيمان، وحماية الكون مسؤولية إيمانية قبل أن تكون علمية أو أخلاقية. كما ثمّن فضيلته أهمية توظيف أدوات العصر، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، في تطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتقديم حلول دقيقة وسريعة للمشكلات البيئية، باعتبار أنّ التقنية اليوم باتت من أهم مفاتيح الإنقاذ البيئي إن أُحسن استخدامها وتوجيهها.

واختتم كلمته بالدعوة إلى تأسيس وعي بيئيّ شامل، يبدأ من النشء عبر المناهج الدراسية والأنشطة التربوية، وينتقل إلى الأسرة والمؤسسات التعليمية والدعوية والثقافية، باعتبار أنّ إصلاح البيئة لا يتحقق دون إنسان صالح وواعٍ. كما دعا إلى إصدار تشريعات حازمة تردع من يعبث بالبيئة، وسدّ الفراغات القانونيّة في بعض الدول التي ما زالت عاجزة عن مواكبة التحديات البيئية المعاصرة. وأوصى فضيلته بسرعة تبادل المعلومات البيئيّة بين الدول والهيئات الدولية، والتخلّي عن البيروقراطية الإجرائيّة حين يتعلّق الأمر بخطر يهدد حياة البشر، ولم يُغفل مفتي الجمهورية ما يحدث في غزة من اعتداءات ممنهجة وجرائم بيئية مروّعة، أدّت إلى تدمير البيئة وغياب مقوّمات الحياة، مستنكرًا صمت العالم أمام جرائم الكيان الصهيوني المحتل، الذي لا يراعي حرمة دين ولا قيمة إنسان ولا كرامة بيئة، بل العجيب أنّ هذا الصمت يرقى أحيانًا إلى درجة التواطؤ والتبرير.

شهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حضورًا رسميًّا رفيع المستوى، يتقدّمه الأستاذ الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الرئيس الشرفي للمؤتمر، نائبًا عن دولة رئيس الوزراء، والدكتور أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، والدكتور إبراهيم صابر،  محافظ القاهرة، والمهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، والدكتور محمود فتح الله، رئيس الأمانة الفنية لمجلس وزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة بجامعة الدول العربية، والدكتور وائل عقل، رئيس جامعة النيل، الدكتورة نيفين عبد الخالق، عميد كلية التعليم المستمر ونائب رئيس المؤتمر، والمهندس محمد كامل، المدير التنفيذي للمؤتمر.

طباعة شارك مفتي الجمهورية نظير عياد المناخ البيئة الإسلام التغيرات المناخية

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية لرئيس حزب الوعي: دار الإفتاء منفتحة على كل تعاون جاد يخدم الوطن
  • مفتي الجمهورية: النظر الإسلاميّ للتغيّرات المناخية جزء أصيل من الرسالة الإلهيّة.. صور
  • هل كثرة الأحلام من الشيطان؟.. انتبه لـ7 حقائق وتحصن بـ4 آيات
  • مفتي الجمهورية: ما يحدث في غزة خزي وعار في جبين المجتمع الدولي
  • مفتي الجمهورية يستقبل رئيس الطائفة الإنجيلية للتهنئة بعيد الأضحى.. صور
  • هل الدعاء بعد التلبية مستجاب في الحج والعمرة .. المفتي يجيب
  • هل يجوز للحاج الأكل من لحم الهدي؟.. مفتي الجمهورية يجيب
  • مفتي الجمهورية: ندعم جهود باكستان في مواجهة الفكر المتطرف
  • مفتي الجمهورية يستقبل سفير باكستان الجديد لدى القاهرة لبحث سبل التعاون
  • مفتي الجمهورية يستقبل سفير تايلاند بالقاهرة لبحث تعزيز التعاون.. صور