قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه ترك لنا سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دين الله نراقب فيه أنفسنا ونتوب إلى الله سبحانه وتعالى بعد عصياننا « كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ».

مفتاح الخيرات 

وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه جعل النقد الذاتى مفتاحاً للخير بل وأصلاً من أصول الدين فقال : « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » ، فالدين لا يكون فى حياة المسلمين ولا تعز هذه الأمة إلا بالنصيحة ، والنصيحة والتوبة من دين الله نحاول فيها أن نغير أنفسنا من الخطيئة إلى الحق ، ومن الخطأ إلى الصواب ، ومن التقصير إلى الهمة.

وأضاف أن « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » ومن أجل ذلك رأينا علماء المسلمين على مر العصور يتناصحون ويراجعون أمتهم وأنفسهم ، رأينا فى القرن الخامس الهجرى حجة الإسلام الإمام الغزالى رحمة الله بعد أن رأى همة الناس قد فترت ، يألف كتابه الماتع الذى بقى حتى الأن يدرس بين المسلمين " إحياء علوم الدين ".

وأشار إلى أنه سمى الكتاب بإحياء علوم الدين ، لأنه ينصح للأمة أن تعود إلى ربها ، وإلى نيتها الصالحة فى درسها والى أخلاقها القويمة التى تركها لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وينبه الناس بعد أن اشتغلوا بالرسوم والشعائر دون الخشوع فى الصلاة ، ودون إدراك أسرار العبادات، إلى هذا المعنى إلى العودة وإلى تخلية القلب من القبيح وإلى تحليته بالصحيح ، كان واجب وقته رضى الله تعالى عنه أن ينبه المسلمين إلى هذا.

وتابع: بعد ذلك وفى القرن الثانى عشر قام جماعة من المفكرين يراجعون أنفسهم كان منهم عبدالقادر البغدادى ، وعبدالقادر البغدادى رأى أنه لابد أن نعود إلى اللغة العربية التى كادت تهجر ، ولابد علينا من أن نعود اليها حتى يستقيم فكرنا وحتى نسير على الفكر المستقيم وحتى نفهم مراد ربنا سبحانه وتعالى من كتابه ، فألف كتبه كلها فى هذا المعنى ، وألف كتابه الماتع الجامع " خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب " .

وأفاد بأنه  قام عبدالقادر رحمة الله تعالى فى هذه الديار وفى غيرها بإنشاء مدرسة تعيد إلى العربية رونقها ، وتعيد إلى العربية جانبها الفكرى ، وتعيد إلى العربية أصولها التى أندثرت أو كادت ، قام عبد القادر بمدرسة تربى عليها فيما بعد " المرتضى الزبيدى " فألف كتابه الماتع فى شرح القاموس المحيط " تاج العروس فى شرح كلمات القاموس " حتى يحيى اللغه فى قلوب الناس .

واستطرد:  وألف الكتاب الثانى " إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين " للغزالى ، يشير بذلك إلى أنه يتبنى النهضة من طريقين ، من طريق عودة المسلمين إلى اللغة العربية التى بها فهم الكتاب والسنة وبها التفكير المستقيم ، وأن يعودوا إلى طريق الله سبحانه وتعالى وإلى التربية ، لابد علينا من أن نراجع أنفسنا فى هذا العالم .

وأكد أنه يجب علينا أن نعود سريعاً إلى حصوننا ؛ فحصوننا مهددة من داخلها إذا لم نرجع إلى اللغة العربية من ناحية، وإلى التربية الإحسانية من ناحية أخرى ، يجب أن نعود إلى مشروع النهضة الذى بدأه عبدالقادر البغدادى منذ ثلاثمائة عام ولم يتم ، أتدرون لما لم يتم ؟ لقد جاءت الحملة الفرنسية الغاشمة لتقتل كل يوم خمسة من علماء الأزهر الشريف من تلامذة المرتضى الزبيدى ومن تلامذة مدرسة عبدالقادر البغدادى ، على مر سنة قضاها نابليون فلما أنهاهم جسدياً ذهب وولى وذهب إلى بلاده ليرى شأنه .

ونوبه بأن هذا هو الذى حدث فى تلك الديار وهو الذى يحدث الأن بصور مختلفة تتناسب مع العصر الذى نعيش فيه ، يجب علينا أن نهتم باللغة العربية ، وإهتمامنا باللغة العربية يجب أن يكون فى بيوتنا قبل أن يكون فى مدارسنا ، فإن لم تحظى اللغة العربية بالمدارس مكانتها المرجوه فعلينا أن نعلم أبناءنا هذه اللغة ، نحواً وصرفاً ودلالات الألفاظ وسياقاتها وصياغاتها ، نعلمهم نثرها وشعرها ، ونحيى الكتب التى ألفت فى ذلك تمهيداً لتعليمها إلى الأولاد مع القرآن الكريم.

واستشهد بما قال تعالى : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } نعم أنظر لو ناداك أحدهم من مكان بعيد ، فإنك لا تكون متأكداً وعلى يقين أن النداء يخصك ، وتكون متشككاً هل سمعت أو لم تسمع فأنت فى تيه ، فلو خرجت عن العربية وصلت إلى ذلك التيه .

ونبه إلى أن اللغة العربية هى بداية الحماية وهى بداية الحصن الحصين وهى بداية صد الهجمة من المعتدين ، والسلوك فى طريق الله هو الذى يجعلنا فى محل نظر الله سبحانه وتعالى ، هو الذى يجعلنا فى مآثر السلف الصالحين ، هو الذى يجعلنا نتعلم السباحة فى هذا الفيضان القذر الذى يحيط بنا فى كل مكان.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة اللغة العربية

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الأسبق: العالم يتبنى الموقف المصري الساعي لمنع التهجير وضمان تدفق المساعدات إلى غزة

أكد السفير محمد العرابى، رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يضع القضية الفلسطينية على جدول مباحثاته، ويرى أن حلها سيكون بمثابة مفتاح الاستقرار فى الإقليم.

وقال «العرابى»، فى حواره لـ«الوطن»، إن القوى الدولية باتت تعرف ثقل موقف مصر وتأثير دبلوماسييها فى الحرب على غزة، موضحاً أن دور الوساطة المصرية مهم ومحورى لتهيئة الظروف المناسبة للقضاء على حدة النزاع، والوصول إلى وقف لإطلاق النار وحماية الشعب الفلسطينى.

جهود الرئيس السيسى لدعم القضية الفلسطينية لا تتوقف.. كيف ترى تأثيرها؟

- منذ بداية تولى الرئيس السيسى مصر وهو يضع القضية الفلسطينية على جدول مباحثاته، سواء فى اجتماعاته بالداخل، أو عند إجراء لقاءات ومباحثات خارج البلاد، كان هذا واضحاً فى أكثر من مناسبة، ودائماً ما يؤكد على مركزية القضية الفلسطينية وأهميتها، وأن حلها سيكون بمثابة مفتاح الاستقرار والسلام فى الإقليم كله، كل تلك الجهود تكون محل تقدير من العالم أجمع، الذى بات يحرص على متابعة الموقف المصرى ومراقبة تحركاته، والجميع يدرك الآن أهمية الدور المصرى فى إنهاء الحرب القائمة فى قطاع غزة.

ما رؤيتك حول المبادرات التى تطرحها مصر؟

- مصر قدمت عدة مبادرات عبر الجامعة العربية أو القمم الثنائية، إضافة إلى المبادرات فى اللقاءات الدولية من أجل الوصول إلى سلام ووضع هادئ داخل غزة، وكل هذه المبادرات المصرية تكون فى الأساس مبنية على حرصها على الحفاظ على القضية الفلسطينية باعتبارها قضية القضايا، وصيانتها ومنع كل محاولات تصفيتها من خلال محاولات تهجير أهالى غزة ودفعهم نحو ذلك.

فالعالم الآن بات يتبنى الموقف المصرى ويتفق مع الاستراتيجية المصرية من أجل وقف دائم لإطلاق النار ومنع نزوح الفلسطينيين من منازلهم أو تهجيرهم خارج وطنهم، وضمان وصول المساعدات وتدفقها إلى قطاع غزة، يأتى بعد ذلك الانخراط فى عملية سياسية جادة ومثمرة، ثم مرحلة إعادة إعمار قطاع غزة الذى تدمر بشكل كبير جراء العدوان الإسرائيلى عليه.

كيف ترى الدعم المصرى للقضية؟

- مصر تلعب دوراً مهماً للغاية فى الوساطة للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم فى قطاع غزة، ووقف العدوان الإسرائيلى على القطاع، وبات واضحاً للجميع أن مقاربة مصر تجاه القضية الفلسطينية والأحداث التى تتطور بشكل متسارع جلية، فهى لا تستغل معاناة الشعب الفلسطينى، كما أنها تقف مع حقوقه المشروعة فى إنهاء العدوان الإسرائيلى وإقامة دولته المستقلة، وحقه فى العيش بأمان، وإتاحة المجال لوضع خارطة طريق واضحة ولها مدى زمنى حتى يتم تحقيق أهداف الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، وتضع مصر أيضاً وحدة الصف الفلسطينى كهدف أساسى يجب أن يتحقق، وهو أمر مهم للغاية فى طريق إقامة دولة فلسطينية موحدة، بالتزامن مع إنهاء الحرب على القطاع بشكل كامل ومن ثم إعادة إعماره.

كيف ترى محاولات الاحتلال المستمرة لإنكار دور مصر فى دعم الأشقاء؟

- محاولات إسرائيل المستمرة للتشكيك فى الدور المصرى واضح للجميع، والسبب فى ذلك الخسائر المستمرة التى تتلقاها دولة الاحتلال، فإسرائيل بعد مرور أكثر من 8 أشهر على عدوانها على قطاع غزة، فشلت فى تحقيق أى من أهدافها التى أعلنتها مسبقاً، وبالتالى هى تحاول التشكيك فى الدور المصرى الذى بات معروفاً أهميته للعالم كله، ودائماً تلقى إسرائيل اللوم على الموقف المصرى لتبرير فشلها، لكن العالم بات يدرك الآن حقيقة الموقف المصرى بل ويؤيده ويدعمه فيما تزداد عزلة إسرائيل دولياً.

رؤية مصر

الدبلوماسية المصرية لها تأثيرها على الأطراف الفاعلة، الذى ظهر فى تعاملها مع التطورات المتلاحقة فى غزة والعدوان الإسرائيلى، وهو الأمر الذى تدركه جيداً كل القوى الدولية والإقليمية، فثقل الموقف المصرى معروف لدى الجميع، كما أن هناك حرصاً من جانب كل القوى على الساحة للاستماع إليها ورؤيتها وخطواتها المرتقبة، بالإضافة إلى أن دور الوساطة التى تقوم بها مصر مهم للغاية لتهيئة الظروف المناسبة للتوصل إلى وقف إطلاق النار.

مقالات مشابهة

  • البرزخ ولصوص التاريخ «الأخيرة»
  • الأوضاع الاقتصادية تسهم في تشكيل النظام العالمي الجديد.. ابحث عن الصين
  • «ماكرون» يحل البرلمان ويدعو للانتخابات ٣٠ يونيو
  • «رشيد» بلد الأحباب ١_٢
  • «السيرة الهلالية».. حكايات تثري الموروث الشعبي
  • "الصحفيين" تهنئ الجماعة الصحفية بـ"يوم الصحفى" وتؤكد: سيظل عيدًا سنويًا لحرية الصحافة
  • عمال النظافة من النسيان إلى «حياة كريمة»
  • وزير الخارجية الأسبق: العالم يتبنى الموقف المصري الساعي لمنع التهجير وضمان تدفق المساعدات إلى غزة
  • الوزير والمحافظ السياسى
  • "الصحفيين" تهنئ الجماعة الصحفية بـ "يوم الصحفي".. وتؤكد: سيظل عيدًا سنويًا لحرية الصحافة