ما سر انتصارات الجيش السوداني الأخيرة على قوات الدعم السريع؟
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
قال قائد عمليات الخرطوم في الجيش السوداني اللواء الركن محمد عبد الرحمن البيلاوي "إن المعارك الأخيرة كسرت عظم قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم".
وتوقع البيلاوي -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- نهاية وشيكة لقوات الدعم السريع، قائلا إنه "من المتوقع انهيار المليشيا عما قريب، فالضغط المستمر أفقد العدو توازنه وقدرته على القتال، وهذا نهجنا بكل وضوح".
وأفاد اللواء البيلاوي الذي أشرف على معارك تحرير القصر الجمهوري وسط الخرطوم، بأن سر الانتصارات المتواصة للجيش السوداني ناتج عن التخطيط السليم والإرادة القوية للقيادة والقوات في سحق وتدمير العدو وتحقيق الأمن والأمان للشعب السوداني في كل ربوع السودان.
وعن أحدث تطورات المعارك الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، كشف اللواء البيلاوي عن سيطرة الجيش اليوم الأحد على مواقع جديدة مهمة في منطقة وسط الخرطوم منها: عمارة السلام، وبرج البركة، وفندق أراك، ومول الواحة، وأبراج الضرائب، وعمارة الذهب.
ويأتي هذا التطور الميداني بعد يوم واحد من إعلان الجيش السوداني سيطرته على مواقع حيوية وسط العاصمة من بينها البنك المركزي والمخابرات العامة، في الوقت الذي يتقدم فيه بمنطقة المقرن، وذلك بعد استعادته القصر الجمهوري من قوات الدعم السريع.
إعلان 8 نقاط شارحةوبدروه، كشف العميد الركن بالجيش السوداني عمر عبد الرحمن باشري -للجزيرة نت- عن 8 نقاط تشرح سر صمود الجيش وانتصاراته المتتالية على قوات الدعم السريع في محاور القتال المختلفة، وهي وفقا لباشري:
التخطيط الإستراتيجي لإدارة هذه الحرب التي تدور في مسرح عمليات كبير بإمكانيات تفوق قدرة العديد من الجيوش في المنطقة. الخطأ الكبير الذي وقعت فيه المليشيا باستهدافها المواطن السوداني، مما وحَّد الجبهة الداخلية، وأمد القوات المسلحة بسند شعبي غير محدود. العبقرية في تسمية هذه الحرب بـ"حرب الكرامة" وهي أغلى ما يملك المواطن السوداني البسيط. الإدارة السيئة للحرب من قبل المليشيا، والتي ظهرت في اعتمادها على أسلوب الهجوم بموجات بشرية هائلة وكثافة عالية للنيران، الأمر الذي أسهم في تكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والعدة والعتاد. تطبيق القوات المسلحة لمبادئ حرب المدن المعروفة، واعتمادها على أساليب التخطي والتطويق والالتفاف والإحاطة في بعض الأحيان، الأمر الذي أكره المليشيا في كثير من الأحيان على التخلي عن بعض النقاط الحصينة. روح الشجاعة والإقدام والتضحية التي تميز بها الجيش السوداني، وقد ظهرت بجلاء ووضوح في استشهاد وإصابة كثير من الرتب الكبيرة والضباط الأقل رتبة. افتقاد المليشيا للقيادة الحقيقية على الأرض، في حين ظل القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان ومساعدوه موجودين على أرض المعركة في الوقت الذي اختفى فيه قائد التمرد تماما، وصار علامة استفهام كبرى مع بعض الظهور الخجول لنائبه المتمرد عبد الرحيم دقلو. الروح القبلية التي ظهرت في حرب المليشيا على الدولة والتي أسفرت عنها -بوضوح- شعارات دولة "العطاوة الكبرى"، وهو مسمى يشمل 3 قبائل كبيرة، ولاحقا انضمت لها بعض القبائل الأخرى خاصة في ولاية جنوب دارفور، وقد ظهر ذلك واضحا عند استهداف المليشيا لقبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور، وارتكابها أكبر جريمة تطهير عرقي موثقة، وكذلك التصفية البشعة لوالي الولاية خميس أبكر. إعلان قطع خطوط الإمدادوكشف خبير عسكري لصيق بتطورات العمليات الحربية الميدانية -للجزيرة نت- أن سر التحول الكبير في موازين القوى وترجيح كفة المعارك لصالح القوات المسلحة السودانية التي تمكنت من إلحاق هزائم متتالية بقوات الدعم السريع، يعود لأسباب عدة تتعلق بالتخطيط والقيادة والسيطرة.
وقال الخبير العسكري -الذي فضل حجب اسمه- إن أول هذه العوامل التخطيط الجيد الدقيق للعمليات والذي التزمته قيادة القوات المسلحة في كل المستويات، وثانيها عامل القيادة والسيطرة، حيث بدا انتشار مراكز القيادة والسيطرة وهيئاتها في مختلف المحاور ملحوظا.
وأشار إلى أن من أسرار انتصارات الجيش السوداني الأخيرة أيضا توفر الاتصالات المرنة والآمنة واستخدام مبدأ المفاجأة بتنفيذ عمليات نوعية غير متوقع هدفها وأسلوبها، بالإضافة إلى قطع خطوط الإمداد وتطويق مواقع العدو.
ورأى الخبير أن هذه الانتصارات جعلت قوات الدعم السريع أمام خيارين: إما الانهيار وإما التسليم بدليل فقدانها الجزء الأكبر من قوتها إما بالقتل وإما الهروب، إلى جانب دمار أسلحتها ومعداتها وفقدانها معظم مقراتها العسكرية أو المواقع التي استولت عليها وتحصنت فيها سابقا في جبل موية والكباري والبنايات العالية وسط الخرطوم، فضلا عن فقدانها الانتشار الواسع الذي يهيئ ميزات في المناورة والقتال.
اقتراب مرحلة الحسمولم يحقق الدعم السريع أي انتصار منذ توالي انتصارات الجيش السوداني بدءا من سبتمبر/أيلول الماضي بعد إعلان سيطرته على العديد من المواقع كولاية سنار وولاية الجزيرة والعاصمة بمدنها الثلاث: الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، إضافة لمواقع في كردفان، وكذلك استماتته في الدفاع عن الفاشر عاصمة إقليم دارفور.
وكان الناطق باسم الجيش السوداني نبيل عبد الله قد أعلن أمس السبت أن الجيش سيطر على مقر بنك السودان المركزي، وبرج زين، ومصرف الساحل، والصحراء، وبرج التعاونية في منطقة مقرن النيلين بالخرطوم.
إعلانوأضاف في تصريح صحفي، أن الجيش حقق في الساعات الماضية مزيدا من النجاحات، قضى بها على المئات من عناصر قوات الدعم السريع التي حاولت الهروب من خلال جيوب وسط الخرطوم.
وأكد الخبير العسكري -الذي تحدث للجزيرة نت- أن انتصارات الجيش حطمت قوة قوات الدعم السريع بشكل كبير، وكبدتها خسائر في الأرواح تقدر بأكثر من مئة ألف مقاتل حتى الآن، ومنعتها من تحقيق أي تقدم أو نصر عسكري، مما دفعها لتغطية عجزها باللجوء إلى استخدام المسيرات في استهداف ولايتي الشمالية ونهر النيل، واستخدام المدفعية ضد المدنيين الأبرياء كما نشهد حاليا في مدينتي الفاشر والأبيض وبعض أحياء مدينة أم درمان.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه مراقبون أن تكون انتصارات الجيش بمثابة إعلان نهاية الدعم السريع خلال المدة المقبلة مع ترجيحهم إعلان الجيش سيطرته بشكل تام على العاصمة الخرطوم قبل عيد الفطر المقبل، يستبعد آخرون إمكانية سيطرة الجيش على الخرطوم بشكل كامل قبل العيد لانتشار قوات الدعم السريع حتى الآن في أجزاء واسعة بأم درمان وشرقي الخرطوم وجنوبها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان قوات الدعم السریع الجیش السودانی القوات المسلحة انتصارات الجیش وسط الخرطوم للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
د. حسن محمد صالح: من حول الدعم السريع الي المشروع الغربي العلماني؟
في حالة من التبسيط والتجهيل للعقل السوداني والوعي القومي يتحدث المستشار السابق لقائد مليشيا الدعم السريع يوسف عزت عن التحول الذي أحدثته الحركة الإسلامية بأن جعلت الحرب تستهدف المكونات القبلية في غرب السودان وذلك بإرسالها كوادرها التي تلبست الدعم السريع وجعلت الحرب تستهدف قبائل الرزيقات والمسيرية مما أدى لردة فعل من داخل الدعم السريع تجاه هذا الأمر.
٢- يوسف عزت وغيره يصورون الحركة الإسلامية بأنها قادرة على كل شئ وتستطيع أن تفعل ما تريد وتتصرف في السودان والسودانيين كما شاءت وشاء لها الهوى السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي.
ولكن من الأهمية بمكان أن ندرك أن أكثر مشروع أثر على الدعم السريع وأورده موارد التهلكة هو المشروع اليساري الذي كان يقوده يوسف عزت نيابة عن آخرين وبه أقنع قائد الدعم السريع مستخدما النفوذ الكبير لحميدتي كقائد للدعم السريع في تمرير المشروع اليساري العلماني بأذرع خارجية تتمثل في دولة الإمارات العربية المتحدة. دولة الإمارات حربها ومشروعها الأساسي هو القضاء على الإسلاميين في السودان باستغلال عوامل تاريخية وجيو سياسية من بينها الموقف الرسمي المصري من الإخوان المسلمين وموقف إسرائيل والولايات المتحدة من غير أن تنظر لكثير من التحولات السياسية والايكولوجية التي أحدثها الإسلاميون عبر تاريخهم الطويل في التعاطي مع أعدائهم وأصدقائهم في كوكب الأرض من شرقها إلى غربها وقريبها وبعيدها.
٣- المشروع الإماراتي الخاص بمحاربة الإسلاميين في السودان تصطف معه تحالفات دولية وأيدلوجية ومنظمات لكنها تنظر إلى الوضع في السودان بصورة أشمل من اختصار المشكلة في الإسلاميين الذين سقطت حكومتهم على أيدي هذه القوى ولا يزالون يمثلون التحدي الأكبر في نظر التيارات التي تعمل على السيطرة على السودان ولم تعد المشكلة هي الإسلاميين أو الكيزان ولكن المشكلة هي الشعب السوداني الذي كان يأخذ على الحركة الإسلامية تقصيرها في تطبيق صحيح الإسلام والشريعة وذلك من خلال تيارات سلفية وصوفية وأهلية وحديثة سودانية.
٤- جاء المشروع الذي كان يوسف عزت اللاعب الأساسي فيه والذي بدأ الآن في الانهيار خصما على مشروع يقوده جمعة دقلو بدعم من عبد الرحيم دقلو وهو مشروع سياسي يتوسل بالتنمية وحاجة الناس للخدمات والبعض من من يبحث عن دور ولكن سرعان ما قضت مجموعة يوسف عزت وحلفائها على هذا المشروع الذي كان يريد أن يرث الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ويضم حزب الأمة علما بأن جمعة دقلو هو من قيادات المؤتمر الوطني وعضو البرلمان (المجلس الوطني) وله علاقات اجتماعية وقبلية شرع في التواصل معها لإستمالتها من خلال لقاءات واجتماعات كان قائد ثاني الدعم السريع أكثر حضورا لها عندما كانت تعقد في مزارع ومنازل بالخرطوم خلال الأعوام التي سبقت الحرب.
٥- مجموعة يوسف عزت التي تضم شقيقته استخدمت بعضا من شباب الثورة وشاباتها وناشطين في قوى الحرية والتغيير وكانت دولة الإمارات وسفيرها حمد الجنيبي قائمين علي هذا الأمر وأستطاعت الإمارات إبعاد حميدتي والدعم السريع من خلال دق الإسفين بين حميدتي والإسلاميين والقوى الشعبية والوطنية، بل أعلن حميدتي الحرب على كل من الوطنيين والإسلاميين في تصريحات مشهودة ورفضه لمبادرة الشيخ الطيب الجد بعد اكتمالها وعمل على استمالة الحركات الدارفورية المسلحة عبر اتفاق سلام جوبا وهو التيار الذي تشكل علي مراحل وشهد انشقاق الحرية والتغيير ما بين القوى الديمقراطية والمجلس المركزي ومن ثم الإجراءات التي اتخذها القائد العام للقوات المسلحة في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م .
ما ميز القوى العلمانية واليسارية وحلفائها في الخارج هو المثابرة على حالة التذبذب والتردد عند حميدتي إلى أن صار في صفهم في تحالف الدم والحرب والدوس والاستيلاء على السلطة عبر انقلاب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م ثم الحرب.
٦-بالعودة للوراء يتضح للمهتمين والمتابعين لأمر الدعم السريع فإن الدعم السريع هو عبارة عن مشروع أمني عسكري لحكومة الإنقاذ ولكنه تحول إلى مشروع سياسي بعد ثورة ابريل ٢٠١٩م وأصبح أداة للتحكم والسيطرة على السودان ووقع إخراجه من جميع الأرحام التي تم خلقه فيها سواء كان رحم الأمن أو الجيش أو الحركة الإسلامية والدليل على ذلك حل هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات بقرار من رئيس المجلس السيادي وقائد الدعم السريع حميدتي. وقد أدت حالة الفلتان والخروج عن الإمرة العسكرية والولاء التنظيمي أن يصبح الدعم السريع في سوق المضاربات السياسية والدولية بدء من الاتحاد الأوربي ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى المخابرات العالمية ولعبة المصالح التي تتوهم لأن تضر به الآخرين ولو لم تنتفع أنت به.
د. حسن محمد صالح
إنضم لقناة النيلين على واتساب