دراسة تكشف سر الطفولة الضائعة.. لماذا تختفي ذكرياتنا الأولى؟
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
لطالما أثار فقدان الذكريات المبكرة لدى الإنسان تساؤلات العلماء، إذ لا يتذكر معظم الأشخاص أحداث طفولتهم الأولى، خاصة تلك التي وقعت قبل سن الثالثة، حيث كشفت دراسة حديثة نشرتها مجلة Science أن الأمر لا يتعلق بعدم امتلاك هذه الذكريات، بل بعدم القدرة على الوصول إليها لاحقًا.
وقام الباحثون في جامعة ييل بفحص 26 رضيعًا تتراوح أعمارهم بين 4.
وخضع الأطفال لتجربة داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، حيث تم عرض سلسلة من الصور الفريدة عليهم لمدة ثانيتين لكل صورة، بهدف رصد النشاط في الحُصين، وهو الجزء من الدماغ المرتبط بالذاكرة والعواطف.
وأوضح الدكتور نيك تورك-براون، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ علم النفس بجامعة ييل، أن دراسة الذاكرة لدى الرضع تعد تحديًا علميًا، نظرًا لحركتهم المستمرة وعدم قدرتهم على اتباع التعليمات.
وأشار إلى أن الحُصين، الذي يلعب دورًا رئيسيًا في معالجة الذكريات، يصعب رصده بالوسائل التقليدية، مما دفع الفريق لتطوير منهجية جديدة لدراسة كيفية عمل الذاكرة لدى الأطفال الصغار.
وبعد فترة قصيرة من التجربة، تم عرض صورتين جنبًا إلى جنب على الأطفال: إحداهما مألوفة سبق أن شاهدوها، والأخرى جديدة تمامًا. قام الباحثون بتتبع حركات أعين الرضع لمعرفة الصورة التي ركزوا عليها لفترة أطول.
وأظهرت النتائج أن الرضع الأكبر سنًا كانوا أكثر قدرة على التعرف على الصور المألوفة، مما يشير إلى أنهم تمكنوا من استرجاع الذكريات المخزنة. في المقابل، لم يظهر الرضع الأصغر من 12 شهرًا نفس القدرة على التمييز، ما يوضح أن ذاكرتهم ما زالت في مراحلها الأولى.
وعند تحليل فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، لاحظ الباحثون أن الحُصين كان أكثر نشاطًا لدى الأطفال الأكبر سنًا أثناء تشفير الذكريات، بالإضافة إلى ذلك، رُصد نشاط ملحوظ في القشرة الجبهية الحجاجية، وهي منطقة في الدماغ تلعب دورًا رئيسيًا في اتخاذ القرارات المتعلقة بالذاكرة والتعرف على المعلومات.
ووفقًا للدكتورة سيمونا جيتي، أستاذة علم النفس بجامعة كاليفورنيا، فإن هذه الدراسة تقدم دليلًا قويًا على العلاقة بين تنشيط الحُصين والقدرة على تشفير الذكريات لدى الرضع.
ووأضافت أن الأبحاث السابقة أكدت قدرة الرضع على تكوين الذكريات، لكن هذه الدراسة تعد الأولى التي توضح كيفية تشفير الدماغ للمعلومات في المراحل العمرية الأولى.
وعلى الرغم من أن الرضع يكوّنون الذكريات، إلا أنهم لا يتمكنون من استرجاعها لاحقًا عندما يكبرون، ويفترض الدكتور تورك-براون أن السبب قد يعود إلى طريقة معالجة الدماغ لهذه المعلومات، فبينما يخزن الحُصين الذكريات، يبدو أن الدماغ لا يطور في تلك المرحلة "مصطلحات البحث" المناسبة التي تمكّنه من استرجاعها لاحقًا.
وبالإضافة إلى ذلك، يمر دماغ الطفل الرضيع بتغيرات كبيرة، تشمل النمو السريع للحُصين وتطور الإدراك واللغة والقدرات الحركية، ما يؤثر على طريقة تخزين الذكريات ومعالجتها، هذه التغيرات تجعل استرجاع الذكريات المبكرة أمرًا صعبًا، حيث يتم استبدال طرق تخزين المعلومات القديمة بأساليب جديدة تتناسب مع التطور المعرفي للطفل.
وأشارت الدكتورة جيتي إلى أن هذه الدراسة تؤكد أهمية السنوات الأولى من عمر الطفل في تشكيل شخصيته وقدراته الإدراكية، حتى لو لم يتمكن لاحقًا من تذكر تفاصيلها، فالرضع يكتسبون مهارات هائلة في هذه المرحلة، مثل تعلم اللغات وربط الأصوات بالمعاني، بالإضافة إلى تكوين توقعات حول البيئة والأشخاص المحيطين بهم.
وأكدت الباحثون أن توفير بيئة غنية بالمحفزات البصرية والسمعية والتفاعلية يساعد في تعزيز تطور الطفل المعرفي. كما أن التكرار في الأنشطة اليومية، مثل قراءة نفس القصة أو غناء نفس الأغنية، يسهم في بناء روابط عصبية قوية تدعم التعلم المستقبلي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحة طب وصحة طب وصحة الذكريات جهاز التصوير الاطفال الرنين المغناطيسي الذكريات جهاز التصوير المزيد في صحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة سياسة صحة صحة صحة صحة صحة صحة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الح صین لاحق ا
إقرأ أيضاً:
اكتشاف روابط جينية بين السكري وتلف الذاكرة
أميرة خالد
كشفت دراسة حديثة عن وجود روابط جينية معقّدة بين داء السكري من النوع الثاني وتلف مناطق حساسة في الدماغ، ما قد يفسّر الصلة المتزايدة بين هذا المرض المزمن وتراجع الوظائف المعرفية، لا سيّما الذاكرة.
وحلل الفريق البحثي، بقيادة البروفيسور ليانغ تشو من جامعة بكين، بيانات جينية لعشرات الآلاف من الأفراد، ليتبيّن وجود 129 موقعاً جينياً مشتركاً بين السكري والتغيّرات الهيكلية في الدماغ.
وبرز جين APOE المعروف بارتباطه بمرض ألزهايمر، والذي أظهر صلة واضحة بخطر الإصابة بالسكري وحجم النواة المتكئة، وهي منطقة دماغية مرتبطة بالتحفيز والذاكرة، كما أظهر الجين TCF7L2، المرتبط منذ زمن بخطر السكري، علاقة بحجم اللوزة الدماغية، بينما رُبط الجين Hp 1-1 بحجم الحُصَين، المنطقة المسؤولة عن تكوين الذكريات، وهي واحدة من أوائل المناطق التي تتأثر في حالات الخرف.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن درجات الخطر الجيني للهيموغلوبين السكري (HbA1c) لها ارتباط مباشر بحجم المادة الرمادية، كما تم الكشف عن مساهمة جينات مثل TUFM وJAZF1 في التأثير المزدوج على السكري وبنية الدماغ.
وأوضحت أن هذه الجينات المشتركة تنشط بشكل خاص في أنسجة البنكرياس والكبد والقلب، وتشارك في عمليات حيوية مثل استقلاب الطاقة وتطور الجهاز العصبي.