منتدى التنمية الصيني
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
تشو شيوان **
منصة لتعزيز التعاون العالمي في مواجهة التحديات الاقتصادية
مع تزايد حالة عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي، يُبرِز "منتدى التنمية الصيني 2025" أهمية الحوار والتعاون كأدوات أساسية لتحقيق التنمية المستدامة؛ إذ إن حضور أكثر من 750 ممثلًا دوليًا لهذا الحدث في بكين يعكس الاهتمام العالمي المتزايد بنهج الصين التنموي، خاصة في ظل تصاعد التحديات الاقتصادية والتكنولوجية التي يواجهها العالم اليوم.
ومن خلال المنتدى، تؤكد الصين مجددًا التزامها بالانفتاح والتعاون؛ حيث تعهد رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ بتوسيع نطاق الوصول إلى السوق ومعالجة شواغل الشركات الأجنبي، وهنا يعكس إدراك الصين العميق لدورها كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي العالمي، خاصة في ظل التباطؤ الذي تشهده العديد من الاقتصادات الكبرى. وفي الحقيقة، أجدُ أن المنتدى تكمن في قدرته على توفير أرضية مشتركة للحوار بين الصين والعالم، وهو أمر تزداد الحاجة إليه في ظل تصاعد الحمائية الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية؛ فبدلًا من الانغلاق، تقدم الصين نموذجًا يدعو إلى التكامل والتعاون والتشارك في الموارد، وهو ما يتماشى مع طموحات العديد من الدول الساعية إلى تحقيق تنمية مستدامة.
بالنسبة للدول العربية، يُمثل المنتدى فرصة ثمينة لتعزيز التعاون مع الصين، سواء عبر التكامل مع مبادرة "الحزام والطريق" أو عبر تعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي والاقتصاد الأخضر؛ فالتجربة الصينية في التنمية التكنولوجية والابتكار الصناعي يمكن أن تكون مصدر إلهام للدول العربية في سعيها لتنويع اقتصاداتها وبناء قطاعات مستقبلية أكثر استدامة.
وفيما يخص الموضوعات المطروحة في المنتدى؛ فهي تركز على الذكاء الاصطناعي والتنمية الخضراء، تعكس اتجاهًا عالميًا نحو إعادة تعريف مفهوم التنمية، ليكون أكثر تركيزًا على الابتكار والاستدامة، كما أن التركيز على تحول الطاقة والاقتصاد الرقمي يتماشى مع الأجندة الاقتصادية الطموحة للكثير من الدول العربية التي تسعى إلى تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على النفط. ولذلك، فإنَّ المنتدى يمثل فرصة لتفعيل شراكات جديدة، والاستفادة من الخبرات الصينية في تطوير البنية التحتية الذكية والتكنولوجيا المتقدمة، وفي هذا السياق، فإن التفاعل بين الشركات متعددة الجنسيات وصانعي القرار في الصين سيساعد على تشكيل رؤية اقتصادية أكثر تكاملًا للعالم، وهو ما قد يكون مفتاحًا لإعادة إحياء الاقتصاد العالمي في المرحلة المقبلة.
وفي وقت تتصاعد فيه النزعات الحمائية في الغرب، تقدم الصين نموذجًا مضادًا عبر تعهدها بحماية التجارة الحرة وتسهيل اندماج الشركات الأجنبية في سوقها. وقد كان خطاب رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ واضحًا؛ حيث قال إن الصين لن تنغلق على نفسها؛ بل ستعمق شراكاتها. وهذا الموقف ليس إيثارًا، بل إدراكًا أن النمو العالمي المترابط هو الضامن الوحيد للازدهار المشترك في عصر الأزمات المتتالية.
الدرس الأهم من "منتدى 2025" هو أن التعاون الدولي لم يعد خيارًا؛ بل ضرورة وجودية، والصين تقدم نفسها كقائدة لهذا المسار، لكن نجاحها مرهون بقدرتها على تحويل الخطاب إلى مشاريع تُحدث فرقًا في حياة الناس، وبالنسبة للعالم فإن المنتدى فرصة لتعزيز الشراكة مع بكين في مجالات نوعية كالذكاء الاصطناعي والاقتصاد الدائري، بعيدًا عن النموذج التقليدي للعلاقات التجارية.
منتدى التنمية الصيني ليس مجرد اجتماع اقتصادي؛ بل حدث استراتيجي يعيد رسم خريطة التعاون العالمي، فبينما تواجه الاقتصادات العالمية تحديات متزايدة، فإن مثل هذه المنصات توفر فرصًا لإيجاد حلول مشتركة ومستدامة. ويبقى السؤال الأهم: هل سيستفيد العالم من هذا الزخم لإعادة بناء نظام اقتصادي أكثر عدالة وشمولًا، أم ستظل التحديات السياسية والاقتصادية عقبة أمام تحقيق التكامل المنشود؟، هذا التساؤل الذي ينتظره العالم إجابته والتي لن نصلها إلّا لو وَضَعَ العالم يده مع بعضه البعض والعمل نحو مستقبل أفضل، وهذا جوهر ما تريده الصين من مثل هذه المنتديات العالمية، والأهمية الحقيقية للمنتدى تكمن في كونه اختبارًا عمليًا لإمكانية بناء تحالفات تنموية في عالم مُمزَّق.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية - العربية
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
انطلاق قطار الشباب إلى الأقصر للمشاركة في منتدى الشباب العربي الإفريقي في نسخته الـ14
انطلق اليوم قطار الشباب ضمن برنامج "اعرف بلدك" متوجهًا إلى مدينة الأقصر، حاملًا 250 شابًا وفتاة من الجامعات العربية والإفريقية المشاركين في النسخة الـ14 من منتدى الشباب العربي الإفريقي، الذي يعقد خلال الفترة من 12 إلى 18 ديسمبر الجاري. وينظم المنتدى الاتحاد العربي للشباب والبيئة برئاسة الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة وإدارتي الشباب والبيئة بجامعة الدول العربية، تحت شعار "الجامعات الخضراء.. خطوة نحو مستقبل مستدام"، وذلك بمحافظتي الأقصر وأسوان.
وأكد الدكتور سيد خليفة، رئيس الاتحاد العربي للشباب والبيئة والأمين العام لاتحاد المهندسين الزراعيين الأفارقة، أن دورة المنتدى هذا العام تُقام تكريمًا لاسم الراحل الدكتور مجدي علام، مؤسس الاتحاد، تقديرًا لإسهاماته في دعم العمل البيئي والشبابي. وأوضح أن الفعاليات ستشهد زراعة شتلات تحمل أسماء الجامعات المشاركة داخل الحديقة النباتية بأسوان، ضمن المبادرة الرئاسية لزراعة 100 مليون شجرة، وتعزيز مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية والأحزمة الخضراء، تأكيدًا لنجاح التجربة المصرية في هذا المجال.
وأشار خليفة إلى أن المنتدى يُعد أحد أدوات القوة الناعمة في حماية البيئة ونشر ثقافة الاستدامة داخل الجامعات، من خلال تحسين جودة الحياة الجامعية، وتقليل الملوثات، والاستفادة من الطاقة النظيفة، مع التأكيد على المتابعة المستمرة لمشروعات التشجير لضمان تحقيق التنوع البيئي.
ومن جانبه، أوضح الدكتور ممدوح رشوان، أمين عام الاتحاد العربي للشباب والبيئة، أن انعقاد المنتدى يأتي في ظل توسع الجامعات العربية في التحول إلى جامعات خضراء صديقة للبيئة، بما يتوافق مع المعايير العالمية، وهو ما يستدعي رفع وعي الطلاب وتمكين الشباب من تبني مبادرات خضراء. وأضاف أنه سيتم تنفيذ برنامج سياحي ضمن مبادرة "اعرف بلدك" لزيارة أهم المعالم التاريخية بالأقصر وأسوان، إلى جانب إطلاق منصة إلكترونية تتيح المتابعة والتفاعل مع الفعاليات.
وأكد رشوان أن المنتدى يهدف إلى مناقشة التحديات التي تواجه الجامعات العربية في مجال الاستدامة، وبناء شبكة شبابية عربية لتبادل التجارب، ودعم السياسات الجامعية الهادفة لدمج قضايا البيئة في المناهج والأنشطة. كما شدد على أهمية تدريب الشباب على التعامل مع ملف الجامعات الخضراء، معلنًا عن إطلاق سلسلة فعاليات دولية خلال الفترة المقبلة لتعزيز الوعي البيئي لدى الشباب.