أُنشئت محكمة الجنيات الدولية لهدف نبيل يتمثل في مقاضاة المسؤولين عن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، لكنها تواجه انتقادات منذ إنشائها بسبب تركيزها على قادة الجنوب العالمي وخاصة أفريقيا.

ومع تجاهلها للجرائم التي تنتهكها الدول الغربية، أثيرت تساؤلات حول إذا ما كانت المحكمة أداة لتحقيق العدالة العالمية، أم وسيلة للتدخل السياسي وتحقيق النفوذ الغربي فقط.

استهداف أفريقيا

ومنذ أن تم الإعلان عن تأسيسها عام 2002 قامت محكمة الجنايات الدولية بإجراء تحقيقات ومحاكمات بارزة، أشهرها كانت ضد شخصيات وقيادات من دول أفريقية، مثل الرئيس السوداني السابق عمر البشير، والرئيس الكيني أوهورو كينياتا، والرئيس الكونغولي توماس لوبانغا، والزعيم السابق لكوت ديفوار لوران غباعبو.

وفي الوقت الذي تقوم فيه المحكمة بملاحقة الشخصيات الأفريقية على كل أخطائها، تتجاهل عديدا من قادة الدول الغربية التي ارتكبت أفعالا مماثلة أو أكثر خطورة في مناطق شاسعة من العالم.

وأدى هذا التحيز الواضح والمعايير المزدوجة إلى تعزيز الاتهامات التي تقول إن المحكمة أصبحت أداة استعمارية جديدة هدفها تعزيز الهيمنة الغربية على الدول الأفريقية، بدلا من إرساء العدالة والأحكام النزيهة على الجميع دون تمييز أو انتقائية.

إعلان

وفي ظل ازدواجية المعايير التي تنتهجها هذه المؤسسة، هددت بعض الدول مثل جنوب أفريقيا وبوروندي من الانسحاب منها، وهو الأمر الذي طالب به الاتحاد الأفريقي عام 2017، إذ ارتأى أن تنسحب الدول الأفريقية جماعيا من المحكمة، واعتبرها تلاحق القادة الأفارقة ظلما، وتتجاهل الشخصيات السياسية والعسكرية الغربية.

تجاهل جرائم الغرب

ومع تزايد الحديث عن تجاهل المحكمة الجنائية الدولية للجرائم الغربية في سوريا وأفغانستان وليبيا، قررت المحكمة عام 2022 إجراء تحقيق عن جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان، لكنها تراجعت بعد ضغوط وتهديد بالعقوبات على مسؤوليها من قبل واشنطن.

وقد أدى هذا التراجع إلى تعزيز التصور القائل بأن المحكمة ضعيفة أمام الدول القوية ولا تستطيع أن تواجهها مثلما تفعل مع الدول الأفريقية.

ولم تفعل المحكمة أي شيء تجاه تجاوزات الدول الأوربية في ليبيا ومنطقة الساحل الأفريقي حيث كانت تعمل على محاربة الإرهاب، وتحدثت تقارير عن مشاركتها في جرائم ضد الإنسانية.

وتجاهلت الجنائية الدولية تورط القوات الأميركية في القتل المنهجي وجرائم التعذيب في العراق، والقتل خارج نطاق القانون.

المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا (الجزيرة)

وبخصوص حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة، لم تقم المحكمة بإعلان لائحة كبيرة من الاتهامات وكان تصرفها دون المستوى المطلوب.

على المحك

وبفعل ازدواجية المعايير التي دأبت على انتهاجها منذ تأسيسها، فإن مصداقية المحكمة باتت على المحك، وخاصة بعدما تزايدت المطالبات في الدول الأفريقية بضرورة الانسحاب منها.

ورغم أن تاريخ المحكمة يصنفها أداة للنفوذ الغربي ووسيلة استعمارية جديدة، فإنها قد تثبت شرعيتها إذا أثبتت أنه لا أحد فوق القانون وفتحت ملفات ضد المسؤولين الغربيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الجنائیة الدولیة الدول الأفریقیة

إقرأ أيضاً:

واشنطن تفرض عقوبات على أربع قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية

 

 

أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على أربع قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية، بسبب دورهن في قضايا تمس المصالح الأميركية والإسرائيلية، من بينها إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على خلفية الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.

وتشمل العقوبات حظر دخول القاضيات إلى الولايات المتحدة، وتجميد أي أصول مالية أو ممتلكات قد يملكنها داخل الأراضي الأميركية. وتُعد هذه الإجراءات نادرة ضد مسؤولين قضائيين دوليين، إذ تُستخدم عادة ضد مسؤولين حكوميين أو صناع سياسات في دول معادية للولايات المتحدة.

القاضيتان بيتي هولر من سلوفينيا، ورين ألابينيغانسو من بنين، كانتا ضمن الهيئة التي وافقت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو. وخلصت المحكمة آنذاك إلى وجود "أسباب معقولة" لتحميل نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت المسؤولية عن جرائم حرب محتملة، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح حرب في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

أما القاضيتان الأخريان، وهما لوث ديل كارمن إيبانيث كارانثا من بيرو، وسولومي بالونغي بوسا من أوغندا، فسبق لهما المشاركة في إجراءات قانونية أدت إلى فتح تحقيق بشأن مزاعم ارتكاب القوات الأميركية جرائم حرب خلال الحرب في أفغانستان.

وفي بيان رسمي، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، يوم الخميس، إن "الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات التي تراها ضرورية لحماية سيادتها، وسيادة إسرائيل، وأي حليف آخر من الخطوات غير المشروعة للمحكمة الجنائية الدولية".

وتأتي هذه الخطوة في إطار تصعيد واشنطن لردها على تحركات المحكمة التي تعتبرها تهديداً لمصالحها الجيوسياسية، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الدولية بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند أفضل المطاعم لتناول الغذاء في عيد الأضحى بالأردن واشنطن تفرض عقوبات على أربع قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية رسائل تهنئة بقدوم عيد الأضحى لعائلتي وأصدقائي المقاومة تفجر مبنى بقوة إسرائيلية وتوقع قتلى وجرحى بعضهم ما زال تحت الأنقاض نجمة ستار أكاديمي في العناية المركزة بعد ولادة قيصيرية.. بسبب جلطة في الرئة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • فرنسا تعلن تضامنها مع المحكمة الجنائية الدولية
  • انزعاج أممي بالغ إزاء فرض عقوبات على أربع من قاضيات المحكمة الجنائية الدولية
  • تضامن فرنسي مع المحكمة الجنائية الدولية رداً على العقوبات الأميركية
  • واشنطن تفرض عقوبات على 4 قضاة من المحكمة الجنائية الدولية
  • رئيسة المفوضية الأوروبية: يجب أن تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بحرية التصرف دون ضغوط بسبب إسرائيل
  • رفض أمم وأوروبي لعقوبات ترامب على قضاة المحكمة الجنائية الدولية
  • واشنطن تفرض عقوبات على أربع قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية
  • فرض عقوبات أميركية على 4 قضاة في المحكمة الجنائية الدولية
  • أول تعليق من نتنياهو على عقوبات ترامب ضد المحكمة الجنائية الدولية
  • الإدارة الأمريكية تفرض عقوبات على قضاة في المحكمة الجنائية الدولية