عربي21:
2025-06-10@20:12:24 GMT

الحرب على غزة .. بلسان الراب الجزائري

تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT

حينما بدأ الراب في سبعينيات القرن الماضي كان شكلا فنيا يعالج أو يخوض في مشكلات الطبقات المهمشة في أمريكا، لا سيما السود وما تعرضوا له من عنصرية وتمييز جعل من شوارعهم القذرة مختبرا لصناعة فن تعبيري يتميزون به عن غيرهم، ويعبرون من خلاله عن رفضهم لواقعهم المزري، كما كانت موسيقى الراب وسيلة سلمية للتعبير عن استيائهم من السلطة السياسية والثقافية في البلد.

نشأ الراب كفن شعبي وشعبوي، بعيد عن مدارس الموسيقى وسلم السولفاج، فن متمرد للقادرين عن الكتابة والقراءة بسرعة، فن يهتم بالمضمون أكثر من الشكل، لا يشدّ جمهوره سوى التنديد ضد الغبن والفقر والمطالبة بتغيير الأوضاع.

وموسيقى الراب هي واحدة من العناصر الأساسية لثقافة الهيب هوب بشكل عام، وهي ثقافة أفروأمريكية، نشأت في أحضان البيئة الأفريقية واللاتينية في بلاد العم سام، تعددت فنونها بين الكتابة والرسم على الجدران (Grafity) ورقص البريك دانس (Breakdance) وأشكال أخرى، هي في الحقيقة فنون غرائبية ولدت خارج المركز، بمعنى أنها نشأت وانتشرت من الهامش إلى كل العالم، لتتحول موسيقى الراب إلى طرب الجيل الجديد الذي يشعر أنه مطرود من السلطة.

خرج مغني الراب الجزائري "ديدين كانون 16" (الاسم الحقيقي خير الدين يوسفي) وهو الرابر رقم واحد في الجزائر بلغة الأرقام (نسبة المشاهدة والاستماع على وسائل التواصل الاجتماعي) ليلة العيد ليطلق أغنيته الجديدة الموسومة بـ"souls" أي الأرواح، ومقتبسا عن شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء مطلع النشيد الوطني "قسما بالنازلات"، توعد ديدين جيش الاحتلال بالثأر لأطفال غزة وشهدائها في الحرب الأخيرة.

الراب كغناء لا يؤمن بالنوتة على السلم الموسيقي، وكقصيدة شعرية يؤمن كاتبها بالقافية ويكفر بالوزن، فالأغنية تصلح على أي موسيقى كانت، والدليل توظيف ديدين كانون في أغنيته الأخيرة للمقطع الشهير "أعطونا الطفولة.. أعطونا السلام"، ومع ذلك استطاع أن يجعل من رسالته لغزة الترند رقم 1 في المغرب العربي، في مفارقة محيّرة بين الجهاد في سبيل الله والمواساة بأغنية راب، ما يدفعنا للتساؤل: هل الفنون الحديثة والمعاصرة التي ولجت لعالمنا العربي ضمن ما يسمى بالغزو الثقافي تحافظ على نفس القيّم والمبادئ؟

المستمع للأغنية سيكتشف أنّ هذا المغني المتأثر بثقافة أمريكية الأصل، والمؤدي لنوع غنائي يعتبره الكثيرون رديئا، استطاع بأغنية لا تتجاوز مدتها 4 دقائق أن يوصل أوجاع الغزاويين لأكثر من نصف مليون شخص في أقل من 36 ساعة.

هذه العملية الحسابية تجعلنا ملزمين بإعادة النظر في موسيقى الراب، خصوصا على مستوى السلطة الثقافية التي تبقي عليه فنا هامشيا. هذا النوع الغنائي (الراب) أصبح لغة الإنسان المعاصر الذي يعيش في زمن السرعة والتكنولوجيا، ما يعني أن جمهوره في العالم العربي ليس منسلخا عن قيمه الأصيلة ولا عن عاداته ومبادئه، بل وجد بديلا موسيقيا مناسبا له يجعله أكثر انفتاحا على العالم.

قصيدة ديدين كانون بالعامية الجزائرية جعلت محبيه من الشباب يلتفون مجددا للقضية الفلسطينية، لقد نجح ببراعة في عدم جعل فرحة العيد تنسيهم في معاناة أشقائهم بعد إنهاء دولة الاحتلال لوقف إطلاق النار وإيقاف الهدنة.

القائمون على الثقافة والفنون في العالم العربي مطالبون بترسيم هذا النوع الغنائي واحتضان المبدعين فيه، قد يكون فنا مستوردا، ولكنه تشكل مرة ثانية داخل هذه الجغرافيا بلسان عربي وهوية عربية، هؤلاء الرابورات أثبتوا خلال العقد الأخير نجاحهم في اكتساح عالم الموسيقى حققوا ملايين المشاهدات وانتشرت أغانيهم كالنار في الهشيم، تفاعل معها الملايين من الشباب العربي لأنهم وجدوها أقرب إليهم وإلى واقعهم من أيّ نوع موسيقي آخر.

السلطة الثقافية اليوم هي التي تحتاج للراب لعقد صلح مع فئة واسعة من الشباب، إعطاء مساحة لهذا الفن داخل رزنامة المهرجانات والفعاليات الفنية والموسيقية سيحدّ من ظاهرة عزوف الجمهور عن المسارح وقاعات السينما ودور الثقافة، لكن على السلطة أن لا تفكر مطلقا في تقييد هذا النوع الغنائي الذي ولد خارج القفص. الراب لا تحكمه سلطة، وفي حال ما وقع أي رابور في هذا الخطأ انقلب عليه جمهوره كما حصل مع عدد منهم في السنوات الأخيرة.

خروج ديدين كانون 16 بأغنية الأرواح في ليلة عيد الفطر هو جرعة أمل بأنّ شباب الأمة، وإن كانوا في الظاهر بعيدين عن أزمات الأمة ومشكلاتها، إلّا أنهم لا يزالون يحافظون على انتمائهم لهذا الوطن الكبير من الخليج إلى المحيط، واعين بما يحصل وعلى دراية بما يجب أن يكون على الأقل في المرحلة الحالية.

مهاجمته للمطبعين وتغنيه بمجد الثورة الجزائرية هو دليل قاطع على أنّ هذا الجيل يؤمن بالثورة وبأحقية الشعب الفلسطيني في أرضه وشرعية المقاومة ضد الاحتلال الغاشم، هذا الجيل لم يبعده الراب عن غزة ولم يخلط عليه المفاهيم، بل إنّ الراب العربي في كثير من الأغاني يحمل قيما مضافة ويحث المستمع على التشبث بأرضه وأصله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الراب موسيقى الجزائري غزة الشباب الجزائر غزة موسيقى شباب راب مدونات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة موسیقى الراب

إقرأ أيضاً:

محللون: قوافل فك الحصار تحول تاريخي وبداية كسر جدار الصمت العربي

اتفق محللون وقادة سياسيون بارزون على أن قوافل فك الحصار المتجهة إلى قطاع غزة تمثل تحولا تاريخيا في مسار التضامن الدولي، وبداية حقيقية لكسر جدار الصمت العربي، في مواجهة الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين.

جاء ذلك خلال حلقة برنامج "مسار الأحداث" بتاريخ التاسع من يونيو/حزيران، والتي تناولت تداعيات اعتراض البحرية الإسرائيلية لسفينة "مادلين"، والانطلاق المتزامن لقوافل شعبية من تونس ومناطق مختلفة من العالم بهدف كسر الحصار المفروض على غزة.

ووصفت اللجنة الدولية لكسر الحصار اعتراض السفينة بأنه "قرصنة وإرهاب دولة"، بينما أدانت تركيا الحادثة واعتبرتها "عملا شنيعا" يعكس ما سمّته الفاشية الإسرائيلية، وسط دعوات أوروبية لحماية النشطاء والإفراج عنهم فورا.

وأكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي أن ما جرى يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي فشل رغم هذا الاعتداء، لأن السفينة أوصلت رسالتها وجذبت أنظار العالم إلى مأساة غزة.

وشدد البرغوثي في حديثه لبرنامج مسار الأحداث على أن ما حدث يستوجب أكثر من الإدانات، داعيا الحكومات العربية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة تشمل فرض المقاطعة، وقطع العلاقات مع إسرائيل، وإلغاء التطبيع، مؤكدا أن هذه اللحظة "تشهد بداية تحول تاريخي لا رجعة فيه".

إعلان

وقال إن الشعوب بدأت تتحرك بقوافل بشرية تتوجه إلى معبر رفح، مضيفا أن هذه الاستجابة الشعبية تمثل شرارة انطلاق لحراك طويل الأمد لربط غزة بالعالم عبر جسر تضامني دائم، بينما تظل الحكومات متأخرة عن نبض الشارع.

وتحدث البرغوثي عن الفجوة بين مواقف الشعوب العربية ومواقف الأنظمة، لكنه أكد أن الضغط الشعبي بدأ يؤتي ثماره في برلمانات أوروبا، حيث تتصاعد الأصوات المطالبة بمحاسبة إسرائيل ووقف تصدير السلاح إليها.

مختلفة عما سبق

واعتبر أن استجابة الجماهير العربية والدولية اليوم تختلف عن كل ما سبق، مشيرا إلى أن العالم بدأ يفقد ثقته بإسرائيل، وأن الفرصة باتت مهيأة للانتقال من التضامن العاطفي إلى الفعل السياسي والميداني المؤثر.

من جانبه، قال عضو مجلس العموم البريطاني جيريمي كوربن إن ما جرى للسفينة "مادلين" كان عملا إرهابيا مدانا، وأكد أنه شارك في مظاهرة حاشدة أمام مكتب رئيس الوزراء البريطاني دعما للطاقم المعتقل ومطالبا بإطلاق سراحه.

وأوضح كوربن أن الحراك الشعبي في أوروبا يتسع يوما بعد يوم، مشيرا إلى استعدادات لتنظيم مظاهرة كبرى في لندن في 21 يونيو/حزيران الجاري، ستكون الأكبر حتى الآن، تعبيرا عن تضامن البريطانيين مع الفلسطينيين في وجه المجازر المتواصلة.

وأشار إلى أن الاحتجاجات المستمرة بدأت تحدث تأثيرا فعليا، لافتا إلى أن عددا من الحكومات الأوروبية أوقفت صفقات سلاح مع إسرائيل، في حين يتزايد الضغط لوقف دعمها بالطائرات والأسلحة المتطورة.

واعتبر كوربن أن "المحبط في الأمر هو صمت الحكومات رغم وضوح الجريمة"، لكنه شدد على أن استمرار النضال الشعبي والسياسي سيقود إلى تغيير ملموس، داعيا إلى عدم الوقوف متفرجين أمام ما وصفه بالإبادة الجماعية.

وأكد أن حكومات غربية عدة، وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة، تتحمل مسؤولية قانونية وأخلاقية بوصفها شريكة في تسليح إسرائيل، مشيرا إلى أن برلمانيين بريطانيين يعملون على فتح تحقيق في هذا التواطؤ.

إعلان

وعن الفارق المفترض في تعامل العالم لو كانت الضحية إسرائيل، قال كوربن "لو ظهرت صور أطفال إسرائيليين يموتون جوعا لما صمت العالم"، معتبرا أن ما يجري كشف زيف ادعاءات الغرب بالعدالة وحقوق الإنسان.

أقل ما يمكن فعله

وخلال مشاركته في مسار الأحداث من باريس، دعا الرئيس التونسي السابق الدكتور المنصف المرزوقي السلطات المصرية إلى عدم عرقلة قافلة "الصمود" التونسية والوفود المغاربية والدولية المتوجهة إلى معبر رفح، معتبرا أن السماح بوصول القوافل أقل ما يمكن فعله.

وقال المرزوقي إن القافلة التونسية تمثل بداية الغيث، ويجب أن تتبعها قوافل متواصلة، مؤكدا أن القضية باتت في يد السلطات المصرية، التي تقع عليها مسؤولية أخلاقية وسياسية بفتح الطريق أمام الشعوب للتعبير عن غضبها.

وأضاف أن ما يجري في غزة يمثل "أفظع ما تعرضت له الأمة منذ غزو المغول"، مطالبا الشعوب العربية بالخروج عن صمتها، ومعتبرا أن بقاء الجماهير في بيوتها "جريمة في حق التاريخ والشرف والكرامة".

وأوضح أن الحكومات العربية إذا واصلت تجاهلها لهذه المذبحة فستواجه انفجارا شعبيا لاحقا، محذرا من أن الانفجار قادم لا محالة، وأن الشعوب لن تنسى مواقف حكامها من هذه المجازر الجماعية.

وأشار المرزوقي إلى أن إسرائيل تدمر اليوم كل سرديتها الأخلاقية التي قامت عليها منذ عقود، قائلا إن ممارساتها الوحشية كشفت زيف خطابها، وإنها تدمر نفسها معنويا قبل أن تُهزم ميدانيا.

الصمت تواطؤ

من جهته، عاد الدكتور البرغوثي ليؤكد أن صمت بعض الدول العربية يُعد تواطؤا، خاصة أن الجرائم الإسرائيلية لم تقتصر على غزة، بل تشمل الضفة الغربية أيضا، حيث تتعرض مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس لحملات تدمير شاملة.

وقال إن إسرائيل ترتكب مجازر في حق الشعب الفلسطيني من دون تمييز، متسائلا عن المبرر لبقاء علاقات التطبيع، وعن الجدوى من الصمت أمام قتل وجرح طفل فلسطيني كل 17 دقيقة منذ بدء العدوان.

إعلان

وشدد على أن المطلوب الآن هو "صرخة عربية وإسلامية" تقول للولايات المتحدة كفى، داعيا إلى تحرك رسمي يوازي الهبة الشعبية العالمية، ومعتبرا أن التراخي الرسمي لا يقل خطرا عن الجرائم ذاتها.

وفي السياق ذاته، شدد المرزوقي على أهمية دور الشعوب، داعيا إلى استمرار تنظيم قوافل تضامنية لا موسمية، بل دائمة ومستمرة، قائلا إن من يقف في وجه هذه القوافل "لن يربح سوى العزلة والاحتقار الشعبي".

وأضاف أن إسرائيل في سياستها الحالية تدمر ليس فقط صورة نفسها، بل أيضا مصداقية النظام الدولي، وأن ما يحدث في غزة يمثل فضيحة كبرى لمنظومة حقوق الإنسان التي أنشأها الغرب ويدعي الدفاع عنها.

أما كوربن، فقد شدد على ضرورة محاسبة إسرائيل قانونيا، مشيرا إلى أن مذكرات التوقيف الدولية الصادرة مؤخرا تمثل خطوة أولى، ويجب البناء عليها لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن الإبادة الجماعية.

مقالات مشابهة

  • مانشستر سيتي يضم الدولي الجزائري آيت نوري
  • محللون: قوافل فك الحصار تحول تاريخي وبداية كسر جدار الصمت العربي
  • الجزائري آيت نوري ينضم للسيتي.. قيمة الصفقة ومدة العقد
  • مانشستر سيتي يعلن ضم المدافع الجزائري ريان آيت نوري رسميًا
  • سيتي يتعاقد مع الجزائري آيت نوري
  • مقتل عريس ليلة زفافه بسبب موسيقى الـ دي جي.. فيديو
  • «البرلمان العربي» يهنئ السعودية بنجاح موسم الحج
  • إيران: المحكمة العليا تؤيد حكم الإعدام ضد مغني الراب تاتالو
  • المغربي فرنش مونتانا يحيى حفل افتتاح مونديال الأندية بالولايات المتحدة
  • العالم العربي وزمن انحطاطه الجديد!