خاص|باحثة صينية: مصر أكبر قوة اقتصادية في أفريقيا..وانضمامها لمجموعة "بريكس" نجاح لدبلوماسيتها
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
في عالم يشهد تغيرات سريعة وتحديات كبيرة، تزداد أهمية التعاون والتضامن بين الدول المختلفة.
وفي هذا السياق، تبرز مجموعة البريكس كأحد أبرز التكتلات الاقتصادية والسياسية في القرن الحادي والعشرين.
مجموعة البريكس هي اختصار لاسم خمس دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، التي تشكل نحو 40% من سكان العالم و25% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
تأسست مجموعة البريكس في عام 2006 كمبادرة لتعزيز التنسيق والتشاور بين الدول النامية في مجالات مثل التجارة والاستثمار والتنمية والأمن.
ومنذ ذلك الحين، شهدت مجموعة البريكس تطوراً ملحوظاً في مستوى التعاون والاندماج بين أعضائها، حيث عقدت 13 قمة رئاسية، وأطلقت عدة مشاريع ومؤسسات مشتركة، مثل بنك التنمية الجديد، وصندوق احتياطات الطوارئ، وشبكة الابتكار، وغيرها. وأعلن قادة مجموعة دول بريكس، اليوم الخميس، على لسان رئيس جنوب أفريقيا قبول عضوية 6 أعضاء جُدد إلى المجموعة وهم "مصر والسعودية والإمارات وإيران والأرجنتين وإثيوبيا"، وذلك في اليوم الأخير من القمة الـ 15 لمجموعة بريكس.
لذلك أجرى صدى البلد حوارا مع الباحثة الصينية في التلفزيون الصيني، وانج مو يي، لمعرفة وجهة نظر الجانب الصيني في انضمام مصر للكتلة الاقتصادية، والمساعدات التي قد تقدمها بكين لكافة دول بريكس.
بعد انعقاد قمة بريكس هذا العام في جنوب أفريقيا، وانضمام مصر ودول أخرى إلى تلك المجموعة الاقتصادية، كيف يرى الجانب الصيني انضمام مصر؟
عقدت ”بريكس" يوم الثلاثاء، ومن المتوقع أن تحدد هذه القمة الدفعة الثانية من قائمة دول توسيع عضوية المجموعة وتبحث معايير مؤسسية في تقرير طلبات الانضمام إلى بريكس. إن مصر من ضمن 23 دولة التي قدمت طلبات رسمية للانضمام، وقبل ذلك انضمت مصر إلى بنك التنمية الجديد التابع لـ "بريكس" بنجاح. مصر دولة عابرة للقارات، وتعد قوة اقتصادية على مستوى قارة افريقيا ككل، إن العلاقات بين مصر والصين تُعد بمثابة حجر الأساس عند أي حديث حول أفريقيا والصين؛ فهي أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين، وأول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقة تعاون استراتيجي مع الصين، وتحت الجهود المشتركة للجانبين، حققت الصداقة التاريخية بين البلدين إنجازات جديدة في عصرنا.
ظلت الصين تتخذ موقفا إيجابيا تجاه توسع "بريكس"، وقد طرحت فكرة "بريكس بلس" عام 2017 للتعاون مع مزيد من الدول النامية في إطار "بريكس"، وفي 2022، تمت دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى حوار افتراضي رفيع المستوى حول التنمية العالمية، فترحب الصين بانضمام مصر وأعضاء جدد أخرى إلى مجموعة "بريكس" وتدعم عملية توسيع مجموعة "بريكس" لتقديم مساهمات أكبر لتعزيز السلام والاستقرار والازدهار في جميع أنحاء العالم.
وهل ستدعم المجموعة مصر اقتصاديا لتخطي الأزمات التي تواجهها البلاد، أو ستكون هناك مشاريع تنموية جديدة في مصر؟ هل يكون لبنك تنمية بريكس دور كبير في مساعدة مصر لتحقيق حلم الجمهورية الجديدة؟
تعتبر "بريكس" قوة اقتصادية مؤثرة عالميا، تمثل 16% من التجارة العالمية، ويساهم أعضاء مجموعة بريكس الآن بنحو ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لتصبح اليوم محركا أساسيا لنمو الاقتصاد العالمي. وهي أيضا تعد من أهم المنصات التعاونية بين بلدان الجنوب، وتوفر "فرصا تنموية غير مشروطة" لبلدان الجنوب. وانضمام مصر إلى "بريكس" سيقدم لها فرصة لتعزيز التبادل التجاري وزيادة فرص العمل وجذب استثمارات أكبر، وذلك سيساهم في تخطى الأزمات التي تواجهها البلاد.
إضافة إلى ذلك، يُعتبر بنك التنمية الجديد من أبرز إنجازات بريكس. وقد أسسته المجموعة لحشد الموارد اللازمة لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والدول النامية. وانضمت مصر إلى بنك التنمية الجديد، ما يمثل نجاحا لجهود الدبلوماسية الاقتصادية المصرية، وسيوفر لمصر صلاحيات وقنوات تمويلية هائلة، ويعزز ثقة المجتمع الدولي ومؤسساته التمويلية في الاقتصاد المصري ويسهل تمويل البنية التحتية في مصر، ما سمح لها بتحسين هياكلها التحتية وتعزيز التنمية ورفع مستويات المعيشة.
هل ستصدر مجموعة البريكس عملة موحدة لإجراء المعاملات التجارية بين أعضائها والتخلص من هيمنة الدولار؟ هل سيكون التبادل التجاري بين الدول داخل التكتل بالعملات المحلية ؟
تم ذكر احتمال إنشاء عملة موحدة من قبل مجموعة "بريكس" بشكل متكرر في وسائل الإعلام الدولية، لكن لم يتم إطلاق المناقشة رسميًا بعد، ولدفع هذه المناقشة إلى الأمام، قد يقوم وزراء المالية ومعاهد البحوث من دول "بريكس" بدراسة الأمر بطريقة منسقة وتقييم مدى ملاءمة وجدوى إنشاء عملة موحدة لـ "بريكس".
وفي الآونة الأخيرة، بدأت الولايات المتحدة تستخدم عملتها "دولار" بقوة متزايدة لتحقيق أهدافها السياسية والجيوسياسية. وتستخدم الدولار كسلاح لاستهداف الدول المعادية أو الدول التي يُنظر إليها على أنها معادية. الأمر الذي قوض إلى حد كبير نزاهة السوق وخلق أزمة ثقة في الدولار الأمريكي حول العالم. لذلك، استكشف العديد من الدول بنشاط مسار تعدد أقطاب العملات من خلال تقليل حجم الديون الأمريكية وتعزيز اتفاقيات تبادل العملات، فإن خطة المجموعة لإنشاء عملة موحدة في المستقبل تتماشى مع هذا التوجه.
ما الطموحات والآمال التي تستعد مجموعة البريكس لتنفيذها هذا العام خلال القمة القادمة، وما المقترحات التي قد تقدمها الصين للحد من الأزمات الاقتصادية؟
وما هو دور مجموعة بريكس في تشكيل النظام الدولي الجديد والتأثير على المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي؟
وما هي علاقات دول بريكس مع القوى الغربية والدول النامية الأخرى؟
وتعقد قمة هذا العام تحت عنوان "بريكس وأفريقيا: شراكة من أجل النمو المتسارع المشترك والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة". ويشارك 67 زعيما من دول بأفريقيا والجنوب العالمي لحضور اجتماع بريكس-أفريقيا وحوارات "بريكس بلس"، ستواصل المجموعة لعب دورها البارز في تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب وتوفير منبر أوسع لتمثيل الاقتصادات النامية والصاعدة عبر العالم.
إن الصين، كدولة نامية وعضو في الجنوب العالمي، تسعى لتحقيق مستقبل مشترك مع النطاق الواسع من البلدان النامية، وقد تمسكت بحزم بالمصالح المشتركة للبلدان النامية، وعملت على زيادة تمثيل وصوت الأسواق الناشئة والبلدان النامية في الشؤون العالمية. على مدى العقد الماضي، اقترحت الصين منافع عالمية عامة مثل مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية لدفع تحقيق السلام الدائم والأمن العالمي والرخاء المشترك في العالم.
وألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمته أمام القمة الـ15 لبريكس، وأكد فيها أنه ينبغي على بلدان بريكس أن يكونوا الأقران لبعضهم البعض على طريق التنمية والنهوض، وأن يعارضوا أعمال "فك الارتباط" وتعطيل سلاسل الصناعة والإمداد والقسر الاقتصادي. ولاحظنا ان هذه السلوكيات هي ما فعلته وتفعله القوى الغربية الآن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البريكس البرازيل التكتلات الاقتصادية التلفزيون الصيني الدولار الدول النامية السعودية القاهرة الصين انضمام مصر بنك التنمية الجديد جنوب افريقيا دول بريكس صندوق النقد قمة بريكس مصر بنک التنمیة الجدید مجموعة البریکس الدول النامیة عملة موحدة
إقرأ أيضاً:
دعوة صينية لأوروبا لزيادة التعاون.. ما سببها وكيف سترد القارة العجوز عليها؟
عقدت قمة صينية أوروبية في بكين، الخميس الماضي، وهدفت لتعزيز التعاون بين الجانبين وتقريب وجهات النظر، خاصة فيما يتعلق ببعض القضايا السياسية الدولية والخلافات التجارية بين الطرفين.
ويُعد ميل الميزان التجاري لصالح الصين أكثر، أحد أهم الخلافات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، أيضا خوف دول الاتحاد من إغراق السوق الأوروبية بمنتجات صينية رخيصة الثمن مدعومة حكوميا.
وعلى الرغم من خلافاتهما التجارية فإن الطرفين قد يوحدهما المخاوف من قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يتعلق برسوم التعرفة الجمركية التي قرر زيادتها على كثير من دول العالم وعلى رأسهم حلفائه الأوروبيين.
وعلى هامش القمة التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ السبت برئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ودعا بينغ خلال هذا اللقاء إلى الانفتاح والتعاون بين بكين والاتحاد الأوروبي، وإدارة الخلافات بين الجانبين بشكل مناسب، بما يسهم في تعزيز الاستقرار العالمي، ووسط تحديات دولية متصاعدة.
وشدد بينغ على أن "الاعتماد المتبادل ليس مخاطرة، وتلاقي المصالح لا يشكل تهديدا"، محذرا من أن سياسات "فك الارتباط" و"قطع سلاسل الإمداد" لن تؤدي إلا إلى العزلة.
بالمقابل قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال اجتماعات القمة التي استمرت لثلاثة أيام، إن "اعتراف كل من الصين وأوروبا بمخاوف الطرف الآخر وأن تعرضا حلولا ملموسة هو أمر وهدف أساسي".
ونبهت إلى أن "العلاقات بين الجانبين وصلت إلى "نقطة مفصلية"، مضيفة "مع تعمق تعاوننا تعمقت الاختلالات... من الأساسي إعادة التوازن إلى علاقاتنا الثنائية".
من جهته أكد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا للرئيس الصيني شي جين بينغ أن "الاتحاد الأوروبي يرغب برؤية تقدم ملموس في المسائل المتعلقة بالتجارة، وأن الجانبين يرغبان بأن تعود العلاقة بالفائدة المتبادلة".
أسواق بديلة
وتطرح دعوة الرئيس الصيني للانفتاح أكثر في العلاقة مع الاتحاد الأوروبي تساؤلات حول ما إذا كانت مرتبطة بخلافات بلاده التجارية مع واشنطن، أم أنها فقط تهدف لتعزيز التعاون بين الطرفين بمعزل عن هذا الخلاف؟
الكاتب المختص في شؤون الصين وشرق آسيا، سامر خير أحمد، قال إن "الصين تسعى لتجاوز العقبات الناتجة عن الرسوم الجمركية الأميركية على البضائع الصينية".
وأوضح أحمد خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "خطة الصين لفعل ذلك تتمحور حول مسألتين، الأولى التشجيع على زيادة الاستهلاك المحلي، والثانية إيجاد أسواق عالمية بديلة للسوق الأمريكية".
وتابع، "لذا، فإن مساعي الصين لتعزيز العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي لن تكون بعيدة عن السعي لتوسيع السوق الأوروبية أمام البضائع الصينية، لكن ذلك ليس كل شيء".
ولفت إلى أن "الإدارات الأمريكية من الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامب ظلت تسعى للتأثير سلبا على العلاقات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي تارة عبر تحذير الأخير من المخاطر الأمنية لهذه العلاقة، وبالضغط تارة أخرى".
وأضاف، "في الوقت نفسه فقد تزايد تذمر الأوروبيين مؤخراً مما أسموه "إغراق البضائع الصينية للأسواق"، فهم يقولون إن المنافسة ليست عادلة بين المنتجات الصينية ونظيرتها الأوروبية لأن الصين تدعم منتجاتها بشكل يؤدي إلى خفض أسعارها إلى درجة لا يمكن للبضائع الأوروبية منافستها معها".
ولهذا يرى أحمد أن "دعوة الرئيس الصيني تتصل بالخلاف التجاري مع الولايات المتحدة لكنها ليست سببها الوحيد".
سوق بديل أم ماذا؟
وتأتي القمة الأوروبية الصينية في وقت لا زال يعاني العالم فيه من هزة اقتصادية نتيجة قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهادفة لرفع الرسوم الجمركية على عدة دول وكيانات، منها الصين والاتحاد الأوروبي.
ومن الأسباب التي دفعت ترامب وفق ما أعلن لرفع الرسوم الجمركية على الصين هي ميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح الأخيرة، حيث بلغت قيمة الصادرات الأمريكية في عام 2024 إلى الصين 143.5 مليار دولار.
بالمقابل بلغت قيمة الصادرات الصينية إلى أمريكا 438.9 مليار دولار، ما أدى إلى عجز تجاري أمريكي مع الصين بلغ 295.4 مليار دولار.
ووفقا للبيانات الاقتصادية للطرفين فإن أمريكا تُعتبر أكبر سوق خارجية للبضائع الصينية، لكن في حال زاد التعاون والتبادل التجاري الصيني الأوروبي، هل يُمكن أن يُغني السوق الأوروبي الصين عن السوق الأمريكية؟
الباحث في شؤون الصين سامر خير أحمد قال، "تتطلع الصين إلى توسيع حصتها باطّراد من التجارة العالمية من أجل تحقيق تطلعاتها المستقبلية بأن تصبح صاحبة أكبر اقتصاد في العالم قبل منتصف القرن متفوقة على الاقتصاد الأميركي، لهذا فإن خططها لا تتعلق فقط بإيجاد بديل للسوق الأميركية، ولو أنها اكتفت بإيجاد البديل لكان ذلك غير كافٍ لتحقيق تطلعاتها المستقبلية".
وتابع، "توقعت منظمة التجارة العالمية بعد أيام من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض الرسوم الجمركية مطلع نيسان/أبريل الفائت، انكماش التجارة بين الصين والولايات المتحدة بنسبة 81 بالمئة، مقابل ارتفاعها بين الصين والعالم بنسبة تتراوح بين 4 و9 بالمئة".
وأوضح أن "المحصلة بين التوقعين أن تحافظ الصين إلى حد كبير على حجم تجارتها الدولية، فتتجاوز التأثيرات السلبية الكبرى للضغوط التجارية الأمريكية".
وحول الاستفادة المتوقعة للصين من زيادة تعاونها الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي قال أحمد، " الاتحاد الأوروبي شريك تجاري رئيسي بالنسبة للصين، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهما في العام الماضي 732 مليار يورو".
ولفت إلى أن "هذا يعني أن الفائدة الاقتصادية بين الطرفين ليست وليدة الظروف التجارية المستجدة في العالم، بل هي شراكة عميقة وإن كانت مغلفة بالتنافس، حتى أن هذه الشراكة تلعب دوراً كبيراً في تحديد المواقف السياسية للطرفين".
علاقات خارجية متوازنة
على الجهة المقابلة تم الإعلان الأحد عن اتفاق تجاري إطاري موحد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لينتهي بهذا الاتفاق غموض مصير العلاقات التجارية بين الطرفين.
وبموجب هذا الاتفاق سيتم فرض رسوم جمركية أمريكية على البضائع الأوروبية بنسبة 15 في المئة، علما أن ترامب هدد سابقا برفع نسبة الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي بنسبة 30 في المئة، ما يعني أن هذا الاتفاق خفضها للنصف تقريبا.
إلا أن بعض القادة الأوروبيين عبروا عن غضبهم من هذا الاتفاق، حيث وصفه رئيس الوزراء الفرنسي بأنه خضوع لأمريكا، من جهته اعتبره رئيس وزراء المجر أنه انتصار ساحق لترامب، ووصفه محللون بأنه غير متوازن.
بدوره قال كبير المفاوضين التجاريين في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش الذي تفاوض على هذا الاتفاق على مدى أشهر مع إدارة دونالد ترامب "أنا متأكد بنسبة 100 في المئة أن هذا الاتفاق أفضل من حرب تجارية مع الولايات المتحدة".
ويطرح تزامن دعوة الرئيس الصيني لزيادة التعاون مع الاتحاد الأوروبي وتوقيع الأخير اتفاق تجاري مع واشنطن ليس مرضيا لكل دوله، تساؤلات حول ماذا سيكون رد الاتحاد على هذه الدعوة؟
الكاتب والمحلل السياسي حسام شاكر قال إن "الاتحاد الأوروبي قد يُبدي انفتاحًا أكثر نحو الصين، دون أن يُصرح بأنه يتجاوب مع دعوة الرئيس الصيني، أو أنه قرر اعتماد استراتيجية جديدة محددة".
وأوضح شاكر، "بمعنى ربما إبداء مزيد من الانفتاح بشكل تدريجي، وبخطوات حذرة بعض الشيء، دون إعطاء صورة بأنه قرر خوض مسار استراتيجي جديد في هذا الشأن".
وحول ما إذا كان الانفتاح الأوروبي على الصين قد يُخفف سيطرة واشنطن الاقتصادية على أوروبا قال شاكر "عمليا، ربما تتوخى القيادة الأوروبية الموحدة محاولات تحسين فرصها في إدارة علاقات خارجية متوازنة بعض الشيء، وإيجاد مسارات تفاعل مع الصين بشكل يُعزز من مكانة أوروبا في العالم، ويحمي بقدر نسبي مصالحها، ومن جانب أخر يُعطي قدرًا ما من الدعم للموقف الأوروبي في أي مفاوضات أو تجاذبات مع الجانب الأمريكي".
وأوضح أن "أوروبا من الناحية الاستراتيجية معنية بإيجاد علاقات متوازنة بشكل أفضل لها، في عالم يتجه نحو تعددية قطبية، وفي هذا الوقت أيضا هي معنية بأن تُخفف من وطأة الارتهان النسبي القائم في علاقاتها الخارجية مع الجانب الأمريكي، وهذا يفرض عليها اغتنام اللحظة فيما يتعلق بإمكانية نسج علاقات معينة مع الصين".
علاقات سياسية ثنائية لا جماعية
لكن مع وجود امتعاض لدى بعض القادة الأوروبيين من الاتفاق التجاري مع أمريكا، هل سنرى تطوير لعلاقات اقتصادية وسياسية أكبر بين بعض دول الاتحاد الأوروبي والصين.
المحلل السياسي حسام شاكر يرى أنه "بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي، توجد احتمالات لإمكانية تطوير علاقات مع الصين، توجهات أوروبية جامعة، بمعنى احتمال أن يتوجه الاتحاد بشكل جامع لإدارة علاقات مع بكين".
وأوضح أن "هذه العلاقات ستمنح الاتحاد الأوروبي فرصًا تفاوضية أفضل مع الجانب الصيني، وأن يتصرفوا ككتلة متماسكة في التعاون معه، هذا يمنح الأوروبيين امتياز أن يتصرفوا بصفتهم كتلة اقتصادية كبرى في العالم ومتنفذة، فهذه فرصة لهم".
واستدرك بالقول، "لكن الذي قد نشهده هو قيام بعض الدول الوازنة على مستوى الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا أو فرنسا، بالتوجه لعقد لقاءات استراتيجية مع الجانب الصيني، أو علاقات، أو زيارة وفود متبادلة على هذا النحو، ولكن ليس بصِفة الاتحاد الأوروبي كإطار جامع".
وأوضح أن "هذا خيار يبدو متوقعًا أيضا، باعتبار أنه أيسر للتنفيذ، وله سوابق في هذا الشأن، عندما كان يقوم قادة أوروبيون بزيارات إلى بكين بشكل غير منسق مع الإطار الأوروبي الجامع، فبالتالي، هذا مسار وارد، وقد يكون هو الأكثر احتمالا".
وتابع شاكر، "هنا لا بد أن نُلحظ أيضًا بأن التوجهات الأوروبية عمومًا في هذا الشأن ستكون حريصة في عهد دونالد ترامب على عدم إثارة أي نقمة من الجانب الأمريكي، بمعنى، أن لا يبدو هذا بمثابة استفزاز له".
وختم حديثه بالقول "لهذا، سنشهد على الأرجح خطوات منفتحة أكثر من الجانب الأوروبي، وقد وجدنا بواكير لهذا منذ بداية عهد ترامب وسلوكه التصعيدي والاستفزازي نحو الأوروبيين، حيث وجدنا انفتاحًا ملحوظًا بشكل نسبي على بكين فيما يتعلق بالشأن التجاري ونحوه".