عواصم "وكالات": في وقت تتزايد فيه التوترات الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي بسبب الحرب التجارية، أكد كاو كيم هورن، الأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أن على آسيان «التصرف بشجاعة» لتسريع التكامل الاقتصادي الإقليمي في وقت باتت معظم بلدان العالم عالقة في حرب تجارية مدمّرة بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية.

حيث كانت بلدان آسيان التي تضم 10 دول وتعتمد على الولايات المتحدة على اعتبار أنها سوق التصدير الرئيسي بالنسبة إليها، من بين الدول التي استهدفتها رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأكثر تشددا.

وقال كاو في مؤتمر استثماري: «علينا التحرّك بشجاعة وحسم ومعا لتأكيد التزام آسيان بيئة مستقرة ويمكن توقعها ومواتية للأعمال التجارية».

وجاءت تصريحاته عشية اجتماع لوزراء المال والاقتصاد في آسيان يضم أيضا حكام المصارف المركزية في كوالالمبور لبحث طريقة الرد على الرسوم الجمركية الأمريكية.

اختارت حكومات آسيان عدم الرد على واشنطن، مفضلة الحوار.

لكن اقتصاداتها المعتمدة على التصدير تخاطر بالتضرر من الحرب التجارية العالمية بعدما فرضت الصين التي تعد سوقا رئيسيا أيضا، رسوما جمركية من جانبها على الولايات المتحدة.

وقال كاو: «من دون تحرّك عاجل وجماعي لتسريع التكامل الاقتصادي داخل آسيان وتنويع أسواقنا وشراكاتنا، نخاطر بالتخلي عن مكاننا ضمن اقتصاد منقسم وسريع التطور».

وفُرضت على فيتنام المنضوية في آسيان التي تعد قوة في مجال التصنيع رسوما جمركية بنسبة 46 في المائة على الصادرات إلى الولايات المتحدة، بينما فُرضت على كمبوديا المجاورة، وهي منتج رئيسي للملابس منخفضة الكلفة لكبرى العلامات التجارية الغربية، رسوما نسبتها 49 في المائة.

وتشمل بلدان آسيان الأخرى التي فرضت عليها رسوم باهظة لاوس (48 في المائة) وبورما (44 في المائة) وتايلاند (36 في المائة) وإندونيسيا (32 في المائة).

وفُرضت رسوم أقل نسبتها 24 في المائة على ماليزيا، ثالث أكبر قوة اقتصادية في جنوب شرق آسيا.

وتواجه بروناي أيضا رسوما نسبتها 24 في المائة بينما فرضت الولايات الولايات المتحدة رسوما نسبتها 17 في المائة على الفلبين و10 في المائة على سنغافورة.

ويعد التكتل بأكمله أكثر من 650 مليون نسمة لكن الدول المنضوية فيه في مراحل متباينة من التطور الاقتصادي فهناك بلدان أفقر مثل لاوس وكمبوديا وأخرى أكثر ثراء مثل سنغافورة التي تعد مركزا ماليا.

من جانبها توعدت الصين الأربعاء باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" دفاعا عن مصالحها بعد دخول رسوم جمركية أمريكية جديدة حيز التنفيذ ما يرفع التعرفة الإجمالية على منتجات بكين إلى 104%.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان خلال مؤتمر صحافي روتيني: إن "حق الشعب الصيني المشروع في التنمية غير قابل للتصرف وسيادة الصين وأمنها ومصالحها الإنمائية لا يمكن المساس بها".

وتعهدت الصين، في تقرير مطول، "بالنضال حتى النهاية" ضد رسوم دونالد ترامب الجمركية، مؤكدة أن التجارة بين البلدين متوازنة مع دخول رسوم جمركية بنسبة 104% على صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة حيز التنفيذ، اذ رفضت الحكومة الصينية الإفصاح عما إذا كانت ستتفاوض مع البيت الأبيض، فيما بدأت العديد من الدول الأخرى في التفاوض.

وقالت وزارة التجارة الصينية، في بيان قدمت فيه التقرير: "إذا أصرت الولايات المتحدة على زيادة تصعيد قيودها الاقتصادية والتجارية، فإن الصين لديها الإرادة القوية والوسائل الوفيرة لاتخاذ التدابير المضادة اللازمة والنضال حتى النهاية".

وأعلنت الصين الجمعة الماضي فرض رسوم جمركية بنسبة 34% على جميع الواردات من الولايات المتحدة، وضوابط تصدير على المعادن الأرضية النادرة، ومجموعة من التدابير الأخرى، ردا على رسوم ترامب الجمركية في "يوم التحرير". ثم أضاف ترامب المزيد من الرسوم الجمركية بنسبة 50% على البضائع القادمة من الصين، حيث أعلن أن المفاوضات مع الصينيين قد انتهت.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، الأربعاء، "إذا أرادت الولايات المتحدة حقا حل القضايا من خلال الحوار والمفاوضات، فعليها تبني موقف المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة".

ومن جهته كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء أن إدارته تقوم بإبرام "اتفاقات خاصة" مع دول العالم والشركاء التجاريين بشأن الرسوم الجمركية العقابية التي تم فرضها على واردات هذه الدول لتصحيح اختلالات الميزان التجاري معها.

وقال ترامب خلال مناسبة لتوقيع أوامر تنفيذية متعلقة بقطاع الطاقة الأمريكي "نقوم بعمل جيد جدا، ونُبرم ما أسميه اتفاقات خاصة وليست جاهزة، أي أن هذه اتفاقات مصممة خصيصا وعلى مستوى عال وبدقة".

وأضاف "حاليا، اليابان متوجهة إلى هنا لإبرام اتفاق. كوريا الجنوبية متوجهة إلى هنا لإبرام اتفاق. وآخرون متوجهون إلى هنا أيضا".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة فی المائة على جمرکیة بنسبة

إقرأ أيضاً:

الفساد والاقتصاد والتهميش.. 3 عوامل أشعلت احتجاجات جنوب آسيا

اجتاحت موجة من الاضطرابات السياسية جنوب آسيا، مدفوعة بسخط شعبي واسع تجاه الفساد والتدهور الاقتصادي وتهميش الشباب، مما أدى إلى تغييرات قيادية غير مسبوقة ومطالب متزايدة بالإصلاح والمساءلة الديمقراطية.

وتمثّلت أبرز هذه الاحتجاجات في نيبال، والتي بدأت على إثر حظر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يغذيها الغضب الشعبي من الفساد والمعاناة الاقتصادية وانعدام المساواة، وتكللت باستقالة رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي في سبتمبر/أيلول، مما مهّد الطريق أمام قيادة مؤقتة دعت إلى انتخابات جديدة في مارس/آذار 2026.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مايكروسوفت تحذر: القراصنة تسرق رواتب موظفيكم عبر هذه الثغرةlist 2 of 2اتهام نائب ألماني سابق بالاحتيالend of list

ونشر موقع "ستراتفور" الأميركي تقريرا للكاتبة ميشا إقب، سلط الضوء على هذه الاحتجاجات، مشيرا إلى أنها تعكس اتجاهات إقليمية أوسع نطاقا، إذ شهد جنوب آسيا خلال السنوات الخمس الماضية موجات من الحراك السياسي أعادت تشكيل موازين القوى وأنماط الحكم.

ففي أغسطس/آب 2024، أدت احتجاجات جماهيرية في بنغلاديش، بدأت بسبب المحسوبية في التوظيف الحكومي وتوسعت لتشمل الفساد وقمع المعارضة وغلاء المعيشة، إلى استقالة رئيسة الوزراء المخضرمة الشيخة حسينة واجد. وتستعد حكومة مؤقتة حاليا لإجراء انتخابات في فبراير/شباط 2026.

وفي سريلانكا، أجبرت احتجاجات واسعة عام 2022 على خلفية الانهيار الاقتصادي ونقص الوقود وارتفاع التضخم، الرئيس غوتابايا راجاباكسا على الاستقالة والفرار من البلاد.

وأشارت الكاتبة إلى أن الهند وباكستان، رغم تجنبهما الثورات الشعبية، شهدتا تحولات انتخابية غير مسبوقة. ففي انتخابات باكستان عام 2024، تمكّن حزب "حركة إنصاف" المعارض من حصد 31% من الأصوات متفوقا على الحزب الحاكم بدعم الشباب واستياء عام من النخبة السياسية. وفي الهند، خسر حزب "بهاراتيا جاناتا" أغلبيته لأول مرة منذ عقد بسبب تراجع شعبيته وارتفاع البطالة وتصاعد نفوذ المعارضة.

إعلان

وقالت الكاتبة إن تصاعد الحركات الشبابية المناهضة للنخب التقليدية في جنوب آسيا يشير إلى أن التحولات السياسية في المنطقة لم تُحسم بعد. ومع ضعف هياكل السلطة التقليدية، تظهر قوى سياسية جديدة، ما يضع الحكومات تحت ضغط متزايد لإثبات التزامها بالمحاسبة الديمقراطية وتحقيق مكاسب اقتصادية رغم القيود المالية، مما يزيد من احتمالات تقلب السياسات وتفاوت توزيع الفوائد.

عوامل اشتعال الاضطرابات

ثمة عدة عوامل مشتركة تربط بين احتجاجات جنوب آسيا، أبرزها:

1- الإحباط من النخب الحاكمة والسياسات التقليدية:

ففي باكستان ونيبال، لم يُكمل أي رئيس وزراء فترة حكمه، ما يعكس هشاشة النظام السياسي وتنافُسه المزمن، ويؤدي إلى اضطراب مستمر في الحكم، ويُشعر المواطنين بأن البقاء السياسي أهم من معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.

ورغم تراجع الاحتجاجات في باكستان نسبيا بفضل تحسن اقتصادي محدود وقمع شديد للمعارضة، تبقى المخاطر مرتفعة بسبب سجن رئيس الوزراء السابق عمران خان، الذي صعد بدعم شعبي غاضب من عقود من الحكم المدعوم عسكريا والنخب السياسية.

وفي حالات أخرى، نشأت الاضطرابات من حكم طويل للنخبة ذاتها. ففي سريلانكا، هيمنت عائلة راجاباكسا على السياسة لما يقرب من عقدين من الزمن، وجنت الثروات على حساب مؤسسات الدولة.

وفي بنغلاديش، حكمت حسينة واجد منذ 2009، حيث سيطرت على السلطة وقمعت المعارضة، ما أدى إلى سقوط حكومتها. أما في باكستان، فتناوبت السيطرة على الحكومة بين العائلات الحاكمة مثل الشريف وبوتو، بينما بقيت السلطة الفعلية في يد الجيش.

2- التدهور الاقتصادي:

فقد كانت الاقتصادات الهشة التي تعاني من الفساد والبطالة وسوء الإدارة من الأسباب الرئيسية للاضطرابات الشعبية في جنوب آسيا. وتخضع بنغلاديش وسريلانكا وباكستان لبرامج إنقاذ من صندوق النقد الدولي، تتطلب إجراءات تقشفية غير شعبية زادت من غضب المواطنين.

وتعاني المنطقة من تضخم مرتفع وبطالة شبابية وفقر متجذر وفساد واسع الانتشار. ففي سريلانكا، استنزفت الأزمة الاقتصادية الاحتياطي الأجنبي، ما أدى إلى نقص في الواردات الأساسية، وارتفاع أسعار الغذاء، ونقص الوقود، وفقدان الوظائف.

وتعاني بنغلاديش تضخما بنسبة 9%، وبطالة مستمرة، وفضائح فساد متزايدة. أما باكستان، فتعاني منذ سنوات من التضخم وتدهور العملة والعجز المالي ونقص الطاقة، مما أدى إلى استمرار الغضب.

وكشفت الانتفاضة الأخيرة في نيبال عن اعتمادها الكبير على تحويلات المغتربين، التي تشكل أكثر من ربع الناتج المحلي، ما يُخفي ضعف خلق الوظائف داخليا ويجعل الاقتصاد عرضة للصدمات الخارجية، في ظل اضطرابات سياسية وكوارث طبيعية متكررة.

ورغم أن الهند حققت نُموا إجماليا، فإنها تعاني من البطالة الريفية والتضخم وفجوات متزايدة بين المناطق الحضرية والريفية، ما أدى إلى تأجيج الاضطرابات وتعزيز تحالفات المعارضة.

3- وسائل التواصل الاجتماعي:

أتاحت وسائل التواصل للشباب في جنوب آسيا تجاوز الرقابة على الإعلام التقليدي وتنظيم احتجاجات جماهيرية. ففي نيبال، حوّل الشباب الغضب الإلكتروني إلى تعبئة ميدانية رغم الحظر الحكومي للمنصات، بينما استخدم طلاب بنغلاديش المنصات الرقمية لكشف الفساد وتوثيق القمع وتنظيم إضرابات رغم القوانين القمعية.

إعلان

وفي سريلانكا، أقام الشباب مخيما احتجاجيا استمر رغم محاولات تقييد الإنترنت. أما في الهند، فقاد الشباب حملات سلمية للتوعية بقضايا مثل البطالة والفساد والمناخ. وحاول أنصار حزب إنصاف في باكستان تحدي هيمنة النخبة، لكن سلطة الجيش حالت دون انتفاضات واسعة.

وأشارت الكاتبة إلى أن الغضب من السياسة والاقتصاد شكّل شرارة أشعلتها وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى تعبئة جماهيرية وتغيير سياسي. وتحوّلت هذه المظالم إلى دوافع للإصلاح، عبر جهود لمكافحة الفساد وإعادة بناء المؤسسات المستقلة.

وتقود بنغلاديش هذه الموجة، حيث تعمل الحكومة المؤقتة على استعادة النزاهة المؤسسية وإقصاء حلفاء حسينة، وتسعى لتعديل الدستور للحد من سلطات رئيس الوزراء ومنع حكم الفرد الواحد.

ولا تزال النيبال في المراحل الأولى من انتقال مماثل، حيث تستجيب القيادة المؤقتة لمطالب شعبية بإصلاحات ديمقراطية.

وفي سريلانكا، بدأ الرئيس أنورا كومارا ديساناياكي، المنتخب في سبتمبر/أيلول 2024 على أساس برنامج مكافحة الفساد، بتنفيذ إصلاحات تشمل إلغاء امتيازات الدولة للرؤساء السابقين وزوجاتهم، مثل السكن والمعاشات والنقل والدعم الإداري.

مستقبل التعبئة السياسية في جنوب آسيا

وأوضحت الكاتبة أن عدم الاستقرار سيبقى سمة دائمة في السياسة في جنوب آسيا. ورغم أن النخب التقليدية والقيادات الوراثية ستواجه ضغوطا متزايدة للحكم بمزيد من الشفافية، فإن إزاحتها لا يعني زوال المخاطر.

فإعادة تشكيل التحالفات السياسية وصعود فاعلين جدد، مثل مجموعات الطلاب في بنغلاديش ونيبال، يفتح الباب أمام استقطابات جديدة، وتذبذب في السياسات، واحتكاكات مجتمعية أوسع، مع تنافس القوى الجديدة والقديمة على النفوذ.

ومن المرجح أن يحد العجز المالي والقيود الاقتصادية من قدرة الحكومات على الوفاء بوعودها، وهو ما سيؤدي إلى عدم تلبية توقعات الجمهور.

وفي المقابل، من المرجح أن تُسرّع هذه الحركات جهود إصلاح المؤسسات وتفكيك الهياكل السياسية ولامركزية السلطة، لضمان ألا يعتمد القادة المستقبليون على شبكات المحسوبية. وقد بدأت هذه العملية بالفعل في بنغلاديش، وألهمت مطالب مماثلة في نيبال، حيث يطالب المواطنون بقيادة جديدة وإقصاء الفاسدين.

واختتمت الكاتبة بالإشارة إلى أن هذه الاتجاهات تشير إلى دخول جنوب آسيا مرحلة من التنافس على السلطة ومشاركة شعبية أوسع، مع آثار طويلة الأمد على الحوكمة والسياسات والتماسك الاجتماعي.

وفي حين أن نتائج هذه العمليات لا تزال غير مؤكدة، فإن ما هو مؤكد هو أن المنطقة ستستمر في مواجهة تحديات شديدة، بما في ذلك المصالح السياسية المتنافسة، وتغير هياكل السلطة، والضغوط الاقتصادية مما يعني أن الثورات الأخيرة لا ينبغي أن يُنظر إليها على أنها نهاية عملية ما، بل مجرد فصول جديدة في مستقبل متنازع عليه وربما متقلب.

مقالات مشابهة

  • تراجع صادرات الصين إلى أمريكا بنسبة 27% في سبتمبر
  • صادرات الصين إلى أميركا تهبط بنسبة 27% في سبتمبر
  • الفساد والاقتصاد والتهميش.. 3 عوامل أشعلت احتجاجات جنوب آسيا
  • الصين تطالب الولايات المتحدة بالكف عن التهديد بالرسوم الجمركية
  • ترامب: الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين لا إيذاءها
  • بعد تهديده بكين بفرض رسوم جمركية هائلة.. ترامب يخفف لهجته: نريد مساعدة الصين لا إلحاق الأذى بها
  • الولايات المتحدة: اقترحنا اتصالا مع الصين بعد القيود التجارية الجديدة
  • الصين تتعهد برد صارم على رسوم ترامب
  • الصين تفرض رسومًا "خاصة" على السفن الأمريكية ردًا على واشنطن
  • "ترامب" يعلن أنه سيفرض رسومًا إضافية بنسبة 100% على الصين