«الفجيرة للمونودراما».. مسرح يتجاوز عائق اللغة
تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT
تامر عبد الحميد (أبوظبي)
شدّد ممثلون على أهمية المسرح كونه مرآة تعكس قضايا المجتمع وهمومه، وتسلط الضوء عليها عبر عروض تحمل بعداً فكرياً وإنسانياً عميقاً، يقدمها نخبة من محترفي التمثيل في العالم والوطن العربي، مشيدين بالدور الكبير الذي يلعبه مهرجان «الفجيرة الدولي للمونودراما» في التركيز على هذا النوع من الفنون الذي يسمى بـ«مسرح الممثل الواحد»، ضمن عروض عالمية تتجاوز عائق اللغة، وتغوص في الأداء الجسدي من حركات وإيماءات وانفعالات، ممزوجة بتصميم عناصر مشهدية، مثل «السينوغرافيا» والإضاءة والأزياء والموسيقى لتقديم قصص وحكايات تصل إلى العالم.
وأعرب الممثل أحمد الجسمي عن سعادته كونه أحد الممثلين الذي يحرص على حضور «الفجيرة الدولي للمونودراما» منذ انطلاقته وحتى الآن، وقال: فخر كبير أن يكون لدينا مهرجان دولي، وليس فقط على المستويين المحلي والخليجي، مثل «الفجيرة الدولي للمونودراما» الذي ينفرد ويغرّد وحيداً بتقديم هذا النوع من الفن المسرحي العالمي، بتنظيم عدد من مسؤولي أبناء الإمارات الذين أثبتوا أنهم قادرون على صناعة الفكر والثقافة بشكل متطور.
وتابع الجسمي: كوني ابن المسرح، ولديّ باع طويل على خشبة «أبو الفنون»، فما يقدمه المهرجان من عروض محلية وخليجية وعربية وعالمية، تعتمد على «الممثل الواحد» حيث يستطع أن يملأ خشبة المسرح «تمثيلاً» بمفرده، مما يسهم في اكتساب الخبرات وتبادل المعرفة والثقافات في عالم «أبو الفنون».
أبرز المحافل
من جهته، قال الممثل جمعة علي الذي بدأ حياته الفنية ممثلاً مسرحياً: لطالما كانت خشبة المسرح مرآة تعكس قضايا المجتمع وهمومه، والمونودراما العربية تتناول في مجملها قضايا إنسانية متنوعة ومهمة، ويأتي «الفجيرة الدولي للمونودراما» في دورته الحادية عشرة، كأحد أبرز المحافل التي لا تكتفي بعرض المسرح، بل تصنعه.
مدرسة متكاملة
فيما أوضحت الممثلة فاطمة الحوسني أن المهرجان يمثل مدرسة متكاملة للممثل، حيث لا تقتصر المشاركة على تقديم عرض، بل تمتد للتفاعل مع تجارب فنية من مختلف بلدان العالم، وهذا التنوع الثقافي يشكل بيئة تعليمية تكسب الممثل مهارات جديدة، وتساعده على رؤية الفن من زوايا متعددة ما يجعله أكثر مرونة وإبداعاً.
قيمة ثقافية وفنية
أشاد الممثل جمال سليمان بأهمية مهرجان «الفجيرة الدولي للمونودراما»، باعتباره من المهرجانات النادرة التي لا تزال تحافظ على القيمة الثقافية والفنية للمسرح في العالم العربي، في ظل التراجع الكبير الذي يشهده هذا القطاع خلال العقود الأخيرة، لافتاً إلى أن أكثر ما يميزه أنه يختص بفن المونودراما، الذي يشهد تنامياً عالمياً.
دروس فنية
يرى هاني رمزي أن مهرجان «الفجيرة الدولي للمونودراما» ربما يكون الوحيد من نوعه في العالم العربي الذي لا يزال يحرص على إبراز فن المونودراما، وقال: يعتبر هذا المهرجان من أهم المهرجان الفنية الخاصة بالمسرح في العالم العربي، والذي يختص بفن المونودراما الذي يُعد من أصعب أنواع الفنون الأدائية التمثيلية. وتابع: أعتبر نفسي أحد أبناء «الفجيرة للمونودراما»، وأحرص على حضور فعالياته منذ دورته الأولى وحتى الآن؛ لأنني أعتبر عروضه المسرحية بمثابة دورس فنية ومحاضرات أكاديمية، تجعلني «مشحوناً بالفن» لتقديم أعمال أكثر تطوراً.
قوة النص واحترافية الأداء
ضمن عروض المسابقة الرسمية على خشبة مسرح دبا الفجيرة ومسرح بيت المونودراما، وعروض الفضاءات المفتوحة بالقرية التراثية، شهد المهرجان عرض عدد من المسرحيات العالمية والعربية التي تميزت بقوة النص واحترافية الأداء والإخراج المعتمد على الفضاء المفتوح، ومن بين العروض التي نالت إشادات من قبل الممثلين وعشاق «أبو الفنون» وصناع المسرح، ورفعت أغلب عروضها شعار «كامل العدد»، العرض الجورجي «أغنس زوجة شكسبير» حيث تألقت الممثلة إيرينا ميجفينيتوخوسيسي في تجسيد قصة من تأليف نينا مازور وإخراج أفتانديلفار سيماشفيلي، لتعيد تشكيل شخصية زوجة شكسبير، وهي «أغنس».. هذا الاسم الذي يحتفظ به التاريخ في ظل العظيم شكسبير، حيث تقود إيرينا المشاهد عبر متاهة الذاكرة لفهم طبيعة عالمها من ألم ومعاناة ووحدة ويأس وسلام وحب.
تجارب ريادية
تحت عنوان «تجارب ريادية عربية»، أقام مهرجان «الفجيرة الدولي للمونودراما» ندوة نقاشية، حضرها نخبة من الممثلين وصناع المسرح، وتناولت تجارب أبرز فناني المسرح العربي، منهم زيناتي قدسية، ورفيق علي أحمد، والكاتبة الكويتية فتحية حداد التي تناولت تجربة الممثل الكويتي الراحل عبد العزيز الحداد، كما تم تكريمهم خلال الندوة التي شهدت عرضاً مرئياً وثائقياً تناول المسيرة الإبداعية في عالم الفن والمسرح لكل فنان منهم.
«قطار ميديا»
يطرح العرض الإسباني «قطار ميديا» أسطورة ميديا اليونانية من منظور معاصر ومحافظ، للتأكيد على حرية المرأة بشكل مغاير في الطرح والأسلوب.
ميا كولبا
يهدف عرض «ميا كولبا» من بوركينا فاسو إلى تعميق الدراسة والبحث في الارتباط المحتمل بين تقاليد الأقنعة الأفريقية، والمسرح الجسدي المعاصر، والرقص الحديث، كما يستمد العرض إلهامه من جذور الثقافة الأفريقية، وطقوسها، وموسيقاها، وقصصها، وإيقاعاتها، وألوانها. ويروي خلاله المخرج والمؤلف والممثل تشارلز نوموينديه تييندربويغو، التاريخ الحديث لأفريقيا.
الإنسان المهاجر
أما العرض السعودي «تذكرة مغترب» من تأليف إبراهيم حامد الحارثي وإخراج علي حسن الغراب، وتمثيل معتز مسعود عبد الله العبد الله، فاستعرض ذلك الإنسان المهاجر حاله حال الكثير من المغتربين الذين قهرتهم الظروف القاسية في بلدانهم والتي أجبرتهم على الرحيل إلى دول مختلفة، ظناً منهم أنهم سيجدون الأمان والاستقرار في تلك الدول.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الفجيرة للمونودراما مهرجان الفجيرة للمونودراما الإمارات مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما مسرح المونودراما أحمد الجسمي هاني رمزي فاطمة الحوسني الفجیرة الدولی للمونودراما فی العالم
إقرأ أيضاً:
احتفاء بالمواسم العمانية
خلال إجازة عيد الأضحى المبارك، حضرت عددا من الفعاليات التي تُقام سنويا فـي قريتي والقرى المجاورة لها منها ما يخص الصغار، مثل «العيود»، ومنها ما يخص الكبار كالمهرجانات الشعبية التي تستعرض الفنون التقليدية العُمانية مثل «الرزحة» و«العازي» وسباقات الخيل، إلى جانب احتفالات أخرى مرتبطة بالعادات العُمانية المتأصلة فـي المجتمع، مثل صلاة العيد فـي أجواء روحانية مفعمة بالسكينة، وزيارات الأقارب والأرحام، وما يتلوها من فعاليات أن صحت تسميتها بالفعاليات كالمشاكيك والتنور وما يصاحبها من طقوس وعادات تعود إلى أعماق الزمن العماني القديم. هذه العادات والتقاليد والفعاليات فـي مناسبات الأعياد لفتت انتباه محبي توثيق الفنون التراثية، خصوصا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي داخل سلطنة عمان وخارجها؛ حيث ساهموا فـي نشر تلك العادات وتعريف العالم عليها وأصبح الكثيرون يتسابقون على حضور العيد فـي عُمان لما تحمله هذه الفترة من ميزات وعادات جميلة نادرة الوجود فـي كثير من دول العالم.
هذا هو المدخل الذي قادني لكتابة هذا المقال حول الاحتفاء بالمواسم والاحتفال بها، خاصة أن دول العالم أجمع تحتفـي بمواسمها الخاصة التي تميزها، وتقيم لها احتفالات عامة كبيرة تتبناها الدولة، ويسافر لها الناس من مختلف بقاع الأرض لحضور هذه الاحتفالات. نذكر من أشهر هذه الاحتفالات مهرجان الزراعة فـي الهند، حيث تحتفل القرى بموسم الحصاد بالرقص والأغاني، ومهرجان الطماطم فـي إيطاليا الذي يجذب آلاف الزوار لمعارك الطماطم الملونة، ومهرجان الكرز فـي اليابان، بالإضافة إلى مهرجان الألوان «هولي» فـي الهند، ومهرجان الفوانيس فـي الصين، فضلا عن احتفالات الحصاد فـي دول عديدة مثل مهرجان الذرة فـي المكسيك، وغيرها من المواسم التي تحكي قصص الأرض وشعبها. وفـي سلطنة عمان لدينا تقويم حافل طوال العام لمواسم احتفالية فـي الزراعة والحصاد والأعياد والمناسبات الدينية والثقافـية والتراثية متنوعة بين الشتاء والصيف والخريف والربيع مثل موسم الخريف فـي محافظة ظفار ويتبعه موسم الصرب وموسم صيد السردين وموسم قطف الورد فـي الجبل الأخضر وموسم النيروز احتفالا بمواسم الحصاد فـي عدد من ولايات السلطنة الساحلية ومواسم القيض والحصاد والزراعة والكثير من المناسبات الدينية كالمولد النبوي والتهلولة والقرنقشوه والمناسبات الوطنية كالأعياد الوطنية وغيرها الكثير التي قد لا تحضرني فـي هذه الساعة لكنها مواسم موجودة ومتعارف عليها عند العمانيين.
إن مثل هذه المواسم والاحتفالات لا يجب أن تُعامل كموروث محلي عابر أو تقليد اجتماعي فحسب، بل ينبغي الالتفات إليها كأدوات فاعلة من أدوات «القوة الناعمة» لسلطنة عمان، فهي تملك قدرة عالية على لفت أنظار العالم إلى عمق الهوية الوطنية وتفرد الثقافة المحلية. كما أنها تشكل عامل جذب سياحي واقتصادي مهم، حيث تُسهم فـي استقطاب الزوار من داخل السلطنة وخارجها، وتدفع عجلة النشاط التجاري من خلال الإقبال على الأسواق والمنتجات المحلية، ورفع معدلات الإشغال فـي الفنادق والمنشآت السياحية. علاوة على ذلك، فإنها تتيح للأهالي والمجتمعات فرصة للاحتفال، والالتقاء، والتجديد، وتوفـير متنفس نفسي واجتماعي يُعزز من التلاحم المجتمعي ويُشجع على الفخر بالهوية والتراث.
ولذلك، فإن الاستثمار فـي هذه المواسم، من خلال تنظيمها بشكل احترافـي وتسويقها إعلاميا وسياحيا على نطاق واسع، من شأنه أن يفتح آفاقا واسعة للتنمية المستدامة فـي قطاعات السياحة والثقافة والاقتصاد، ويُسهم فـي رسم صورة مشرقة لعُمان فـي أعين العالم، بوصفها وجهة غنية بتنوعها الطبيعي وثرائها الثقافـي وروحها الأصيلة.
إنها دعوة لاستكشاف مواسم عمانية أكثر واستغلالها بشكل مبتكر ففـي كل عادة متوارثة تكمن الفرصة لتعزيز السياحة المحلية والعالمية وتنشيط الاقتصاد المحلي وإثراء المجتمع والتعريف الهوية الوطنية للأجيال والحفاظ على الموروث المحلي وبناء جسور ثقافـية مع الآخر.