في قلب آسيا الوسطى، حيث تتشابك التحديات البيئية والسياسية مع المصالح الاقتصادية والجغرافية، يتربع نهر آمو داريا، المعروف عربيا بنهر جيحون، كمورد حيوي تشترك فيه 4 دول، هي: أفغانستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، قبل أن يصل إلى بحيرة آرال التي باتت تعاني من الجفاف.

ويعدّ هذا النهر شريان حياة للمنطقة، إذ يغذي الزراعة والصناعة ويعكس معضلات معقدة تتعلق بالتعاون الدولي وإدارة الموارد المائية المشتركة.

وبينما تعتمد أوزبكستان بشكل كبير على مياه آمو داريا لدعم قطاع زراعة القطن الذي يشكل ركيزة لاقتصادها، تستخدم تركمانستان المياه لري أراضيها الصحراوية، وتسعى أفغانستان إلى استغلال حصتها المائية عبر مشروع قناة قوش تيبه مُثيرة بذلك مخاوف إقليمية في ظل غياب توافق يُنظم استخدام هذا المورد المشترك وفق القوانين الدولية والمحلية.

فكيف تسهم هذه التحديات في إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية؟ وما التداعيات البيئية والسياسية والاقتصادية على دول الحوض؟

(الجزيرة) أفغانستان ومشكلة نقص المياه

تعيش أفغانستان أزمة نقص مياه تكاد تُجسد مقولة الشاعر جلال الدين الرومي "الكوز مملوء ماء ونحن نلهث عطشى بشفاه جافة" وقول لبيد بن الأحوص "كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول".

إعلان

تلخص هذه الكلمات المفارقة المؤلمة في دولة تمتد على مساحة تزيد على 650 ألف كيلومتر مربع وتحتوي على 5 أحواض مائية رئيسية، لكنها تواجه تحديًا كبيرًا في تلبية احتياجات سكانها من المياه.

يعزو الخبراء هذه الأزمة إلى تدفق المياه من أفغانستان إلى الدول المجاورة من دون أن تتمكن البلاد من استيفاء حصتها العادلة، فوفقًا للمختص الأفغاني في دراسات المياه رياض درمل فإن أفغانستان لا تمتلك أي اتفاقيات لتقاسم المياه مع دول الجوار باستثناء إيران، مما يجعلها عرضة لخسائر كبيرة.

وإلى جانب ذلك، تعاني أفغانستان من آثار الفيضانات المستمرة لنهر آمو داريا الذي يُشكّل حدودًا طبيعية مع دول آسيا الوسطى. يوضح الأستاذ السابق بجامعة كابل نصر الله استانكزي أن "ضفة النهر في الجانب الأفغاني غير محصنة، ويؤدي ذلك إلى انجراف الأراضي خلال مواسم الفيضانات دون أن تتمكن البلاد من الاستفادة الفعلية من هذه المياه".

أفغانستان تعاني من آثار الفيضانات المستمرة لنهر آمو داريا مما يؤدي إلى انجراف الأراضي (الفرنسية) أهمية مياه آمو داريا تركمانستان

تُعدّ قناة قره قوم الشهيرة شريان الحياة لإمدادات المياه في تركمانستان، ويُعتبر نهر آمو داريا أكبر مورد للمياه لهذه القناة. وقد شُيّدت القناة لحل مشاكل الجفاف ونقص المياه في البلاد، وكانت أحد أكبر مشاريع التنمية الداخلية في الاتحاد السوفياتي السابق.

وتأخذ هذه القناة كمية هائلة من المياه من نهر آمو داريا وتتدفق من الشرق إلى الغرب، إذ يبلغ طولها 1300 كيلومتر، وتروي حوالي مليون هكتار من الأراضي الزراعية متضمنة حقول القطن.

وتُعدّ تركمانستان أكثر المناطق جفافًا في وسط آسيا، وبسيطرة أفغانستان على حصتها من مياه نهر آمو تتأثر الزراعة في تركمانستان.

يتدفق أيضا إلى تركمانستان نهر مرغاب وهو جزء من الحوض المائي الثالث في أفغانستان، وينضم إليه بالقرب من منطقة بالامرغاب الأفغانية نهر قيصار، ليقطع مسافة 960 كيلومترًا نحو صحراء قره قوم.

إعلان

يقول الباحث الأفغاني كريم بوبل "قامت تركمانستان وإيران ببناء سد آخر على نهر مرغاب، والذي يرغب كلا البلدين في استخدامه، ولكن كل هذه القنوات والسدود بنيت من دون إشراك أفغانستان أو حتى إخبارها أو استشارتها حول المشاريع المتعلقة بالمياه التي تعد أفغانستان شريكة أساسية فيها سواء في نهر آمو داريا أم نهر مرغاب".

سهل نهر آمو داريا على الحدود الدولية بين أوزبكستان وتركمانستان (شترستوك) أوزبكستان

يُعتبر نهر آمو داريا في أوزبكستان شريانًا حيويا يدعم قطاع الزراعة الذي يمثل أحد الأعمدة الرئيسية لاقتصاد البلاد، تتدفق مياه النهر لتغذي الأنشطة الزراعية في 6 مقاطعات رئيسية، حيث تستخدم بشكل مكثف لزراعة المحاصيل، مع التركيز على المنتجات الأساسية مثل القطن والحبوب.

ويشكل النهر مصدرًا رئيسيا لمياه الري، قبل أن ينهي رحلته في بحيرة آرال التي تعاني من جفاف وتقلص مستمر نتيجة الاستخدام الكثيف لمياه نهر آمو داريا.

ولتعزيز قدرتها على إدارة هذه الموارد الحيوية، أنشأت أوزبكستان سد توربالانج في جنوب مقاطعة سورخان داريا، والذي يُعدّ أحد أكبر مشاريعها المائية الإقليمية، كما دشنت البلاد عددًا من السدود والقنوات الأخرى لاستثمار مياه النهر.

طاجيكستان

تولي طاجيكستان أهمية كبيرة لمياه نهر آمو داريا، ليس فقط في الزراعة ولكن أيضًا في تطوير بنيتها التحتية للطاقة. وفي إطار سعيها لتعزيز قدراتها الإنتاجية وحل مشاكل الكهرباء المتكررة، تخطط البلاد لإنشاء 14 محطة طاقة جديدة على طول النهر، بقدرة إجمالية تصل إلى 4 آلاف ميغاواط.

ومن أبرز هذه المشاريع محطة "دشت جام" التي تُعتبر حجر الأساس في خطط طاجيكستان للطاقة الكهرومائية، ومن المتوقع أن تتمتع المحطة بقدرة إنتاجية ضخمة تبلغ حوالي 15.6 مليار كيلوواط/ساعة سنويا، لتصبح واحدة من أكبر مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة.

منظر بانورامي لحدود طاجيكستان وأفغانستان ويظهر نهر بانج وهو الجزء العلوي من نهر آمو داريا وجبال بامي (شترستوك) قناة قوش تيبه مشروع طموح أم تهديد؟

لطالما كانت أفغانستان عاجزة عن استغلال حصتها العادلة من مياه نهر آمو داريا، نتيجة لعقود من النزاعات والتحديات التنموية. ومع ذلك، تسعى حكومة طالبان حاليا إلى تغيير هذا الواقع عبر مشروع قناة قوش تيبه الذي طُرح أول مرة في ربيع عام 2022 وبدأ العمل فيه في مايو/أيار من العام نفسه.

إعلان

ومن المقرر أن يتم بناء هذه القناة بطول 285 كيلومترًا في شمال أفغانستان، وبعمق 8.5 أمتار ومتوسط عرض 100 متر، بهدف ري حوالي 550 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في ولايات بلخ وجوزجان وفارياب، مما يعزز الأمن الغذائي ويقلل الاعتماد على الواردات في بلد يعاني من الفقر وانعدام الاستقرار.

ويُقدر أن المشروع سيخلق ما يصل إلى 200 ألف فرصة عمل ويزيد الإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 30% في المناطق المستفيدة، ولذلك فإنه يُعد حجر الزاوية في مساعي التنمية الاقتصادية.

ولكن هذه الخطوة التي تُمثل ممارسة لحق طبيعي لأفغانستان تثير مخاوف حقيقية لدى دول المصب، إذ تعتمد أوزبكستان على 42% من تدفق مياه آمو داريا (حوالي 28 مليار متر مكعب) لدعم صناعة القطن التي تُعد من دعائم اقتصادها الوطني، في حين تستفيد تركمانستان من حوالي 35% (22 مليار متر مكعب) لري أراضيها الصحراوية وفقًا لاتفاقيات الحقبة السوفياتية. وبالمقارنة، فإن أفغانستان التي لم يُخصص لها تاريخيا حصة رسمية من مياه النهر تستخدم حاليا ما يقل عن 10% فقط (حوالي 6 مليارات متر مكعب).

ومن المتوقع أن يزيد مشروع قناة قوش تيبه هذه النسبة إلى 15-20%، وذلك يُسبب قلقًا متزايدًا لدى دول المصب بشأن احتمال تقليص حصصها.

ورغم أن مطالب أفغانستان تتماشى مع مبدأ "الاستخدام العادل والمعقول" المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 بشأن استخدام المجاري المائية الدولية، فإن تطبيق هذا المبدأ يظل معقدًا في ظل غياب توافق إقليمي أو آليات تنفيذ واضحة بين دول الحوض.

تداعيات بيئية واقتصادية

من الناحية البيئية، يثير مشروع قناة قوش تيبه مخاوف بشأن مصير بحيرة آرال، الذي تقلص إلى أقل من 10% من حجمه الأصلي بسبب الري المكثف، ويحذر علماء البيئة من أن تحويل المياه قد يقلل التدفق السنوي للنهر بما يصل إلى 10 مليارات متر مكعب، مما يعجل بزوال البحيرة ويزيد من التصحر وتلوث التربة بالملح في دلتا النهر.

إعلان

يفاقم التغير المناخي الوضع سوءا، إذ تتوقع تقارير الأمم المتحدة انخفاض تدفق الأنهار الجليدية في المنطقة بنسبة 30% بحلول 2050، مما يجعل كل قطرة مياه أكثر قيمة وحساسية.

ويقول موقع الإندبندنت "في حين تدافع حكومة طالبان عن مشروع قناة قوش تيبه باعتباره حجر الزاوية في تنمية أفغانستان، فإن القناة تشكل تحديات كبيرة للدول الواقعة في مجرى النهر والتي تعتمد على نهر أمو داريا، خاصة أوزبكستان وتركمانستان. وتشمل المخاوف نقص المياه المحتمل، والتدهور البيئي، وتصاعد التوترات الإقليمية".

أما اقتصاديا، فيمثل المشروع بارقة أمل لأفغانستان حيث يرفع الناتج الزراعي بما يعادل 200 مليون دولار سنويا في غضون 5 سنوات.

لكن على الجانب الآخر، تشير دراسة لوزارة الزراعة الأوزبكية إلى أن نقص المياه قد يكلف اقتصادها خسائر تصل إلى 300 مليون دولار سنويا، مع انخفاض محتمل في إنتاج القطن بنسبة 25%. وفي تركمانستان، قد يؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة الغذاء في المناطق الجنوبية، حيث يعتمد 70% من السكان على الزراعة.

حكومة أفغانستان تدافع عن مشروع قناة قوش تيبه في حين تشكل القناة تحديات كبيرة للدول الواقعة في مجرى النهر (شترستوك) توترات سياسية وتحديات التعاون

سياسيا، تكشف الأزمة عن غياب إطار إقليمي فعال لإدارة المياه يتماشى مع الأعراف الدولية. فالاتفاقيات السوفياتية القديمة -التي توزع 85% من مياه آمو داريا بين أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان- تستثني أفغانستان فعليا، وذلك يتعارض مع مبدأ "عدم إلحاق الضرر الجسيم" الوارد في اتفاقية 1997، والذي يلزم الدول بعدم حرمان جيرانها من الموارد المشتركة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حذرت أوزبكستان، التي طورت علاقات دبلوماسية مع طالبان منذ 2021، من "عواقب غير متوقعة" إذا لم تُدرج أفغانستان في حوار مائي، بينما تتجنب تركمانستان المواجهة العلنية رغم تقارير عن استياء داخلي.

إعلان

وفي حين تؤكد طالبان أنها تمارس حقها السيادي المدعوم بمبادئ القانون الدولي، لكن عزلتها، مع استمرار العقوبات وغياب الاعتراف الواسع، تحد من قدرتها على التفاوض أو جذب استثمارات كبرى.

وبينما تدعم اتفاقية 1997 حق أفغانستان في الاستخدام العادل، فإن غياب آليات تنفيذ ملزمة -خاصة أن أفغانستان ودول آسيا الوسطى لم توقع عليها جميعًا- يترك الأمر للقوة والتفاوض.

وعن البعد الحقوقي لتلك الاتفاقيات التي ليست كابل طرفا فيها، يقول الباحث في شؤون المياه فريد هيرمند إن "الدول الساحلية الثلاث الأخرى لنهر آمو (طاجيكستان، أوزبكستان وتركمانستان) قد وقعت في عام 1997 في غياب أفغانستان اتفاقا بشأن حق استخدامها لمياه نهر آمو ولكن بحسب مبادئ الاتفاقيات الدولية ولا يترتب عليه أي أثر قانوني أو عملي على حقوق أفغانستان أو حصتها من مياه نهر آمو".

وعن مقدار حصة أفغانستان، يقول فريد هيرمند "إن تحديد رقم قاطع غير ممكن، فمثل هذه الأرقام تكون دائما نسبية. ومع ذلك، فإن الحد الأدنى لحصة أفغانستان -نظرا لطول الساحل والمساحة الجغرافية الواسعة الواقعة على ضفة نهر آمو- يجب أن لا يقل عن 35%".

ولا تخفي دول آسيا الوسطى قلقها من حفر فناة قوش تيبه، فقد عقد رؤساء طاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان اجتماعا طارئا لبحث عواقب بناء قناة قوش تيبه في أفغانستان في أغسطس/آب 2022 في العاصمة التركمانية عشق آباد، وجاء في البيان الختامي للاجتماع أن الموضوع الرئيسي للمناقشة هو قلق الدول الثلاث بشأن الوضع المائي في المستقبل القريب.

ورغم أن البيان لا يذكر أفغانستان على وجه التحديد، فإن محتواه يعكس القلق العميق لدى البلدان الثلاثة بشأن بناء قناة قوش تيبه وتقليص مياه نهر آمو داريا.

كذلك أشار البيان إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من تحسين آليات التفاعل المتعدد الأطراف لضمان الاستجابة الفعالة للقضايا الجديدة، ومنها تلك المتعلقة بتغير المناخ والزيادة المحتملة في الضغط على الموارد المائية لنهر آمو داريا".

رئيس تركمانستان سردار بردي محمدوف (يسار) ونظيره الأوزبكي شوكت ميرضيائيف (الأناضول) آفاق المستقبل.. تعاون أم صراع؟

كانت شركة التنمية لوطنية الأفغانية قد أعلنت في ديسمبر/كانون الأول 2024 عن تقدم العمل في بناء قناة قوش تيبه بنسبة 81% في المرحلة الثانية، وذكرت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية في تقرير لها أن انتهاء العمل في هذا المشروع قد يؤدي إلى توترات إقليمية بشأن استخدام مياه نهر آمو.

إعلان

وأشارت الصحيفة إلى أن تقدم العمل في قناة قوش‌ تيبه سيؤدي إلى تقليل كمية المياه المتدفقة في نهر آمو، وهذا سيعود بالنفع الكبير على المزارعين في أفغانستان، ولكنه سيلحق ضررًا بصناعة القطن في أوزبكستان.

ومن جانبه، صرّح المتحدث باسم حكومة تصريف الأعمال الأفغانية ذبيح الله مجاهد بأن "استخدام مياه نهر آمو في قناة قوش‌ تيبه هو حق لأفغانستان، وأن الإمارة الإسلامية ليست بحاجة لأخذ مياه من دول أخرى".

ويضيف مجاهد "علاقاتنا مع أوزبكستان ودية وجيدة جدا، ونعتقد أنهم يدعمون إعمار أفغانستان ووقوفها على قدميها، ويتعاونون معنا في هذا المجال".

في الوقت ذاته، يقول عدد من الخبراء إن أفغانستان بسبب الحروب المستمرة لم تتمكن من الاستفادة من مياه نهر آمو ويحق لها استخدام هذه المياه في قناة قوش‌ تيبه.

وفي هذا السياق، يقول الرئيس السابق لهيئة المياه في أفغانستان حميد الله يلاني "نأمل أن تحترم الدولة الصديقة أوزبكستان هذا الحق لجارتها، ولا أعتقد أبدًا أن تنفيذ هذا المشروع سيتسبب يومًا في نزاع أو مواجهة بين أوزبكستان وأفغانستان".

أما الخبير في شؤون المياه نجيب الله سديد فيقول "إذا افترضنا أن قناة قوش‌ تيبه ستكتمل، وستستفيد أفغانستان من مياه نهر آمو، فإن ذلك سيشمل ما بين 8 إلى 10% فقط من المياه المتدفقة في النهر".

ويرى المراقبون أنه مع اقتراب اكتمال قوش تيبه في أوائل 2026، حسب الجدول الزمني المعلن، تقف المنطقة أمام سيناريوهات متعددة أبرزها الحوار والتعاون الإقليمي لحل مشكلة تقسيم المياه بين أفغانستان وتركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان، وإذا فشل فسيكون التوتر بين أفغانستان ودول الجوار في آسيا الوسطى هو السيناريو الأكثر احتمالا".

وفي ظل ما يحدث، يترقب العالم كيف ستتعامل المنطقة مع هذا التحدي الذي يربط بين الأمن المائي والاستقرار السياسي والمستقبل البيئي لآسيا الوسطى.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی أفغانستان آسیا الوسطى نقص المیاه المیاه فی متر مکعب العمل فی فی حین التی ت الذی ی

إقرأ أيضاً:

تقرير: العاصمة الأفغانية معرضة لشح كامل بالمياه

قالت منظمة غير حكومية إن سكان العاصمة الأفغانية البالغ عددهم نحو 7 ملايين نسمة يواجهون أزمة مياه وجودية يحتاج العالم إلى معالجتها بشكل عاجل، في حين حذر خبراء من أن كابل قد تصبح أول مدينة حديثة تفقد المياه بالكامل في غضون سنوات قليلة.

وحسب التقرير الصادر عن منظمة "ميرسي كورب" غير الحكومية، انخفضت مستويات المياه داخل طبقات المياه الجوفية في كابل بما يصل إلى 30 مترا على مدى العقد الماضي بسبب التوسع الحضري السريع والتغير المناخي.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4المياه والأنهار الجليدية هواجس أممية متجددةlist 2 of 4أفغانستان ترغب في تقارب مع مجموعة بريكسlist 3 of 4تحت حكم طالبان اقتصاد أفغانستان يعاود النموlist 4 of 4الصناعة في أفغانستان على حافة الانهيار مع العقوبات وتقطع الكهرباءend of list

وأكد التقرير أن أزمة المياه في كابل تقترب من نقطة تحول حرجة، إذ يتجاوز استخراج المياه الجوفية بشكل كبير التغذية الطبيعية، ونحو نصف آبار المدينة التي تعد المصدر الرئيسي لمياه الشرب لسكان كابل قد جفت بالفعل.

ومن دون استثمار عاجل ومنسق، تُخاطر كابل بأن تصبح أول عاصمة حديثة تُعاني من الجفاف، حسب التقرير.

ويتجاوز استخراج المياه حاليا معدل التغذية الطبيعية بمقدار 44 مليون متر مكعب سنويا. وإذا استمرت هذه الاتجاهات، فإن جميع طبقات المياه الجوفية في كابل سوف تجف بحلول عام 2030، مما يشكل تهديدا وجوديا لسكان المدينة البالغ عددهم 7 ملايين نسمة.

وقال داين كاري مدير منظمة "ميرسي كوربس" في أفغانستان: "يجب بذل جهود حثيثة لتوثيق هذه الأزمة بشكل أفضل، ولجذب انتباه المجتمع الدولي إلى ضرورة معالجتها".

إعلان

وأضاف أن "انقطاع المياه يعني هجرة الناس من مجتمعاتهم، ومن ثم فإن تقصير المجتمع الدولي في تلبية احتياجات أفغانستان من المياه لن يؤدي إلا إلى مزيد من الهجرة ومزيد من المعاناة للشعب الأفغاني".

ويُعد خط أنابيب نهر بنجشير أحد المشاريع التي، في حال اكتماله، من شأنه أن يُخفّف من اعتماد المدينة المفرط على المياه الجوفية، ويُزوّد مليوني نسمة بمياه الشرب.

وقد اكتملت مراحل تصميم هذا المشروع أواخر عام 2024، وهي تنتظر موافقة الميزانية، حيث تسعى الحكومة إلى استقطاب مستثمرين إضافيين لتكملة تكلفته البالغة 170 مليون دولار.

بعض الأسر في كابل تنفق ما يصل إلى 30% من دخلها على المياه (أسوشيتد برس) غياب الحوكمة والتمويل

ويلقي التقرير الضوء أيضا على تلوث المياه كتحدٍّ واسع الانتشار، فنحو 80% من المياه الجوفية في كابل تعد غير آمنة، مع ارتفاع مستويات مياه الصرف الصحي والملوحة والزرنيخ.

كذلك أصبح الحصول على المياه معاناة يومية لسكان كابل، إذ تنفق بعض الأسر ما يصل إلى 30% من دخلها على المياه، وأكثر من ثلثيها مثقلون بديون متعلقة بالمياه.

وتستغل بعض الشركات الخاصة الأزمة من خلال حفر آبار جديدة واستخراج كميات كبيرة من المياه الجوفية العامة، ثم بيعها مرة أخرى لسكان المدينة بأسعار مبالغ فيها.

وقالت نظيفة، وهي مُعلّمة تعيش في حي خير خانة بكابل، لصحيفة غارديان البريطانية: "كنا ندفع 500 أفغاني (حوالي 7 دولارات) كل 10 أيام لملء عبواتنا من صهاريج المياه. الآن، تُكلفنا الكمية نفسها من المياه ألف أفغاني (14 دولارا)"، مشيرة إلى أن الوضع يزداد سوءًا، وقد ترتفع التكلفة أكثر.

وأدى نمو سكان كابل 7 أضعاف، من أقل من مليون نسمة عام 2001، إلى تغيير جذري في الطلب على المياه. كذلك أدى غياب الحوكمة والتنظيم المركزيين إلى استمرار المشكلة على مدى عقود.

إعلان

وفي أوائل عام 2025، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن شركاءه لم يتلقوا سوى 8.4 ملايين دولار من أصل 264 مليون دولار مطلوبة لتنفيذ برامج المياه والصرف الصحي المخطط لها في أفغانستان.

وقد جُمّد مبلغ إضافي قدره 3 مليارات دولار من التمويل الدولي للمياه والصرف الصحي منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في أغسطس/آب 2021. ومما فاقم الأزمة الخطوة الأميركية الأخيرة بخفض أكثر من 80% من تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID).

ونبه كاري إلى أن "كل شيء يعتمد على المساعدات. يمكننا إنفاق ملايين الدولارات على حلول مؤقتة لمشكلة المياه ونقول إننا عالجنا الحاجة، لكن هذه الحاجة ستستمر حتى يتوفر استثمار أفضل لحلول طويلة الأمد. وهنا يكمن القصور في موقف الحكومات الأجنبية بسبب الديناميكيات السياسية".

مقالات مشابهة

  • هدف عالمي لعمر السومة ضد أفغانستان .. فيديو
  • مياه الشرب بالجيزة: توصيل المياه لـ "30" أسرة بالصف
  • الأمن الفدرالي الروسي: التنظيمات الإرهابية تجنّد منتسبيها في آسيا الوسطى للقتال في قوات كييف
  • مياه العراق، وقناني المياه المُعبأة، ودول الجوار
  • الرجال في قبضة الخوف: حين يصبح البيت فرعاً لشرطة طالبان
  • رونالدينيو يخطف الأنظار بمهاراته أمام حارس ميسي ويشعل منصات التواصل الاجتماعي .. فيديو
  • تقرير: العاصمة الأفغانية معرضة لشح كامل بالمياه
  • الصناعة في أفغانستان على حافة الانهيار مع العقوبات وتقطع الكهرباء
  • مياه القناة تبدأ تركيب مآخذ نموذجية وتطهير المحطات لضمان جودة المياه
  • تسرب مياه في شبكة إطفاء رأس المنقار.. شركة البريقة تواصل جهود الإصلاح المكثفة