اليوم اللوجستي العالمي
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
عُمان شريك استراتيجي في مستقبل النقل والتجارة الدولية
د. منصور القاسمي **
في الثامن والعشرين من يونيو من كل عام، تتوجه أنظار العالم نحو قطاع يُعد العمود الفقري لحركة الاقتصاد العالمي، حيث تحتفل الدول بـ "اليوم اللوجستي العالمي"، مناسبة تهدف إلى تسليط الضوء على الأهمية المتزايدة للخدمات اللوجستية في دعم الاقتصادات الوطنية وتعزيز التجارة عبر الحدود.
وتأتي هذه المناسبة هذا العام في ظل ديناميكية لوجستية متصاعدة تشهدها سلطنة عُمان، والتي عززت حضورها في المشهد العالمي، من خلال رؤى استراتيجية وتعاون دولي متنامٍ. فقد شهدت الزيارة الرسمية التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى مملكة هولندا، نقلة نوعية في الشراكة الاقتصادية العُمانية الهولندية، لاسيما في القطاعين البحري واللوجستي، مدفوعة برؤية مشتركة تدرك أهمية الإرث البحري العريق الذي يجمع البلدين، والموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به كل من السلطنة ومملكة هولندا على خارطة النقل العالمي.
المباحثات الرسمية تطرقت إلى تعزيز التكامل بين الموانئ الرائدة في كلا البلدين (صحار وصلالة وروتردام وأمستردام) مع التركيز على مشاريع مبتكرة في مجال البناء البحري، وتسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة. كما أكد الجانبان التزامهما المشترك بتسريع التحول في الطاقة، خاصة في مجالات الحياد الكربوني والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، إلى جانب تعزيز التعاون في إدارة المياه، مستفيدين من خبرات ثرية ومتبادلة في تطوير حلول بيئية مستدامة. وفي هذا السياق، يبرز القطاع اللوجستي بوصفه أحد الركائز الأساسية لأي اقتصاد حديث؛ حيث يسهم في خفض تكاليف النقل، تعزيز الكفاءة التشغيلية، وضمان استقرار سلاسل الإمداد، ما يجعله أكثر من مجرد قطاع خدمات؛ بل عنصرًا استراتيجيًا في هيكلة الاقتصاد العالمي، وضمان الأمن الغذائي والتجاري.
ولعل أبلغ دليل على تنامي الوعي العُماني بأهمية هذا القطاع، هو تنظيم أول احتفال رسمي بـ"اليوم اللوجستي العالمي" في 30 أبريل من العام المنصرم، بالتزامن مع انطلاق النسخة الثانية من مؤتمر عُمان للموانئ؛ حيث شهدت الفعالية جلسات نقاش ثرية تناولت مؤشرات الأداء والتنافسية، بالإضافة إلى الإعلان عن عدد من المبادرات الوطنية الطموحة، مثل إطلاق المرحلة الثالثة من "عيادات جلب الاستثمار"، وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز كفاءة النقل العام، فضلًا عن رفع الوعي المجتمعي بأهمية هذا القطاع الحيوي.
في ظل هذه التحولات، يؤكد "اليوم اللوجستي العالمي" على أهمية تكامل الجهود بين القطاعين العام والخاص لبناء منظومة لوجستية ذكية، مرنة، ومستدامة. منظومة قادرة على التكيّف مع المتغيرات العالمية، وداعمة لطموحات الدول نحو تنمية اقتصادية شاملة.
سيتم التركيز باليوم اللوجستي هذا العام بتحفيز الابتكار في القطاع، وتبني التقنيات الحديثة كـ الذكاء الاصطناعي، الأتمتة، وأنظمة التتبع الذكية، والتي أصبحت اليوم من أبرز أدوات تعزيز الكفاءة والتنافسية في سلسلة الإمداد. وانطلاقًا من هذه الرؤية، تبرز سلطنة عُمان كنموذج رائد لدولة عصرية تتقدم بثبات نحو ترسيخ موقعها كمركز لوجستي محوري على المستويين الإقليمي والدولي، معززة قدرتها على جذب الاستثمارات، وجسر إستراتيجي يربط الشرق بالغرب، لتواصل السلطنة رسم ملامح مستقبلها من خلال خطط مدروسة واستراتيجيات تقوم على الابتكار والاستدامة كمحركين أساسيين للنمو والتطور.
** أكاديمي في علم اللوجستيات وسلاسل التوريد
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
شركة نقل المسافرين: 700 مركبة خارج الخدمة.. عقود بلا تنفيذ ومظلات بلا ركاب.. أين ذهبت الأموال؟
16 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: كشفت هيئة النزاهة، الإثنين، عن 165 حافلة تعمل من أصل 313 في شركة نقل المسافرين والوفود بخسائر 42 مليار دينار.
وأشارت الهيئة في بيان إلى أنَّ “فريقاً مُؤلّفاً من دائرة الوقاية أجرى زيارةً إلى الشركة العامة لنقل المسافرين والوفود ، وهي من ضمن شركات التمويل الذاتيّ، تُعَدُّ من الشركات الخاسرة، إذ بلغت خسائرها في العامين 2023 و 2024 (19,762,293,399) تسعة عشر مليار دينارٍ، مُوضحةً أنَّ الشركة لم تتلقَ أيَّة منحةٍ أو قرضٍ من وزارة النقل منذ العام 2015، وتقوم بدفع رواتب المُوظَّفين من مواردها الذاتيَّة، كما أنَّ إيراداتها سجَّلت انخفاضاً ملحوظاً منذ العام 2020، بعد دخول (4) شركات نقلٍ في عقودٍ مع سلطة الطيران المدنيّ ومُنافستها في مُمارسة نشاطها داخل مطار بغداد، إذ يبلغ عدد عجلات الشركة العاملة حالياً داخل المطار (150) عجلةً فقط من أصل (515) تمتلكها الشركة”.
التقرير الذي، أُرْسِلَت نسخةٌ منه إلى الأمانة العامَّة لمجلس الوزراء ووزارتي النقل والداخليَّة وأمانة بغداد، أوصت الهيئة فيه “بتفعيل وإعادة تشغيل أكبر عددٍ مُمكنٍ من الحافلات وإصلاح العاطلة منها وإجراء الإدامة الدوريَّة لها؛ للنهوض بواقع حال الشركة وزيادة إيراداتها، مُبيّـنةً شطب (386) حافلة وتهيئة (287) أخرى للشطب؛ لعدم وجود جدوى اقتصاديَّةٍ من صيانتها؛ بسبب كثرة عطلاتها وانتهاء عمرها الافتراضيّ، لافتةً إلى وجود عددٍ كبيرٍ من العجلات المُستهلكة”.
ولفت إلى أن “التقرير تحدَّث عن مبلغ الاندثار بالآليات والمعدات في العامين 2023 و 2024، إذ وصل إلى (22,278,801,771) مليار دينارٍ، بعد الكشف عن أنَّ (165) حافلة “طابق واحد” تعمل في بغداد والمُحافظات من أصل (313) حافلةً تمَّ التعاقد لشرائها في العام 2014 مع الأدوات الاحتياطيَّة، بمبلغٍ إجماليٍّ (38,968,500) مليون دولارٍ، كما تعاقدت الشركة على تنفيذ مرآب مُتعدّد الطوابق ومقرّ للشركة بـ(23,110,736,500) ثلاثة وثلاثين مليار دينارٍ، وفي نيَّـتها إحالته إلى الاستثمار ليكون جامعة أهليَّـة”.
وحثَّ الشركة على “تذليل التحدّيات والمُعوّقات ووضع خططٍ حديثةٍ ومُتطوّرةٍ؛ لتحديث الحافلات بما يواكب دول العالم وتفعيل نشاط النقل بأسعارٍ تنافسيَّةٍ؛ بما يسهم في رفد الخزينة العامَّة والنهوض بعمل الشركة، بعد أن لاحظ عدم تجديد أسطول حافلات الهيئة، الأمر الذي أدَّى إلى عزوف الهيئة العليا للحجّ والعمرة وشركات السياحة على التعاقد معها، إذ إنَّ أحدث حافلة سياحيَّـة لدى الشركة موديل 2012، وتطرَّق إلى توقُّف (700) حافلة وسيَّـارة عن العمل؛ بسبب عدم وجود سوَّاق وقلة فنيي الصيانة، بعد إحالة العديد على التقاعد وعدم تعيين بدائل؛ نتيجة حذف الدرجات الوظيفيَّـة الناتجة عن حركة الملاك”.
وبين أن “التقرير تناول عقود التشغيل المُشتركة التي لم تُنفَّذْ بصورةٍ صحيحةٍ، مثل عقد مُشاركة تاكسي البصرة للعمل داخل المدينة بشكلٍ غير حصريٍّ، ومن المطار وإليه بشكلٍ حصريّ، وعقد تشغيل مشتركٍ تاكسي حجوزاتٍ، فضلاً عن عقد تجهيز ونصب مظلات لمحطات استراحة وانتظار الركاب، لافتاً إلى أنَّ عدم تنفيذ تلك العقود يعود لأسبابٍ، منها وجود نزاعاتٍ قضائيَّةٍ غير محسومةٍ وإعادة دراسة الجدوى الاقتصاديَّة وانخفاض الإيرادات، وعدم إكمال استحصال المُوافقات للأماكن المُحدّدة للاستراحة والانتظار”.
وأكَّد “انخفاض عدد المسافرين الفعليّ في قسم نقل الوفود في مطار بغداد الدولي خلال العام 2024 الذي بلغ (300,000) مسافرٍ على متن حافلات الشركة عن المُخطَّط والمُقدّر بـ(600,000) مسافر، وعدد السيّارات المُشغّلة فعلاً، بعد أن أثَّر دخول (6) شركاتٍ تابعةٍ للقطاع الخاصّ للعمل في المطار، وفتح مشروع التاكسي الوطنيّ من قبل الشركة العامَّة لإدارة النقل الخاصّ”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts