عربي21:
2025-07-31@04:24:22 GMT

إسرائيل: من كامب ديفيد إلى وإنا فوقهم قاهرون (2-2)

تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT

أمريكا هي كلمة السر

أمام هذا المشهد المؤذي المؤلم لكل عربي ومسلم حرّ، قد نستدعي فكرة الدور الأمريكي، وأنه كلمة السر، وأن إسرائيل مجرد أداة تنفيذية، والأدلة كثيرة، ومنها ما كان بُعيد التصريحات الإسرائيلية المعادية لتركيا ودورها في سوريا، كيف أن ترامب كبح جماح نتنياهو ورسم له حدود التعامل مع الأتراك، وانصاع الأخير إلى رغبات ترامب، وقد نرى في قادم الأيام والأسابيع شكلا مختلفا لإدارة الملف بين إسرائيل وتركيا.



هذا صحيح، بل حتى وقف إطلاق النار الذي انقلبت عليه إسرائيل، أشرفت عليه الولايات المتحدة، وهي التي تقرر موعد وقف الحرب في حقيقة الحال.

ومع ذلك، فإن إسرائيل هي ذراع أو موظف له "طبيعة خاصة" في المؤسسة الأمريكية؛ فهي تشبه ذلك النوع الذي نعرفه من الموظفين النشطين في مؤسسة ما، الذي يمتاز بالمبادرة والنشاط، والحركة المستمرة، لخدمة مصالحه الشخصية، وتقديم خدمات وإنجازات لإدارة المؤسسة أو الشركة. وتعطيه إدارة الشركة صلاحيات ونفوذ يتقن استخدامه، ولا تتخذ ضده أي إجراء عقابي في حال ارتكب خطأ ما، بل تتغاضى عن أخطائه حتى لو كررها!

استحضار العامل الأمريكي، وهو فاعل ومركزي بلا ريب، لا يغير في حقيقة الصورة في المنطقة، لا سيما أنه لا يوجد أي نوع من الكوابح مقابل صلف وغطرسة واستكبار إسرائيل، فما الذي يمنعها من استحضار "النموذج الفرعوني" وسعيها للهيمنة المطلقة على المنطقة؟
هكذا يبدو المشهد، مع أن ترامب يحرص دوما على تذكير نتنياهو والعالم أنه "المدير" وصاحب القرار، ولكنه يعطيه ما لا يعطي أحدا من الدعم السخي (مع أن ترامب يوصف بالبخل والشح).

ولذا، فإن استحضار العامل الأمريكي، وهو فاعل ومركزي بلا ريب، لا يغير في حقيقة الصورة في المنطقة، لا سيما أنه لا يوجد أي نوع من الكوابح مقابل صلف وغطرسة واستكبار إسرائيل، فما الذي يمنعها من استحضار "النموذج الفرعوني" وسعيها للهيمنة المطلقة على المنطقة؟

الليكود العربي!

كنت ومجايليّ من الرافضين لما كان يسمى "عملية السلام في الشرق الأوسط" نحذّر من الوقوع في فخ التصريحات والكلام المعسول من شمعون بيريز أو يوسي بيلين، وأن الأفاعي ناعمة الملمس ولكن في أنيابها العطب، وأنه لا يوجد "معسكر سلام" في إسرائيل كما يروّج بعض العرب اللاهثين خلف التطبيع. ولا أنكر أنه راودتنا رغبة أن يصعد اليمين إلى سدة الحكم في إسرائيل، كي يرى العرب وجهها الحقيقي بعيدا عن مساحيق التجميل التي يضعها حزب العمل وحلفائه.

وقد جاءتنا الصدمة الأولى، إبان تولي شارون مقاليد الحكم وما اقترن بتلك الفترة من تصعيد وعدوان، فقد بقي الحال العربي على هوانه وعجزه وخطابه الاستجدائي تجاه الكيان. وحين تولت أكثر الحكومات تطرفا ويمينية وعنصرية قيادة المؤسسة الإسرائيلية، صعقنا بخطاب وتوجهات عربية، لم نشاهدها حتى أيام رابين وبيريز.

فإذا كانت إسرائيل تعتبر حماس وسائر حركات المقاومة الفلسطينية أذرعا إيرانية، وأن المشكلة هي "محور إيران" لا الاحتلال المتواصل منذ عقود، بناء على عدم اعترافها بوجود الشعب الفلسطيني في مخيالها السياسي، وسلوكها وخططها، وصولا إلى ما قاله غالانت عن أهل غزة بأنهم "حيوانات بشرية"، فإن هذا متوقع من عدو نهجه الاقتلاع والإحلال والسطو والعدوان والعنصرية المتأصلة، أما أن يتبنى عرب من طبقات سياسية وثقافية ودينية هذه الرؤية فتلك من عجائب الكون؛ فنحن نرى هذا الخطاب طافيا على السطح بكل وقاحة، ويرى أن علاقة حماس مع إيران تستدعي عدم الشفقة لما يجري في غزة، باعتبار إيران عدوا مشتركا للعرب وإسرائيل، وأي حليف عربي لإيران هو بالتالي عدو للعرب.

ولست بصدد الدخول في نقاش حول العدو الأخطر، بافتراض اعتبار إيران عدوّا، بقدر الجهل أو التجهيل بأن اغتصاب فلسطين كان في 1948 والثورة الإيرانية كانت في 1979.

يرافق ذلك التباكي على الشعب السوري ودور إيران في دعم النظام، ومع أن حماس توترت علاقتها بإيران بسبب رفضها لهذا الموقف، وخرجت من سوريا وخسرت لفترة كثيرا من الدعم الإيراني، ولكن أولئك القوم يواصلون اتهاماتهم التي تتوسل تبرير الخنوع والعجز بل احتضان الرواية الإسرائيلية، ويتناسون أن النظام العربي الرسمي قبل أسابيع من سقوط نظام الأسد كان قد قطع خطوات لإعادة تأهيله من جديد!

هذا إضافة إلى استدعاء تهييجي للخلاف السني- الشيعي بطريقة مقززة مستفزة، واتهام حماس بأنها حركة "شيعية"! وصولا إلى اعتبار "طوفان الأقصى" سببا لا نتيجة للاحتلال والاستيطان والتهويد، وتحميل حماس مسئولية المقتلة في غزة، وتبرئة مبطنة بل صريحة لإسرائيل.

وقبل عقدين ما كنت أحسب أنني سأكتب توضيحا لما يفترض أنه بديهي لا نقاش فيه، بل اضطررنا بسبب بعض هؤلاء إلى تقديم الأدلة على أن المسجد الأقصى المذكور في مطلع سورة الإسراء الكريمة مكانه مدينة القدس في فلسطين، وليس في مكان آخر كما تجرأ بعضهم على القول!

طبيعة قوانين الحياة والكون ترفض هذه المعادلة، ولا يمكن لإسرائيل الاستمرار وفق هذه العقلية الاستعلائية في المنطقة، وهي أصلا جسم غريب زرع فيها عنوة نتاج ظروف وحروب كونية وعوامل لا مجال لشرحها
هناك نشطاء يسمون هذا التيار، وهو ليس منفصلا عن منظومة رسمية، بـ"الليكود العربي"، وإذا كنت أستوعب وجود "حزب العمل أو المعراخ أو ميرتس" عربيا في يوم ما، فإن وجود "ليكود" في المجال العربي، ربما كان أشبه بخرافات أو حالة تشاؤمية لا داعي لها قبل سنوات ولكن هذا هو الحال.

وإن الليكود العربي هو أحد أهم أسباب الحالة التي وصل إليها العلو والاستكبار الإسرائيلي الذي نراه، وهو ما زاد إسرائيل جرأة واندفاعا نحو تطبيق خططها وممارسة هواياتها المريضة بقتل الأطفال والنساء وهدم المباني والمنشآت وقصف المشافي والعيادات. فالليكود العربي حقيقة لا يقل خطرا عن الليكود الإسرائيلي، بل هو أخطر من حصان طروادة في المجال العربي.

وضع إسرائيلي يتعارض مع الطموح المجنون

ومع كل السوداوية الظاهرة فيما نرى، فإن إسرائيل في وضع داخلي لا يتلاءم مع طموحها المجنون لصهينة المنطقة، ونتنياهو الذي يبدو مطبقا لأفكار جابوتنسكي لا يحكم الجيل الطليعي من المستوطنين الصهاينة حاليا.

وتعاني إسرائيل من خلافات وانقسامات، ومشكلة في التجنيد، وجدلا حول مؤسسات القضاء، وتكاد تتحول إلى دولة أشبه بالدول الحاكمة في المنظومة العالمثالثية. بل هناك جيل إسرائيلي ولد وترعرع وجيل كبر واكتهل، لا يعرف سوى نتنياهو رئيسا للوزراء، وهو يسعى بكل قوة إلى الهيمنة على كل المؤسسات الإسرائيلية، التي بنيت بمحاكاة لنظيراتها في الغرب، بمعيار مهني صارم، وتداول منضبط سلس للقادة والمسئولين.

ولا يمكن لبضعة ملايين مستوطن يهودي إسرائيلي استعباد 400 مليون عربي وحوالي 200 مليون إيراني وتركي، حتى مع الدعم الأمريكي المطلق، ووجود الليكود العربي. فطبيعة قوانين الحياة والكون ترفض هذه المعادلة، ولا يمكن لإسرائيل الاستمرار وفق هذه العقلية الاستعلائية في المنطقة، وهي أصلا جسم غريب زرع فيها عنوة نتاج ظروف وحروب كونية وعوامل لا مجال لشرحها.

لا أقول هذا من باب التفاؤل في وضع حرج؛ ولكن من التأمل في قوانين الكون والتاريخ، وقد ثبت في تاريخ الأمة منذ عهد النبوة حتى الآن أن أي "صائل" لن يتمكن من الأمة ويخرج له من يدفعه ويجعله أثرا بعد عين.. والأيام بيننا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء عربي إسرائيل نتنياهو التطبيع الفلسطينية إسرائيل فلسطين نتنياهو تطبيع عرب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

ميدفيديف مخاطبا ترامب: لسنا إسرائيل ولا إيران والإنذارات خطوة نحو حرب بيننا

وجّه الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف انتقادا شديدا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعدما هدد الأخير بتعجيل الموعد النهائي الذي منحه لروسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا.

وقال ميدفيديف "كل إنذار نهائي جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع بلاده (أميركا)"، وأضاف في منشور على منصة إكس أن "روسيا ليست إسرائيل أو حتى إيران"، في إشارة إلى الحرب القصيرة التي اندلعت بين البلدين الشهر الماضي، التي شنت خلالها الولايات المتحدة ضربات على إيران لدعم إسرائيل.

وميدفيديف، الذي كان رئيسا لروسيا بين عامي 2008 و2012، لا يزال لديه تأثير كبير في موسكو، حيث يشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي.

وجاءت تصريحاته ردا على تصعيد ترامب لهجته ضد روسيا في ظل عدم إحراز تقدم لوقف الحرب في أوكرانيا.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية قاسية على شركاء روسيا التجاريين إذا لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار خلال 50 يوما، وأعطى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهلة نهائية حتى الثاني من سبتمبر/أيلول المقبل.

ولكن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أمس الاثنين، قال ترامب إنه "سيقلل الـ50 يوما التي حددها إلى عدد أقل من الأيام"، قائلا إن هذا يمكن أن يكون "10 أيام أو 12 يوما".

وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه يشعر "بخيبة أمل كبيرة" من بوتين بسبب مواصلة ضرب روسيا أهدافا مدنية في أوكرانيا، ولفت إلى أنه ليس مهتما بالحديث مع بوتين، وأضاف "شعرتُ حقا أن الأمر سينتهي. لكن في كل مرة أظن فيها أنه سينتهي، يقتل مزيدا من الناس.. لم أعد مهتما بالتحدث معه".

مقالات مشابهة

  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • ترامب يُمهل بوتين 12 يومًا لإنهاء الحرب .. فهل ترد روسيا العظمى بقصف واشنطن؟ مدفيديف: لسنا (إسرائيل أو إيران)
  • ساكاليان لـ سانا: زيارة فريق اللجنة الذي ضم مختصين من مجالات متعددة لمحافظة السويداء شكلت فرصة لفهم الوضع بشكل أفضل وتوسيع نطاق الاستجابة لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً، وذلك بالتعاون الوثيق مع الهلال الأحمر العربي السوري
  • مي سليم تنعى لطفي لبيب: إنا لله وإنا إليه راجعون
  • ميدفيديف يرد على”مهلة ترامب”: لسنا إيران أو إسرائيل
  • ميدفيديف مخاطبا ترامب: لسنا إسرائيل ولا إيران والإنذارات خطوة نحو حرب بيننا
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران والإنذارات خطوة نحو الحرب
  • برشلونة يعيد روجر مارتينيز إلى كامب نو.. تدعيم مستقبلي لفريق الشباب
  • وزير دفاع إسرائيل: نستعد لمفاجأة إيران مرة أخرى في المستقبل
  • سي إن إن:الولايات المتحدة استنفدت نحو ربع مخزونها من صواريخ ثاد خلال حرب إسرائيل مع إيران