استضاف القصر الرئاسي بالعاصمة الصربية بلجراد، مساء أمس، قداسة البابا تواضروس الثاني، في إطار لقاء نظمته إدارة التعاون مع الكنائس والمجتمعات الدينية في صربيا بمناسبة زيارة قداسة البابا تواضروس الثاني لصربيا. حيث ألقى قداسته محاضرة بعنوان "جسور المحبة".

متحدون في نفس المشاعر 

حضر اللقاء رئيس وزراء الصربي السيد جورو ماتشوفيتش، وغبطة البطريرك بورفيريوس بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الصربية،  والدكتور فلاديمير روجانوفيتش، المدير العام لإدارة التعاون مع الكنائس والمجتمعات الدينية في صربيا، ووزراء العدل، والتجارة، والتكامل الأوروبي.


كما حضر اللقاء السفير باسل صلاح، سفير مصر في صربيا، والقاصد الرسولي سانتو روكو جانجيمي، سفير الفاتيكان في بلجراد، وعدد من كبار المسؤولين الصرب وسفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين، ورجال الدين، والمثقفين، والأكاديميين، والشخصيات العامة.

بدأ اللقاء بعزف السلام الوطني لجمهوريتي صربيا مصر ثم ألقى الدكتور فلاديمير روجانوفيتش كلمة عبر فيها عن سعادته الغامرة باستضافة قداسة البابا تواضروس الثاني، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة تمثل لحظة تاريخية في تعزيز العلاقات الروحية والثقافية بين صربيا ومصر، وبين الكنيسة الصربية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أقدم كنائس الشرق. 

واضاف : "أعتقد أننا الليلة متحدون في نفس المشاعر، في ثراء وتنوع عرقنا وطائفتنا. إنه شعور بالفخر الذي ينشأ، مجازيًا، من ضفتي النهر، مثل الأقواس الحجرية لجسر دائم. أحد هذه الأقواس يتجلى في محاضرة قداسةالبابا، والتي ننتظرها بشوق، بعنوان ”جسور المحبة“ أما القوس الثاني، فينبع من عمق الروح الصربية كما قال شاعرنا الكبير نيجوش: “الأمة كلها تأتي من الروح”

واستكمل: "نحن هنا لنعلي من قيمة الجسور، تلك التي توحد الشعوب وتربط القلوب، والتي تشكل إحدى أنبل مهام الكنائس والجماعات الدينية: بناء الجسور بين السماء والأرض، بين الإنسان وأخيه، بين الحاضر والمستقبل" 
واستعار مقولة الأديب الصربي إيڤو أندريتش الحائز على جائزة نوبل: "من بين كل ما يبنيه الإنسان، لا شيء أنبل من الجسر فهو يربط، لا يفرق؛ يخدم الجميع، ولا يخص أحدًا؛ يعبر فوق المياه، كما تعبر المحبة فوق الخلافات".

وأضاف: "في عالم يتخبط بين الأزمات، وتزداد فيه الانقسامات، لا نملك ترف التراجع. نحن بحاجة إلى أصوات روحية وشخصيات مرجعية، مثل قداسة البابا تواضروس، تذكرنا بقوة المحبة، وبأن الحوار والتعايش واحترام الآخر، ليست رفاهية بل ضرورة وجودية".

جسور الترابط 

ثم ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني محاضرته، واستهلها بقوله: "في مسيرتي خلال الأيام الماضية رأيت جسرًا يربط بين جانبي نهر ساڤا، وتأملت في معناه، فالجسور لم تبن فقط للعبور، بل لتربط الأشخاص، وتوصل الإنسان بالطرف الآخر، كي يتعرف عليه ويحتضنه بالمحبة.

وأوضح: "إن أول جسر عرفته البشرية هو الجسر الروحي الذي يربط بين السماء والأرض، حين “أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يو ٣: ١٦)، مؤكدًا أن هذا هو أساس المحبة الإلهية، وأن المحبة الحقيقية هي ما تبنيه الكنيسة وترسخه بين الناس.

وسرد قداسة البابا خلال المحاضرة عددًا من الجسور التي بنتها مصر عبر التاريخ، بدءًا من استقبالها للعائلة المقدسة، ومرورًا بتأسيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على يد القديس مار مرقس في القرن الأول الميلادي، ثم نشأة مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، وميلاد الرهبنة المسيحية في مصر على يد القديس أنطونيوس الكبير، مشيرًا إلى أن دير الأنبا أنطونيوس ما يزال حتى اليوم مقصدًا روحيًا يزوره الآلاف.

كما تطرّق قداسته إلى المواقف الوطنية للكنيسة القبطية، مستشهدًا بكلمته الشهيرة في أعقاب حرق الكنائس عام ٢٠١٣: “وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن”.

مشددًا على أن هذه العبارة تجسد المحبة التي لا تتوقف عند جدران الكنيسة، بل تتخطاها إلى الوطن كله، وترسخ مفاهيم التضحية من أجل السلام المجتمعي.

البابا تواضروس يتحدث عن مواقف الكنيسة الوطنية مستشهدًا بكلمته: "وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن"قداسة البابا من صربيا: المحبة تبني زمانًا أفضل ومكانًا أفضل وإنسانًا أفضلالبابا تواضروس يلتقي مسؤول التعاون مع الكنائس في صربياالبابا تواضروس يلتقي وزير الثقافة الصربي .. صور

وانتقل قداسته للحديث عن أمثلة حية من التاريخ المعاصر تجسد فكرة بناء الجسور بعد الصراعات، مثل نموذج جنوب إفريقيا بقيادة نيلسون مانديلا، ورواندا التي تعافت بعد المجازر الطائفية، مؤكدًا أن “المحبة تبني زمانًا أفضل ومكانًا أفضل وإنسانًا أفضل”.

وضرب أمثلة لأفراد أحدثوا فارقًا بمحبتهم، مثل الأم تريزا والبروفيسور مجدي يعقوب، قائلا: "هذه الشخصيات بنت جسورًا من المحبة، ليس بالكلام، بل بالفعل، وكل منها غيّر وجه الإنسانية بطريقة أو بأخرى".

ثم اختتم قداسته كلمته بدعوة مفتوحة: “دعونا نبني جسورًا، لا أسوارًا. دعونا نحب، لا نصدر أحكامًا. دعونا نصغي، لا نتكلم فقط. فكما يقول القديس يوحنا في رسالته: “يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ” (١يو ٣: ١٨) لنجعل من هذه المحبة نورًا يضيء ظلمات العالم، وجسرًا يعبر بنا جميعًا إلى مستقبل أفضل.

مشددًا على أن المحبة الحقيقية لا تسقط أبدًا (١كو ١٣: ٨)، وأن بناء مستقبل أفضل يتطلب أن نضع الإنسان في قلب كل مشروع، وأن نستخدم إنجازاتنا التكنولوجية والثقافية لبناء السلام، لا لصناعة الحواجز.

طباعة شارك البابا تواضروس البابا تواضروس الثاني الكنيسة الكنيسة الأرثوذكسية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البابا تواضروس البابا تواضروس الثاني الكنيسة الكنيسة الأرثوذكسية قداسة البابا تواضروس الثانی فی صربیا ا أفضل جسور ا

إقرأ أيضاً:

ليو الرابع عشر أول بابا أميركي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية

أصبح الأميركي روبرت فرنسيس بريفوست، اليوم الخميس، أول بابا أميركي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، واختار اسم ليو الرابع عشر.
أمام حشد من الناس، الذين تجمّعوا في ساحة كاتدرائية القديس بطرس، أعلن الكاردينال الفرنسي دومينيك مامبيرتي اسم البابا الجديد، بعد العبارة الشهيرة باللاتينية "هابيموس بابام" (لدينا بابا).
ويخلف البابا الجديد، البابا فرنسيس الذي توفي في 21 أبريل الماضيعن عمر 88 عاما.
وأطلّ البابا ليو الرابع عشر، البالغ 69 عاما، باسما من على الشرفة وخاطب أكثر من 1,4 مليار كاثوليكي قائلا باللغة الإيطالية الممزوجة بلكنة أميركية "السلام عليكم جميعا!".
وشكر البابا الجديد، البابا فرنسيس الراحل وزملاءه الكرادلة على انتخابه. ووجّه، على وقع تصفيق الجموع والهتافات، "نداء سلام إلى جميع الشعوب".
ودعا أول بابا أميركي في التاريخ إلى "بناء الجسور" عبر "الحوار".
وكان المصلّون والسياح المتجمعون في ساحة القديس بطرس استقبلوا ظهوره على شرفة كنيسة القديس بطرس بتصفيق طويل، بعد نحو ساعة ونصف ساعة من خروج الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين.
يعتبر روبرت بريفوست مستمعا جيدا وله خبرة في العمل بين الناس على الأرض، وداخل الفاتيكان.
كان بين الأسماء المطروحة لخلافة البابا فرنسيس الذي عيّنه على رأس الوزارة النافذة المكلّفة تعيين الأساقفة.
ويؤشر انتخاب بريفوست، الذي عُيّن كاردينالا في العام 2023، إلى رغبة في الاستمرار على نهج البابا فرنسيس.
وانتخب البابا ليو الرابع عشر في اليوم الثاني من التئام مجمع الكرادلة. وأجمعت غالبية الثلثين على اسمه، أي أنه حصد 89 صوتا على الأقلّ. لكن نظرا للسرية المطلقة المحيطة بالمجمع المغلق، لا يفصح عن تفاصيل العملية الانتخابية.
وبات البابا ليو الرابع عشر البابا الـ267 للكنيسة الكاثوليكية، وأول حبر أعظم يأتي من الولايات المتحدة، والرابع على التوالي غير الإيطالي بعد البولندي يوحنا بولس الثاني (1978-2005)، والألماني بنديكتوس السادس عشر (2005-2015) والأرجنتيني فرنسيس (2013-2025).

أخبار ذات صلة رئيس الدولة يهنئ البابا ليو الرابع عشر بانتخابه بابا للكنيسة الكاثوليكية محمد بن راشد يهنئ قداسة البابا ليو الرابع عشر بانتخابه بابا للكنيسة الكاثوليكية المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • البابا تواضروس يصلى قداس ذكرى الأربعين لمثلث الرحمات الأنبا باخوميوس
  • ليو الرابع عشر… أول أميركي على رأس الكنيسة الكاثوليكية
  • البابا تواضروس يهنئ الكاردينال روبرت فرانسيس بمناسبة انتخابه بابا الفاتيكان
  • ليو الرابع عشر أول بابا أميركي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية
  • عودة البابا تواضروس بعد زيارة رعوية بأوروبا استمرت أسبوعين
  • سلام: أهنئ الكنيسة الكاثوليكية والمؤمنين بانتخاب قداسة البابا
  • البابا تواضروس يلتقي وزير خارجية التشيك
  • نقل محبة مصر للجميع..البابا تواضروس يصلي قداس عيد مارمرقس في التشكيك
  • البابا تواضروس يصل دولة التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته
  • البابا تواضروس يصل التشيك.. والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسميا له