في ظل تصاعد التوترات بين الهند وباكستان وتحول النزاع في كشمير إلى مواجهة عسكرية مباشرة تُنذر بكارثة إقليمية وعالمية، خرجت تحذيرات دولية من خطورة الانزلاق نحو حرب شاملة بين قوتين نوويتين. 


وفي هذا السياق، أدان الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بشدة التصعيد العسكري الجاري، معتبراً أن ما يحدث يُشكل تهديداً وجودياً للسلم والأمن الدوليين، وانتهاكاً صارخاً للقواعد الأساسية التي قام عليها النظام الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

كارثة إقليمية وعالمية

استنكر الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص فى القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، وبأشد العبارات التصعيد العسكري الخطير بين الهند وباكستان على خلفية أحداث إقليم كشمير المتنازع عليه، محذراً من أن استمرار المواجهات بين قوتين نوويتين يشكل خطراً وجودياً على المنطقة بأكملها والسلم والأمن الدوليين.

وقال مهران في تصريحات صحفية، ان ما نشهده اليوم يعكس حالة من الانهيار التي وصل إليها النظام الدولي، حيث أصبحت القوة المسلحة هي الخيار الأول وليس الأخير، في تجاهل صارخ لكافة المواثيق الدولية، وخاصة المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة التي تلزم الدول بتسوية نزاعاتها الدولية بالوسائل السلمية.

وتابع: صمت المجتمع الدولي ومجلس الأمن على ما يحدث في المنطقة يمثل تواطؤاً مخزياً وفشلاً ذريعاً في أداء المسؤوليات المنوطة به بموجب الميثاق الدولي، كما أن العجز في التدخل لاحتواء الأزمة يكشف عن خلل هيكلي عميق في بنية المنظومة الدولية.

وشدد أستاذ القانون الدولي على أن أي مواجهة عسكرية مفتوحة بين الهند وباكستان، بما تمتلكانه من قدرات نووية، تحمل مخاطر وجودية غير مسبوقة قد تودي بحياة أكثر من مائة مليون إنسان في غضون أيام قليلة، وتؤدي إلى كارثة بيئية عالمية.

وأضاف مهران، ان المؤسف أن الشعوب هي دائماً من تدفع ثمن تهور القادة السياسيين وتعطشهم للسلطة والنفوذ، فالملايين من المدنيين الأبرياء في البلدين سيكونون أول ضحايا أي مواجهة عسكرية، وهو ما لا يبدو أنه يشغل بال صناع القرار السياسي والعسكري في كلا البلدين.

وطالب مهران بتفعيل دور مجموعة الحكماء من الشخصيات الدولية المرموقة للتدخل الفوري والضغط على طرفي النزاع للعودة إلى طاولة المفاوضات، معتبراً أن العقلاء في الهند وباكستان مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بتغليب مصالح شعوبهم على حسابات المكسب السياسي الآني.

وقال الخبير الدولي، إن احترام قواعد القانون الدولي ليس ترفاً فكرياً أو خياراً سياسياً، بل هو ضرورة وجودية لحماية البشرية من نفسها وضمان استمرار الحضارة الإنسانية، مشيرا الي ان ما نشهده اليوم هو انتهاك فاضح للركائز الأساسية التي قام عليها نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وأضاف أن الاستمرار في سياسة التصعيد العسكري وتبادل الاتهامات بين الهند وباكستان يقوض ثلاثة مبادئ أساسية في القانون الدولي وهي: حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ومبدأ حسن الجوار.

ودعا مهران إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة للنظر في ملابسات الهجوم الإرهابي الذي وقع في كشمير مؤخراً، وتحديد المسؤوليات بشكل دقيق بعيداً عن التوظيف السياسي للأحداث، وبما يضمن عدم استخدام مكافحة الإرهاب كذريعة لتصفية حسابات سياسية أو تحقيق مكاسب إستراتيجية.

وطالب ايضا الدكتور مهران مجلس الأمن الدولي بـعقد جلسة طارئة لبحث تداعيات الأزمة الراهنة بين الهند وباكستان، وإصدار قرار ملزم تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يلزم الطرفين بوقف فوري لكافة الأعمال العدائية، وسحب القوات العسكرية من المناطق الحدودية، والعودة إلى المفاوضات تحت إشراف أممي.

وأكد على أن المجتمع الدولي عليه أن يختار بين التحرك الجاد لاحتواء هذه الأزمة، أو تحمل المسؤولية التاريخية عن التداعيات الكارثية لأي مواجهة نووية محتملة.

كما شدد علي أن العالم ليس غابة، والقانون الدولي ليس حبراً على ورق، ولن تستطيع أي دولة مهما بلغت قوتها أن تعيش في معزل عن الآخرين أو تحقق أمنها عبر زعزعة أمن جيرانها، مضيفا: حان الوقت لكي يستعيد المجتمع الدولي دوره كضامن للسلم والأمن، وحامٍ للشرعية الدولية، بدلاً من الاكتفاء بدور المتفرج على مآسي البشري.

طباعة شارك الهند باكستان الهند وباكستان كشمير

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهند باكستان الهند وباكستان كشمير بین الهند وباکستان القانون الدولی

إقرأ أيضاً:

ضمان القيمة النقدية للمعاش

 

 

 

عائشة بنت محمد الكندية

 

الحقوق المكتسبة في ظل تطبيق قانون الحماية الاجتماعية

مع دخول قانون الحماية الاجتماعية حيز التنفيذ، برزت مادة محورية تحمل في طياتها بُعدًا إنسانيًا واقتصاديًا بالغ الأهمية، وهي المادة (74) المتعلقة بما يعرف بالضمان النقدي للمعاش، والتي جاءت لتؤسس لمرحلة انتقالية عادلة تحفظ الحقوق المكتسبة، وتمنع التراجع عن مكاسب السنوات الطويلة من الخدمة التي قضاها المؤمن عليه في ظل الأنظمة السابقة.
ويُعَدّ الضمان النقدي للمعاش أحد الجوانب الأساسية التي تعزز حماية حقوق المؤمن عليهم وتوفر لهم حياة كريمة عن تلك السنوات قبل تطبيق أحكام القانون. وقد وضع قانون التقاعد الجديد أُسسًا واضحة لحساب هذا الضمان، بحيث يتيح للمؤمن عليهم الحصول على ضمان نقدي يُحتَسب لهم اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون؛ حيث تهدف المادة (74) من قانون الحماية الاجتماعية إلى معالجة الفجوة الناتجة عند انتقال المؤمن عليه عند تطبيق قانون الحماية الاجتماعية، كما توفر فرصة للمؤمن عليهم للاستفادة من المزايا التي كان يوفرها النظام السابق دون التأثير السلبي على آليات النظام الجديد، فهي تُشكّل أداة حماية تضمن الحفاظ على الحقوق خلال هذه المرحلة الانتقالية وتدعم مبدأ استمرارية الاستحقاق.
إلى جانب ذلك، تعكس المادة قيم التكافل الاجتماعي من خلال استجابتها لبعض الحالات الإنسانية، مثل العجز أو الوفاة، مما يعزز العدالة الاجتماعية في التطبيق. وحفاظًا على الحقوق المكتسبة للمؤمن عليهم ممن لديهم مدد خدمة سابقة في الأنظمة التقاعدية السابقة، فقد ضمن القانون لهم حقوقهم من خلال احتوائه على أحكام تضمن لهم سريان أحكام القوانين السابقة. وفي هذا المقال سنتناول بالشرح مفهوم الضمان النقدي والشروط اللازمة لاستحقاقه.
الضمان النقدي للمعاش هو مبلغ نقدي يُحتسب في تاريخ العمل بأحكام هذا القانون للمؤمن عليه الذي لديه مدة خدمة قبل صدور وتطبيق القانون، ويعد الحد الأدنى المضمون لكل المعاشات باستثناء معاش العجز المهني الجزئي الدائم، ولا يُعاد احتسابه أو تقييمه مستقبلًا.
بيّنت الفقرة الأولى من المادة المشار إليها مسبقًا أن المؤمن عليه الذي تنتهي خدمته ببلوغ السن بإمكانه أن يتقدم بطلب صرف المعاش التقاعدي، ولديه مدة خدمة فعلية مسجلة لا تقل عن (20) سنة قبل تاريخ 19/7/2023م، واستوفى شروط التقاعد الأخرى الموجودة في القانون الذي كان يخضع له إن وجدت، فهذا المؤمن عليه له الحق في طلب صرف المعاش دون الحاجة إلى أن يستوفي شروط التقاعد الجديدة؛ حيث يتم احتساب مدة خدمته اعتبارًا من تاريخ تعيينه وحتى تاريخ 18/7/2023م، اليوم السابق لصدور قانون الحماية الاجتماعية، وبناءً على بيانات راتبه حتى تاريخ 31/12/2023م، على أن لا يقل الضمان النقدي عن الحد الأدنى للمعاش المعمول به في النظام التقاعدي السابق قبل العمل بأحكام هذا القانون.
أما الفقرة الثانية، فقد أوضحت أن المؤمن عليه الذي لديه مدة خدمة فعلية مسجلة لا تقل عن (20) سنة قبل تاريخ 18/7/2023م، واستوفى شروط التقاعد الأخرى – إن وجدت – في القانون الذي كان يخضع له سابقًا، ومن ضمن تلك الشروط: استيفاء مدة خدمة معينة في النظام السابق أو بلوغه سنًّا معينًا، والتي كانت مقررة بالتشريعات السابقة، ومع ذلك منح القانون هذه الفئة استثناء حتى اليوم السابق للعمل بأحكام هذا القانون، وهو الأول من يناير 2024، بحيث يستحق كذلك المعاش التقاعدي، على أن لا يقل الضمان النقدي عن الحد الأدنى للمعاش المعمول به في النظام التقاعدي السابق قبل العمل بأحكام هذا القانون.
والمؤمن عليه الذي على رأس عمله ولم يستوفِ الشروط الواردة في الضمان النقدي الأول والضمان النقدي الثاني في تاريخ 18/07/2023م، وتقدّم بطلب صرف المعاش بعد أن استوفى شروط التقاعد المبكر غير الخاضع لنِسَب الخصم المنصوص عليها في القانون، أو أنهيت خدماته بسبب الوفاة أو بعد صدور قانون الحماية الاجتماعية، يستحق بناءً على بيانات راتبه في تاريخ 31/12/2023م، ويتم احتساب قيمة الضمان النقدي المستحق له دون تطبيق نِسَب الخصم الواردة في النظام التقاعدي السابق الخاضع له، ودون تطبيق الحد الأدنى للمعاش المعمول به في النظام التقاعدي السابق قبل العمل بأحكام هذا القانون.
ختامًا.. في ظل التطورات التشريعية، يُمثّل الضمان النقدي للمعاش خطوة استراتيجية نحو إصلاح منصف ومتوازن، يجمع بين تحديث النظام وضمان حقوق الأفراد.

مقالات مشابهة

  • أستاذ قانون دولي: حرب إسرائيل على إيران غطاء للتعتيم على جرائم غزة
  • «الدولية لطب الإدمان»: الإمارات نموذج دولي رائد في التصدي للمخدرات
  • سبيس إكس تطلق مهمة تاريخية لمحطة الفضاء الدولية
  • خبير دولي يحذر: العد التنازلي للمؤامرة الكبرى على مصر بدأ
  • ضمان القيمة النقدية للمعاش
  • عراقجي يهدد بخروج إيران من المعاهدة الدولية لحظر انتشار الأسلحة النووية
  • خبير بريطاني: وقف حرب إسرائيل وإيران عملية التقاط أنفاس لا أكثر
  • ممثل المستأجرين: مشروع قانون اللإيجار القديم يهدد استقرار ملايين الأسر
  • أستاذ قانون دولي يكشف لـصدى البلد سيناريوهات ما بعد خرق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
  • تحذير عاجل من خبير تركي: زلزال بقوة 7 درجات محتمل بسبب صدع نشط