جذب نجاح قمة بريكس، التي انعقدت منذ أيام في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، انتباه العالم بأكمله خاصة بعد انضمام 6 دول جديدة للتكتل ( مصر - السعودية - إيران - الأرجنتين - إثيوبيا- الامارات العربية المتحدة) ، بالإضافة إلى طلبات عضوية مقدمة من ما يزيد عن 20 دولة، ومن المفترض أن تنضم هذه الدول الــ6 مع بداية العام المقبل.

وشددت قمة "بريكس" على أهمية تشجيع استخدام العملات المحلية في التجارة الدولية والمعاملات المالية بين أعضاء المجموعة، وكذلك بين شركائهم التجاريين، وتوسيع التعاون بين الدول في مجالات مثل الرياضة والسياحة والأمن.

الدول المنضمة الحديثة للبريكس%80 من إنتاج نفط العالم

ذكر موقع (لايف. رو) أنه بعد نجاح قمة بريكس التي انعقدت في جنوب أفريقيا من المتوقع أن تسيطر تركيبته الجديدة على 80% من إنتاج النفط العالمي، وذلك بتأثير انضمام السعودية والإمارات وإيران.

وأضاف أن "نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول بريكس سيبلغ 30% من الاقتصاد العالمي، إذ سيتجاوز 30 تريليون دولار".

وأوضح الموقع أنه بعد التوسع، ابتداء من 1 يناير 2024، سيتجاوز عدد سكان الدول الأعضاء في بريكس، مجموعة السبع ( كندا- فرنسا- ألمانيا-ايطاليا - اليابان- الولايات المتحدة الأمريكية - بريطانيا) بنحو 5 مرات.

ويشار إلى أنه يبلغ الناتج الاجمالي العالمي لمجموعة السبع 30% ويبلغ الان اجمالي الناتج العالمي لتكتل البريكس 31.1%.

كما لفت الموقع إلى رد فعل الخبراء ووسائل الإعلام الغربية، إذ ظهر عليهم الارتباك، في حين وصفت صحيفة "برلينر تسايتونغ"، توسع مجموعة "بريكس" بأنه هزيمة شخصية لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ومسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.

وأضافت الصحيفة أنه "قريبًا سوف ينضم ما يقرب من نصف البشرية، بما في ذلك بعض أسرع الاقتصادات نموًا، إلى هذا التحالف العالمي الحقيقي".

وتابعت: "نتيجة لذلك، فإن رئيس الدبلوماسية الأوروبية، الذي ينظر إلى أوروبا وكأنها حديقة، وبقية العالم باعتباره غابة، ينبغي له أن يدرك حدود قوة الاتحاد الأوروبي".

ووفقا للصحيفة، فإن "العصر الذي كانت أوروبا تستطيع فيه السيطرة على العالم قد ولى منذ زمن طويل".

وتوقع الرئيس البرازيلي، لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، في اليوم الأخير من القمة، أول أمس الخميس، أن "إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة "بريكس+" سيبلغ 37% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث تعادل القوة الشرائية، في حين أن عدد سكان المجموعة سيمثل 46% من سكان العالم.

وكذلك وفقاً وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، يضيف الأعضاء الجدد نحو 3.2 تريليون دولار من الناتج المحلي إلى المجموعة الحالية، ليرتفع حجم التكتل بنسبة 12.3 في المئة، ليصبح 29.23 تريليون دولار، مقابل 26.04 تريليون دولار قبل انضمام الأعضاء الجدد.

ووفقا للناتج المحلي لعام 2022، يمثل الأعضاء الجدد 3.2 في المئة من الاقتصاد العالمي، ما سيرفع حصة "بريكس" من 26 في المئة من الناتج المحلي العالمي إلى 29.2 في المئة بعد الانضمامات الجديدة.

كما تصبح مجموعة "بريكس" منافسا أقوى لمجموعة السبع الصناعية التى يبلغ حجم اقتصاد دولها 43.8 تريليون دولار، مشكلة 43.7 في المئة من الاقتصاد العالمي في 2022، بينما دول تكتل بريكس 29.2 تريليون دولار، تمثل 29.2 في المئة من الاقتصاد العالمي للعام نفسه.

تجدر الإشارة إلى أن التعداد السكاني لدول "بريكس" أكثر من 3 مليارات و200 مليون نسمة، فيما تعد اقتصاداتها من أكثر الاقتصادات النامية في العالم، ويتنبأ لها محللون ببلوغ نسبة نمو 40 في المئة من الاقتصاد العالمي بحلول 2025، قبل أن تترجمها الصين صاحبة المرتبة الثانية كأقوى اقتصاد في العالم سنة 2020، وحلت الهند خامسًا، والبرازيل ثامنًا وروسيا في المرتبة 11.

أبو بكر الديبالقوة الضاربة لسوق النفط

في هذا الصدد قال أبوبكر الديب الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي ومستشار المركز العربي للدراسات ، إن السعودية وروسيا من أكبر الدول المنتجة للنفط على مستوى العالم وبطبيعة الحال إذا انضمت إليهم الإمارات العربية المتحدة؛ فإن ذلك سيكون بمثابة القوة الضاربة لسوق النفط في العالم وستكون في يد البريكس.

وأضاف الديب - خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أن تكتل البريكس أصبح وضعها الحالي أكبر من وضع مجموعة السبع الكبار على مستوى الناتج المحلي، وسيزداد الامر أيضاً بعد انضمام الــ6 دول الكبار إليها ، مشيراً إلى أن هناك ايضاً دول معلقة سوف تضاف في المستقبل للبريكس، وسيكون ذلك التكتل أكبر تكتل على جميع المستويات سواء على مستوى الطاقة أو النفط، أو على مستوى الوضع الاقتصادي العام، فضلاً عن المستوى الجيوسياسي والعسكري.

وأشار إلى أنه هناك 3 دول من المنضمين لديهم جيوش قوية للغاية، وبالتالي تحالف بريكس سيكون له قوة كبيرة في المستقبل على جميع المستويات سواء السياسية أو الاقتصادية والجيوسياسية والعسكرية.

وقال الديب إن مساهمة التكتل بلغت 25.6% في الاقتصاد العالمي بنهاية 2022، مقابل 43.25 % للقوى السبع الصناعية ويبلغ حجم اقتصادات دول بريكس حتى نهاية العام 2022، 25.9 تريليون دولار وتسيطر على 20 % من التجارة العالمية، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية كما تسيطر دول بريكس الحالية على 27 % من مساحة اليابسة في العالم، بمساحة إجمالية 40 مليون كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكان التحالف 3.2 مليار نسمة ما يعادل نحو 42 % من إجمالي سكان الأرض، بينما يبلغ عدد سكان دول مجموعة السبع، نحو 800 مليون نسمة.

 

يشار إلى أنه كان هناك تقريراً نشرته بلومبيرغ تطرقت فيه لأثر انضمام المملكة العربية السعودية إلى مجموعة "بريكس"، على لسان جيم أونيل، الاقتصادي البارز والمخضرم في مجموعة غولدمان ساكس، وقال  "إن إضافة دول إلى كتلة البريكس ستكون ذات أهمية اقتصادية إذا كانت المملكة العربية السعودية واحدة منها، ولكن بخلاف ذلك فمن الصعب رؤية هذه النقطة".

وتابع: "انضمام المملكة العربية السعودية سيكون ’صفقة كبيرة جدًا‘"، مشيرًا إلى أن "الروابط الوثيقة تقليديًا بين المملكة والولايات المتحدة ودورها كأكبر منتج للنفط في العالم سيضيف ثقلًا إلى النادي (بريكس)".

كما قال جيم كرين، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس في هيوستون: إن تسعير النفط بعملات أخرى غير الدولار هو أكبر مصدر قلق بالنسبة لواشنطن.

وأضاف "تضغط الصين على السعودية لتسعير النفط بالرنمينبي (اليوان) منذ فترة من الوقت. تتابع إدارة بايدن هذه القضية في إطار اتفاقات إبراهيم. لذلك يبدو أن المملكة في وضع تحسد عليه يتمثل في الموازنة بين بكين وواشنطن، والذهاب إلى أي جانب يقدم الجائزة الأكبر".

ويذكر أنه ووفقًا لتقديرات صادرة عن بنك "غولدمان ساكس" عن توقعات نمو الاقتصاد العالمي في 104 دولة حتى عام 2075، من المتوقع في عام 2050 أن تصبح أكبر خمس اقتصادات في العالم هي الصين وأمريكا، والهند، وإندونيسيا، وألمانيا. بحلول عام 2075. 

ومن المرجح أن تظل الصين، وأمريكا، والهند أكبر ثلاث اقتصادات، ومع السياسات والمؤسسات الصحيحة، من المتوقع أن تكون سبعة من الاقتصادات العشرة الأولى في العالم من الاقتصادات الناشئة.

النفط يغلق مرتفعاً إلى أعلى مستوى في أسبوع ‏ ارتفاع هائل في سعر النفط عالميا

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بريكس قمة بريكس مصر السعودية الامارات جنوب افريقيا مجموعة السبع الناتج المحلی تریلیون دولار مجموعة السبع فی العالم على مستوى عدد سکان إلى أن

إقرأ أيضاً:

أهم 10 أحداث أثرت في الاقتصاد العالمي خلال 2025

نحن نقف اليوم على أعتاب نهاية عام 2025، العام الذي شهد سلسلة من الأحداث الاقتصادية والجيوسياسية التي غيرت شكل العالم.

فقد حمل هذا العام تحولات كبيرة أثرت في شكل التحالفات وفي نماذج التمويل والتجارة وفي خريطة النفوذ الاقتصادي، وفتح الباب أمام مرحلة مختلفة يختلط فيها البعد الاقتصادي بالجيوسياسي بشكل أوضح من أي وقت مضى.

وقد كان لعودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دور بارز في زيادة حدة هذه التقلبات، سواء عبر السياسات التجارية أو عبر التغيرات في النهج الإستراتيجي للولايات المتحدة، الأمر الذي مهّد لتحولات ما زالت تتفاعل حتى الآن وقد تستمر في تشكيل مسار عام 2026.

ولكي نفهم إلى أين نتجه من الضروري أن ندرك ما الذي حدث خلال هذا العام، وكيف تراكمت هذه التطورات وشكلت واقعا اقتصاديا عالميا أكثر حساسية وتعقيدا.

وفي هذا المقال سنستعرض أبرز الأحداث الاقتصادية التي أثرت على النظام الاقتصادي العالمي في 2025، ونحاول من خلالها فهم الاتجاهات المحتملة في عام 2026.

1- عودة ترامب وإعادة تشكيل الدور الأميركي

شهد عام 2025 تحولا مهما مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو حدث ترك أثرا مباشرا على بنية النظام العالمي، خصوصا من ناحية السياسات التجارية والتحالفات الدولية جاءت هذه العودة ضمن سياق سياسي مشحون داخليا في الولايات المتحدة، ورافقتها خطوات واضحة نحو إعادة تعريف دور أميركا في العالم، سواء من خلال مراجعة اتفاقيات تجارية، أو التشكيك في التزامات سابقة، أو تبنّي نهج أكثر تشددا في الملفات المتعلقة بالهجرة والعولمة وسلاسل التوريد.

هذا التغيير في اتجاه السياسة الأميركية لم يكن مجرد تغيير في الوجوه، بل شكّل انتقالا إلى سياسة أكثر تشددا وأقل انفتاحا على النظام العالمي، الأمر الذي خلق حالة من القلق في الأسواق العالمية وفتح الباب أمام موجة واسعة من إعادة تموضع إستراتيجي لدى العديد من الدول، خاصة تلك التي تعتمد بشكل مباشر على السوق الأميركي أو المظلة الأمنية والسياسية لواشنطن.

السياسات الحمائية الأميركية تفرض موجة جديدة من إعادة التموضع التجاري وتهديد الاستقرار الاقتصادي الدولي (الفرنسية)2- "يوم التحرير".. تعريفة جمركية تفتح مرحلة اقتصادية جديدة

شهد أبريل/نيسان 2025 ما عُرف بـ"يوم التحرير"، وهو اليوم الذي أعلنت فيه الإدارة الأميركية حزمة واسعة من التعريفات الجمركية على واردات رئيسية من الصين وأوروبا ودول أخرى، في خطوة اعتُبرت نقطة تحول في مسار التجارة العالمية.

إعلان

هذا القرار لم يقتصر أثره على العلاقات الثنائية بين واشنطن وبكين، بل امتد ليشمل الأسواق المالية التي سجلت تراجعا حادا، خصوصا أسهم التكنولوجيا والرقائق، مع تبخر مئات المليارات من القيم السوقية خلال ساعات.

كما ردت دول عدة بفرض تعريفات مضادة، مما أدى إلى تصاعد التوتر التجاري وإعادة تسعير السلع عالميا ومخاطر التضخم.

وشكّل هذا اليوم بداية مرحلة جديدة تتجه فيها الولايات المتحدة نحو حمائية أشد، في حين بدأ العالم يعيد تقييم مصادرة التجارية والبحث عن مسارات بديلة لتقليل التعرض للصدمات المتوقعة في القترة المقبلة.

الضربة الإسرائيلية لإيران أعادت مخاطر الشرق الأوسط إلى الواجهة ودفعت أسعار الطاقة للصعود المستمر (أسوشيتد برس)3- ضربة إسرائيل لإيران.. الأمن والطاقة تحت الاختبار

شهد عام 2025 تصعيدا حادا في الشرق الأوسط بعد تنفيذ إسرائيل ضربة عسكرية ضد إيران، في تطور أعاد تغيير التوازنات الأمنية بالمنطقة.

هذا الحدث لم يكن مجرد مواجهة محدودة، بل فتح بابا واسعا لاحتمالات التصعيد مستقبلا، وأثار مخاوف من امتداد العمليات العسكرية إلى نطاق أوسع قد يشمل منشآت حيوية للطاقة أو ممرات إستراتيجية للشحن.

وانعكس هذا التوتر فورا على الأسواق العالمية، حيث ارتفعت أسعار الطاقة، ورغم أن التصعيد لم يتحول إلى حرب شاملة فإنه أعاد إدراج المخاطر الشرق أوسطية كعامل رئيسي في تسعير الطاقة والسلع بالأسواق العالمية.

4- قيود الصين على المعادن النادرة وصدام التكنولوجيا

في منتصف عام 2025 أعلنت الصين فرض قيود واسعة على تصدير عدد من المعادن النادرة والإستراتيجية المستخدمة في الصناعات التكنولوجية والعسكرية الأميركية، وهو قرار شكّل واحدة من أكثر الصدمات تأثيرا في المشهد الاقتصادي.

فقد أظهر هذا الإجراء حجم الاعتماد الأميركي على المواد الخام القادمة من الصين، خصوصا في مجالات الرقائق والبطاريات والسيارات الكهربائية والروبوتات، مما أدى إلى اضطرابات مباشرة داخل المصانع والشركات الأميركية وزيادة كبيرة في التكاليف.

ومع اتساع نطاق الأزمة بدأت الولايات المتحدة البحث بشكل عاجل عن مصادر بديلة، سواء عبر استثمارات مكثفة في أفريقيا وغرينلاند أو عبر تفاوض مع دول أخرى لتأمين الإمدادات.

ومع ذلك، تبين لواشنطن أن تعويض القدرة الإنتاجية الصينية ليس أمرا سهلا أو سريعا، الأمر الذي دفع الإدارة الأميركية إلى تخفيف حدة مواقفها تجاه بكين والدخول في هدنة مؤقتة وُصفت بأنها "هشة"، إذ جاءت أقرب إلى وقف تصعيد مرحلي فرضته الضرورات الاقتصادية أكثر من كونه تفاهما إستراتيجيا طويل المدى.

5- الحرب الروسية الأوكرانية.. مرحلة تصعيد جديدة

شهد عام 2025 تحولا واضحا في مسار الحرب الروسية الأوكرانية بعد دخولها مرحلة تصعيد جديدة تمثلت في دعم أوكراني مقدم من بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة لاستخدام أسلحة أكثر تطورا وصواريخ بعيدة المدى مثل "توماهوك".

ورغم أن هذه الخطوة لم تنفذ فإن مجرد طرحها شكّل تغييرا في طبيعة الصراع.

وردّت روسيا بتشديد موقفها وإعلان أن العمليات تحولت إلى حرب مفتوحة، قبل أن تحقق مكاسب ميدانية مستمرة حتى ديسمبر/كانون الأول 2025، في ظل إرهاق أوكراني وفقدان ما يقارب 20% من أراضيها.

هذا الوضع دفع الولايات المتحدة إلى تهديد مستوردي النفط الروسي الصين والهند واليابان بعقوبات للحد من الإيرادات الروسية، لكن هذه الدول رفضت الامتثال، مما أجبر واشنطن على التراجع.

إعلان

وكشفت هذه التطورات عن محدودية التأثير الغربي في تغيير المسار العسكري على الأرض.

الاعتداء الإسرائيلي على قطر أبرز أهمية الخليج في أمن الطاقة العالمي (الفرنسية)6- الاعتداء الإسرائيلي على قطر.. معادلات أمن الخليج وميزان الطاقة

شهد عام 2025 حادثة غير مسبوقة في منطقة الخليج العربي تمثلت في اعتداء إسرائيلي على دولة قطر، في تصعيد غيّر شكل التوازنات والتحالفات الجيوسياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط.

وتُعد دولة قطر من أهم مراكز الطاقة والإمدادات العالمية وذات ثقل سياسي في الخليج والشرق الأوسط.

وأسهم الاعتداء في إعادة صياغة محددات الأمن الإقليمي ومسارات التعاون العربي، كما سلط الضوء على أهمية استقرار هذه المنطقة في ضمان استمرار تدفقات الطاقة العالمية في مرحلة يشهد فيها العالم ارتفاعا في مستويات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي.

7- البحر الأحمر.. اضطرابات الممر البحري الأكثر حساسية

من بين الأحداث البارزة في عام 2025 موجة جديدة من التوترات في البحر الأحمر أدت إلى اضطراب واحد من أهم الممرات البحرية في العالم، مما تسبب في ارتفاع تكاليف الشحن بنسب تجاوزت 300% خلال فترات معينة من العام.

وبفعل هذا التطور تأثرت حركة تجارة السلع بشكل مباشر، ولا سيما البضائع الأساسية والمواد الخام، مما أعاد ضغوط التضخم إلى الواجهة بعد فترة من الهدوء النسبي.

ومع تأخر وصول الشحنات وارتفاع تكاليف النقل وارتفاع تكاليف التأمين ازدادت الأعباء على الشركات الصناعية والتجارية، خصوصا في أوروبا وآسيا اللتين تعتمد سلاسل توريدهما بدرجة كبيرة على هذا الممر الحيوي.

8- الضغوط الاقتصادية الأميركية وتزايد مخاطر الركود

عاش الاقتصاد الأميركي خلال عام 2025 تباطؤا واضحا انعكس في مؤشرات أساسية أكدت ضعف الزخم وتزايد احتمالات الركود، فقد هبطت ثقة المستهلك إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وتباطأ التوظيف وارتفعت تسريحات العمالة، في حين تراجع مؤشر الشحن الداخلي كمؤشر مباشر على ضعف النشاط الاقتصادي.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار البقالة والسلع الأساسية، مما زاد الضغوط على الأسر التي تواجه ديونا تجاوزت 17.5 تريليون دولار، إلى جانب ديون الطلاب التي بلغت نحو 1.77 تريليون دولار.

وعلى الصعيد المالي، ازداد اعتماد الحكومة على إصدارات الدين، وسط ارتفاع العوائد وعلاوات المخاطرة، في حين تجاوزت تكلفة خدمة الدين 1.2 تريليون دولار سنويا، واقترب إجمالي الدين العام من 38 تريليون دولار، وهو ما زاد الضغوط على السياسة المالية والنقدية.

كما تراجع الدولار بنحو 10% منذ تولي الرئيس ترامب، وانخفضت حصته ضمن الاحتياطيات العالمية مع توجه البنوك المركزية نحو تنويع أصولها.

ويشير هذا المزيج من التطورات إلى تحديات هيكلية عميقة تؤثر في مسار الاقتصاد الأميركي وترفع المخاطر المرتبطة بالاقتصاد العالمي خلال عام 2026.

9- هزة العملات المشفرة وارتباطها بالذكاء الاصطناعي

اهتزت أسواق الأصول الرقمية في عام 2025، مما أدى إلى تراجع حاد في العديد من العملات المشفرة، خصوصا تلك المعتمدة على المضاربات والرافعات المالية المرتفعة.

وتزامن ذلك مع تقلبات واسعة في قطاع الذكاء الاصطناعي الذي أصبح المحرك الرئيس للأسواق، حيث أدى أي تصحيح في أسهم الرقائق والخوارزميات المتقدمة إلى انتقال موجة بيع نحو الأصول الرقمية عالية المخاطر، وهو ما دفع المستثمرين والمضاربين فيها إلى تصفية العديد مراكزهم والانتقال الى أصول أخرى، مما أدى إلى خسائر.

وأظهرت هذه التطورات ترابطا متزايدا بين أسواق التكنولوجيا والتشفير وحساسيتهما للمخاطر.

أسواق السندات العالمية باتت مرآة ضاغطة للمخاطر الاقتصادية والمالية التي تواجه الاقتصادات الكبرى (الفرنسية)10- اضطراب أسواق السندات العالمية.. مرآة المخاطر الكبرى

شهدت أسواق السندات في عام 2025 موجة واسعة من التقلبات التي عكست حالة عدم اليقين المتزايدة في الاقتصادات الكبرى، إذ ارتفعت العوائد في الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا إلى مستويات تشير إلى تخوف المستثمرين من الضغوط المالية وتباطؤ النمو وارتفاع عبء الديون.

إعلان

وبات واضحا أن أسواق السندات أصبحت تعكس بدقة حجم المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية التي تمر بها هذه الدول، حيث مثلت الارتفاعات المتتالية في العوائد إشارة مباشرة إلى تراجع الثقة في قدرة بعض الحكومات على احتواء التضخم أو إدارة مستويات الدين المتصاعدة.

وبرزت اليابان بوضوح هذا العام بعد أن سجلت علاوات المخاطر على سنداتها أعلى مستوى منذ عام 2008 نتيجة مخاوف من احتمالات رفع الفائدة لأول مرة منذ سنوات طويلة، وتزايد القلق بشأن مسار التضخم في الاقتصاد الياباني في ظل حجم دين ياباني عام هو الأكبر في التاريخ.

وأظهرت هذه التطورات أن أسواق السندات العالمية لم تعد تتحرك فقط وفق سياسات البنوك المركزية، بل أصبحت مرآة شاملة للمخاطر الاقتصادية والمالية والجيوسياسية التي تواجه الدول، مما يجعلها أحد أهم المؤشرات التي تجب مراقبتها عند تقييم اتجاهات الاقتصاد العالمي في 2026.

النتيجة وتوقعات 2026

أدت التحولات العشرة التي شهدها عام 2025 إلى تغيير عميق في سلوك المستثمرين والدول على حد سواء، إذ أصبح واضحا أن البيئة الاقتصادية الجديدة تختلف جذريا عما كان عليه الوضع في العقديين الماضيين.

فمع عودة الرئيس ترامب وتوسع السياسات الحمائية وارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية بدأت الدول في اتخاذ خطوات احترازية مبكرة، سواء عبر تنويع شراكاتها الاقتصادية أو إعادة تشكيل تحالفاتها الإستراتيجية بعد أن أدركت أن الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة بات يحمل مخاطر سياسية واقتصادية متزايدة.

وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة بدأت دول حليفة لواشنطن في البحث عن موازنة علاقاتها، فاتجهت إلى تعزيز روابطها مع المعسكر الشرقي، سواء عبر البريكس أو الآسيان أو عبر شراكات ثنائية جديدة مع الصين والهند وروسيا، في تحول يعكس إدراكا متزايدا بأن النظام العالمي يتجه نحو تعددية حقيقية في مصادر القوة.

هذا التحول لم يقتصر على الحكومات وحدها، بل شمل أيضا المستثمرين الذين أعادوا تقييم رؤيتهم للأسواق.

ومع تزايد المخاطر الناتجة عن الحروب التجارية والاضطرابات الجيوسياسية والتحديات في قطاع التكنولوجيا والديون المرتفعة ارتفع الطلب على الذهب والأصول الدفاعية والأدوات ذات المخاطر الأقل، وهو ما يفسر الارتفاع الملحوظ في أسعار هذه الأصول خلال العام.

كما أظهر المستثمرون ميلا أكبر للتحوط والانتقال نحو محافظ أكثر توازنا، مع تقليل الاعتماد على الأصول عالية الحساسية للتقلبات.

ورغم حجم هذه التحولات فإن عام 2025 لم يشهد حلولا حقيقية لأي من التحديات التي واجهت الاقتصادات الكبرى، فالحرب التجارية مستمرة، وملفات الطاقة والتضخم والديون لم تتراجع حدتها، كما أن أسواق الدين والسندات مرشحة بقوه لمواجهة اضطرابات لم تشهدها منذ عقود قد تنهي عصر العوائد الرخيصة على الديون لعقود قادمة، بالإضافة إلى أن أغلب المشاكل الجيوسياسية ما زالت دون مخرج واضح.

ولذلك، فإن قراءة كل هذه المؤشرات معا تُظهر أن عام 2026 سيكون على الأرجح مليئا بالتقلبات، ليس لأنه عام أزمات جديدة، بل لأن أزمات 2025 لم تُحل، وتم ترحيلها إلى السنة التالية حيث قد تتفاقم أو تتفاعل بطرق أكثر تعقيدا.

وهذا يجعل 2026 عاما حاسما في تحديد اتجاه النظام الاقتصادي العالمي.

لذلك، على دول منطقة الشرق الأوسط أن تراقب الوضع الاقتصادي والجيوسياسي بشكل دقيق، وأن تتخذ الاحتياطات المناسبة لما هو قادم، خاصة في ظل بيئة عالمية تتميز بالتقلبات المستمرة.

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد الدولي يقر المراجعة الرابعة ويُتيح للأردن 240 مليون دولار دعمًا للبرنامج الاقتصادي
  • الاقتصاد البريطاني ينكمش في أكتوبر
  • أوهام الازدهار العالمي.. تفكيك أسباب الفقر في عالمٍ يزداد غنى .. كتاب جديد
  • أهم 10 أحداث أثرت في الاقتصاد العالمي خلال 2025
  • وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعاتها بشأن فائض سوق النفط العالمي لعام 2026
  • المحروق .. خفض الفائدة يزيد الطلب على التمويل ويحرك الاقتصاد
  • بغواصة مسيّرة.. فيديو يظهر ضرب أوكرانيا لناقلة نفط بأسطول الظل الروسي بالبحر الأسود
  • انخفاض أسعار الذهب والدولار وارتفاع النفط عالميًا
  • زيادة المعروض وتباطؤ توقعات الاقتصاد العالمي يضغطان على أسعار النفط
  • استقرار أسعار النفط مع تراجع المخاوف بشأن الإمدادات