سواليف:
2025-08-12@06:21:59 GMT

نور على نور

تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT

#نور_على_نور

د. #هاشم_غرايبه

لعل ما أحاق بالأمة في العصر الحديث، يفوق كثيرا ما لاقته عبر تاريخ صراعها الطويل مع المتربصين بها والطامعين بقهرها، فقد غزاها المغول واستباحوا حماها زمنا ثم زالوا، وهاجمها الأوروبيون في حملات صليبية متعددة ثم ارتدوا عنها خائبين في كل مرة.
لكن ما حصل منذ أواخر القرن العشرين من تحالف عالمي لكل قوى الشر المعادية، واستهداف المسلمين علانية في سلسلة حروب متتالية، وبذرائع واهية بدءا من الحفاظ على حق تعليم الفتيات في أفغانستان، ثم تحرير الكويت، ثم منع العراق من تصنيع أسلحة الدمار الشامل، ثم محاربة الإرهاب، وآخرها التي تجري الآن على ساحة القطاع لاجتثاث فكرة المقاومة الجهادية.


ذلك كله جعل المتمسكين بجمر الصبر على الشدائد التي أحاقت بالأمة طوال القرن الماضي، وهم ينتظرون النصر الموعود، جعلهم يتساءلون بقلق: ما الذي أخر وعد الله الحق بنصره أمته؟
لا شك أن الله ما أنزل هذا الدين لكي يهزمه الضالون، ولا كرّم هذه الأمة بحمله وتقديمه الى الناس جميعا، ليجعل النيل منها متاحا للغزاة، وديارها مباحة لكل طامع، إنما هنالك سنن كونية عامة وضعها الله لتحقيق النصر، لا محاباة فيها لمن أطاعه ولا لمن عصاه وهي الغلبة للأقوى، ولكنه حماية لدينه أوجد سننا خاصة بمن اتبعه، إن أوفى بها المؤمنون تلغي ذلك الشرط.
إن نزول الدين للبشر أصلا كان تنفيذا لكلمة الله يوم أن أخرج آدم وذريته من الجنة وأسكنهم الأرض: “قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” [البقرة:38]، فقد وعد بني آدم أن يهديهم سبيل الرشاد، وهو معرفته واتباع منهجه، فمن تبع هذا الهدى واتبع ما جاء به المرسلون نجا، وكان جزاؤه الجنة، ومن تبع هواه (إبليس) وانقضت مدة حياته على الضلال، فقد اختار سوء العاقبة التي بينها الله: “قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا” [الإسراء:63].
وأكمل الله نعمته على البشر بإنزاله آخر الرسالات السماوية مكملا بذلك الدين، ومبينا أركانه وتشريعاته في القرآن، ليبقى مرجعا مرشدا لمن ابتغى الفلاح واستعد للقاء ربه وفق ما يرضيه: “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ” [التوبة:33].
إن الله يعلم أن المتمسكين بدينه سينالهم الضيم، ولن يتركهم الظالمون من جند الشيطان حتى يردوهم عن دينهم: “يُرِيدُونَ لِيُطْفِئوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهم وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ” [الصف:8]، لكنه أرشد المؤمنين الى سبيل النجاة من كيد هؤلاء الضالين المضلين: “وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ” [المائدة:56]، كما طمأنهم الى أنهم إن صدقوا عهدهم مع الله فإنه ناصرهم: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” [الروم:47]، ولا قوة في الكون يمكنها أن تبطل وعد الله، فقد جعل سنة النصر لصراع بين باطلين تحققه القوة والغلبة فقط والتي هي بيد البشر، لكنه حماية لمن يتبعون منهجه جعل النصر خارج هذه المعادلة، ويحققه لهم مهما كانت قوة الباطل المعادية: “وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” [الأنفال:10]، ويقدر الله هذا النصر وفق سننه وحسب تحقق متطلباته: “وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” [الحج:40].
كانت مرحلة إنشاء الدولة الإسلامية، تطبيقا عمليا لتلك السنن والأسباب، وقد أراد الله تصريف أحداثها والصراعات العسكرية فيها لتكون دروسا وعبراً للمسلمين لكل الأزمنة القادمة.
وأهمها كان هزيمة المسلمين في موقعتي أحد وحنين، رغم أن المعركتين كانتا بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون متمسكين بدين الله وموالاة الله ورسوله وعدم موالاة من يحادون الله ورسوله، فلماذا لم ينصرهم الله؟.
نلاحظ أنه في “أحد” كانت هنالك مخالفة لأمر القائد، وفي “حنين” كان هنالك اغترار بالكثرة واعتقاد بأن التفوق العددي هو أساس النصر.
لذلك فكان رفع الله النصر عنهم مؤقتا، ليتعلموا أن نصر الله لا يمنح إلا باكتمال كل متطلباته.
ولعل ذلك يجيب على السؤال: لماذا تأخر نصر الله لأمته الآن، فهو موقوف الى حين الإيفاء بثلاث متطلبات أساسية: الحكم العادل بما أنزل الله، وإخلاص النية لدين الله، وعدم موالاة أعدائه.

مقالات ذات صلة الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية.. معانٍ للفرادة المؤسسية والاعتزاز بالوطن 2025/05/11

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه ن الله

إقرأ أيضاً:

نتنياهو على بُعد خطوات من تحقيق النصر المطلق

 

“النصر المطلق”؛ الجملة التي تغنّى بها مجرم الحرب نتنياهو بعد عملية الكوماندوز الأقوى والأنجح، والتي لم يُشاهد مثلها في التاريخ، وكان أبطالها نخبة القسام من غزة، وكان طوفان الأقصى أو بداية نهاية الكيان. وبعد الإذلال الكبير الذي أصاب أكبر وأقوى قوة عسكرية في المنطقة، جاءت أمريكا من بعيد ليقوم وزير خارجيتها برحلة مكوكية لدول المنطقة، مهددًا ومتوعدًا قائلاً: “لا أحد يساعد غزة، دعوها لوحدها أمام إسرائيل”. ثم يقوم رئيس أمريكا ووزراء إدارته ومبعوثوه بتواجد مكثف في الكيان، لتلافي الانهيار وزوال أكبر قواعدها العسكرية المسماة بالكيان الإسرائيلي، وقد كان ذلك أن لا يتحقق لولا الخضوع العربي الإسلامي للأمريكي والصهيوني.

كاد “النصر المطلق” أن يتحقق للعرب والمسلمين على أمريكا والغرب الكافر بعملية بسيطة قام بها بضعة أشخاص وبأسلحة متواضعة وآليات وتكتيكات بسيطة، لو أن العرب والمسلمين وقفوا جميعًا ضد تهديدات أمريكا، وحاصروا الكيان اقتصاديًا، وقاطعوه دبلوماسيًا، واستخدموا ما وهبهم الله من قوة – ثروات نفطية وغازية وموقع جغرافي – للضغط على العدو. لكن ما حصل غير ذلك، فوقف الأعراب لإنقاذ الكيان ودعمه، والمشاركة في جريمة القرن التي استهدفت الأطفال والنساء في غزة بشكل أساسي.

مجرم الحرب نتنياهو حدّد أهداف “النصر المطلق”: بالقضاء على حماس وتفكيكها عسكريًا، وتحرير الرهائن، وألا يمثل قطاع غزة تهديدًا أمنيًا لإسرائيل في المستقبل. هذه الأهداف منذ بدايتها واجهت انتقادات من داخل الكيان نفسه والحلفاء، حيث الجميع يعلم أن حماس حركة مقاومة، والمقاومة لا يمكن هزيمتها بعملية عسكرية، وهذا ما أثبته التاريخ والسنن الإلهية في هذا الكون.

وعلى ذكر التاريخ والسنن الإلهية، وتوجّه نتنياهو إلى القيام بعملية شاملة في قطاع غزة بعد أكثر من سنة ونصف من الفشل في تحقيق أي من أهداف “النصر المطلق”، يبدو لنا من العجيب – أن من يتأمل في قصة موسى عليه السلام وبني إسرائيل عندما كانوا مستضعفين في زمن فرعون – أن ما يمكن وصفه بـ”النصر المطلق” سيكون قريبًا وبطريقة مفاجئة وغير متوقعة.

في يوم الجمعة الثامن من أغسطس من العام 2025م، قرر المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر (الكابينت) احتلال غزة، وللقيام بذلك يحتاج إلى حشد كل القوات النظامية، أي قوات الجيش الإسرائيلي بالكامل. بإمكانك أن تتخيل أقوى جيش في المنطقة يحتشد لاحتلال قطاع غزة الصغير في مساحته الجغرافية، وأمامه الكثير من العزّل بدون سلاح، والنساء والأطفال، والقليل جدًا من المجاهدين بأسلحتهم المتواضعة. وهنا يظهر لنا أشهر القصص على مر التاريخ:

{ فَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقࣲ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِیمِ (٦٣) وَأَزۡلَفۡنَا ثَمَّ ٱلۡـَٔاخَرِینَ (٦٤) وَأَنجَیۡنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥۤ أَجۡمَعِینَ (٦٥) ثُمَّ أَغۡرَقۡنَا ٱلۡـَٔاخَرِینَ (٦٦) }
[سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: ٦٣-٦٦]

هذه إحدى الصور لـ”النصر المطلق” في القرآن الكريم؛ ففرعون، بكل من حشدهم هم وأسلحتهم، غرق ونجا موسى ومن معه، ولم يكن لديهم سوى إيمانهم بالله وعصا موسى. كان فرعون قريبًا جدًا من “النصر المطلق”، تخيل المنظر في الآية الكريمة:

{ فَلَمَّا تَرَ ٰءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَـٰبُ مُوسَىٰۤ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ } [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: ٦١]

أليس يشبه بقدر كبير ما سيقوم به نتنياهو؟ ألن يشعر من هم في الجانب المقابل بمثل ما شعر به أصحاب موسى {إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ}؟ أليس موقف المجاهدين اليوم هو موقف موسى عليه السلام { قَالَ كَلَّاۤۖ إِنَّ مَعِیَ رَبِّی سَیَهۡدِینِ } [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: ٦٢]؟

ونرى صورة أخرى من صور “النصر المطلق” في القرآن الكريم، في قصة طالوت عليه السلام:

{ قَالُوا۟ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡیَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ قَالَ ٱلَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةࣲ قَلِیلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةࣰ كَثِیرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٤٩]

فيرى في مشهد اليوم أن لا طاقة لنا بأمريكا وإسرائيل وجنودهما، ولكن نرى المجاهدين في غزة وأنصار الله في اليمن يقولون: { كَم مِّن فِئَةࣲ قَلِیلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةࣰ كَثِیرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ }. ونحن في اليمن شاهدنا ذلك ولمسناه تحت قيادة السيد القائد عبدالملك الحوثي، وبفئتنا القليلة هزمنا فئات كثيرة من التحالف العربي والأوروبي البحري، وفي الأخير الأمريكي بقيادة ترامب. وكل تلك المعارك ما هي إلا معارك مبدئية لتجهيزنا للمعركة الفاصلة التي سنذوق فيها “النصر المطلق” بإذن الله سبحانه وتعالى. والمعركة نراها قريبة، وتحركات الأعداء مكشوفة، وتحشيدهم للمرتزقة والأعراب والدول الكبرى، فكلما كان تحشيدهم أكبر كلما كان النصر المطلق أقرب. ليأتي “النصر المطلق” على هذه الهيئة لطالوت والذين معه:

{ فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٥١]

ومن خلال كل ذلك، وغيرها من القصص والأحداث التاريخية، نعلم أن الطغاة هم من يحققون “النصر المطلق” عند حشد كل قواتهم، ووصولهم إلى أوج طغيانهم، وسعيهم إلى إبادة الفئة الأخرى المستضعفة قليلة العتاد والعدة، فهم يحققون “النصر المطلق” ليس لهم، بل للمستضعفين، ويحققون الهزيمة والفناء للطغاة وجيوشهم.

وفي الأخير، يخطر في عقل القارئ السؤال: كيف ستكون هيئة “النصر المطلق”؟

مقالات مشابهة

  • النصر يدعم صفوفه بـ لطيفة وجنى حتى 2027
  • الاتحاد يفكر في التعاقد مع عبدالرحمن غريب
  • العمري يقترب من القادسية
  • مدافع الاتفاق على أبواب النصر
  • النصر يقترب من حسم صفقة سعد الناصر
  • النصر يضم الحارسة الدولية نورة العذل حتى 2027
  • نتنياهو على بُعد خطوات من تحقيق النصر المطلق
  • 3 أندية بروشن تتنافس لضم أوتافيو
  • النصر يحسم صفقة كومان غدًا
  • لاعبو برشلونة يودعون مارتينيز قبل رحيله إلى النصر