تعيش مقاطعة ألبرتا الكندية، القلب النابض لصناعة النفط في البلاد، على وقع تصاعد غير مسبوق في الدعوات الانفصالية، وسط احتمالات متزايدة لإجراء استفتاء تاريخي حول الاستقلال في عام 2026.
وتدفع هذه النزعة الانفصالية برغبة واضحة لدى بعض سكان المقاطعة في الانضمام إلى الولايات المتحدة، ما يهدد بزعزعة الاستقرار السياسي الكندي، ويفتح الباب أمام تداعيات اقتصادية وجيوسياسية واسعة، وفق ما ذكرته صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية.

صدام بين أوتاوا وإدمونتون

تعود جذور الأزمة إلى صراع محتدم بين حكومة ألبرتا المحافظة والحكومة الفيدرالية الليبرالية في أوتاوا. وتتهم رئيسة وزراء المقاطعة، دانييل سميث، السلطات الفيدرالية بفرض سياسات مناخية "تخنق الاقتصاد المحلي"، عبر إلغاء مشاريع خطوط أنابيب جديدة، وتشديد القيود على تصدير واستكشاف النفط والغاز.

وفي خطاب مباشر، قالت سميث إن "ألبرتا لن تسمح لأوتاوا بسرقة مستقبل أبنائها"، مؤكدة أن موارد المقاطعة ملك لها ولشعبها.

من الاحتجاج إلى المطالبة بالانفصال

وفي ظل تصاعد الغضب الشعبي، تحولت الدعوات الانفصالية من مجرد نقاشات افتراضية إلى مظاهرات حاشدة أمام برلمان إدمونتون، حيث رفع المحتجون لافتات مثل "ألبرتا أولًا" و"الولاية 51 أو الاستقلال".
وتنشط مجموعات انفصالية على منصات التواصل الاجتماعي، أبرزها حركة "ألبرتا الحرة" بقيادة جوردون كوسيك، والتي تؤكد أن الدعم الشعبي لفكرة الانفصال بلغ مرحلة متقدمة.

ترامب على الخط.. وألبرتا تغازل أمريكا

تزايدت جاذبية فكرة الانضمام إلى الولايات المتحدة بين الانفصاليين، خاصة في ظل دعم إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لصناعة النفط. وكان ترامب قد صرح سابقًا بأنه "لا يمانع ضم كندا كولاية عزيزة"، في خطوة اعتبرها البعض تشجيعًا غير مباشر لحركة الانفصال.

ويرى مؤيدو الانضمام إلى أمريكا أن السوق الأمريكية المفتوحة ستمنح ألبرتا فرصًا اقتصادية أكبر، بعيدًا عن القيود الكندية الفيدرالية.

عقبات دستورية ورأي عام منقسم

رغم الزخم الشعبي، إلا أن الانفصال يصطدم بعقبات دستورية ضخمة، إذ يشترط الدستور الكندي موافقة البرلمان الفيدرالي وجميع المقاطعات الـ12 على أي خطوة من هذا النوع، ما يجعل تحقيقه أمرًا معقدًا للغاية.

وكانت حكومة ألبرتا قد تقدمت مؤخرًا بمشروع قانون لتسهيل إجراء استفتاء شعبي، بخفض شرط التوقيعات المطلوبة من 20% إلى 10% فقط من الناخبين.

وتظهر الاستطلاعات انقسامًا في الرأي العام داخل المقاطعة: 36% يؤيدون الاستقلال، و22% يدعمون الانضمام إلى الولايات المتحدة، بينما يرفض 42% أي نوع من الانفصال.

مخاوف من تأثيرات داخلية وخارجية

ويحذر خبراء من أن انفصال ألبرتا قد يؤدي إلى خسارة اقتصادية ضخمة تقدر بـ11% من الناتج المحلي الإجمالي الكندي، فضلًا عن فتح شهية مقاطعات أخرى مثل ساسكاتشوان للتفكير في خطوات مماثلة. كما قد يؤدي أي دعم أمريكي محتمل للانفصاليين إلى توتر في العلاقات بين واشنطن وأوتاوا، ما يختبر تماسك الحلف الاستراتيجي بين الجارتين.

في ظل هذه المعطيات، تبقى الأزمة مفتوحة على جميع الاحتمالات، بين نزعة انفصالية متصاعدة، وتعقيدات سياسية ودستورية تكبح جماحها، بينما يراقب الداخل الكندي والمجتمع الدولي تطورات قد تعيد رسم خريطة واحدة من أكثر دول العالم استقرارًا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ألبرتا كندا الانفصال الولايات المتحدة النفط دونالد ترامب أوتاوا الاقتصاد الكندي الاستفتاء ساسكاتشوان النزعة الانفصالية الاستقرار السياسي نيويورك بوست سياسة المناخ خطوط الأنابيب ترامب الولايات الامريكية

إقرأ أيضاً:

مزارعون إسرائيليون يشتكون من المقاطعة الأوروبية لمنتجاتهم

أفاد مزارعون ومصدرون إسرائيليون بتصاعد حملات المقاطعة الأوروبية لمنتجاتهم الزراعية، على خلفية الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، والتي تصفها جهات حقوقية ودولية بأنها "إبادة جماعية".

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، الخميس، أن سلاسل متاجر "كو-أوب" (Co-op) في كل من إيطاليا والمملكة المتحدة قررت وقف بيع المنتجات الإسرائيلية، فيما أفاد مزارعون بظهور مؤشرات مقاطعة متزايدة في دول أوروبية أخرى، بما في ذلك ألمانيا، التي تُعرف تقليدياً بدعمها الثابت للاحتلال الإسرائيلي.

ونقلت الصحيفة عن أحد مصدري البطاطس، قوله: "خلال الأسبوعين الماضيين سمعنا دعوات مقاطعة أعلى صوتاً في ألمانيا، وهو أمر جديد. شركة 'ألدي' تبذل منذ ستة أسابيع جهوداً لتجنّب شراء منتجاتنا".

وقال مصدر زراعي إسرائيلي آخر: "نحن نبيع لشركات تعبئة وتغليف تقوم بإعادة تصنيف منتجاتنا وتوزيعها على المتاجر الكبرى، لكن أحد العاملين في شركة تغليف ألمانية أخبرني أن من الصعب عرض منتجات إسرائيلية عندما تتصدر الصحف عنوان: إبادة جماعية".

ورغم استمرار بعض العقود التجارية مع الأسواق الألمانية، إلا أن المزارع أشار إلى أن هذا الالتزام قد لا يدوم طويلاً إذا تواصلت الضغوط الشعبية.

مقاطعة تتسع نحو بلجيكا والسويد والنرويج
من جانبه، قال المُصدّر الزراعي عوفر ليفين للصحيفة: "شهدنا تحوّلاً كبيراً في المزاج العام ضدنا في ألمانيا خلال الأسابيع الأخيرة، نتيجة للرأي العام المتأثر بمجريات حرب غزة"، مضيفاً: "أُبلغنا بشكل غير مباشر أن سلسلة 'ألدي' قررت التوقف عن بيع منتجاتنا، رغم إعلانها الرسمي أن السبب يعود لتوفر منتجات محلية".

وأوضح ليفين أن حملة المقاطعة بدأت فعلياً من بلجيكا، حيث تُلزم اللوائح الأوروبية تجار التجزئة بوضع ملصقات توضح بلد المنشأ، ما سمح للمستهلكين بتحديد المنتجات الإسرائيلية ومقاطعتها.

وأضاف: "في السويد، لم تشترِ جمعية المزارعين أي منتجات إسرائيلية منذ نحو خمس سنوات، أما النرويج فقد توقفت تماماً عن الاستيراد من إسرائيل العام الماضي، وأغلقت أسواقها فعلياً أمام بضائعنا".

وأشار إلى أن ألمانيا تُعد الزبون الأكبر للبطاطس الإسرائيلية، لكنه تلقى تحذيرات بأن استمرار الوضع الراهن قد يُفضي إلى وقف التعامل اعتباراً من الموسم الزراعي المقبل.


تراجع الثقة في الأسواق الآسيوية
كما كشفت الصحيفة عن تأثر الأسواق البعيدة مثل اليابان، حيث أفاد مصدر إسرائيلي بأن أحد الزبائن اليابانيين أوصى بـ"توخي الحذر" في شحن البضائع الإسرائيلية، نتيجة تزايد النظرة السلبية إليها في المجتمع الياباني.

وتأتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمّرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وصفتها جهات حقوقية دولية بـ"الإبادة الجماعية"، نظراً لحجم القتل والدمار والتجويع والتهجير القسري الممارس بحق سكان القطاع.

وبحسب إحصاءات رسمية، خلف العدوان الإسرائيلي أكثر من 188 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، فضلاً عن مئات آلاف النازحين، ومجاعة أودت بحياة عدد كبير من المدنيين، لا سيما الأطفال.

ومع دخول الحصار الإسرائيلي عامه الثامن عشر، تشير التقديرات إلى أن نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون أصبحوا بلا مأوى، بعد أن دمرت الحرب مساكنهم بالكامل، في ظل تقاعس دولي عن وقف الكارثة الإنسانية المستمرة.

مقالات مشابهة

  • ليستر سيتي ينفصل عن نيستلروي
  • أحمد عيد يقترب من الانضمام كمستشار في النادي الأهلي
  • مستشفى الكندي يهنئ ولي العهد بمناسبة عيد ميلاده الحادي والثلاثين
  • مزارعون إسرائيليون يشتكون من المقاطعة الأوروبية لمنتجاتهم
  • البخيتي : اتفاقنا مع امريكا ليس شيكا على بياض
  • "مورو" يقترب من الانضمام للجهاز الإداري لطائرة الزمالك
  • سعر الدولار الكندي اليوم الأربعاء 24 يونيو 2025
  • بني مصطفى يقترب من الانضمام إلى الفيصلي الأردني
  • إبراهيم عيسى: الصراع الحالي لا ينفصل عن الاستخدام السياسي للدين لإيران وإسرائيل
  • مفتي الديار يكشف مصدر الدعم لليمنيين في حرب امريكا