اكتشف فريق دولي من العلماء بقيادة باحثين من جامعة ولاية أوريغون الأميركية، نوعًا من البكتيريا، يعمل كسلك كهربائي، مما قد يُمهّد الطريق لعصر جديد من الأجهزة الإلكترونية الحيوية المستخدمة في الطب والصناعة وسلامة الأغذية ومراقبة البيئة وتنظيفها.

يأتي هذا الاكتشاف في سياق جهود العلماء في اكتشاف الأنواع الحية الموصلة للكهرباء ومنها البكتيريا التي يمكنها نقل الإلكترونات وتوليد الكهرباء والتي تسمى بالبكتيريا الكهربائية أو بكتيريا الكابلات.

وتُوسّع الدراسة، التي نشرت في دورية "بلايد أند إنفيرومنتال مايكرو بيولوجي" فهمنا للتنوع الجيني والشكليّ لبكتيريا الكابلات التي تمتلك "أيضا" فريدا يعتمد على التوصيل بعيد المدى، وتقدّم وصفًا شكليًا وجينوميًا مُفصّلًا لنوع جديد أطلق عليه تسمية "سي إيه. اليكتروتريكس ياكونينيز".

يوجد نوع من بكتيريا الكابلات في رواسب المياه البحرية، بينما يعيش نوع آخر في رواسب المياه العذبة (جامعة أوريغون) بكتيريا الكابلات

ويقول جيسبر فان ديك، الباحث في الجيولوجيا الحيوية، من جامعة أنتويرب البلجيكية والمشارك في الدراسة ، في تصريحاته للجزيرة نت: "إن بكتيريا الكابلات، هي عبارة عن كائنات دقيقة خيطية تُشكل سلاسل طويلة متعددة الخلايا قادرة على نقل الإلكترونات لمسافات تصل إلى سنتيمترات"

ويضيف "توجد هذه الكائنات في الرواسب البحرية ورواسب المياه العذبة، حيث تربط الطبقات السطحية الغنية بالأكسجين بالمناطق العميقة الغنية بالكبريتيد، حيث يسمح لها أيضها الفريد بـ"تنفس" الأكسجين عن بُعد، وذلك باستخدام خيوطها الموصلة لنقل الإلكترونات كما تفعل الأسلاك البيولوجية".

من ناحية أخرى قال المؤلف الرئيسي للدراسة "لي شنج"، باحث ما بعد الدكتوراه في كلية علوم الأرض والمحيطات والغلاف الجوي، جامعة ولاية أوريغون، في تصريحاته للحزيرة نت "من منظور الكيمياء الحيوية الكهربائية، يُمكن النظر إلى الرواسب المائية كمصفوفة مُعقدة، حيث تُدمج الجسيمات الخاملة، والمعادن النشطة في الأكسدة والاختزال، والمواد العضوية، والكائنات الدقيقة داخل شبكة مسامية غنية بالإلكتروليتات".

تستطيع هذه البكتيريا نقل الإلكترونات لتنظيف الملوثات، مما يُمكّن من استخدامها لإزالة المواد الضارة من الرواسب (شترستوك) نوع خاص من الكهرباء

وبحسب الدراسة، فهناك أنواع متعددة من البكتيريا التي تمتلك خصائص وقدرات بكتيريا الكابلات، في توليد الكهرباء والإلكترونات لمسافات طويلة.

إعلان

وفي هذا الصدد يقول الباحث المشارك في الدراسة، فيليب لي، الباحث من جامعة أنتويرب البلجيكية "تحتوي بكتيريا الكابلات على أكثر من 90 نوعًا مختلفًا، يُمكن تقسيم معظمها إلى جنسين مُحددين جيدًا وهما: جنس بحري يوجد في رواسب المياه البحرية، وجنس آخر يوجد في رواسب المياه العذبة، ويشترك النوع المكتشف حديثًا، في بعض المسارات الأيضية (مجموعة التفاعلات الكيميائية في خلايا الكائن)، التي توجد عادةً في جنس رواسب المياه البحرية ".

ويقول شنج "هناك أنواع أخرى من الكائنات الحية الدقيقة النشطة كهربائيًا لا تستطيع توصيل الإلكترونات إلى اختزال الأكسجين على مقياس السنتيمتر، ولكنها قادرة على بناء زوائد خلوية موصلة لتوصيل الكهرباء على مسافة مقياس الميكرومتر واختزال المعادن أو الإلكترونات المؤكسدة بكفاءة عالية"

ويضيف "كما تشمل بكتيريا الكابلات عدة أنواع، منها ما يعرف باسم بكتيريا "الجيو بكتر" وبكتيريا "شيوانيل"، وتتميز هذه البكتيريا بخصائصها المميزة،  وقد استُخدمت في أجهزة هندسية مثل خلايا الوقود الميكروبية أو خلايا التحليل الكهربائي الميكروبية، إما لإنتاج الكهرباء أو غاز الهيدروجين من مياه الصرف الصحي ومجاري النفايات الأخرى".

وحول البكتيريا المكتشفة حديثا، يقول شنج "يتميز هذا النوع عن جميع أنواع بكتيريا الكابلات الأخرى الموصوفة من حيث إمكاناته الأيضية، والأيض هو مجموعة من التفاعلات الكيميائية في خلايا الكائن تحافظ على الحياة، وتحويل الغذاء (الوقود) إلى طاقة لتشغيل العمليات الخلوية، وبناء وحدات بناء للبروتينات والدهون، وغيرها من المركبات الخلوية "

ويوضح الفريق أن البكتيريا الجديدة تتميز بخصائص هيكلية مميزة، بما في ذلك نتوءات سطحية بارزة، يصل عرضها إلى 3 أضعاف تلك الموجودة في الأنواع الأخرى، التي تحتوي على ألياف عالية التوصيل مصنوعة من جزيئات فريدة من النيكل، كما  تُمكّن هذه الألياف البكتيريا من نقل الإلكترونات لمسافات طويلة.

إعلان فوائد جمة

ويقول فان ديك، في تصريحاته للجزيرة نت "تُقدم بكتيريا الكابلات، في مقدمتها البكتيريا المكتشفة مؤخرًا إمكاناتٍ مثيرة في مجالات متعددة بفضل موصليتها الكهربائية الطبيعية"

ويوضح أنه في مجال الإلكترونيات، يلهم تطوير هذه البكتيريا مواد موصلة متوافقة حيويًا، وفي مجال العلوم البيئية، يُمكنها المساعدة في الكشف عن الملوثات ومعالجة الرواسب.

وإلى جانب ذلك تستطيع هذه البكتيريا نقل الإلكترونات لتنظيف الملوثات، مما يُمكّن من استخدامها لإزالة المواد الضارة من الرواسب، كما أن تصميمها لبروتين نيكل عالي التوصيل قد يُلهم ابتكارات جديدة في مجال الإلكترونيات الحيوية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هذه البکتیریا

إقرأ أيضاً:

اكتشاف عالم مفقود يعود لـ 34 مليون عام.. ماذا وجدوا بداخله؟

في إعلان علمي جديد، كشف فريق علمي دولي عن اكتشاف غير مسبوق تحت كيلومترين من جليد القارة القطبية الجنوبية “الأنتركتيكا”، حيث تم العثور على بقايا عالم ضائع يعود تاريخه إلى حوالي 34 مليون عام. 

هذا الاكتشاف لا يعد مجرد دخول إلى زمن بعيد، بل هو نافذة على ما كانت عليه الحياة على كوكب الأرض في فترات مناخية مختلفة تماماً عن الوقت الحالي.

اكتشاف علمي يربك مفاهيم الزمن.. سهمان متعاكسان للوقت | ما الذي تغير ؟اكتشفها بسرعة .. إليك علامات وأعراض السكتة الدماغيةكيف تؤثر اكتشافات قطاع الغاز والبترول على اقتصاد الدولة؟.. تفاصيلثورة يونيو.. اكتشافات ومعارض دولية وإنجازات متعددة في قطاع الآثاراكتشاف أقدم صخور على وجه الأرض.. أين تقع؟الأزرق الفرعوني.. تفاصيل إعادة اكتشاف أقدم لون صناعي في التاريخاكتشاف عالم مفقود تحت الجليد

يتضمن هذا الاكتشاف بقايا كائنات بحرية وأحافير تعود إلى العصر الأوليغوسيني، مما يشير إلى أن القارة القطبية الجنوبية كانت في السابق موطناً لنظم بيئية غنية ومتنوعة. 

استخدم العلماء تقنيات حفر متقدمة للوصول إلى هذه البقايا، مما يتيح لهم دراسة المحتوى البيئي القديم ومحاولة فهم كيفية تكيف الكائنات الحية مع التغيرات البيئية الكبرى.

تشير الاكتشافات الجديدة إلى أن تغير المناخ كان له تأثيرات واسعة على بيئات كوكب الأرض عبر العصور. وهذه البيئات، التي ازدهرت في ظروف مناخية مختلفة، تعطي لنا أدلة جديدة حول كيفية تطور المناخ على مر الزمن. 

يسهم هذا الفهم في بناء نماذج دقيقة للتنبؤ بالتغيرات المناخية المستقبلية، ويعزز وعينا بتأثيرات الاحتباس الحراري.

ما أهمية الاكتشاف الجديد؟

يعكس هذا الاكتشاف أهمية التعاون الدولي في البحث العلمي، حيث شاركت فرق من عدة دول في هذا المشروع، والذي يعكس قدرة العلم على كشف أسرار كوكب الأرض والتأكد من أن تاريخ الكوكب لا يزال يحمل العديد من الألغاز. 

ومن المتوقع أن تستمر فرق البحث في الحفر لاستكشاف المزيد من الأسرار المخفية تحت الجليد.

كما يؤكد الباحثون أن هذا الاكتشاف يفتح لنا نافذة على الماضي ويسمح لهم بدراسة كيفية تأقلم الكائنات الحية مع التغيرات البيئية الأساسية. ويتطلعون إلى فهم أعمق لكيفية تأثير التغيرات البيئية على التنوع البيولوجي وكيفية بقاء الأنواع على قيد الحياة في ظل ظروف تغير المناخ.

وبحسب العلماء، تمثل الأبحاث الجارية في "الأنتركتيكا" خطوة مهمة نحو الحصول على رؤى جديدة حول المستقبل البيئي للأرض. من خلال هذه الاكتشافات، نستطيع أن نتعلم من الماضي ونعمل على تطوير استراتيجيات أفضل لمواجهة التحديات البيئية المعاصرة. فكلما نجحنا في فهم ماضي كوكبنا، كلما تمكنا من مواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظرنا في المستقبل.

بهذه الطريقة، يسعى العلماء نحو فهم عميق لتاريخ الأرض وأثر التغيرات المناخية الطويلة الأمد، مما يمكنهم من تحسين استراتيجيات للتكيف مع ما قد يحمله المستقبل.

طباعة شارك اكتشاف عالم مفقود اكتشاف علمي جديد الأنتركتيكا القارة القطبية الجنوبية عالم مفقود تحت الجليد

مقالات مشابهة

  • بكتيريا الأمعاء النافعة أمل جديد لعلاج السرطان.. دراسة تثير الجدل
  • اكتشاف بترولي جديد في مصر
  • تحقيق لأسوشيتدبرس: المتعاقدون الأميركيون بغزة يستخدمون الذخيرة الحية
  • بابل.. اكتشاف ترنيمة يتجاوز عمرها ألفي عام تتحدث عن الأخلاق والنساء
  • نيازك من عطارد.. اكتشاف قد يغيّر مفهومنا للنظام الشمسي
  • بفضل نظرية أينشتاين.. اكتشاف كوكب نادر يختبئ في حافة مجرتنا
  • «فلكية جدة»: اكتشاف اقتراب كويكب جديد من الأرض السبت المُقبل
  • الزراعة: تعزيز التجارة الآمنة والمستدامة للحيوانات الحية واللحوم بين دول الشرق الأوسط
  • اكتشاف أقدم الصخور على الأرض بتاريخ يعود إلى 4 مليارات سنة
  • اكتشاف عالم مفقود يعود لـ 34 مليون عام.. ماذا وجدوا بداخله؟