التكديس هو أحد تبعات السلوك الاستهلاكي في حياتنا العصرية، الذي أدى إلى ظهور أمراض نفسية مثل (الاكتناز) الذي تحدثنا عنه في هذه الصفحة في وقت سابق، والذي يؤدي بصاحبه إلى اقتناء وتكديس الأشياء، وعدم القدرة على التخلص منها، الأمر الذي يجعلها تتراكم بشكل يخرج عن السيطرة في كثير من الأحيان، والاكتناز قد يؤدي إلى متلازمة أخطر وهي متلازمة (ديوجين) وقد ظهر هذا المصطلح في عام 1975 في بريطانيا عند أطباء الشيخوخة، نسبة إلى الفيلسوف اليوناني (ديوجين دو سينوب)، الذي عاش بخيلا وفي شبه اكتفاء ذاتي متجاهلا الأعراف الاجتماعية.
ويعاني المصابون بمتلازمة (ديوجين) -بالإضافة إلى تكديس أشياء ليست ذات جدوى- من إهمال النظافة الشخصية، ولا يهتم بنظافة البيئة من حوله، يعيش في غرفة نوم تنوء تحت عبء المقتنيات المكدسة، ومطابخ تئن تحت وطأة القمامة، ومنزل تتراكم فيه الأوساخ والغبار وتصبح مسكنا للحشرات والقوارض، ولا يجد المصاب بهذه المتلازمة حرجا من وضعه الذي قد يراه من حوله مزريا، وقد تتفاقم به الحالة وينعزل عن المجتمع كونه يرى نفسه غريبا عنه، لذا تنتشر هذه المتلازمة مع الذين يعيشون لوحدهم من كبار السن والأرامل وغير المتزوجين، ولهذا تدعى هذه المتلازمة بالشيخوخة القذرة.
وعلى الرغم من أن هذه المتلازمة بدأت في كبار السن لكنها أصبحت تظهر في الشباب الأقل سنا، كتطور لمتلازمة الاكتناز القهري، وقد يؤدي تفاقم هذه المشكلة إلى كثير من الأعراض النفسية كالانعزال والاكتئاب والوسواس القهري، وضعف التركيز، فضلا عن المشكلات العائلية الناتجة عن عدم قدرة أفراد الأسرة التواصل مع صاحب المشكلة.
وعلى الرغم من أن متلازمة (ديوجين) تكاد لا تكون موجودة في مجتمعاتنا الشرقية كون الدين الإسلامي السمح يشدد على النظافة، وحيث من النادر وجود أناس يعيشون بدون عائلة، لكن تحدي الفرز والترتيب الذي أطلقناه على صفحة الإنستجرام الشهر المنصرم أظهر ميل كثير من الناس خاصة كبار السن إلى الاكتناز، واشتكى الكثيرون من أن بعض أفراد الأسرة من الكبار يعيشون بين أطنان من المقتنيات التي عفى عليها الزمن، ولم يعودوا بحاجة لها.
لكن أيضا اشتكى كثير من الشباب من ميلهم إلى التعلق بمقتنياتهم للدرجة التي باتت تسبب الكثير من المشاكل الأسرية لهم ولأسرهم، فهل فكرت يوما بأن غرفتك المكدسة بالأغراض قد تكون أكبر من مجرد (تعلق) بريء بالذكريات؟
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: کثیر من
إقرأ أيضاً:
كبار المواطنين.. عطاءٌ مستدام وخبراتٌ تتجدّد
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةفي مشهد يعكس الانتماء وروح العطاء، يواصل كبار المواطنين في دولة الإمارات أداء دورهم المجتمعي بنشاط وحيوية، مستندين إلى ما يمتلكونه من مهارات وحكمة، ومؤمنين بأهمية نقل تجاربهم وخبراتهم إلى الأجيال، لبناء مجتمع نابض بالأمل والتفاؤل.
يشارك كبار المواطنين في معارض ومهرجانات داخل الدولة وخارجها بعطاء لافت، يعبر عن ثراء تجاربهم، حيث تشعر خديجة الطنيجي، صانعة عطور وبخور، بفخر وهي تشارك خبراتها في هذا المجال في مختلف البلدان، بينما تؤكد فاطمة محمد، متطوعة ضمن فريق «ربدان التطوعي»، أن العمل التطوعي يمنحها شعوراً بالقوة ويخرجها من العزلة.
أما الخبير التراثي يوسف العلي، فينقل معرفته في التراث البحري للأجيال، ويعرفهم بالبيئة البحرية ومكوناتها، معتبراً أن هذا الدور يعزز شعوره بالفخر والانتماء.
احتياجات نفسية
عن أهمية الرفاهية النفسية والاجتماعية، ودورها في دعم كبار المواطنين، واستدامة عطائهم في المجتمع ونقل خبراتهم للأجيال، شدد مجموعة من الخبراء على أهمية الاحتواء والدعم النفسي، وقالت كاميليا كامل، اختصاصية نفسية ومستشار أسري تربوي: إن الاحتياجات النفسية لدى كبار المواطنين تتزايد مع التقدم في العمر، على عكس ما يظنه بعضهم، فهم لا يحتاجون إلى الرعاية الجسدية وزيارات الأطباء فحسب، بل إلى الدعم النفسي والعاطفي، ما يعزز إحساسهم بالتواجد والقيمة. مشيرة إلى أن فقدان الدور الاجتماعي قد يؤدي إلى الشعور بالتهميش والعزلة، ومن ثم الإصابة بالاكتئاب وأمراض نفسية أخرى.
وتقترح كامل مجموعة من الأنشطة المحفزة لكبار المواطنين، مثل رواية القصص للأحفاد، والعمل التطوعي، والقراءة، وممارسة الأنشطة اليدوية، مثل الحرف اليدوية وزراعة النباتات، لما لها من أثر كبير في رفع معنويات كبار السن وتحفيزهم على الاستمرارية.
جانب نفسي
أشار خالد أحمد الكعبي من مؤسسة التنمية الأسرية، إلى أهمية الاهتمام بالجانب النفسي لكبار المواطنين، حتى لا يشعرون بفقدان دورهم الاجتماعي، مؤكداً ضرورة إشراكهم في القرارات الأسرية والمجتمعية، والاستفادة من خبراتهم، ودعمهم عاطفياً بالاستماع إليهم، ومشاركة مشاعرهم، الأمر الذي يسهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم، ويقلل من الشعور بالوحدة والاكتئاب.
علاقات اجتماعية
شدد الكعبي على أهمية الحفاظ على العلاقات الاجتماعية والتواصل المستمر مع الأصدقاء والأقارب، والمشاركة في الأنشطة المجتمعية، ما ينعكس إيجاباً على الصحة النفسية، ويقلل من العزلة الاجتماعية. وقال: إشراك كبار السن في نوادٍ أو مجموعات تطوعية، وتشجيعهم على ممارسة هواياتهم، وارتياد الأماكن التي يفضلونها، يساعد في الحفاظ على نشاطهم الاجتماعي، كما أن الدعم الأسري والعلاقات الإيجابية داخل الأسرة، تشكل عاملاً محورياً وركيزة أساسية في تلبية الاحتياجات الاجتماعية والنفسية لكبار السن.
خدمات
قالت عائشة محمد السلامي، مسؤول خدمة نادي «بركة الدار» بمؤسسة التنمية الأسرية:تعمل دولة الإمارات على دعم كبار المواطنين، وتوفير سبل الراحة لهم عبر خدمات ومزايا عدة، من أجل حياة كريمة، وبدورها تولي مؤسسة التنمية الأسرية اهتماماً كبيراً بكبار المواطنين، إيماناً بدورهم المحوري في بناء المجتمع، ونقل الخبرات للأجيال.
وأضافت: تحرص المؤسسة على توفير حزمة متكاملة من الخدمات الاجتماعية والصحية والنفسية والترفيهية، تضمن لهم جودة حياة عالية، ضمن رعاية متكاملة لشيخوخة نشطة. وتشمل الخدمات، التسجيل في عضوية نادي «بركة الدار»، الالتحاق بورش التأهيل الرقمي، التسجيل للمساندة الاجتماعية لكبار المواطنين والمقيمين، إصدار بطاقة «بركتنا»، التسجيل في عضوية مجلس الحكماء، والتي تهدف إلى تمكينهم وتعزيز مشاركتهم الفاعلة في المجتمع.
رحلات ميدانية
أشارت عائشة السلامي إلى أن مؤسسة التنمية الأسرية تنظم رحلات ترفيهية وتثقيفية مخصصة لكبار المواطنين والمقيمين، انطلاقاً من أهمية الجانب الاجتماعي والترفيهي في تعزيز جودة الحياة لكبار المواطنين، وتعزيز الصحة النفسية والجسدية. وتهدف هذه الرحلات إلى إدخال البهجة إلى قلوبهم، وكسر الروتين اليومي، وتوفير بيئة محفزة للتفاعل الاجتماعي، ما يسهم في تعزيز شعورهم بالانتماء والاندماج. وأوضحت أن الرحلات الميدانية تشمل زيارات إلى معالم ثقافية وتراثية وترفيهية، مثل «قصر الوطن»، «متحف اللوفر أبوظبي»، «الحدائق العامة».