قفزة في الهواء.. مجلس النواب يتجاوز الإجماع ويخالف المسار الدولي
تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT
في خطوة أحادية لا تنمّ إلا عن ارتباك سياسي ومحاولة يائسة لتثبيت نفوذ آيل للسقوط، أقدم مجلس النواب الليبي اليوم على اتخاذ إجراءات منفردة تهدف لتشكيل حكومة جديدة، ضارباً بعرض الحائط مخرجات اللجنة الاستشارية التي كُلّفت من قبل بعثة الأمم المتحدة، ومتجاهلاً صراحة الجهود الدولية الرامية إلى حل شامل ومتوازن ينهي الانقسام ويؤسس لمرحلة انتقالية مستقرة.
الخطوة التي اتخذها المجلس تمثل – بكل وضوح – قفزة في الهواء، تأتي مدفوعة بتحريض مباشر من جهاز المخابرات المصري الذي يسعى جاهداً للحفاظ على نفوذه في شرق ليبيا عبر أدواته التقليدية، مهما كلّف الأمر من خلط للأوراق أو تعطيل لفرص الحل. ولأن اللجنة الاستشارية الأممية طرحت أربعة حلول منطقية للخروج من الأزمة، كان من أبرزها حل مجلسي النواب والدولة وتشكيل مجلس تشريعي جديد، وإعادة تشكيل المجلس الرئاسي من عناصر وطنية فاعلة، وتشكيل حكومة موحدة بديلة عن حكومة الوحدة الوطنية ، جاء تحرك النواب كمحاولة استباقية لإجهاض هذا المسار.
بعثة الأمم المتحدة كانت واضحة في موقفها، إذ صرّحت المبعوثة الأممية إلى ليبيا عبر قناة “العربية” بوضوح أن “تشكيل أي حكومة جديدة بدون رعاية دولية أمر غير معترف به”، وهو تصريح يُعيد تأكيد الحقيقة السياسية المعروفة: لا يمكن لأي كيان حكومي في ليبيا اليوم أن يكتسب الشرعية دون غطاء دولي. هذه الحقيقة يعلمها الجميع، سواء اتفقنا أو اختلفنا، فلا أحد يملك سلطة منفردة لإعادة تشكيل السلطة التنفيذية دون توافق داخلي وتزكية دولية.
ومع تمسّك مجلس النواب بخياراته الأحادية، فإنه يُعيد إنتاج نفس سيناريوهات الفشل السابقة التي عرفناها مع “حكومة الثني”، و”باشاغا”، و”حماد”، والتي لم تجنِ منها البلاد سوى المزيد من الانقسام والعزلة الدولية.
وفي مقابل هذا العبث، فإن المسار الأممي مستمر بقوة. ومن المنتظر أن تقدم المبعوثة الأممية إحاطتها المرتقبة يوم الخميس القادم، وهي فرصة مهمة لإعادة التأكيد على رفض المجتمع الدولي للخطوات الأحادية، والتشديد على ضرورة التمسك بالحلول التي تضمن إنهاء المرحلة الانتقالية بطريقة عادلة ومشروعة.
وبناءً على ما سبق، فإن ما جرى اليوم ليس إلا محاولة مكشوفة لإرباك المشهد، وسيتم التعامل معها كفصل إضافي في مسلسل المناورات السياسية العقيمة. الرهان الحقيقي الآن على تماسك القوى الوطنية وعلى المسار الأممي الذي يحمل بين طياته إمكانية واقعية للخروج من الأزمة الليبية، شرط أن تحظى مخرجاته بدعم محلي صادق وإرادة دولية جادة.
مجلس الامن الدولي مطالب وقبل تفاقم الأزمة الليبية بتحمل مسؤوليتة والتدخل السريع وذلك باعتماد مخرجات اللجنة الاستشارية الليبية التابعة للبعثة الأممية، وخاصة باعتماد خارطة طريق جديدة تسقط جميع الأجسام السياسية الذي تأكلت شرعيتها وتشكيل مجلس تأسيسي له الصفة التشريعية يحل محل مجلس النواب والدولة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
رئيس حزب السلام والازدهار: البديل الرابع في تقرير البعثة الأممية هو الطريق الأكثر واقعية للخروج من الأزمة الليبية
أكد رئيس حزب السلام والازدهار، بتاريخ السبت الموافق 24 مايو 2025، محمد خالد الغويل، خلال المحاضرة الأسبوعية في الصالون السياسي والثقافي الأسبوعي التابع للحزب، أن نشر تقرير اللجنة الاستشارية المكلفة من قبل البعثة الأممية في هذا التوقيت قد يشكل فرصة نادرة للخروج من حالة الجمود السياسي التي تمر بها ليبيا، داعيًا إلى تبني “البديل الرابع” المطروح في التقرير، باعتباره الخيار الأكثر واقعية وفعالية.
وأشار الغويل إلى أن البدائل الثلاثة الأخرى الواردة في التقرير– والتي تتراوح بين إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، أو الاستفتاء على الدستور أولاً– لا تمثل سوى استمرارٍ لإعادة تدوير الانسداد السياسي وللأزمة المستمرة منذ 11 سنة، محذرًا من أن بقاء نفس الأجسام السياسية التي عطلت المشهد على مدى أكثر من 11 سنة لن يفضي إلى أي تغيير وتقدم حقيقي.
وشدد الغويل على أن “البديل الرابع”، الذي يشكل مقاربة جديدة أساسها حل الصراع بمعالجة أسبابه والتوقف عن مقاربة إدارة الصراع واحتواء تداعياته، هو مسار جدير بالاهتمام، فهو مسار يستفيد من أخطاء السنوات الماضية ويفتح الفرصة لبداية جديدة تؤسس للدولة الحديثة المنشودة، وتفتح الطريق إلى إعادة هيكلة شاملة للمؤسسات، هو المسار الوحيد القادر على إنهاء الأزمة، خاصة في ظل تقاطع هذا الطرح مع حراك شعبي واسع يرفض استمرار الوضع الراهن.
وتطرق رئيس الحزب إلى أن البديل الرابع قدم آلية واضحة وتصورًا عمليًا لإنهاء كافة الأجسام السياسية القائمة بترتيبات واضحة، بدون الانزلاق في فراغ سياسي، الذي يتخوف منه كثيرون.
كما حذر الغويل من المساس بالسلطة القضائية أو الزج بها في الصراع السياسي، معتبرًا أن المساس باستقلال القضاء والفصل بين السلطات سيكون بمثابة ضرب لما تبقى من ثقة الشعب في مؤسسات الدولة، داعيًا إلى الحفاظ على هذه المؤسسة بشكل مستقل كصمام أمان للعدالة والاستقرار.
وفي ختام حديثه، شدد الغويل على أهمية عدم تفويت هذه الفرصة التاريخية لتصحيح المسار، وللخروج من الأزمات السياسية المستمرة لأكثر من عقد، داعيًا القوى السياسية والمجتمعية إلى تغليب الحكمة وتبني خيارات مسؤولة تصب في مصلحة البلاد ومستقبلها وأجيالها.